بشريعة الغزاة..الجـولانـي رئيسا لسورية
- تم النشر بواسطة خاص / لا ميديا

دمشق - خاص / لا ميديا -
في لقاء سمي "مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية" تم إعلان أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) رئيسا لسورية، خلال الفترة الانتقالية، التي لم تحدد مدتها.
كما تم الإعلان عن جملة من القرارات أبرزها:
- حل مجلس الشعب، وتفويض الشرع بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقائية.
- إلغاء العمل بدستور 2012.
- حل الجيش السابق، وإعادة بناء الجيش "على أسس وطنية".
- حل جميع الأجهزة الأمنية، وتشكيل مؤسسة أمنية جديدة.
- حل جميع الفصائل العسكرية ودمجها في مؤسسات الدولة.
- حل حزب البعث العربي الاشتراكي وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية.
وهناك معلومات بأن الجيش الجديد والمؤسسات الأمنية ستتشكل بشكل رئيسي من المجموعات المسلحة المنضوية تحت "هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة -القاعدة)" التي يترأسها الجولاني، أما المجلس التشريعي المؤقت، فسيكون بشكل رئيسي، من قادة الفصائل المسلحة، التي حضرت "مؤتمر النصر".
اللافت أن "المؤتمر" تم وفق شريعة الفاتحين والغزاة، واقتصر الحضور على قادة المجموعات المسلحة، المتحالفة مع "هيئة تحرير الشام"، وكلها موضوعة على القوائم الدولية للتنظيمات الإرهابية، ولم تدع للمؤتمر، ولم تحضره، أي فعالية مدنية أو سياسية أو وطنية أو اجتماعية أو مؤسساتية سورية.
كما خلا المؤتمر من ممثلي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ومن أي حضور دبلوماسي عربي أو دولي.
قرارات "مؤتمر النصر" وفور الإعلان عنها، تم رفضها من قبل مجموعات وازنة جدا من القوى السياسية والاجتماعية والمجموعات المسلحة، التي رفضت الانضواء تحت سلطة "هيئة تحرير الشام"، وفي مقدمتها حراك وفصائل السويداء، والفصائل العسكرية في محافظة درعا، بقيادة أحمد العودة، مما يضع كل الجنوب السوري، خارج سلطة الشرع، وكذلك قوات سورية الديمقراطية "قسد" التي تسيطر على ثلث الأراضي السورية، وكل الثروات الاستراتيجية، في المنطقة الواقعة شرق الفرات، إضافة إلى قوات سورية الحرة، التي تعمل بإشراف قاعدة "التنف" الأمريكية، وأحرار الشرقية، وجيش الشرقية الفرقة 20، وكذلك مجموعات في حلب وإدلب، وهي نفس المناطق التي كانت خاضعة السلطة الشرع، قبل سقوط نظام بشار الأسد.
يضاف إلى ذلك، وجود حالة تململ في الشارع الإسلامي، وخاصة في دمشق وحلب، والتي لا تعتبر "هيئة تحرير الشام" والمجموعات المسلحة المتطرفة، ممثلة لها، لأسباب عقائدية، حيث عرف عن الإسلام الشامي، التزامه بتعاليم الإسلام الأشعري والصوفي المعتدل، فيما تعتنق كل المجموعات، التي سيطرت على السلطة، التعاليم الوهابية والإخوانية، التكفيرية والمتطرفة.
ويضاف إلى ذلك، مكونات وازنة من المجتمع السوري، التي ترفض السلطة الجديدة، لكنها تتعامل معها كأمر واقع، بانتظار ما يحمله المستقبل من تطورات.
هذا التوزيع يجعل سلطة الشرع (الجولاني) لا تمثل سوى شريحة محدودة من المجتمع السوري، وتفقد السيطرة على أكثر من نصف الأراضي السورية.
الحذر من سلطة الجولاني، انسحب حتى على المجتمع العربي والدولي، الذي لم يعط الشرعية للسلطات الجديدة، حيث اقتصرت برقيات ورسائل التهنئة، على عدد محدود جدا من الدول، وتحديدا تركيا، ودول الخليج والأردن، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، واقتصر الموقف المصري على تصريح مقتضب من الرئيس السيسي، هنأ فيه الشرع لتوليه رئاسة سوريا خلال المرحلة الانتقالية، وتمنى له النجاح في تحقيق تطلعات الشعب السوري، فيما امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وكل الدول الكبرى والعظمى عن اتخاذ أي موقف.
هذا الواقع يؤكد أن صفة "سلطة الأمر الواقع" هي التي ستبقى ملازمة لهذه السلطة، داخليا وخارجيا، وإن كان سيتم التعامل معها، بهذه الصفة، في بعض النشاطات العربية والدولية، لكنها ستبقى تحت المجهر، والرقابة المشددة، في سياساتها وتصرفاتها، حيث توجد مطالب عربية ودولية عديدة، من هذا السلطة، عليها تنفيذها، قبل نيلها الاعتراف، أو التعامل معها، كسلطة شرعية.
فور إعلان تنصيب الشرع رئيسا، امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي، بالتأكيد على أن مسؤوليات الشرع أصبحت اليوم مختلفة عن المرحلة الماضية، وكان هناك شبه إجماع على نقاط محددة:
- لن يكون هناك قبول بأي استبداد جديد.
- الحكم على السلطة الجديدة، وما قاله الشرع، سيكون على الأفعال وليس الأقوال.
- مؤسسات الحكم في سورية الجديدة، يجب أن تكون على أسس وطنية، ومن كل فئات الشعب، والمجتمع السوري.
- لم يعد مقبولا نسب العمليات الإجرامية، والقتل والتنكيل، التي تتم في العديد من المناطق، إلى عمليات فردية، وإنما ستكون السلطة والشرع تحديدا، مسؤولين عنها.
كما لوحظ نشاط مميز لحركات المجتمع المدني، والنخب والقوى الحية في المجتمع السوري، وتأكيدات منها بأنها ستكون مراقبة لسياسات وتصرفات السلطة الجديدة، خاصة مع غياب مجلس شعب منتخب، والصحافة، والقضاء المستقل، وكان لهذه الفعاليات دور مهم وواضح في توثيق الجرائم والتجاوزات التي ترتكب، وإرسالها إلى منظمة الأمم المتحدة، والمنظمات الأممية والدولية المختصة.
هذه الرقابة المشددة على السلطات الجديدة في دمشق، انسحبت حتى على الدول، والقوى الخارجية، حيث تحدثت تقارير إخبارية وأممية، عن شروط أمريكية وأوروبية وعربية، نقلتها السعودية وقطر وبعض الدول الصديقة ركزت على:
- رفض المظاهر الإسلامية المتشددة، حيث تعتبر سوريا مجتمعاً متعدد الأعراق والطوائف، ولا يمكن أن يتم حكمه إسلاموياً إطلاقاً.
- يمنع منعاً باتاً، إنشاء أي هياكل إسلامية تفرض الظلامية على العلويين والمسيحيين، وبقية الطوائف والمكونات الأخرى.
- التأكيد على ضرورة تطبيق نموذج الاتحاد الفيدرالي، على أرض الواقع، كما هو الحال في الإمارات العربية المتحدة.
- مراقبة دقيقة للوضع، مع التأكيد على عدم قدرة السلطة المؤقتة على السيطرة على الفصائل المسلحة تحت لوائها.
وأكدت هذه المعلومات والتقارير، أنه تم منح السلطة المؤقتة فترة زمنية محددة لتطبيق هذه التوجيهات على أرض الواقع، وبأن أي تهور، أو تصرف، لا يتناسب مع ما اقترحته الدول الكبرى، سيؤدي إلى تدخل مباشر لإخراج السلطة المؤقتة من المشهد السياسي.
هذا الوضع الجديد في سورية، يؤكد أن الوضع فيها لم يستتب حتى الآن، وأن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، وأن الفترة الممنوحة للسلطات الجديدة، ليست مفتوحة، ولا طويلة، لأن سورية بلد مفتاحي في السياسات العالمية، وما يحدث فيه يؤثر بشكل مباشر على محيطها الجغرافي، وعلى توازنات القوة والقوة الإقليمية والدولية، ولذلك لا يمكن تركها لسيطرة مجموعات مسلحة، مرفوضة من معظم الدول والقوى الداخلية والخارجية.
المصدر خاص / لا ميديا