جيانلوكا باتشياني - صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» العبرية
ترجمة خاصة:إياد الشرفي / لا ميديا -
في تحول ملحوظ عن الماضي، لم تعد الكتب المدرسية السعودية تعرف الصهيونية بأنها "عنصرية"، مما يشير إلى التقدم نحو "سلام دافئ" كما حصل مع الإمارات العربية المتحدة.
وجدت دراسة للكتب المدرسية السعودية تقدما متزايدا في تصوير المملكة لإسرائيل والصهيونية، استمرارا للاتجاه الإيجابي الذي ظهر في السنوات الأخيرة.
لم تعد الكتب المدرسية للعام الدراسي 2023/2024 تعلم أن الصهيونية هي حركة أوروبية "عنصرية"، ولم تعد تنكر الوجود اليهودي التاريخي في المنطقة، وفقا للدراسة التي نشرتها الأسبوع الماضي منظمة IMPACT-se غير الربحية، والتي تراقب المناهج التعليمية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال نمرود غورين، الذي يرأس ميتفيم -المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، لتايمز أوف إسرائيل: "إنها خطوة صغيرة تظهر تغييرا في الخطاب تجاه إسرائيل، وتظهر المزيد من التسامح والانفتاح".
لقد تم حذف تسميات إسرائيل كـ"دولة معادية"، ولكن لايزال من الممكن العثور على إشارات إلى "الاحتلال الإسرائيلي"، ولايزال المنهج يؤكد التزام المملكة العربية السعودية بالقضية الفلسطينية.
ولايزال اسم "إسرائيل" لا يظهر على الخرائط، ولكن اسم "فلسطين"، الذي كان يغطي في السابق كامل الأراضي الإسرائيلية، قد أزيل الآن، كما يسلط التقرير الضوء على ذلك.
وأضاف جورين: "إنه يشير إلى أنه إذا كان السعوديون يتجهون نحو التطبيع، فإنهم يفعلون كل ذلك بما يتماشى مع نموذج الإمارات والبحرين"، في إشارة إلى العلاقات الدبلوماسية التي أقيمت مع المملكتين الخليجيتين في إطار اتفاقيات إبراهيم في عام 2020. وجورين هو أيضاً زميل كبير في معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن.

تهدف إلى "سلام دافئ"
تُرجمت العلاقات مع الإمارات والبحرين إلى تعاون ثقافي واتصالات بين الشعبين، وهو ما يسمى "السلام الدافئ"، على النقيض من "السلام البارد" السائد مع الأردن ومصر، وهما دولتان حيث الرأي العام عدائي بشكل كبير لـ"إسرائيل".
وأضاف جورين أن الانفتاح التدريجي للمملكة العربية السعودية بدأ منذ حوالي عقد من الزمن. وقال: "إن العملية تشبه ما كانت تفعله الإمارات والبحرين في العقد الذي سبق اتفاقات إبراهيم، وهي خطوة بطيئة للغاية وتدريجية تعكس التسامح وتطبيع المشاركة، مما يجعلها أكثر روتينية من حيث التصور العام".
وأضاف جورين: "الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، لعبت كثيراً على ورقة التسامح الديني، من خلال بناء بيت العائلة الإبراهيمية"، في إشارة إلى مبنى يضم مسجداً وكنيسة ومعبداً يهودياً في العاصمة الإماراتية أبوظبي تم افتتاحه في عام 2023. "لقد كانت تلك نقطة دخول سهلة لإظهار تصور أفضل للإسرائيليين واليهود".
ويبدو أن تعزيز التسامح الديني هو المسار الذي يتبعه حكام السعودية لإعداد الرأي العام لفصل جديد محتمل في العلاقات مع إسرائيل.
وجدت الدراسة التي أجريت على الكتب المدرسية السعودية أن معاداة السامية قد تم القضاء عليها عمليا من المناهج الدراسية في المملكة. وأشار التقرير إلى أن الطلاب السعوديين تعرضوا في السنوات الماضية لأمثلة فاضحة للكراهية والتحريض في الكتب المدرسية. "ومن الأمثلة التي تمت إزالتها منذ ذلك الحين وصف اليهود بأنهم أفراد خونة، والآيات القرآنية التي تعلم أن اليهود تحولوا إلى قردة".
وأشار التقرير إلى أن المحتوى الإشكالي الذي يروج للجهاد العنيف والاستشهاد قد تمت إزالته أيضاً في السنوات الأخيرة. وبدلاً من ذلك، يتم الترويج للتفسير اللاعنفي للجهاد باعتباره كفاحاً فردياً من أجل تحسين الشخصية بدلاً من الكفاح المسلح ضد غير المسلمين.
حدثت بعض التغييرات الأكثر دراماتيكية في المواقف السعودية تجاه إسرائيل في المجال الديني وفي العلاقات مع العالم اليهودي، حيث زار وفد من اليهود الأمريكيين المملكة في عام 2022 وأقام وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كارهي صلاة في الرياض قبل أيام من 7 أكتوبر.
علاوة على ذلك، في عام 2022، قاد محمد بن عبدالكريم العيسى، الأمين العام السعودي لرابطة العالم الإسلامي ووزير العدل السابق في النظام الملكي، وفداً إسلامياً إلى معسكر اعتقال أوشفيتز.
ومع ذلك، لا ينبغي أن يُنظر إلى الخطوات نحو التطبيع مع إسرائيل على أنها تنازل عن القضية الفلسطينية، وهي قضية لاتزال تثير مشاعر قوية لدى قطاعات كبيرة من الجمهور السعودي. وأصدرت المملكة بيانات انتقادية متكررة خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد حماس، مؤكدة دعمها للمدنيين الفلسطينيين.
في الأسبوع الماضي، وفي أقوى بيان لها ضد إسرائيل منذ اندلاع الحرب، اتهمت وزارة الخارجية السعودية إسرائيل بارتكاب "مجازر إبادة جماعية متواصلة" في أعقاب الغارة الإسرائيلية على رفح التي قتل فيها عشرات المدنيين.
على مر السنين، أظهرت المملكة العربية السعودية استعدادها لتخفيف ما طلبته من إسرائيل مقابل إقامة علاقات دبلوماسية. وفي حين تحدثت مبادرة السلام العربية التي قدمتها في عام 2002 عن إقامة دولة فلسطينية كشرط مسبق للتطبيع، فإن المحادثات التي أجريت العام الماضي قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول أشارت إلى "مسار" لإنشاء دولة فلسطينية، أو "خطوات لا رجعة فيها".
وقال جورين: "إنه مطلب مختلف تماماً من أجل التطبيع". ويرفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حتى الآن مطالب بالالتزام بمسار ذي مصداقية نحو إقامة دولة فلسطينية مستقبلية كجزء من محادثات التطبيع.