لا ميديا -
عام 1984، صدرت لوحته «الهوية» على هيئة بطاقة بريدية وزّعت بآلاف النّسخ في الضفة الغربية وغزة وحول العالم، فاعتقله الاحتلال بتهمة التخريب الفكري. وصرّح وقتها مسؤول صهيوني أن لوحاته "تُحرّض على حكومتنا، وتسببت بخروج الناس إلى الشوارع للتظاهر وإلقاء الحجارة وخرق القانون".
حُكم عليه بالسجن 6 شهور، وغرامة مالية مقدارها 30 ألف شيكل. رفض عرضا بالإفراج عنه مقابل توقيعه تعهّدًا بعدم العودة لرسم العلم. وبعد أن قضى عقوبته خرج وظل لسنوات ممنوعا من السفر.
ولد فتحي غَبِن عام 1947، في قرية هِربيا وقبل أن يكمل سنته الأولى هُجّرت عائلته إلى مخيم جباليا في قطاع غزة، «لكنهم تركوا خلفهم آثار أقدامهم الغائصة في الأرض»، يقول غبن.
ترك المدرسة بعد الصف السادس ليساعد عائلته فعمل مدة 15 عاما بائعا للجرائد والمجلات، «ومنها بدأتُ بتثقيف نفسي، ومطالعة القصص المصورة والرسومات.. ففي مواضيع اللوحات، بدأتُ أجسّد الحركة، حركة الحيوانات واقتتالها وتفاعلها مع بعضها في الغابة».
اندلعت الانتفاضة الأولى، وكان قد رسم قبلها بسنوات لوحتي «الهوية» و«الشهيد» وغيرهما، وكانت تلك اللوحات مشحونة برموز الانتفاضة والثورة كالمقلاع واللثام والحجر.
يقول الباحث محمد عباس: "امتازت أعماله بالتركيز على الألوان القاتمة وإضافة الألوان الحارة للتدليل على الأجواء المشحونة وحالة الصراع. مفهوم المقاومة عند فتحي هو مفهوم ثابت ولكن أثره متغير تبعًا للواقع الذي يعيشه الشعب".
يعتز كثيرا بتجربة تعليمه الفنّ للأطفال، وأن عددًا منهم صاروا فنانين، فقد حرص على متابعة أعمال الفنانين على اختلاف مستوياتهم الفنية، فلا يقام معرض إلا ويكون حاضرا دائما. أسهم عام 1973 في تأسيس رابطة الفنانين التشكيليين الفلسطينية.
في فيلم الهُوية، الفيلم التّسجيلي القصير حول حياته، تتكشف عفويتُه وبساطته فنراه يشارك في الأعراس الشعبية، ويرقص باحتراف على أنغام المجوز واليرغول، فهو يعشق الدبكة ويدرّبها.
استشهد في 25/2/2024، خلال حرب الإبادة التي ينفذها الاحتلال الصهيوني على غزة بعد أن فقد ابنه، وحفيده، وأخاه، وزوجة أخيه، وبنات الأخ الذين قصفوا في مكان نزوحهم، وتحول بيته إلى ركام بكل ما حمله من ذكريات ولوحات أنجزها طيلة حياته.