تقرير / لا ميديا -
في فصل جديد من الفظائع الصهيونية التي لا تنتهي، شنّت قوات الاحتلال، أمس الجمعة، قصفا مدفعيا وغارات جوية جديدة على خان يونس جنوبي قطاع غزة، وعلى بيت لاهيا ومدينة غزة شمالي القطاع، في وقت يعيش فيه النازحون واحدة من أحلك مراحلهم الإنسانية، بعدما أغرقت مياه الأمطار خيامهم الهشة وحوّلت أماكن لجوئهم إلى برك من الوحل والعذاب.
المشهد الذي تتقاطع فيه نيران الاحتلال مع الظروف الجوية القاسية، يكشف حجم المأساة التي يتعرض لها شعب غزة تحت حصار مزدوج: حصار القنابل من السماء، وحصار الإهمال المتعمد من العدو الصهيوني والعالم الذي يتواطأ منذ بدء الإبادة.

69 ألف شهيد في غزة
ومنذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ارتفع عدد الشهداء إلى 260 شهيدًا، إضافة إلى 632 إصابة. كما تم انتشال 533 ضحية من تحت الركام خلال الأسابيع الماضية، ليرتفع العدد الكلي للإبادة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى رقم مرعب: 69,187 شهيدًا و170,703 إصابات.

غزة كارثة إنسانية مفتوحة
من جهتها أكّدت وكالة «الأونروا» للتلفزيون العربي أن المنخفض الجوي ستكون له تداعيات كارثية على مئات آلاف النازحين الذين يعيشون في خيام لا تصلح أصلًا للوقوف في وجه الشمس، فكيف بعواصف الشتاء. وتحدثت الوكالة عن تحركات دولية لمحاولة الضغط على الاحتلال للسماح بدخول المساعدات، لكنها اعترفت بوضوح أن ما يدخل من شاحنات “غير كافٍ بأي شكل”، وأن ما يحتاجه القطاع هو “شهور ومئات الشاحنات” فقط لإيقاف الانهيار الإنساني المتسارع.

حماس: المخيمات تتحول إلى برك وحل
بدورها قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس إن ما يحدث في المخيمات بعد الأمطار “يجسد عمق المأساة التي صنعها الاحتلال”، إذ أغرقت المياه خيام النازحين، ودمّرت ما تبقى لهم من احتياجات أساسية، لتتحول مناطق الإيواء إلى مستنقعات، وتجد آلاف الأسر نفسها بلا أي مأوى يحميها من برد الشتاء.
وأكدت الحركة أن الاحتلال يواصل المماطلة في السماح بدخول المساعدات والخيام والكرفانات، مطالبة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالتحرك الفوري لإرسال الإمدادات، وتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة.

الاحتلال يمنع دخول رئيس وزراء النرويج
في خطوة تكشف العقلية الانتقامية للاحتلال، أفادت وسائل إعلام نرويجية بأن رئيس وزراء الكيان المجرم بنيامين نتنياهو رفض منح رئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره تصريح دخول للأراضي المحتلة لإجراء محادثات، فقط لأنه أعلن مواقف رافضة للإبادة الجارية في غزة.
ورغم أن ستوره كان يسعى لزيارة رسمية عقب تثبيت وقف إطلاق النار، إلا أن الاحتلال قرر منعه لأسباب سياسية بحتة، في مشهد يفضح منطق الابتزاز الذي يمارسه الكيان حتى مع الدول التي تحاول الوساطة.

الجهاد الإسلامي: الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية في الضفة
على جبهة الضفة الغربية المحتلة، اتهمت حركة الجهاد الإسلامي الاحتلال بارتكاب جريمة إعدام ميداني بعد قتل الشهيدين في بيت أمر بالخليل واحتجاز جثمانيهما. كما وصفت الحركة مصادقة المحكمة العليا على تهجير أهالي قرية رأس جرابة في النقب بأنها “دليل جديد على أن الجهاز القضائي في الكيان ليس سوى ذراع للبطش والتنكيل”.
وأضافت الحركة أن سياسات الاحتلال هي “تصعيد خطير وممنهج” يتطلب تصعيد المقاومة بكل أشكالها لردع هذه الجرائم.
في ذات السياق، الأرقام الأممية ترسم لوحة أخرى من الألم حيث قالت الأمم المتحدة، إنه بين 4 و10 نوفمبر، قتلت قوات الاحتلال 4 فلسطينيين في الضفة، بينهم 3 أطفال.
وبينت في تقرير أن عدد الأطفال الذين قتلتهم «إسرائيل» منذ يناير 2025 بلغ 45 طفلًا.
وذكر التقرير إصابة 30 فلسطينيًا خلال أسبوع في هجمات الغاصبين.
ووفق التقرير تم تهجير 1500 فلسطيني بسبب الهدم بحجة “عدم وجود تصاريح”، وأظهرت صور الأقمار الصناعية تدمير أو تضرر 1,460 مبنى في مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم.

25 دولة ساهمت في وقود الإبادة
كشفت منظمة «أويل تشينغ إنترناشونال» في تقرير صادم عن تورّط واسع لعدد من الدول في تغذية آلة الحرب الصهيونية عبر تزويدها بالنفط خلال الفترة ما بين الأول من نوفمبر 2023 والأول من أكتوبر 2025، مؤكدة أن ما لا يقل عن 25 دولة شاركت بشكل مباشر في دعم العمليات العسكرية من خلال ضخّ شحنات نفطية ضخمة كان الاحتلال يعتمد عليها لإدامة حربه على غزة.
وقالت المنظمة في تقرير لها إن تلك الدول زودت الاحتلال بالوقود بالفترة بين الأول من نوفمبر 2023 والأول من أكتوبر 2025، مشيرة إلى أنها فعلت ذلك وهي على دراية تامة بفظائع الاحتلال في غزة، مما يجعلها متهمة بالتواطؤ في الإبادة الجماعية.
ووفقًا لتحليل شركة «داتا ديسك»، فقد تم تسجيل 323 شحنة بلغ مجموعها 21.2 مليون طن من النفط الخام والمنتجات المكررة، وهو رقم يفضح حجم المشاركة الدولية في استمرار الإبادة. وتصدّرت روسيا واليونان والولايات المتحدة قائمة مورّدي المنتجات النفطية المكررة، في حين احتكرت الولايات المتحدة تزويد الاحتلال بوقود الطائرات العسكرية من نوع JP-8 المستخدم في القصف الجوي. وفي جانب النفط الخام، جاءت تركيا في المرتبة الأولى عبر شحنات نفط أذري تجاوزت 7.1 مليون طن، تلتها روسيا كمنفذ لصادرات كازاخستان ثم الغابون ونيجيريا والكونغو والبرازيل ومصر.
ولم تكن السعودية بعيدة عن هذا الخط، إذ شاركت عبر تصدير شحنات من المنتجات النفطية المكررة بلغت 29,327 طنًا، في خطوة تُعدّ جزءًا من سلسلة إمدادات ساهمت بصورة مباشرة في استمرارية العمليات العسكرية للعدو الصهيوني، ما يجعلها إحدى الدول التي حمّلها التقرير مسؤولية التواطؤ في الإبادة بحكم مشاركتها في سلسلة التزويد النفطي، سواء عبر شحنات مباشرة أو عبر عمليات تجارة الطاقة التي غذّت محركات الحرب طوال عامين من الدمار في غزة.
وقد حذّرت المنظمة من أن جميع الدول المتورطة “تخاطر بأن تُعتبر شريكة في الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي واتفاقية منع الإبادة”، مؤكدة أن العالم يشهد اليوم واحدة من أوضح صور التورط الدولي في حرب تُرتكب على مرأى ومسمع الجميع بينما الوقود الذي يشغّل طائرات الاحتلال وسفنه ودباباته يأتي من دول تمارس النفاق السياسي منذ بدء الإبادة.