ماذا حدث في اتحاد الكتاب العرب بسورية؟!
- تم النشر بواسطة خاص / لا ميديا

دمشـق - خاص / لا ميديا -
شهدت أروقة اتحاد الكُتّاب العرب في دمشق معركة حامية الوطيس، بين منطق الدولة والقانون، الذي تمثله قيادة الاتحاد الحالية المنتخبة برئاسة الدكتور محمد حوراني، ومنطق "الشرعية الثورية"، الذي أنتج تعيين مجلس لتسيير الاتحاد برئاسة الدكتور محمد طه العثمان وعضوية: محمد منصور، حسن عبد الكريم، جمال الشوفي، فدوى عبود، محمد سعيد العتيق، محمود عساف، مروة حلاوة، ومحمد صارم، وبعض هؤلاء غير معروف، ولا تنطبق عليه شروط عضوية الاتحاد والمكتب التنفيذي.
تم الأمر عندما فوجئت قيادة الاتحاد بإعلان تشكيل اللجنة. فقد سبقت هذه الخطوة اجتماعات ونقاشات عديدة بين قيافدة الاتحاد ومندوبين عن سلطة الأمر الواقع، جرت بهدوء وأريحية، وجرى خلالها نقاشات واقتراحات عديدة، كان رأي قيادة الاتحاد أن تستكمل مهمتها، التي تنتهي بعد عشرة أشهر يتم خلالها الإعداد مع السلطات الجديدة لعقد المؤتمر العام في موعده، في الشهر الثاني من العام المقبل؛ لكن سلطة الأمر الواقع، التي سيطرت على كافة النقابات والاتحادات المهنية ولم يبق سوى اتحاد الكتاب العرب، كان لها رأي آخر.
ما يجري في الاتحاد كآخر نقابة من العهد السابق، والوحيدة التي لم تسلم بتغييرها بقرارات من السلطة الجديدة، فيما استجاب لذلك كل الاتحادات والنقابات الأخرى بما فيها اتحاد الصحفيين ونقابة المحامين، والتي كان يفترض بها أن يكون لها رأي وموقف، كما هو اتحاد الكتاب العرب، كان له أسباب وتداعيات أبعد بكثير من موضوع السيطرة على الاتحاد، أهمها:
- قيادة اتحاد الكتاب العرب هي الوحيدة التي تم انتخابها بشكل كامل من المؤتمر العام، بدون تدخُّل القيادة القطرية السابقة لحزب البعث، التي كانت تشرف على النقابات والاتحادات المهنية وانتخاباتها، وتم الالتزام بنتائج الانتخاب، حيث أصبح الدكتور محمد الحوراني رئيساً للاتحاد، باعتباره أخذ أعلى الأصوات في جلسة الانتخاب، والشاعر توفيق أحمد نائباً لرئيس الاتحاد، باعتباره جاء خلف الدكتور الحوراني بعدد الأصوات.
- الاتحاد يتمتع باستقلالية مادية يؤمِّنها من عدة موارد، أهمها استثمار مبنى الاتحاد في منطقة "أوتوستراد المزة" الاستراتيجية بمدينة دمشق، كعقارات مؤجرة، وهو ما دعا الشاعر التركي الكبير ناظم حكمت للقول عندما سئل عما لفت نظره بعد زيارة قام بها إلى دمشق: "رأيت للكُتّاب السوريين قصراً".
- الاتحاد له خصوصية باعتباره يضم النخبة المثقفة من المجتمع السوري، كما أن أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد ينتمون إلى مختلف مكونات المجتمع السوري، وتم انتخابهم بشكل ديمقراطي، وما يشكله ذلك من تأثير نوعي لا يمكن تجاهله.
- اتحاد الكُتّاب العرب هو النقابة السورية الوحيدة التي تقبل في عضويتها كُتّاباً وأدباء من الدول العربية، وهو ما يجعل تأثير ما يجري في الاتحاد له امتدادات عربية ودولية، ويساهم في تشكيل الصورة السياسية والاجتماعية للسلطة السورية الجديدة.
فور صدور القرار، أصدر الدكتور الحوراني بياناً رفض فيه قرار تعيين قيادة جديدة، وقال في بيانه إن قيادة الاتحاد منتخبة، وتشكيل القيادة الجديدة لتحل محلها غير قانوني وغير شرعي، ويضر بمنطق الدولة.
إثر هذا التعيين والجدل الذي أثاره، عُقد اجتماع بين قيادة الاتحاد والقيادة المعينة، جرى في أجواء غير مريحة، في ظل اتهامات وتوصيفات بين الجانبين، بعضها ظهر إلى العلن خلال النقاشات، وبعضها بقي حبيس الصدور، لكنه لا يلغي وجوده، توزعت بين عدم شرعية الجدد، أما الحاليون فكلهم متهمون، بين من بقي على موقفه الوطني ليتهم بالولاء للنظام السابق (فلول) ومن يؤيد التغيير ليتهم بالتكويع.
كما شهدت الجلسة نقاشات وحوارات متوترة كادت أن تطيح بالجلسة، لولا تدخُّل أصوات هادئة من الجانبين، وخاصة من رئيس الاتحاد، الدكتور محمد حوراني، الذي أكد أن سبب التوتر هو سوء التفاهم الذي نشأ في الشهور الماضية، مبيناً أن الجميع يرغب في أن يكون الاتحاد قوياً ومتماسكاً، وأن تتضح آليات انضمام الروابط الأدبية التي كانت في الخارج، وكيفية التعاطي مع من ليسوا كتّاباً، وكان هناك توافق على أن كثيرين لا تنطبق عليهم صفة الكاتب، الواردة في أنظمة الاتحاد.
بدوره تدخل الدكتور محمد طه العثمان، رئيس مجلس تسيير الأعمال، نافياً أن يكون أحد من المجلس قد وجه أي اتهام لقيادة اتحاد الكتاب العرب بأنها من فلول النظام، مؤكداً أن النية والرغبة تتجه ليكون الجميع في عملية البناء القادمة للاتحاد، ولسمعة المثقف السوري.
وبنتيجة النقاشات، كان هناك توافق على الحاجة لعقد مؤتمر استثنائي يتم خلاله تعديل النظام الداخلي للاتحاد، وبما يتيح قبول الأعضاء الذين كانوا في صفوف المعارضة وبقوا خارج الاتحاد خلال الفترة الماضية، والأعضاء الجدد الذين تنطبق عليهم شروط الانتساب إلى الاتحاد، وقبول جميع الروابط المستقلة للكتاب، وأن ينتج عن المؤتمر قيادة جديدة تقود الاتحاد خلال المرحلة القادمة.
وكان من المقرر أن يتم، أمس الأحد 12 نيسان/ أبريل الجاري، دور التسلم والتسليم بين قيادة الاتحاد المنتخبة برئاسة الدكتور محمد الحوراني، والقيادة المعينة برئاسة الدكتور محمد طه العثمان، وسط شعور عام بأن كل ما تم الاتفاق عليه سينتهي فور انتهاء التسلم والتسليم، وجلوس القيادة الجديدة للاتحاد على كراسي المكتب التنفيذي، لأن أي إجراءات ستتم مستقبلاً ستكون وفق نظرة السلطة الجديدة لدور النقابات والاتحادات المهنية والمرحلة الانتقالية وكيفية بناء أسس سورية الجديدة، وليس وفق ما تم الاتفاق عليه بين قيادتي الاتحاد، السابقة واللاحقة.
المصدر خاص / لا ميديا