«لا» تستطلع صندوق أسرار الدولة وتقترب من الخطوط الحمراء.. المركز العسكري للوثائق.. متحف حي يتجاوز الأسوار الحربية
- تم النشر بواسطة مارش الحسام / لا ميديا
استطلاع:مارش الحسام / لا ميديا -
يعتبر المركز العسكري للوثائق منارة للذاكرة الوطنية بالرغم من أنه وجد للمحافظة على تاريخ اليمن العسكري وحفظ وصون أسرار الدولة ولاسيما العسكرية.
وبعكس الصورة النمطية التي ترسمها التسمية وربما الهدف من إنشائه، يتفاجأ الزائر أن الطابع المدني حاضر وبقوة وأن المركز أوسع وأعمق من مجرد خزانة للذكريات العسكرية وأسرارها.
الزائر هنا لا يجد نفسه محصورا بين البندقية والميري وإنما في متحف حي يجسد تاريخا عميقا يتجاوز الأسوار العسكرية.
ومن محتوياته مثلا: أرشيف ضخم لكل المشارب السياسية اليمنية، وآخر يوثق حركة الدولة منذ الخمسينيات، وجناح غني بالوثائق التي تعود الى ما قبل حوالي 500 عام وتسرد ملاحم اليمنيين ضد الغزاة، كما يحوي توثيقا لأحداث بارزة ساهمت في تشكيل حاضرنا، دون أن يعرف عنها أغلب اليمنيين شيئا، ويحسب لثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014 أنها حررت مجزرة تنومة من سجن المركز العسكري للوثائق وأخرجتها للعلن فيما لاتزال كثير من الأحداث الهامة غائبة عن معرفتنا ولم يطلق سراحها بعد من أقبية المركز.. في هذا الاستطلاع سنحاول تسليط الضوء على بعض جوانب هذا الكنز الوطني.
يضم المركز العسكري للوثائق 7 إدارات؛ كل واحدة منها تحوي عددا من الأقسام التي تتفرع إلى عدد من الأجنحة والتي بدورها تتجزأ إلى وحدات أصغر، بحيث كل وحدة تتخصص في توثيق وأرشفة مجال عسكري معين.
ومع أن كثيرا من تلك الأقسام وتفرعاتها متاحة أمام الباحثين والمهتمين وتتيح الاطلاع على محتوياتها، إلا أن بعض الأقسام على العكس من ذلك تماما، فمن المحظور الدخول إليها ومن المحرمات الاطلاع على محتوياتها باستثناء شخصين إذا ما دعت الضرورة ودون تجاوز الخطوط الحمراء، كما يفيد رئيس المركز العقيد عبدالله مطهر الذي وجدت شروحاته الشائقة مكانها في هذا الاستطلاع.
كم ومضمون
من بين الإدارات الـ7 تعد إدارة التوثيق الصحفي أو الأرشيف الصحفي هي الأضخم كما، فيما تعتبر إدارة التوثيق هي الأهم ليس كونها فقط تحوي أرشيفا عاما لحركة الدولة عسكريا وسياسيا وإداريا وإنما لأن أحد أقسامها يحوي الصندوق الأسود لأسرار الدولة.
والحديث عن محتويات المركز بأقسامه وأجنحته بحاجة إلى مجلد وليس لتقرير صحفي فضلا عن كون بعض الأقسام غير متاح الدخول إليها وتجرم الاطلاع على محتويات باعتبارها خيانة عسكرية.
سنركز في حديثنا على الأهم وعلى سبيل المثال مع محاولة الاقتراب من الخطوط الحمراء.
وثائق عمرها 500 عام
خلال زيارتنا للمركز كانت إدارة الوثائق هي محطتنا الأخيرة، ومع ذلك أجدها تفرض علي أن أستهل استطلاعي بالحديث عنها، وبالأخص عن قسم الوثائق العسكرية الذي يحوي عددا من الأجنحة الغنية بالوثائق الهامة والقيمة، إذ يحوي أحد الأجنحة وثائق لا تكمن أهميتها عسكريا فقط وإنما تاريخيا أيضا إذ تعود بعضها إلى حوالي 500 عام، كالمراسلات بين حركات المقاومة اليمنية وقادتها ضد الغزو البرتغالي الذي بدأ في العام 1506، كثير من الأحداث والمعارك موثقة في هذا الجناح، وكذا الخرائط التي كان يستخدمها الثوار آنذاك، كما يوجد أرشيف آخر مصور تم توثيقه مؤخرا (خلال الثمانينيات والتسعينيات) للقلاع والحصون التاريخية التي كان يتحصن فيها الثوار أو الغزاة سواء إبان الاحتلال البرتغالي أو العثماني أو البريطاني، وللأسف أن كثيرا من تلك القلاع والصحون دمرها العدوان السعودي الإماراتي.
وعلى ذكر العدوان وغاراته هناك أرشيف إحصائي لغارات العدوان السعودي الإماراتي على بلادنا محددة بالعدد والزمان والمكان والأضرار الناجمة عنها، وحاليا تم استحداث أرشيف لتوثيق غارات العدوان الأمريكي والبريطاني والصهيوني.
رسالة أخضعت عدن لبريطانيا
من الوثائق التاريخية التي يحويها المركز وعلى سبيل الذكر، رسالة الكابتن هينز التي أرسلها في العام 1838 للسلاطين الحاكمين لمدينة عدن ويعدهم فيها بمنحهم امتيازات وأموالا مقابل الانتفاع البريطاني بمدينة عدن، وعلى إثرها باع السلاطين المدينة مقابل وعود زائفة سرعان ما تحولت إلى أغلال تحيط بأعناقهم وتحيلهم إلى مجرد أدوات بيد محتل أرضهم.
التاريخ يعيد نفسه
يؤكد العقيد مطهر أن الأرشيف يقوم بأرشفة وتوثيق كل ما يخص القوات المسلحة بشكل عام وبالتفصيل حتى على مستوى أخبار المعسكرات اليمنية من مناورات وتحركات وتعيينات وحتى قرارات التسريح. مضيفا: «بشكل عام لدينا أرشيف يخص كل التحركات والعمليات العسكرية من مناورات وتدريبات وحروب خاضها اليمنيون قديما وحديثا، وكما لو أن التاريخ يعيد نفسه، أغلب المناطق كان يسيطر عليها غزاة الأمس وتلك التي كانت تدور فيها مواجهات مع الاحتلال البرتغالي أو العثماني أو البريطاني هي ذات المناطق التي يسيطر عليها غزاة اليوم من قبل الاحتلال السعودي الإماراتي، بل وذات المناطق التي تشهد اليوم تصعيدا أمريكيا».
حركة الدولة
ولفت مطهر الى أن المركز يحوي قسما خاصا بوثائق الدولة عسكريا ووزاريا، متابعا: «لدينا قسم يوثق حركة الدولة بشكل عام، من تعيينات وقرارات وخطابات منذ قيام الجمهورية وحتى اليوم».
صندوق أسود
وفي ما يخص الصندوق الأسود لأسرار الدولة يقول رئيس المركز العسكري: «لدينا أرشيف خاص بأسرار الدولة عسكريا وسياسيا من قبل قيام الجمهورية وهذا هو القسم الأهم وليس متاحا للآخرين الاطلاع على محتوياته أو الحديث عن محتوياته بل من المحظور الدخول إلى هذا القسم باستثناء شخصين إذا ما دعت الحاجة دون تجاوز الخطوط الحمراء».
شخصان فقط
وبسؤاله عن الخطوط الحمراء أو الشخصين المخولين للدخول؟ رد قائلا: «الشخصان المخول لهما بالدخول والاطلاع على المحتويات هما مدير الدائرة باعتباره المسؤول الأول ورئيس المركز باعتبار من مسؤوليته الحفاظ عليها، ولكن إذا ما دعت الحاجة الوطنية وطلب منا استخراج وثيقة ما وبتوجيه صريح من مدير الدائرة فإننا نقوم بتصوير الوثيقة الأصل صورة طبق أصل ونسلمها لأصحاب الشأن فيما الوثيقة الأصل يتم إعادتها إلى مكانها ولا يحق لأي شخص الحصول عليها كون ذلك من الخطوط الحمراء».
تدابير ومفاتيح مشفرة
وفي ما يخص الاحتياطات والتدابير الأمنية التي يتبعها المركز للحفاظ على الوثائق السرية ومحتويات الصندوق الأسود، يقول العقيد مطهر: «هذه الأقسام محكمة الإغلاق حتى الأقفال والمغالق لديها مفاتيح مشفرة يصعب عمل نسخة منها، ومع ذلك وعلى سبيل المثال ولو افترضنا أن أحدا ما استطاع الولوج إلى هذه الأقسام فلن تكون أسرار الدولة في متناول يديه، لأن البحث عن وثيقة ما سيكون أشبه بالبحث عن إبرة في كومة من القش هناك مئات المجلدات والملفات والصناديق المرمزة بأرقام فقط مربوطة بقاعدة بيانات، ووسط هذه المتاهة من الأرقام فإن البحث عن وثيقة لا يكون إلا من خلال قاعدة البيانات التي يتم الدخول إليها عبر رقم معين ورقم آخر سري لكل قسم ولكل ملف».
كوماندوز «إسرائيلي» دون علم الحكومة!
لكل دولة أسرارها واليمن ليست استثناء بالتأكيد فإن الصندوق الأسود يحوي أسرارا ووثائق هامة لأحداث عاصرتها اليمن قديما ولا يعرف عنها اليمنيون شيئيا بل إن تفاصيل حادثة رهيبة كمجزرة تنومة لم تخرج من الصندوق الأسود للعلن إلا بعد ثورة 21 أيلول/ سبتمبر وقبلها لم يكن يعرف عنها أغلب اليمنيين شيئا.
وبالتأكيد إن هناك الكثير من الأحداث مازالت غائبة عن معرفتنا ومغيبة في دهاليز المركز العسكري للوثائق بل إن كثيرا منها ربما يجب أن يعرفها المواطن لأن ما قبل ثورة 21 أيلول لا كما قبلها.
وفي هذا الصدد يعلق العقيد مطهر قائلا: «بالتأكيد إن كثيرا من الأحداث التي عاصرتها اليمن قديما غائبة عن الكثير، الشبكة العنكبوتية حديثة ولا تحوي الكثير من الأحداث القديمة الهامة». مضيفا: «على سبيل المثال لدينا وثيقة تؤكد أن إسرائيل أنزلت فرقة كوماندوز في إحدى الجزر اليمنية إبان حكم الرئيس الإرياني، هذه المعلومة ربما ليس فقط لا يعلمها كثير من المواطنين حاليا، وإنما لم تكن تعلمها الحكومة آنذاك وعلموا بهذه المعلومة من برقية من أنور السادات إلى الرئيس الإرياني، تخبره بالعملية والوثيقة موجودة لدينا».
وثيقة استرداد حنيش
وعلى ذكر الجزر اليمنية، يقول رئيس المركز العسكري للوثائق: «لدينا أرشيف لكل الجزر اليمنية وثائق ملكية، وللعلم حين قامت إريتريا باحتلال جزيرة حنيش والتي عادت للسيادة اليمنية بسبب الوثائق التي قدمتها اليمن للأمم المتحدة آنذاك والتي تثبت سيادتها وملكيتها للجزيرة وهذه الوثائق تم أخذها من الأرشيف العسكري».
أرشيف خارج الشبكة العنكبوتية
مثل هذه المعلومات الهامة التي ذكرت سابقا وغيرها ألا تستحق التواجد بالشبكة العنكبوتية ولكن يا ترى لماذا لا يتم رفعها إلى النت ليطلع عليها الجمهور، بدلا تخزينها في غياهب المركزي العسكري، هذا ما طرحناه على رئيس المركز الذي رد قائلا: «نحن الآن بصدد تحويل كل أرشيفنا من وثائق مسموح بها وصحف قديمة إلى نسخ إليكترونية (JPG) فيما المواضيع المهمة نصوص إليكترونية بجانب الصورة، وقطعنا شوطا كبيرا في ذلك لنترك المجال للباحثين للاطلاع عليها ونشرها».
تضليل ووصاية سعودية
من البديهيات أن أرشيف الدولة يخدم سياسة السلطة وليس خافيا أن الحكومات السابقة كانت تحت الوصاية السعودية، في ما معناه أن أرشيف اليمن العسكري يحوي كثيرا من التضليل والمغالطات وبما يرضي الأوصياء في حجب الحقيقة عن كثير من الأحداث كحادثة اغتيال الرئيس الحمدي أو الحروب الست ضد المسيرة القرآنية.
في هذا الصدد يؤكد العقيد مطهر أن سياسة الأرشفة تغيرت بعد ثورة 21 أيلول، ولكنه بالمقابل يعتقد أن الأرشيف العسكري مهمته توثيق إعلام حقبة زمنية وفترة حكم، وبحسب وصفه: «الأرشيف العسكري لا يهمه الحاكم وسياسته، مهمته توثيق إعلام مرحلة سواء كان سلبيا أو إيجابيا، شاهد على سياستها ونهجها وتوجهاتها».
مدني ببزة عسكرية
قبل زيارتي للمركز العسكري للوثائق كان باعتقادي أن الأرشيف العسكري وحسب مدلول التسمية لن يخرج نطاق البندقية والميري لأتفاجأ أن أغلب محتوياته لا تخص الجانب العسكري وإنما يلغب عليه الطابع المدني، ويستحوذ على أغلب مساحات المبني المكون من 5 طوابق، والأرشيف الصحفي هنا لا يختص فقط بأرشفة الصحف والمجلات فقط وإنما كل إصدارات مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية وكذا الاحزاب والتنظيمات السياسية والتكتلات من صحف ومجلات دراسات وأبحاث.
وجدنا أرشيفا مثلا لكل إصدارات التوجيه المعنوي والمؤسسات التابعة لوزارة الإعلام كوكالة سبأ ومؤسستي الجمهورية والثورة... الخ. أرشيف يحوي كل الصحف اليمنية، ولكل المشارب السياسية اليمنية، بل إن صحيفة صدرت في الخمسينيات ستبدو لك كما لو أنها صدرت حديثا.
وهناك أيضا أرشيف يخص الإعلام العربي، لأبرز الصحف والمجلات العربية. يقول رئيس المركز: «إلى ما قبل العدوان كنا نؤرشف العديد من المجلات والصحف العربية وكان هناك ميزانية مخصصة للاشتراك في العديد من الصحف والمجلات العربية، ولدينا جناح أرشيف يخص اليمن في الإعلام العربي، مثلا أرشيف اليمن في الصحافة المصرية منذ بداية الستينيات وحتى ما قبل العدوان على اليمن».
مدني عام وعسكري خاص
وبسؤاله ما الذي يدفع مؤسسة عسكرية لأرشفة مطبوعات مدينة لا علاقة لها بالجانب العسكري؟ أجاب قائلا: «لدينا أولا أرشيف عام، حاليا نقوم بأرشفة كل المطبوعات اليمنية من صحف ومجلات بغض النظر عن محتواها يتم أرشفتها كما هي يدويا ومن ثم إلكترونيا، باعتبارها تاريخ وذاكرة أمة وخصوصا المطبوعات المحلية، فيما في المرحلة الثانية يتم تنقيح المحتوى وفي ما يخص اليمن في الجانب العسكري يتم أرشفته في أرشيف خاص».
إعلام رقمي واستراتيجية كلاسيكية
بالتأكيد أن أرشفة المطبوعات الصحفية يدويا (ورقيا) وإلكترونيا مهم جدا باعتبارها شاهدة على العصر وذاكرة سياسية لتاريخ أمة، ولكن بالمقابل العصر عصر الإعلام الرقمي والإلكتروني الآخذ في الانتشار يوما بعد آخر بعكس نظيره الورقي الآخذ في الانحسار بدليل أن كثيرا من الصحف توقفت عن الإصدار، وحاليا لدينا صحف محدودة تتعامل مع أحداث الساحة بانتقائية وبقدر ما تستوعبه صفحاتها بعكس الصحافة الإلكترونية والرقمية والتي يمكن أن تقدم إحاطة شاملة لما يجرى في الساحة.
ولكن يا ترى ما هي التحديات التي يواجهها المركز في التعامل مع المواد الإعلامية الحديثة، فالأخبار التي تتدفق على مدار الساعة عبر المواقع الإخبارية وما تنشره قنوات التلفزة من فيديوهات ألا يوجد فيها ما يستحق التوثيق.
وتعقيبا على هذه التساؤلات يفيد العاملون في المركز بأن التحول الرقمي في صناعة الرسالة الإعلامية أثر وبشكل مباشر على استراتيجية الأرشفة في المركز العسكري جراء اصطدامها بالإعلام الرقمي الذي كان عليها مواكبته دون التفريط بطابعها الكلاسيكي في الأرشفة اليدوية الورقية.
يقول أحد العاملين: «نحن نواكب ما ينشر في الإعلام الإلكتروني ولدينا كوادر يتابعون كل جديد ويقومون بتخزين وأرشفة كل ما يخص اليمن وعملياتها العسكرية بشكل عام، بالنسبة للفيديوهات والمواد الرقمية وما تنشره الفضائيات لدينا سيفرات (هاردات) كبيرة يتم تخزينها داخلها ونسخ أخرى يتم تخزينها في سيديهات».
قاعدة بيانات
يعتمد المركز العسكري للوثائق قاعدة بيانات لكل محتوياته من أرشيف ورقي أو إلكتروني مربوطة بقاعدة بيانات ومصنفة في مجلدات وتحت مسميات محددة.
وهذه القاعدة تتيح للباحث أكثر من خيار بحثي للوصول إلى المعلومات المطلوبة سواء كانت مؤرشفة إلكترونيا أو يدويا (مطويات ورقية).
«لا» شغف يسبق الأرشفة
المطبوعة هنا تمر بعدة مراحل حتى تصبح جزءا من الأرشيف وضمن قاعدة بياناته، وكان علينا أن نتتبع بعض هذه المراحل لتتضح الصورة أمام القارئ، ومن حسن المصادفة التي وجدناها في قسم التجليد كان موظفو هذا القسم يتصفحون وبشغف صحيفة «لا» قبل شروعهم في تجليدها.
يقول أحد العاملين وعلى لسان زملائه: «صحيفة «لا» نستقبلها صباح كل أيام الدوام الرسمي في البدء نشبع فضولنا وبشغف لتصحف محتوياتها، وبعد أن ننتهي منها نقوم بتجليدها وأرشفتها يدويا وحفظها في ملفات ومجلدات مرقمة ومرمزة نضعها في قاعدة البيانات. متابعا: «بعدها يأتي دور زملائنا في القسم الآخر ويقومون بأرشفتها إلكترونيا كنسخة (بي دي إف) ونسخة أخرى نصية، إذ يقومون بفرز محتوياتها وأرشفتها إلكترونيا كل موضوع على حدة، لو تبحث عن آيزنهاور، أو صلاح الدكاك ستجد أمامك قائمة لكل المواضع التي نشرتها صحيفة «لا» عن آيزنهاور، أو كتبها صلاح الدين الدكاك من أول عدد وحتى اليوم».
وفي مداخلة له يضيف رئيس المركز: «العملية مرتبة ومنظمة وكل محتويات المركز مربوطة بقاعدة البيانات، لو تبحث في قاعدة البيانات أول خطاب أو قرار للرئيس الشهيد الحمدي، سيحدد لك وبدقة القسم والخانة ورقم الملف الذي يحويه الخطاب أو القرار، ومثلا لو تبحث عن الصراع اليمني السعودي، ستظهر أمامك قائمة لكل ما يحويه أرشيفنا ومن مختلف المصادر من مواضيع حول هذا الصراع، وبالمثل لو تبحث مثلا عن العدوان على غزة أو عن غيرها من المواضيع».
دراسات وأبحاث
إلى جانب كونه أرشيفا عسكريا يصدر المركز من وقت إلى آخر أبحاثا ودراسات وينفذ ما يطلب منه من بحوث في مجال عسكري ما، كما يقدم المساعدة للباحثين وخصوصا الباحثين العسكريين في رسائل الماجستير والدكتوراه وكذا الأكاديميين ومشاريع التخرج الجامعية وبالأخص طلاب الإعلام.
وهكذا تنتهي رحلتنا في المكان ولا تنتهي مع خزائن الثروة القومية التي تسكن المكان ولم يتسع المجال لذكرها وتسليط الضوء عليها.
أرشيف يدوي (ورقي) وآخر (PDF) وثالث كنصوص إلكترونية
يعتبر المركز العسكري للوثائق منارة للذاكرة الوطنية بالرغم من أنه وجد للمحافظة على تاريخ اليمن العسكري وحفظ وصون أسرار الدولة ولاسيما العسكرية.
وبعكس الصورة النمطية التي ترسمها التسمية وربما الهدف من إنشائه، يتفاجأ الزائر أن الطابع المدني حاضر وبقوة وأن المركز أوسع وأعمق من مجرد خزانة للذكريات العسكرية وأسرارها.
الزائر هنا لا يجد نفسه محصورا بين البندقية والميري وإنما في متحف حي يجسد تاريخا عميقا يتجاوز الأسوار العسكرية.
ومن محتوياته مثلا: أرشيف ضخم لكل المشارب السياسية اليمنية، وآخر يوثق حركة الدولة منذ الخمسينيات، وجناح غني بالوثائق التي تعود الى ما قبل حوالي 500 عام وتسرد ملاحم اليمنيين ضد الغزاة، كما يحوي توثيقا لأحداث بارزة ساهمت في تشكيل حاضرنا، دون أن يعرف عنها أغلب اليمنيين شيئا، ويحسب لثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014 أنها حررت مجزرة تنومة من سجن المركز العسكري للوثائق وأخرجتها للعلن فيما لاتزال كثير من الأحداث الهامة غائبة عن معرفتنا ولم يطلق سراحها بعد من أقبية المركز.. في هذا الاستطلاع سنحاول تسليط الضوء على بعض جوانب هذا الكنز الوطني.
المصدر مارش الحسام / لا ميديا