تعز المحتلة.. قرص الروتي أنحل من خيال
- تم النشر بواسطة قسم التحقيقات / لا ميديا

قسم التحقيقات / لا ميديا -
في زمن الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والأزمات التي تعصف بالمواطنين في مدينة تعز المحتلة، استغل بعض مالكي المخابز هذه الأوضاع المزرية لممارسة جشعهم والكسب السريع ولو على حساب المواطن المغلوب على أمره، وفرضوا واقعا مريرا لقرص الروتي بحيث أصبح بمثابة خيال أكثر منه واقعا يسد رمقا أو يسكت جوعا.
وفي المقابل، ثمة سلطة ارتزاق وجهات معنية لا يعنيها شيء، حيث إن ما يسمى مكتب الصناعة والتجارة لا يحدد معايير لتحديد حجم رغيف الخبز والروتي، فضلا عن فرض أي رقابة على نوعية الدقيق المستخدم في المخابز والأفران، وهذا ما يجعل أصحاب الأفران يعملون على التلاعب في حجم ووزن وسعر الروتي بحسب هواهم.
يجد المواطن نفسه هو الحلقة الأضعف على الدوام، حيث يضطر إلى الخضوع لأمزجة وجشع أصحاب الأفران ولا يرى في سلطات الارتزاق في مدينة تعز أهلا لأن تفرض أي رقابة على الأفران أو أن توقف التلاعب الذي أصبح ينعكس على كافة مناحي الحياة وليس منحصرا فقط في أقراص الروتي وأرغفة الخبز.
معاناة المواطنين
قسم التحقيقات في صحيفة «لا» أجرى لقاءات مع عدد من أهالي مدينة تعز حول ارتفاع سعر الخبز والروتي بشكل جنوني وتلاعب أصحاب الأفران، والذين عبروا للصحيفة عن استيائهم وغضبهم من ارتفاع أسعار الروتي، وتصغير حجمه، ونقص وزنه ما تسبب في إرهاق الكثير من الأسر التي باتت بحاجة إلى مضاعفة المبلغ المخصص لشراء الخبز والروتي بشكل يومي، مشيرين إلى أن مالكي الأفران يتحججون بأن نقص حجم وزن الخبز والروتي ناتج عن ارتفاع أسعار الدقيق، رغم تأكيدات حكومة المرتزق بن مبارك ضبط الأسعار.
الشاب حسن الشميري يقول لصحيفة «لا» إنه كل صباح يشتري لأسرته المكونة من تسعة أشخاص نحو تسعة أكياس خبز بسعر 4,500 ريال، وفي كل كيس خمسة أرغفة.
ويضيف الشميري متحسراً أن الخمسة الأكياس مجتمعة أصبحت بالكاد تسد جوع شخص واحد فقط، لأن الرغيف صار أصغر حجماً وأقل وزناً.
ويرى الشميري أن على المسؤولين في سلطة المرتزقة أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يحسموا الأمر سريعاً لأن المتضرر هو المواطن الذي لا يجد ما يأكله في ظل هذه الأزمة الإنسانية الحادة.
بدورها أكدت أم حنان لصحيفة «لا» أن الخبز الذي تشتريه لا يكفي أسرتها المكونة من سبعة أفراد -جميعهم بالغون- بعد أن تقلص الرغيف وزاد سعره، في الوقت الذي كانت تأمل أن ينخفض سعره إلى خمسين ريالا مع صغر حجمه.
تشاطرها أم هاجر (29 عاماً) الرأي مؤكدة لصحيفة «لا» أن سعر الخبز والروتي ارتفع بشكل جنوني في الوقت الذي نقص وزنه حتى أصبح ضعيفا للغاية ولا يكاد يكفي إلا كمية كبيرة لأسرتها الصغيرة.
وتابعت في حديثها: «نحن أسرة مكونة من أربعة أفراد طفلين وانا وزوجي كان يكفينا 10 أقراص روتي أو خبز، وذلك في السابق عندما كانت حجمها أكبر مما هي حالياً، أما الآن فنحتاج إلى خمسة أضعاف العدد في الوجبة الواحدة بسبب تقلص حجم الرغيف، وارتفاع سعره بشكل كبير.
مطففون
أما أم سنان فتؤكد في حديثها لصحيفة «لا» أن أصحاب الأفران يتحملون جزءا كبيرا من الوزر واصفة إياهم بـ«المطففين»، حسب الآية القرآنية التي تتحدث عن التجار الذين يتلاعبون بالموازين وينقصونها في عملية البيع للناس.
وأشارت إلى أن «غياب الذمة والضمير جعل أصحاب الأفران يستغلون عدم وجود رقابة لجباية أرباح كبيرة دون النظر الى حالة الناس المأساوية التي يعيشونها جراء الحرب التي شنها تحالف العدوان ومرتزقته على الدولة ومؤسساتها».
ردود أصحاب الأفران
لكن هؤلاء «المطففين»، حسب وصف أم سنان، يرون أن سلطات الارتزاق حملتهم الوزر الكامل أمام المواطنين وذلك حتى تتملص من مسؤوليتها في تجريع الناس عناء الغلاء الفاحش وانهيار العملة في المناطق والمحافظات المحتلة.
محمد العمدة (اسم مستعار) أحد مالكي الأفران في مديرية المظفر الذين التقتهم صحيفة «لا» برر نقص وزن وجودة الخبز والروتي بالقول إن الأوزان التي أقرتها سلطة المرتزقة في المدينة المحتلة 50 جراما للقرص الواحد لا تتناسب مع الأسعار الحالية للدقيق ولا مع التكاليف المصاحبة لإعداد الخبز والروتي، بدءا من الكهرباء والديزل الذي لم ينخفض بالشكل المطلوب، وانتهاء بالجبايات الباهظة التي تفرضها علبهم سلطات الارتزاق والعصابات المسلحة التابعة لفصائل الخونج في مختلف أنحاء المدينة.
وأكد العمدة أن سلطة المرتزقة تفرض عليهم جبايات باهظة كضرائب، ونظافة وتحسين وأخرى غير قانونية، بالإضافة إلى ما تتحصل عليه يوميا كإتاوات، لافتا إلى أن الفرن الخاص به يصنع الخبز بوزن 50 جراما، ويبيعه بسعر 100 ريال حسب التسعيرة الجديدة، وهذا يكلفه خسائر فادحة.
وما بين مبررات مالكي الأفران والمخابز، وشرعنة سلطة المرتزقة في المدينة المحتلة لهم التلاعب بالجودة والأوزان، يعيش المواطن صراعا متواصلا مع مالكي الأفران وجشعهم الذي يقتات من الوضع السيئ للمواطنين وما يمرون به من انهيار للعملة والغلاء الفاحش.
المصدر قسم التحقيقات / لا ميديا