.jpg)
الأكـثر قـراءة
«مواقع النجوم».. الدكتور حسام أبو صفية
- تم النشر بواسطة لا ميديا
لا ميديا -
«ألقى الدكتور حسام أبو صفية نظرة الوداع الأخيرة على ابنه إبراهيم، احتضنه بحنوٍّ ورفق، وبكاه بحرقة... بحث عن مكان في ساحة مستشفى كمال عدوان في غزة، ليواري جثمانه الثرى.. حمل النعش، هناك سيكون مرقده الأخير! قريبًا من العين، قريبًا من القلب. أمَّ صلاة الجنازة، كبَّر وهو يغالب عبراته، اختنق صوته، لكنه كفكفَ دموعه، وأتمَّ الصلاة.. أهال عليه تراب غزة وزهرَ فلسطين، وودَّعه إلى حين».
«الآن، وقد أيقن أن روح ابنه تحلّق فوق المكان، لملم حسام أبو صفية شتات روحه، كوى جراحه، رسم ابتسامة خفيفة على وجهه، وعاد إلى ما كان عليه، طبيبًا يداوي جراح الآخرين».
رفض بإباء التخلي عن مرضاه وترْكهم وحيدين في مواجهة جيش احتلال همجي غادر. وظلَّ مصرا على مواصلة رسالته الإنسانية حتى بعد أن تحول المستشفى -كما بقية المؤسسات الصحية في قطاع غزة- إلى ما يشبه المقبرة الجماعية.
اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني مستشفى كمال عدوان واستباحته كغيره من المستشفيات مرات كثيرة منذ بدء معركة طوفان الأقصى؛ وفي كل مرة تحاصره وتعتقل كوادره، وتحرق مرافقه، وتدمر مداخله، وتمنع عنه الوقود والدواء.
لم يكلّ الدكتور حسام، عن بذل الجهد لخدمة أبناء جلدته والتخفيف عنهم، وصون حياتهم. يفترش وإياهم الأرض نفسها، ويتقاسم معهم القدر نفسه والمصير نفسه. ولم ترهبه تهديدات جيش الإبادة ولا جبروت جنوده. ومضى بثبات وبقناعة على درب من سبقوه؛ ممن بطش بهم الاحتلال قتلًا واعتقالًا.
اعتقلته قوات الاحتلال في شهر أكتوبر 2024 خلال اقتحامها مستشفى كمال عدوان وإجبار الكادر الطبي على المغادرة. وبعد الإفراج عنه، استشهد ابنه إبراهيم نتيجة قصف القوات الصهيونية في 26 أكتوبر 2024.
في 23 نوفمبر 2024، أُصيب بشظايا اخترقت منطقة الفخذ وتسببت في تمزق الأوردة والشرايين إثر انفجار قنبلة ألقيت عليه من طائرة كوادكابتر صهيونية داخل المستشفى.
في 27 ديسمبر 2024، اقتحم جيش الاحتلال مستشفى كمال عدوان وعاث فيه خرابا واعتقله وعشرات من أفراد الطواقم الطبية. وعقب اعتقاله بعث إليه طبيب إيرلندي رسالة جاء فيها: «لا يمكننا أن نتخيل ما تمرون به، لقد حملتم عبئا عظيما عن البشرية كلها».
وحسام أبو صفية المولود في مخيم جباليا (1973) هو استشاري طب أطفال، يشغل حاليًا منصب مدير مستشفى الشهيد كمال عدوان في قطاع غزة. يُعد من الشخصيات البارزة في القطاع الصحي، ويعمل على قيادة الفرق الطبية لتقديم الخدمات الطبية لسكان غزة.
المصدر لا ميديا