تقرير / لا ميديا -
بين تفاصيل فضيحة تم الكشف عنها بشكل عابر، ومسارعة حكومة الفنادق وجهات ارتزاق أخرى إلى نفي علاقة أي منها بتلك الفضيحة، لا يبدو المشهد في المحافظات المحتلة قادرا على تفسير ما يحدث من عهر. حيث يمكن لأنبوب نفط لصوصي ومصفاة وخزانات أن تنشأ من تلقاء نفسها في ميناء لنهب ملايين البراميل من النفط الخام طيلة سنوات، ثم تأتي الشركة المسؤولة عن ذلك الميناء النفطي لتنفي أي علاقة لها بالموضوع فيما لا تجد حكومة الفنادق إلا أن تنفي وجود أنبوب من الأساس.

كشفت مصادر مطلعة عن فضيحة جديدة للاحتلال ومرتزقته في محافظة حضرموت المحتلة، تتمثل في مد أنبوب سري من خزانات النفط في ميناء الضبة إلى مصفاة محلية، ليتم نهب النفط الخام على مدى سنوات.
وبحسب المصادر فقد اكتُشف الأنبوب عن طريق الصدفة، ليتم الكشف عن عمليات تهريب منظمة للنفط الخام تجري على قدم وساق بطرق متعددة، تحت مرأى ومسمع حكومة الفنادق وبحماية من جهات نافذة في سلطات الارتزاق بالمحافظة النفطية المحتلة.
ويمتد الأنبوب المكتشف من الخزانات التي تتسع لأكثر من 3 ملايين برميل، في ميناء الضبة النفطي الواقع تحت إدارة وتشغيل شركة بترومسيلة، إلى مصفاة محلية، ليتم من هناك تهريب ونهب النفط الخام دون معرفة الجهة.
وبحسب الصحفي المرتزق فتخي بن لزرق فإن «هذا الأنبوب يمتد من خزانات ميناء الضبة النفطي بحضرموت حيث يتم تخزين أكثر من 3 ملايين برميل نفط خام»، مشيرا إلى أن «الأنبوب يمتد من الخزانات وصولاً إلى مصفاة محلية تم إنشاؤها بالقرب من الخزانات»، وأنه «خلال أكثر من عامين تمت عمليات تكرير للنفط بصورة غير مشروعة».
بن لزرق أكد أن الأمر لم ينته عند هذا الحد، بل سارعت كل الأطراف في حكومة الفنادق وسلطات الارتزاق إلى نفي أي صلة لها بالمصفاة والأنبوب.
العميل فرح البحسني المعين عضوا في رئاسي الاحتلال اعترف بوجود عمليات نهب للنفط الخام الموجود في خزانات ميناء الضبة بحضرموت، بعد توقف التصدير منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 جراء هجمات قوات صنعاء على المنشأة بسبب قيام حكومة الفنادق بتهريب النفط اليمني.
وذكر المكتب الإعلامي للبحسني، أنه لوحظ أثناء زيارة ميناء الضبة وبناء على معلومات استخباراتية وجود خط لأنبوب نفط بقطر كبير يمتد من قرب خزانات النفط بالضبة وباتجاه أحد الأحواش التي تقع على مسافة من موقع منشآت الضبة، لافتا إلى أن «الغرض من الأنبوب ضخ النفط الخام وتصفيته بطريقة غير قانونية».
البحسني الذي عاد منذ أيام الى حضرموت، حرص على القيام بزيارة الى ميناء الضبة بغرض فضح عملية السرقة، ونشر صور الأنبوب الذي يتم من خلاله تهريب النفط الخام الى أحد الأحواش والقيام بإعادة تصفيته هناك، في حين أكدت المصادر أن البحسني لم يكشف معلومة جديدة وأن سرقة النفط الخام عبر هذا الأنبوب هي عملية ليست بالجديدة، وكانت تحدث خلال أيام توليه منصب محافظ حضرموت من قبل الاحتلال، موضحة أن الخلافات على النفوذ واقتسام الغنائم دفعت البحسني لكشف إحدى أوراق الفساد.
بدورها، نفت شركة بترومسيلة أي علاقة لها بأنبوب النفط المكتشف قرب ميناء الضبة، مؤكدةً اقتصار عملياتها على منشآتها داخل حدود الميناء، دون امتداد خارج الميناء.
وأوضحت الشركة في بيان صحفي أن الأنبوب يقع على مسافة تزيد عن 600 متر خارج خزانات الميناء، مشددة على عدم ارتباطها بوحدات التكرير المتنقلة على ساحل حضرموت.
في ما يتعلق بتصريف النفط من الميناء، أكدت بترومسيلة أن «جميع الشحنات الموجهة لمحطات الكهرباء تتم وفق توجيهات حكومية، وآلية شفافة، وإجراءات محاسبية منتظمة لضمان الانضباط المالي»، مشددة على أن «العمليات داخل الميناء تسير وفق المعايير المعتمدة، دون استحداثات يُحتمل تأثيرها على سير العمل وسلامة المنشأة».
أما وزارة النفط في حكومة الفنادق فقد سارعت إلى التغطية على الفضيحة بفضيحة أخرى تمثلت في بيان أكدت فيه أنه «لا صحة للأنباء التي تتحدث عن خط أنبوب نفط غير قانوني في حضرموت» وأن «الشركة المستثمرة لبناء المصفاة الجديدة في حضرموت أنشأت الأنبوب لتزويد المصفاة بحاجتها من النفط الخام».
وفي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة نفط الارتزاق أن «العمل متوقف منذ أكثر من عامين في خط الأنبوب الممتد من موقع المصفاة الجديدة»، تتناقض مع نفسها لتقول في البيان نفسه إنه «تم التوقف عن استكمال العمل في الأنبوب منذ عامين، ولم يتم ربطه بمنشأة الضبة».
الخبير الجيولوجي عبدالغني جغمان أكد أن بيان وزارة النفط بقيادة المرتزق سعيد الشماسي يعد فضيحة بحد ذاته تكشف كذب الوزير وطاقمه من الإعلاميين، من حيث التسلسل التاريخي لموضوع إنشاء مصفاة في حضرموت عبر توقيع اتفاقية مع الشركة المنفذة (ميد غاز) دون تحديد رأس المال وغياب دراسة الجدوى الاقتصادية والدراسات الفنية والهندسية والبحرية، ثم توقيع اتفاقية مع شركة أخرى (مليح)، الأمر الذي اضطر شركة (ميد غاز) لرفع قضية تحكيم دولية للمطالبة بأحقيتها في إنشاء المصفاة في ميناء الضبة، وبتعويضات تصل إلى 233 مليون دولار تشمل تكاليف رأس المال ودراسات الجدوى والتسهيلات المالية من بنك الصادرات والواردات الكوري.
أما التناقضات في بيان وزارة النفط في حكومة الفنادق فتأتي أولا بحسب جغمان في عدم ذكر الشركة التي تم إرساء مشروع بناء المصفاة عليها، والبدء في إنشاء خط أنابيب قبل الانتهاء من الدراسات والموافقات، حيث ذكر البيان أن العمل متوقف منذ أكثر من عامين على خط الأنبوب الممتد من موقع المصفاة، وفي نفس الوقت قال إن الخط لم يتم ربطه بمنشآت الضبة لأنه لم تصدر بعد الموافقات النهائية للمصفاة، فضلا عن تناقض في تصريحات الشماسي في يناير 2024 بأن هناك نقاشات نهائية لإنشاء مصفاة في الضبة، أي أن المشروع لم يكن متوقفًا بل كان قيد المفاوضات النهائية، بينما في يناير 2025، يقول مصدر الوزارة إن المشروع متوقف منذ أكثر من عامين.
وختم جغمان بالقول إن «التناقض في التصريحات يظهر محاولة تضليل الرأي العام وإخفاء الحقيقة حول المشروع، حيث لا يمكن منطقياً أن يتم إنشاء خط أنابيب لمصفاة لم تكتمل دراساتها الفنية ولم تحصل على الموافقات النهائية. أما عدم الإعلان عن المناقصة وتجاهل الاتفاقيات السابقة فيشير إلى وجود شبهات فساد وتلاعب بالملف النفطي... وهذا يوضح أنهم يراهنون على أن الناس ستنسى الحقائق بسرعة، لكن الحقيقة موثقة بالتسلسل الزمني، ولن يتم خداع الجميع بسهولة».