تقرير غربي: اليمنيون أعادوا تعريف مفهوم الحرب غير المتكافئة وجميع محاولات ردعهم فشلت
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
أكد تقرير غربي حديث أن اليمنيين في معركتهم المساندة للشعب الفلسطيني، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، أعادوا تعريف مفهوم الحرب غير المتكافئة في المنطقة، بقدراتهم الصاروخية والطائرات المسيرة بعيدة المدى التي ضربت عمق الكيان الصهيوني وأغلقت البحر الأحمر في وجه الملاحة «الإسرائيلية»، فيما فشلت الضغوط والهجمات الأمريكية المكثفة في ردعهم عن الاستمرار بعملياتهم العسكرية انتصاراً لمظلومية الفلسطينيين في قطاع غزة.
ونشرت منظمة (ACLED) الأمريكية المتخصصة في رصد وجمع بيانات النزاعات المسلحة حول العالم، تقريراً مطولاً، تناول دخول الجبهة اليمنية المعركة ضد العدو الصهيوني منذ أواخر العام 2023م، وما تلى ذلك من انخراط أمريكي بريطاني ضد صنعاء، دفاعاً عن «إسرائيل» والمواجهة التي خاضتها القوات المسلحة اليمنية ضد القوى المعادية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، حتى إعلان اتفاق وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة الأمريكية مطلع أيار/ مايو الماضي.
وأفاد التقرير أن القدرات الصاروخية والطائرات المسيرة بعيدة المدى التي تمتلكها صنعاء «لطالما شكلت تحدياً للقوى الإقليمية مثل السعودية والإمارات»، خلال سنوات العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على اليمن، مشيراً إلى أن العدوان «الإسرائيلي» على غزة، صعّد من هذه التحديات، أمام «إسرائيل» والولايات المتحدة، مما أدى إلى 20 شهرًا من الهجمات اليمنية على السفن المرتبطة بكيان الاحتلال وأمريكا وبريطانيا في البحر، دون أن تردعهم الدوريات البحرية الدولية وحملات الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية و«الإسرائيلية».
وأوضح أن «هذه القوة الرادعة الهائلة لدى الحوثيين تنبع من التكنولوجيا المتقدمة التي اكتسبوها عبر إيران» حدّ تعبيره، مضيفاً «إلا أن نجاحهم الحقيقي لا يكمن فقط في ترسانتهم، بل في براعتهم الاستراتيجية في الخطاب الإعلامي»، حيث تمكنت صنعاء من إبقاء العدو تحت تهديد دائم وقلق وجودي مستمر.
ولفت في هذا الصدد إلى أن «الحوثيين» يعتمدون على استراتيجية «المكاسب الهامشية»، أي ضربات محسوبة لكنها ذات أثر اقتصادي ونفسي كبير على العدو، دون الدخول في مواجهات واسعة تستنزف قدرات صنعاء، وهو ما أثبت فعاليته حتى الآن.
ضربات استراتيجية
وقال تقرير منظمة (ACLED) إن عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وإلى عمق الكيان الصهيوني بدأت في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2023م واستمرت حتى يومنا هذا.
ووفقاً للتقرير فإنه وعلى مدار العام والنصف الماضيين، نفذت قوات صنعاء أكثر من 520 هجومًا عسكريًا، شملت استهداف 176 سفينة و155 ضربة دقيقة طالت مواقع حيوية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ضمن ما اعتبره التقرير تصعيدًا مدروسًا لدعم غزة ومواجهة العدوان «الإسرائيلي».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة شنت قرابة 774 غارة جوية منذ كانون الأول/ يناير 2024 ولكنها فشلت في تقليص القدرات العسكرية لأنصار الله، أو منع استمرار عملياتهم، معتبراً أن ذلك «كشف محدودية القوة الأمريكية في بيئة حرب غير تقليدية».
وجاء في التقرير «لم تُضعف الهجمات الجوية الأمريكية في اليمن ترسانة الحوثيين من الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى بشكل كامل. ووفقًا لمنطق الحرب غير المتكافئة، لا يحتاج الحوثيون إلى الكثير من الأسلحة، فبعض «الضربات الذهبية» المُوجَّهة جيدًا، أو الضربات شديدة التأثير، لاتزال قادرة على إحداث هزة في الملاحة العالمية وإشعال أزمة إقليمية جديدة».
واعتبر أن «القوة الحقيقية لردع الحوثيين لا تكمن في حجم ترسانتهم فقط، بل في قدرتهم على الحفاظ على شعور متزايد بالمخاطر».. مشيراً إلى أنه «من الواضح -على الرغم من التصريحات العلنية- أن المواجهة في البحر الأحمر لم تنتهِ بعد».
تصعيد تدريجي
ولفت تقرير المنظمة الأمريكية إلى أن صنعاء اتبعت في الحرب مع العدو الصهيوني إسناداً للشعب الفلسطيني، سياسة التصعيد التدريجي للعمليات العسكرية، بهدف إجبار «إسرائيل» وحلفائها على وقف العدوان على غزة.
وأوضح أن «الحوثيين» أعلنوا عن خمس مراحل للتصعيد، عكست هذه المراحل «توسعًا حقيقيًا في الأهداف والجغرافيا، من السفن المرتبطة بإسرائيل، إلى جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل، وصولًا إلى المصالح الأمريكية والبريطانية، وتميزت هذه المراحل بإجراءات ملموسة، بما في ذلك عملية اختطاف بارزة، وأول إغراق لسفينة تجارية، ونشر أسلحة جديدة مثل الطائرات المسيرة تحت الماء، ومواجهة عسكرية مباشرة مع القوات الغربية»، إضافة إلى الضربات بعيدة المدى في عمق الكيان الصهيوني.
وأكد التقرير أن العمليات اليمنية بالصواريخ والطائرات المسيرة إلى الأراضي المحتلة، ومعها الحرب الدائرة في قطاع غزة، كل ذلك ساهم في انخفاض حركة الطيران من وإلى مطار «بن غوريون الدولي» بنسبة كبيرة.. لافتاً إلى أن «الحوثيين» في المرحلة الخامسة من دعم غزة، اتجهوا إلى هجمات أكثر تأثيرًا ضد «إسرائيل»، ونجحوا في اختراق الدفاعات الجوية الصهيونية وضرب «تل أبيب» بطائرة «يافا» المسيرة، في أول ضربة يمنية لعاصمة العدو.
وقال التقرير إن هذه الضربة بطائرة «يافا» كشفت عن اكتساب صنعاء قدرات بعيدة المدى غير مسبوقة.
وأضاف «وأكدت الهجمات في أيلول/ سبتمبر 2024م هذا المسار، عندما استخدم الحوثيون صاروخ فلسطين-2 الأسرع من الصوت لضرب مدينتي عسقلان وحيفا، مما يدل على قفزة تكنولوجية كبيرة أخرى».
وتابع «في الواقع، أعادت الجماعة تركيز هجماتها على إسرائيل اعتبارًا من سبتمبر/ أيلول 2024، وبلغت ذروتها في تصعيد كبير بين ديسمبر/ كانون الأول 2024 ويناير/ كانون الثاني 2025 عندما شنت هجمات شبه يومية». مستطرداً «في 4 أيار/ مايو 2025، أعلن الحوثيون حصارًا جويًا شاملًا على إسرائيل، وفي اليوم نفسه، نجحوا في ضرب مطار بن غوريون».
وأكد أن هذه الضربة دفعت «العديد من شركات الطيران إلى تعليق جميع رحلاتها إلى إسرائيل. ونتيجةً لذلك، انخفضت حركة النقل الجوي في مطار بن غوريون بنسبة 13% مما عكس الاتجاه التصاعدي الملحوظ للعمليات اليمنية منذ كانون الأول/ ديسمبر 2024».
وأضاف «تُثبت هذه الحالة الأخيرة نقطةً مهمة: إن تصعيد وتيرة الهجمات لا يُعزز بالضرورة إدراك المخاطر إذا لم تُفلح. ومع ذلك، قد يكون لـ«الضربات الذهبية» تأثيرٌ كبيرٌ غير متناسب، وقد تُطلق شرارة أزمةٍ طويلة الأمد قد تستمر لأشهر».
إخفاق بمليار دولار
وتناول التقرير أيضًا عملية «الفارس الخشن» الأمريكية، التي أطلقها ترامب في 15 أذار/ مارس 2025، بتكلفة تجاوزت مليار دولار خلال أسبوعين، مؤكدًا أنها «انتهت إلى وقف إطلاق النار في 6 أيار/ مايو 2025، في ما يشبه الاستسلام غير المعلن أمام الإرادة اليمنية الصلبة».
وأشار التقرير إلى أن ترامب تبنى نهجاً «أكثر عدوانية في اليمن» بتكثيف الغارات الجوية واستهداف الأحياء السكنية، ثم روج في الأخير لوقف إطلاق النار بين صنعاء وواشنطن على أنه نجاح باهر، بالرغم من أنه لم يستطع القضاء على أي من قيادات «الحوثيين» البارزة، ومعظم الغارات الجوية أصاب مناطق سكنية ومركبات خاصة وتجمعات وبنية تحتية حكومية.
وتابع التقرير «بالإضافة إلى ذلك، كان هدف إضعاف قدرة الحوثيين بالكامل بعيدًا عن التحقق، كما يتضح من استمرار الهجمات على إسرائيل بمستويات متواصلة».. مضيفاً «في الواقع، احتفل الحوثيون بوقف إطلاق النار باعتباره استسلامًا للولايات المتحدة».
تفاعل شعبي
تقرير منظمة (ACLED) الأمريكية، تطرق أيضاً إلى الحراك الشعبي اليمني المساند للشعب الفلسطيني، حيث أفاد التقرير أن «القضية الفلسطينية تحظى بشعبية واسعة في اليمن، ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، تجاوز عدد المظاهرات المؤيدة لفلسطين التي رعاها الحوثيون بأكثر من ضعف جميع المظاهرات الأخرى المسجلة في اليمن منذ عام 2015م»، إضافة إلى ذلك، وفقاً للتقرير، عززت صنعاء عدد مقاتليها بتجنيد نحو 350 ألف مقاتل ضمن عمليات التعبئة العامة ضد العدو الصهيوني والأمريكي.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا