تقرير / لا ميديا -
في واحدة من أكثر الضربات إيلاماً لقوات العدو الصهيوني، وقعت كتيبة «نيتساح يهودا» في كمين محكم نصبه مجاهدو القسام، فتحوّل مشهد توغل القوات الصهيونية إلى جحيم موحش في ذاكرة الكيان، تناثرت فيه جثث جنوده وانهارت فيه هيبة القوة المدججة.
وبينما كان الاحتلال يظن أن الأرض محروقة في قطاع غزة، إذا بها تنفجر غضباً وتفتح فمها نيراناً تلتهم السفاحين الصهاينة.
وشهدت بلدة بيت حانون شمالي القطاع، أمس، سقوط «نخبة» من قوات الاحتلال في كمين محكم نفذته كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس، لتتحوّل الأرض إلى جحيم تحت أقدام الجنود.
بحسب بيان لقوات الاحتلال، فقد قتل خمسة من جنود وجرح 18، بعضهم حالاتهم خطيرة، بكمين في بيت حانون.
تفاصيل الكمين تؤكد أن المقاومة ما زالت تمتلك زمام المبادرة، وتقرأ تحركات العدو بذكاء وحنكة؛ إذ تشير الاعترافات الصهيونية إلى أن الكتيبة دخلت سيراً على الأقدام لـ»تطهير المنطقة»، حد وصف الاحتلال، قبل أن تقع في حقل عبوات متسلسلة، انفجرت العبوة الأولى، تبعتها الثانية عند محاولة الإنقاذ، ثم جاءت الثالثة لتجهز على من تبقى، في مصيدة من الفخاخ المتقنة المسجلة حصراً بماركة «القسام».
ولتكتمل فصول الكابوس، انهمرت النيران من داخل الأبنية، لتزيد القتلى والجرحى وارتباك الجنود وتعقيد عملية الإخلاء، وسط تهديد واضح بوقوع أسرى.
ورغم القصف الجوي التمهيدي المكثف الذي سبق توغل قوات الاحتلال في بيت حانون، أثبتت المقاومة أن لها اليد العليا ميدانياً، وأن الأنفاق لا تزال تمدّ الميدان بالمفاجآت، وأن الانهيار النفسي والارتباك التكتيكي في صفوف الاحتلال لا يمكن تداركه بقنابل الطائرات ولا باجتماعات القيادات.

أبو عبيدة للاحتلال: ستكون جنازاتكم يومية
«معركة الاستنزاف مستمرة». بهذه العبارة افتتح «أبو عبيدة»، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، بيانه عقب العملية النوعية، مؤكداً أن جنود الاحتلال باتوا أهدافاً يومية لقوى المقاومة، وأن «القرار الأكثر غباء لنتنياهو سيكون الإبقاء على قواته في غزة». 
وتوعّدت القسام بأن تشييع جثث جنود الاحتلال لن يكون حدثاً عابراً، بل واقعاً دائماً ما دام العدوان مستمراً.
وقال أبو عبيدة، في البيان، أمس، إن «معركة الاستنزاف التي يخوضها مقاتلونا مع العدو من شمال القطاع إلى جنوبه ستكبّده كل يوم خسائر إضافية»، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال «نجحت مؤخراً في تخليص جنودها من الجحيم بأعجوبة؛ فلربما تفشل في ذلك لاحقاً ليصبح في قبضتنا أسرى إضافيون».
في السياق ذاته، شهد حي الشجاعية شمال غزة، أمس، استهدافاً لقوة صهيونية وجرافة عسكرية بقذائف مضادة للدروع من نوع «الياسين 105»، وسط اشتباكات مباشرة أوقعت مزيداً من القتلى والجرحى.

60 شهيداً خلال 12 ساعة
في المقابل، كانت غزة الجريحة تدفع ثمن هذا الصمود من دمائها الزكية؛ إذ استشهد، أمس، ما لا يقل عن 60 مدنياً خلال 12 ساعة، معظمهم في مناطق وسط وجنوب القطاع، بينهم أطفال ونساء، وأعداد من المنتظرين في خطوط المساعدات التي استهدفها العدو الصهيوني بدمٍ بارد. وارتفعت الحصيلة الإجمالية للضحايا منذ 7 أكتوبر إلى 57,575 شهيداً و136,879 مصاباً، وأكثر من 12 ألف مفقود تحت الأنقاض، في واحدة من أكثر الحروب دموية في التاريخ الحديث.
كما سجلت، أمس، مجازر جديدة، منها مجزرة طالت خيمة نازحين في «أرض النخيل» بخان يونس، حيث وصل إلى مستشفى المواصي ثلاثة شهداء وأكثر من 40 جريحاً، بينهم أطفال ونساء.
ومع تصاعد العدوان، يُجبر الاحتلال آلاف السكان على النزوح من مناطق كاملة في خان يونس، مانعاً عودتهم ومهدداً بقتلهم، بزعم أنها مناطق تحولت إلى «أماكن قتال خطيرة». يطرد العدو الصهيوني النازحين من الخيام والبيوت ومن قرب المستشفيات ومن المدارس، ثم يقتلهم في أماكن أخرى، في عمليات إبادة وتهجير قسري تكشف الوجه الحقيقي لكيان الاحتلال الذي يسعى لاقتلاع الفلسطينيين من وطنهم.

كولومبيا: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام «إسرائيل»
في الخارج، تتصاعد الأصوات الشجاعة في وجه الإجرام الصهيوني، حيث دعا الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري ضد «إسرائيل»، واصفاً ما يجري بأنه «تجريد خطير للنظام القانوني من أي حماية للشعوب المستضعفة». وأكد أن العالم يقف على مفترق طرق: إما الانتصار للعدالة، وإما المشاركة في الفظائع.
وفي مقال رأي نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أضاف بيترو أنه «على مدار الـ600 يوم الماضية، شاهد العالم بنيامين نتنياهو يقود حملة تدمير في غزة، وتصعيداً للصراع الإقليمي».
وتابع: «إذا لم نتحرّك، سنصبح متواطئين في فظائع حكومة نتنياهو».
كما أكد بيترو في مقاله أنه «لا يمكن لحكومات مثل حكومتي أن تظل مكتوفة الأيدي»، مشيراً إلى التصويت في أيلول/ سبتمبر 2024 على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سياسات «إسرائيل» في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضح أن هذا القرار «حمّلنا التزامات ملموسة: تحقيقات، ملاحقات قضائية، عقوبات، تجميد أصول، ووقف الواردات والأسلحة»، حيث حدد القرار مهلة 12 شهراً لـ»إسرائيل» لإنهاء «وجودها غير القانوني دون تأخير»، لافتاً إلى أن «الوقت يمر بسرعة».