39 شهيدًا و317 جريحا فلسطينيا في غزة خلال 24 ساعة.. القسام تجهز على 4 جنود صهاينة
- تم النشر بواسطة لا ميديا

تقرير / لا ميديا -
في يوم آخر من أيام الدم والخذلان، استيقظ قطاع غزة على أصوات الطائرات الحربية الصهيونية، تحمل موتًا يتساقط على أكتاف الجوعى والمشردين. ففي غضون أربع وعشرين ساعة فقط، ارتقى 39 شهيدًا وأصيب 317 آخرون، منهم 17 شهيدًا وأكثر من 136 جريحًا كانوا على أعتاب مراكز توزيع المساعدات، يمدّون أيديهم طلبًا للخبز، فيسقطون برصاص المحتل صرعى، كأنما جرمهم الوحيد أنهم جياع.
ومع ارتفاع حصيلة ضحايا «لقمة العيش» إلى 467 شهيدًا وأكثر من 3602 مصابا منذ بدء عدوان الإبادة، تتكشف ملامح جريمة ممنهجة، حيث لم تَعُد الطائرات تستهدف فقط الأبنية أو المواقع، بل باتت تنقضّ على أرواح المدنيين عند كل تجمع، حتى ولو كان تجمعًا بحثًا عن فتات حياة.
في رفح، وعلى مقربة من مركز توزيع تديره شركة أميركية، استشهد 10 فلسطينيين على الأقل بنيران قوات الاحتلال. هناك، في الركن المنسي من هذا العالم المتواطئ، كان الضحايا ينتظرون دورهم في طابور الإغاثة، فتحوّلت قوائم الانتظار إلى قوائم للشهداء.
هكذا تدخل الإبادة الجماعية على قطاع غزة يومها الـ626، متوشحةً بعَلم الموت، ومحاطةً بصمتٍ عربي مُخزٍ، ودعم غربي أعمى. لم يعد السؤال عن عدد الضحايا، بل عن عدد الأرواح التي مازالت تنتظر دورها في الطابور الأخير: طابور الشهادة.
المجزرة الأخيرة لم تكن معزولة عن سياقها؛ فقد استهدفت الطائرات الحربية مراكز توزيع المساعدات في أنحاء القطاع، في اليوم الـ98 من استئناف العدوان الصهيوني بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، في تكثيف واضح لاستراتيجية التجويع والقصف المتزامن.
وفي خيام النازحين غربي خان يونس، حيث احتمى مئات الفلسطينيين من رعب الحرب، لم يسلموا من القصف. مصدر طبي في مجمع ناصر أشار إلى أن الطيران الحربي أطلق صواريخه على تلك الخيام الهشة، مسجلاً فصلاً جديدًا من التوحش، حيث لا تفرقة بين طفل وشيخ، بين نازح وجريح.
الإجهاز على 4 صهاينة
المقاومة من جانبها لم تصمت، ففي قلب الشجاعية، قنصت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس جنديًا صهونيا، فيما أمطرت المواقع العسكرية على جبل المنطار بدفعات من قذائف الهاون.
كما أعلنت القسام كذلك عن «الإجهاز على ثلاثة جنود صهاينة» شرق جباليا، وتدمير موقع السناطي شرقي خان يونس. وفي المقابل، اعترف جيش الاحتلال بإصابة أحد جنوده في معركة شمال القطاع.
من جهة أخرى، عرضت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مشاهد لاستهداف «مقر قيادة وسيطرة» تابع للاحتلال، وقوة خاصة كانت متحصنة في أحد المنازل، شمالي خان يونس. هذه المشاهد تُظهر استمرار المقاومة في معركة الكرامة، رغم ضراوة العدوان.
لهب الإبادة يستمر
الكارثة الإنسانية تتسع كألسنة لهب. تحذيرات متزايدة تطلقها المنظمات الأممية بشأن خطر المجاعة، وانهيار منظومة الخدمات الأساسية. أمجد الشوا، المدير التنفيذي لشبكة المنظمات الأهلية، أشار إلى أن إعادة تشغيل المطبخ المركزي ستكون محدودة للغاية، ولن تتجاوز 10 آلاف وجبة يوميًا، في قطاع بات نصف سكانه يبحثون عن طعام لا يأتي.
وفي المحافل الدولية، بدأت بعض الأصوات تنكسر من صمتها. إسبانيا، التي أعلنت على لسان وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس، نيتها التقدم بطلب لتعليق اتفاق التجارة مع «إسرائيل»، دعت أيضًا لفرض عقوبات على من يعرقلون حل الدولتين، في إشارة إلى فصائل التطرف داخل حكومة العدو الصهيوني. خطوة، وإن أتت متأخرة، إلا أنها تعكس تحركًا سياسيًا قد يفتح أبوابًا للمحاسبة.
عدوان كبير في العتمة
في الضفة الغربية، لم يكن المشهد أقل سوداوية. ففي كفر مالك، أُصيب شاب بجراح خطيرة، فيما شنّت قوات الاحتلال حملة اختطافات ومداهمات في الخليل ورام الله وقلقيلية، طالت أسرى محررين وفتاة، وسط عمليات ترويع وتحقيق ميداني. وواصل الاحتلال عملياته في طولكرم وجنين، حيث هدم منازل في حارة العيادة بمخيم نور شمس، في مشهد لا يقل قسوة عن مجازر غزة.
الملاجئ مغلقة وأبواب العنصرية مفتوحة
في مشهد يُجسّد عمق العنصرية التي تنخر في البنية الصهيونية، ووسط الإنذارات المتصاعدة والسقوط الفعلي للصواريخ، وجدت نسرين حجب، فلسطينية من مدينة حيفا، نفسها وحيدة في مواجهة الموت والسلوك الاجرامي الصهيوني. فبينما كانت تحاول الاحتماء من القصف، أُغلقت أبواب الملاجئ في وجهها، لا لسبب سوى أنها عربية ومحجبة.
لم تكن نسرين تحمل سلاحًا، بل كانت تحمل خوفًا مشروعًا ورغبة في النجاة، كما يفعل أي إنسان في لحظة خطر. لكنها وُوجهت بدفع جسدي وإغلاقٍ متعمدٍ للباب، على يد صهاينة حرصوا على أن يمارسوا عنصريتهم في لحظات خوف مشترك.
هذا الاعتداء لم يكن حدثًا فرديًا، بل يتكرر في بلدات وقرى ومدن يمارس فيها الكيان الصهيوني نظامًا قمعيًا مقنّعًا داخل حدودها، فلا تكتفي بإبادة الفلسطينيين في غزة، بل تمتد يدها لتمارس عنصرية وقحة بحق مواطنيها العرب داخل ما يسمى «الخط الأخضر». يُطردون من الملاجئ، ويُنعَتون بالإرهاب، لمجرد ملامحهم أو لباسهم.
حين يتحوّل الخوف إلى فرصة لبث الكراهية، فإننا لا نكون أمام مجتمع مأزوم فقط، بل أمام نظام يرسّخ الكراهية كسياسة ممنهجة. «إسرائيل»، في كل مرة تسقط فيها قنابلها على غزة أو تُغلق فيها ملجأً بوجه عربي، تكشف عن وجهها الحقيقي: كيان عدواني لا يؤمن بالمساواة، ولا يعرف معنى الإنسانية.
المصدر لا ميديا