اليمن بالحبر الغربي -
أدت الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التي تمر عبر باب المندب إلى ‏إجبار معظم شركات الشحن العالمية العاملة على خطوط الملاحة الممتدة بين ‏المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، أي الخطوط التجارية الواصلة بين ‏آسيا وأوروبا، على الإبحار حول أفريقيا بدلاً من تقصير الطريق عبر قناة ‏السويس. ووفقاً للمنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة (‏IMO‏)، فقد ‏انخفضت حركة المرور في قناة السويس بنسبة 70٪ في الفترة الممتدة بين ‏كانون الأول/ ديسمبر 2023، وآذار/ مارس 2024، مقارنة بالمتوسط الشهري ‏في الفترة الواقعة بين كانون الثاني/ يناير وتشرين الثاني/ نوفمبر 2023. ويُعد ‏استعراض بيانات عبور السفن في قناة السويس مؤشراً جيداً نسبياً لقياس ‏بيانات عبور السفن في مضيق باب المندب. لكن يجب أن نتذكر أن هناك ‏أيضاً تجارة محلية قائمة بين دول البحر الأحمر لا تمر عبر المضيق أو قناة ‏السويس. كما أن هناك تجارة تغادر البحر الأحمر وتمر عبر قناة السويس في ‏طريقها إلى أوروبا، كتصدير النفط من الموانئ الواقعة على الساحل السعودي ‏للبحر الأحمر...
في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قبل بدء الهجمات الحوثية، كانت تكلفة ‏شحن حاوية من الصين إلى البحر المتوسط تبلغ نحو 1400 دولار، وارتفعت ‏في ذروتها في نهاية كانون الثاني/ يناير إلى نحو 6400 دولار، ثم استقرت ‏في نهاية آذار/ مارس 2024 عند نحو 3800 دولار. وللمقارنة، فقد ارتفعت ‏تكلفة شحن الحاوية إلى نحو 20,000 في ذروة أزمة كورونا. وتعكس ‏التغيرات في أسعار الشحن زيادة (طفيفة كما هو موضح) في التكاليف الفعلية ‏لشركات الشحن، إلى جانب تسعير عدم اليقين السياسي من جانب السوق، ‏وكذلك استغلال الفرصة من جانب شركات الشحن لرفع الأسعار التي سيتم ‏تقبلها بفهم من جانب العملاء، ومن جهة أُخرى الاستقرار المتدرج للسوق في ‏الوضع الجديد (‏new normal‏).‏
أدت الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التي تمر عبر باب المندب إلى ‏إجبار معظم شركات الشحن العالمية العاملة على خطوط الملاحة الممتدة بين ‏المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، أي الخطوط التجارية الواصلة بين ‏آسيا وأوروبا، على الإبحار حول أفريقيا بدلاً من تقصير الطريق عبر قناة ‏السويس. ووفقاً للمنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة (‏IMO‏)، فقد ‏انخفضت حركة المرور في قناة السويس بنسبة 70٪ في الفترة الممتدة بين ‏كانون الأول/ ديسمبر 2023، وآذار/ مارس 2024، مقارنة بالمتوسط الشهري ‏في الفترة الواقعة بين كانون الثاني/ يناير وتشرين الثاني/ نوفمبر 2023. ويُعد ‏استعراض بيانات عبور السفن في قناة السويس مؤشراً جيداً نسبياً لقياس ‏بيانات عبور السفن في مضيق باب المندب. لكن يجب أن نتذكر أن هناك ‏أيضاً تجارة محلية قائمة بين دول البحر الأحمر لا تمر عبر المضيق أو قناة ‏السويس. كما أن هناك تجارة تغادر البحر الأحمر وتمر عبر قناة السويس في ‏طريقها إلى أوروبا، كتصدير النفط من الموانئ الواقعة على الساحل السعودي ‏للبحر الأحمر...
في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قبل بدء الهجمات الحوثية، كانت تكلفة ‏شحن حاوية من الصين إلى البحر المتوسط تبلغ نحو 1400 دولار، وارتفعت ‏في ذروتها في نهاية كانون الثاني/ يناير إلى نحو 6400 دولار، ثم استقرت ‏في نهاية آذار/ مارس 2024 عند نحو 3800 دولار. وللمقارنة، فقد ارتفعت ‏تكلفة شحن الحاوية إلى نحو 20,000 في ذروة أزمة كورونا. وتعكس ‏التغيرات في أسعار الشحن زيادة (طفيفة كما هو موضح) في التكاليف الفعلية ‏لشركات الشحن، إلى جانب تسعير عدم اليقين السياسي من جانب السوق، ‏وكذلك استغلال الفرصة من جانب شركات الشحن لرفع الأسعار التي سيتم ‏تقبلها بفهم من جانب العملاء، ومن جهة أُخرى الاستقرار المتدرج للسوق في ‏الوضع الجديد (‏new normal‏).‏
تقدير آثار هجمات الحوثيين في التجارة الخارجية «الإسرائيلية»
من أجل تقدير هذه الآثار، يجب استخلاص نسبة التجارة البحرية «الإسرائيلية» ‏التي تمر عبر باب المندب. إن نسبة التجارة الخارجية من الناتج المحلي ‏الإجمالي «الإسرائيلي» كبيرة نسبياً، وتصل إلى أكثر من 60%، لكن جزءاً ‏كبيراً من هذه التجارة هو تصدير الخدمات، وجزءاً كبيراً آخر (من حيث قيمته ‏المالية) يتم نقله عن طريق الجو. وهناك أقسام كبيرة أُخرى من التجارة ‏البحرية تُدار مع الولايات المتحدة وأوروبا وأسواق أُخرى.‏

تحليل تفصيلي
إن حصصاً كبيرة من التجارة البحرية «الإسرائيلية» مع آسيا تأتي في حاويات. ‏وفي الواقع، فإن مصدر نصف الواردات البحرية من آسيا هو الصين، ‏ومعظمها منتوجات استهلاكية، وهناك بضعة استثناءات هنا كاستيراد ‏السيارات، التي تصل إلى «إسرائيل» في سفن مخصصة لنقل السيارات، وكذلك ‏استيراد الماشية الحية (الأغنام والأبقار، التي تصل أساساً من أستراليا). وفي ‏الأوضاع العادية، تمر سفن الحاويات القادمة من الشرق عبر قناة السويس ‏وتفرغ حمولتها في موانئ البحر المتوسط «الإسرائيلية» (موانئ منطقة حيفا ‏وأشدود). أما في ميناء «إيلات»، فلا يتم تفريغ الحاويات مطلقاً، لكن يتم استيراد ‏السيارات والماشية الحية أحياناً عبره. ويجب أن نتذكر أن النقل البري من «‏إيلات» إلى وسط البلاد مكلف، لذلك في بعض الأحيان يتحمل مستوردو ‏السيارات، على سبيل المثال، تكاليف مرور سفينة سيارات عبر قناة ‏السويس (ودفع التكاليف المرتفعة الموصوفة المتعلقة بالمرور) بدلاً من تفريغ ‏السيارات في ميناء «إيلات» ونقلها بواسطة شاحنات سحب خاصة لنقل السيارات ‏إلى وسط البلاد، لمسافة تزيد على 300 كيلومتر.‏
ويتم تصدير الفوسفات من مصانع البحر الميت عبر ميناء «إيلات»، إذ يتم ‏تصدير نحو مليوني طن سنوياً من هذه المادة. وإذا كانت التكلفة المتوسطة ‏لنقل حاوية من الصين إلى البحر المتوسط ارتفعت بنحو 5000 دولار في ‏الربع الرابع من سنة 2023 مقارنة بالسعر قبل الحرب، وكانت مستقرة عند ‏مستوى جديد يبلغ أكثر من السعر قبل الحرب بنحو 2500 دولار خلال ‏الأرباع الثلاثة التالية من سنة 2024، فإنه يمكن تقدير أن التكلفة الإجمالية ‏للاقتصاد «الإسرائيلي» لاستيراد عدد الحاويات نفسها بنحو 200 ‏مليون دولار سنوياً.‏

التأثيرات في واردات السيارات
صارت سفن نقل السيارات تتجنب المرور عبر مضيق باب المندب، ففي سنة ‏‏2022، استوردت «إسرائيل» نحو 340,000 سيارة، منها 166,000 (49%) ‏عبر ميناء «إيلات». ومن الممكن أن سيارات إضافية قد تم استيرادها من آسيا ‏عبر ميناءي حيفا وأسدود؛ لكن الإحصاءات غير واضحة في هذا الشأن. وإذا ‏كانت سفينة السيارات قادرة على نقل نحو 4500 سيارة، فيمكن تقدير أن ‏ميناء «إيلات» قد استقبل نحو 35-40 سفينة سيارات سنة 2022، أي نحو 50 ‏مليون دولار إضافية كتكلفة للاقتصاد نتيجة الرحلات حول أفريقيا لهذه ‏السفن. لذلك، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد من استيراد الحاويات والسيارات ‏عبر الطريق حول أفريقيا تصل إلى نحو ربع مليار دولار سنوياً.‏

التأثيرات في الصادرات
في سنة 2022، تم تصدير نحو 455,000 حاوية، منها نحو 30,000 حاوية ‏إلى آسيا. ووفقاً للحساب أعلاه، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد «الإسرائيلي» ‏لتصدير الكمية نفسها تصل إلى نحو 75 مليون دولار سنوياً. وبالإضافة إلى ‏ذلك، فقد تأثر تصدير الفوسفات من ميناء «إيلات»؛ إذ إن تصدير هذه المادة إلى ‏أسواق آسيا يتم، في الأوضاع العادية، عن طريق نقل الفوسفات في شاحنات ‏خاصة من مصانع البحر الميت إلى ميناء «إيلات»، ومن هناك يتم تحميلها على ‏سفن وتصديرها إلى الشرق، وخصوصاً إلى الهند. ومن ميناء «إيلات» ‏ يتم تصدير قرابة مليونَي طن سنوياً من الفوسفات. فإذا توقف نشاط ميناء «إيلات»، ‏فيجب على شركة الفوسفات «الإسرائيلية» تصديره عبر ميناء أسدود، وعبر ‏الطريق الذي يمر حول أفريقيا. وإذا كانت سفينة الصب تحمل نحو 40,000 ‏طن (‏Dead Weight–DWT‏)، فستحتاج إلى نحو 50 سفينة بتكلفة إضافية ‏تُقَدر بنحو 50 مليون دولار. ويجب ملاحظة أن الفوسفات يُعَد سلعة أساسية ‏‏(‏commodity‏)، وبالتالي، فإن زيادة تكاليف النقل حول أفريقيا يمكن أن ‏تضر بتنافسية شركة ‏(ICL)‏ في أسواق الفوسفات في الشرق.‏
وبناء عليه، فإن التكلفة الإجمالية للاقتصاد من تصدير الحاويات والفوسفات ‏عبر الطريق حول أفريقيا تتراوح بين 100 و150 مليون دولار سنوياً، ‏وتصل التكلفة الإجمالية للاقتصاد (صادرات وواردات) إلى نحو 350 - ‏‏400 مليون دولار سنوياً.‏

التأثيرات الأُخرى
بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية الواسعة، هناك تأثيرات أُخرى صغيرة، ‏لكنها مهمة للتجارة الخارجية للبلد. ويتمثل التأثير الأول في التوقف الفعلي ‏لنشاط ميناء «إيلات» (بما في ذلك تصدير الفوسفات كما هو موصوف أعلاه)، ‏والثاني يتمثل في التأثير المباشر في شركات الشحن «الإسرائيلية»، أو التي لها ‏علاقة مباشرة بـ»إسرائيل».‏
ولقد شلت الهجمات الحوثية على حركة الشحن في مضيق باب المندب، تماماً، ‏نشاط ميناء «إيلات»، وقد نشرت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» تقارير بشأن نوايا فصل أكثر من نصف عمال ميناء «إيلات». وإذا حدث هذا، فإن ضرراً اقتصادياً ‏كبيراً سيلحق بمئات العمال، بالإضافة إلى الضرر الاستراتيجي الممكن الناجم ‏عن فقدان القدرة التشغيلية للبوابة الجنوبية للبلد. ولقد تمت مناقشة هذه المسألة ‏في اللجنة الاقتصادية البرلمانية في الكنيست، في معرض مناقشة سؤال عما إذا ‏كان على «الدولة» إعادة شراء الميناء بعد أن تم بيعه في إطار الخصخصة.‏

تأثيرات في شركات الشحن «الإسرائيلية»
لا تمثل شركات الشحن «الإسرائيلية» قطاعاً متطوراً مقارنة بالشركات العالمية، ‏إذا ما استثنينا شركتَين رئيسيتَين لهما صلة مباشرة بـ»إسرائيل»، هما شركة ‏‏«تسيم» (‏ZIM‏) وشركة (‏XT) (سابقاً شركة الأخوين عوفر). وهناك أيضاً ‏سفن مملوكة لرجال أعمال «إسرائيليين»، على غرار السفينة (‏Galaxy ‎Leader). ولقد حولت هذه الشركات مسارات سفنها من الخطوط التي تمر ‏عبر المضيق، وربما يكون لذلك تأثير اقتصادي فيها، كما يمكن أيضاً أن ‏تقلص فرص التعاون لشركة «تسيم» في إطار التحالفات الإقليمية، وخصوصاً ‏بعد الانتهاء المتوقع لاتفاقية (2‏M‏) في كانون الثاني/ يناير 2025. وعلى ‏سبيل المثال، ففي كانون الثاني/ يناير 2024، تم الإبلاغ عن أن التغييرات ‏المرتبطة بمسارات شركة الشحن الصينية (‏COSCO‏) بسبب الأزمة في البحر ‏الأحمر قد أثرت في تعاوُن شركة «تسيم» مع الشركة. ويجب أن يُشار إلى أن ‏معظم إيرادات شركة «تسيم» لا تأتي من أنشطة تجارية مرتبطة بـ«إسرائيل»، ‏إنما من الأنشطة العالمية.‏

إيهود غونين - معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني