تقرير / لا ميديا -
في مشهدٍ جديد من مسلسل الجرائم الصهيونية ضدّ الفلسطينيين، استشهد طفلان في القدس المحتلة برصاص قوات الاحتلال بزعم رمي زجاجة حارقة، بينما أصيب طفل بجراح جرّاء قصف نفّذته طائرة مسيّرة للاحتلال قرب شارع السكة في حيّ الشجاعية شرقي مدينة غزة.

العدوان مستمر في غزة
في قطاع غزة لازال العدوان الصهيوني مستمراً وفق أهدافه الخبيثة رغم اتفاق وقف إطلاق النار، حيث واصلت قوات الاحتلال عمليات القصف والنسف والهدم في أنحاء متفرّقة من القطاع، غير آبهةٍ بأيّ اتفاقٍ لوقف إطلاق النار أو بندٍ من بنود القانون الدولي الإنساني.
ترافق القصف الجوي والمدفعي مع عمليات تجريف واسعة نفّذتها آليات الاحتلال جنوب شرق خان يونس، حيث دمّرت منازل المدنيين وحوّلتها إلى أنقاض، ضمن سياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها «إسرائيل» منذ بداية الإبادة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي تستهدف تدمير كلّ مقومات الحياة في غزة، من البشر إلى الحجر، ومن المدارس إلى المستشفيات.
مدير وحدة المعلومات الصحية في وزارة الصحة بغزة، زهير الوحيدي، كشف بالأرقام حجم الكارثة الإنسانية التي تعصف بالقطاع قائلاً إن “نقص الأدوية وصل إلى 56%، والمستلزمات الطبية إلى 68%، ولوازم المختبرات إلى 67%”. وأضاف أنّ “جراحات العظام تواجه نقصًا بنسبة 83%، وجراحات القلب المفتوح متوقفة بالكامل بنسبة 100%، بينما تعاني خدمات الكلى ومثبتات العظام من عجز بنسبة 80%”.
هذه الأرقام المروعة تُظهر أن الاحتلال لا يكتفي بالقتل المباشر، بل يقتل ببطء من خلال الحصار، والتجويع، ومنع الدواء والماء عن أكثر من 2.4 مليون إنسان محاصرين في مساحة لا تتجاوز 365 كيلومترًا مربعًا.
وفي الوقت الذي سلّمت فيه سرايا القدس وكتائب القسام جثة أسير صهيوني تم العثور عليها في خان يونس، خرج من يسمى «وزير الحرب الإسرائيلي» يسرائيل كاتس بتصريحات تمهيدية لمرحلة طويلة من العدوان على غزة، إذ قال عبر منصة «إكس»: «حتى النفق الأخير. أمرتُ جيش الدفاع الإسرائيلي بتدمير وإبادة كل أنفاق الإرهاب في غزة. إن لم تكن هناك أنفاق، فلن تكون هناك حماس» حد افترائه.

تآكل قوات الاحتلال
بعد عامين من العدوان الوحشي على غزة، أعلن الاحتلال تقليص عدد جنوده الاحتياطيين في غزة والضفة والشمال، برغم مخططاته ونواياه الخبيثة في مواصلة الاحتلال وتوسيعه.
لكن طموحات الاحتلال تصطدم بتآكل قدرته العسكرية البشرية والمعنوية. فقد أكد مسؤول عسكري أن قوات الاحتلال ستخفض آلاف الجنود الاحتياطيين «لتخفيف العبء عن المنهكين»، فيما اعترف جنود كثر بحالة الإنهاك النفسي والبدني جراء الخدمة الطويلة في «حربٍ» لم تعد تملك «إسرائيل» فيها أفقًا للنجاة.

حرب الغذاء والدواء
رغم «اتفاق وقف إطلاق النار»، يواصل الاحتلال خنق قطاع غزة من خلال منع دخول المساعدات. فوفق تقريرٍ إحصائي، لم يسمح الاحتلال إلا بدخول 4453 شاحنة من أصل 15,600 كان يفترض دخولها منذ بدء الهدنة، بنسبة لا تتجاوز 28%.
كما يمنع إدخال أكثر من 350 صنفاً من الأغذية والمواد الأساسية، منها اللحوم، والبيض، ومشتقات الألبان، والمكملات الغذائية، وحتى المستلزمات الخاصة بالنساء الحوامل والأطفال المرضى. هذه السياسة ليست مجرد تضييق، بل هي إبادة بطيئة ترمي إلى تركيع شعبٍ كامل تحت الجوع والعطش والمرض.

الحية: غزة نيابةً عن الأمة
وفي كلمةٍ قوية خلال المؤتمر القومي العربي في بيروت، قال رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة، خليل الحية، إنّ غزة اليوم «تنادي الأمة»، مؤكداً أن طوفان الأقصى كان «رد اعتبارٍ لكل عدوان، وردًا على محاولات طمس القضية الفلسطينية»، وأن السابع من أكتوبر «أعاد رسم السردية الحقيقية للصراع، وكشف زيف الرواية الإسرائيلية».
وأضاف الحية: «غزة الجريحة اليوم لكنها العظيمة، غزة التي تبحث عن الحياة بين الركام، لن تنكسر، وستواصل طريقها نحو تحقيق أهدافها الوطنية المشروعة».
ودعا إلى إبقاء العدو في دائرة الملاحقة القانونية، واستثمار حالة التضامن الدولي المتنامية مع الشعب الفلسطيني.

النخالة: سلاحنا ما زال بأيدينا
من جانبه، أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة أن المقاومة في غزة خرجت من هذه المعركة وسلاحها بأيديها، مشيرا إلى أن «إسرائيل قاتلتنا بتحالفٍ دوليّ تقوده الولايات المتحدة»، لكنها فشلت في كسر إرادة غزة.
وقال النخالة في كلمة له خلال المؤتمر القومي العربي ببيروت، إن القسام وسرايا القدس خاضوا معركة الدفاع ضد العدو الصهيوني خلال الإبادة جنبا إلى جنب ما أثمر صموداً كبيراً.
وأضاف أن الكيان «لم يستطع رفض خطة ترامب، لأنه يبحث عن مخرجٍ من أزمته الميدانية»، في إشارة إلى عمق المأزق الصهيوني السياسي والعسكري.
وشدد النخالة على أن وحدة الفصائل الفلسطينية كانت العامل الحاسم في هذه المواجهة، مشيرا إلى أن مشهد الانصهار الكامل بين سرايا القدس وكتائب القسام وسائر قوى المقاومة في الميدان، شكّل نموذجًا غير مسبوق في تاريخ العمل الوطني الفلسطيني.

الضفة والقدس.. مشهد مواز للدم والقتل
في الضفة الغربية، استشهد الطفلان محمد عبدالله تيم (16 عامًا) ومحمد رشاد فضل قاسم (16 عامًا) بعدما أطلقت قوات الاحتلال وابلاً من الرصاص الحي عليهما في بلدة الجديرة قرب القدس، قبل أن يحتجز جثمانيهما.
وزارة الصحة الفلسطينية أكدت أن الاحتلال قتل الطفلين ميدانيًا، بينما حاول العدو التغطية على الجريمة بادّعاء أنهما ألقيا زجاجات حارقة، في تكرارٍ لمسرحياته الدموية لتبرير القتل العمد.
وفي الوقت ذاته، واصلت قوات الاحتلال حملات الاعتقال الواسعة في القدس وبيت لحم، وداهمت عشرات المنازل واعتدت على سكانها بالضرب والإهانة، بينما وثّق مركز «معطى» أكثر من 6870 انتهاكاً خلال شهرٍ واحد فقط في الضفة والقدس، بينها 14 شهيداً و659 اعتقالاً و1500 عملية اقتحام.