«لا» 21 السياسي -
انتقد تقرير نشر في موقع «إنترسبت» تجريد الولايات المتحدة أعداءها من إنسانيتهم، عبر توصيفهم بـ»الحيوانات»، مشيرا إلى عرض موقع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) صورة لشارة كتف كتب عليها: «نادي صيد الحوثيين».
وقال التقرير، الذي أعده الصحفي نك تورس، إن الشارة عُرضت على موقع وزارة الدفاع على الإنترنت، وبينما قام الجيش بإخفاء أدلة الشارة، وإزالة صورها وسط احتجاجات صحفية، فإن البنتاغون لم ينكرها.
وأضاف أنه في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر نشر موقع خدمة توزيع المعلومات المرئية الدفاعية (مستودع الصور الرسمي للبنتاغون) صورة تسلط الضوء على رقعة كتف الملازم كايل فيستا، وهو طيار يعمل في سرب المروحيات البحرية رقم 74 التابع للبحرية.
وتتميز رقعة فيستا بخطوط متقاطعة فوق صور تشبه أفراد «توسكين رايدرز»، وهم «شعب الرمال» الخيالي الذي هاجم لوك سكاي ووكر في فيلم «حرب النجوم» عام 1977. وكُتب على الرقعة: «نادي صيد الحوثيين. البحر الأحمر 2023-2024.
ووفقا لتعليق الصورة، فقد احتفلت الشارة بنشره على متن حاملة الطائرات الأمريكية «آيزنهاور» في البحر الأحمر.
ونقل التقرير عن جانيت ماكنتوش، أستاذة الانثروبولوجيا في جامعة برانديز والخبيرة في التاريخ الطويل للجيش الأمريكي في نزع الصفة الإنسانية عن أعدائه، قولها إن «الشارات تقلل من مكانة الحوثيين إلى مستوى آخر غير إنساني تماما، وشبه غريب. وبالتالي فإنه يمنح العدو وضعاً شبه عنصري ودون بشري، ما يسهل قتله. كما أنها تضع كل الحوثيين في الخانة نفسها، وهو ما يجعل من السهل أيضا قتل المدنيين أو غير المقاتلين».
وبعد أن لفت العديد من الصحفيين، وفقا للموقع، الانتباه إلى صورة «نادي صيد الحوثيين»، تمت إزالة تلك الصورة وصورة أخرى لفيستا وهو يرتدي الرقعة من موقع وزارة الدفاع على الإنترنت.
وأشار التقرير إلى أن نزع الصفة الإنسانية هو وسيلة للقتل. لقد ثبت أن استخدام الإهانات الحيوانية يزيد من استعداد الناس لتأييد إيذاء مجموعة مستهدفة.
لقد كان الأمريكيون البيض ينزعون صفة الإنسانية عن الآخرين العنصريين والإثنيين منذ فترة طويلة قبل أن تنشأ الولايات المتحدة. وكان نزع الصفة الإنسانية عن الآخرين عنصراً أساسياً في تبرير الغزو الأوروبي والاستعمار الاستيطاني والعبودية، الأمر الذي جعله لا ينفصل عن أصول الأمة. ولا تقل عن ذلك وثيقة مثل إعلان الاستقلال الأمريكي لعام 1776 إشارة إلى «الهنود المتوحشين بلا رحمة». وقد أظهرت دراسات حديثة، بعد ما يقارب 250 عاما، أن المواقف العنصرية التي يتبناها الأمريكيون تجاه الأقليات لا تزال قائمة، بحسب التقرير.
كما أن للجيش الأمريكي، وفقا للموقع، تاريخاً طويلاً في نزع صفة الإنسانية عن أعدائه منذ الحروب الهندية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر فصاعداً. خلال حرب أمريكا في الفلبين، مطلع القرن العشرين، بدأت القوات الأمريكية تطلق على أعدائها من السكان الأصليين لقب «غو-غوز». ويبدو أن هذا المصطلح المهين قد تحول بعد ذلك إلى «غوك» وتم تطبيقه على مدى عقود من الزمن على الأعداء خلال ما يسمى «حروب الموز» في هايتي ونيكاراغوا قبل الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك الصراع في كوريا خلال الخمسينيات.
عاد اللقب إلى شفاه القوات الأمريكية في جنوب شرق آسيا خلال حرب فيتنام. وفي حين تم استخدام شتائم أخرى، فإن «غوك» كان يُستخدم من بداية الصراع إلى نهايته. ويتذكر أحد المحاربين القدامى في مقابلة أجريت معه في السبعينيات، ونُشرت في كتاب «العودة من الحرب» لروبرت ليفتون: «كان العقداء يطلقون عليهم اسم غوك، وكان القبطان يطلق عليهم اسم غوك، وكان الموظفون يطلقون عليهم اسم غوك. كانوا أغبياء، كما تعلمون، دون البشر».
كان مفهوم أن الفيتناميين أقل من البشر يُشار إليه غالباً باسم «قاعدة الغوغاء المجردة». وكانت هذه القاعدة تقضي بأن كل الفيتناميين، الشماليين والجنوبيين، البالغين والأطفال، الأعداء المسلحين والمدنيين الأبرياء، ليسوا أكثر من مجرد حيوانات، يمكن قتلهم أو إساءة معاملتهم متى يشاء الأمريكيون. وكانت عقلية قاعدة الغوغاء المجردة تتسامح مع كل أشكال الفظائع، وتشجع القوات على القتل دون تأنيب ضمير. وفي مذكرات نشرتها دار نشر معهد البحرية، قال أحد أفراد مشاة البحرية: «لا ينبغي أن يزعجكم هذا على الإطلاق؛ فقط المزيد من الغوغاء المجرمين. وكلما ماتوا جميعاً في وقت أقرب، عدنا إلى العالم في وقت أقرب». وكانت هذه الإهانة والعقلية تشجع على القتل بلا رحمة أثناء صراع قُتِل فيه ما يقدر بنحو مليوني مدني فيتنامي، وجُرِح نحو 5.3 مليون شخص (بتقديرات متحفظة)، ونزح 11 مليون شخص بسبب الحرب، بحسب التقرير.
وأشار الموقع إلى أنه خلال «الحرب على الإرهاب»، ظهرت مجموعة من الألفاظ النابية الجديدة، وكان «زنجي الرمال» من بين أكثرها دناءة. «لقد علمنا المشاة استخدام لغة مثل «حاجي» و»على رأسه قطعة قماش» [كشتيمة] و»مستهدف» و»على رأسه منشفة» لنزع الصفة الإنسانية ليس فقط عن المقاتلين الأعداء، بل وعن كل عراقي أو عربي نقابله»، كما يتذكر أحد قدامى المحاربين في سلاح مشاة البحرية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. «لقد كان كبار مشاة البحرية يسخرون من اغتصاب النساء العراقيات، وهذا ما فعلناه نحن أيضاً. لقد أطلقوا على الأطفال العراقيين وصف الإرهابيين أثناء التدريب، وكانوا يقصدون ذلك. وهذا ما فعلناه نحن أيضاً».
وتقول ماكنتوش، التي تتناول هذا التوتر في كتابها القادم بعنوان «حديث القتل: اللغة وسياسة الموت العسكرية»، إن «تأييد الجيش الضمني للشارة هو جزء من نمط أوسع من الرسائل المتضاربة في التدريب العسكري والثقافة العسكرية. من ناحية، يتم تعليم المرء القواعد والقوانين المصممة للسيطرة على العنف بعناية؛ ولكن من ناحية أخرى، يمكنك أن تجد رسائل تشجع بشكل غير مباشر فكرة أن الهوية العسكرية تتعلق جزئياً بانتهاك الأخلاق، وأحياناً حتى قواعد الجيش نفسها».
وأشار التقرير إلى أن شعار «نادي صيد الحوثيين» يتوفر من خلال موقع تجاري يؤكد أنه على الرغم من أنه غير تابع للجيش الأمريكي، إلا أنه مع ذلك «حيث تشتري معظم أسراب البحرية [ومشاة البحرية الأمريكية] شارات أسرابها مباشرة»، مضيفاً أنها «مرخصة من قبل مكاتب العلامات التجارية التابعة لسلاح مشاة البحرية الأمريكية والبحرية الأمريكية».
التناقضات المحيطة بالشارة كثيرة، ليس أقلها إخفاقات الجهود العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين. فقد أقر تقرير من وكالة استخبارات الدفاع بأن هجمات الحوثيين أدت إلى انخفاض بنسبة 90% في نشاط الشحن عبر البحر الأحمر، بحسب الموقع.

عن موقع «إنترسبت»