تقرير صهيوني:البحرية «الإسرائيلية» لا تستطيع مواجهة قوات صنعاء
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
عادل بشر / لا ميديا -
في خطوة تعكس ذروة القلق داخل المنظومة الأمنية "الإسرائيلية" من تنامي قدرات صنعاء العسكرية، وبينما تُعِدّ "تل أبيب" خططاً لمواجهة ما تصفه بـ"الخطر اليمني المتصاعد" على أمنها ومصالحها، دعا تقرير صهيوني كيان الاحتلال إلى اتخاذ خطوات عاجلة في عملية تحديث أسطوله وقواته البحرية، قبل الخوض في أي معركة جديدة مع صنعاء.
التقرير، الذي نشرته، أمس، صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل"، بعنوان "تركيز إيران المتجدد على الحوثيين يتطلب تحركاً إسرائيلياً"، وبقدر ما تضمنه من تحريض لافت على اليمن، من خلال تشديده على التحرك ضد صنعاء، اعتبر أن التطور السريع للقدرات البحرية والصاروخية اليمنية "يُشكل تهديداً لا يمكن احتواؤه بالوسائل التقليدية التي اعتمدتها إسرائيل لعقود". إلا أن اللافت في هذا التقرير هو الاعتراف الصريح بعجز القوة البحرية "الإسرائيلية" وضرورة إعادة هيكلتها بالكامل لتكون بمستوى مواجهة صنعاء.
وأوضح التقرير أنه "لمواجهة الحوثيين، يجب على إسرائيل إعطاء الأولوية لتحديث أسطولها البحري"، مؤكداً أن "البحرية الإسرائيلية، التي تضم طرادات وغواصات وزوارق صواريخ، لا تستطيع إبراز قوتها بشكل كافٍ عبر البحر الأحمر وشبه الجزيرة العربية".
وأشار إلى أن هذا التحديث ينبغي أن يشمل "المزيد من الأفراد والمدمرات وحاملات الطائرات"؛ لأن غياب هذه القطع الكبرى يجعل البحرية "الإسرائيلية" غير قادرة على خوض عمليات بعيدة المدى أو فرض وجود عسكري فعال خارج خليج العقبة.
ووفقاً لمراقبين فإن هذا الإقرار يحمل دلالات استراتيجية مهمة، خاصة أنه يأتي بعد قرابة العامين من العمليات الأمريكية والبريطانية وحلفائهما، التي استهدفت اليمن إثر خوض صنعاء المعركة ضد الكيان الصهيوني إسناداً لغزة جراء حرب الإبادة الجماعية التي شهدها القطاع منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وكان أن انتهى العدوان الأمريكي البريطاني إلى نتيجة واضحة: "فشل تلك الأساطيل العملاقة في تقويض القدرات البحرية اليمنية أو الحد من عملياتها العسكرية المساندة للشعب الفلسطيني".
كما أن هذا الاعتراف، بحسب مراقبين، ينسجم مع المعطيات التي برزت خلال الأشهر الماضية، إذ تحول البحر الأحمر إلى نقطة ضعف لـ"إسرائيل" بعد أن نجحت قوات صنعاء في فرض معادلة ردع مائية وجوية غير مسبوقة، شلّت ميناء أم الرشراش "إيلات" وأجبرت شركات الملاحة العالمية المرتبطة بالكيان الصهيوني على تغيير خطوطها، وهو ما فشلت واشنطن ولندن في تغييره رغم تنفيذ مئات الضربات.
ضغوط لوجستية
صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" لفتت في تقريرها إلى نقطة أخرى شديدة الحساسية، وهي أن أي ضربة جوية "إسرائيلية" ضد اليمن تتطلب قطع مسافة تتجاوز 1200 ميل، ما يضع ضغوطاً لوجستية هائلة على سلاح الجو الصهيوني. وبالتالي، ترى الصحيفة الصهيونية أن الحل الوحيد لتجاوز هذه المشكلة هو توسيع الأسطول البحري ليشمل حاملات طائرات ومدمرات يمكن أن تعمل كنقاط انطلاق أقرب إلى الساحل اليمني.
ويرى خبراء أن هذا الطرح بحد ذاته يعكس حجم القلق داخل المؤسسة "الإسرائيلية"، فهو يعني أن "تل أبيب" باتت تدرك أن الهجوم على اليمن لم يعد قابلاً للتنفيذ من دون تغيير جذري في عقيدة قوات الاحتلال البحرية والجوية، وهو تغيير يتطلب سنوات طويلة وموازنات مالية ضخمة، في وقت يعيش فيه الكيان أسوأ أزماته الاقتصادية والسياسية منذ 1948.
رهان على المرتزقة وأوراق أبوظبي
بعد اعترافها بالعجز البحري، تنتقل "ذا تايمز أوف إسرائيل" إلى خيارات إضافية، أبرزها دعم فصائل المرتزقة الموالين لدويلة الإمارات (مليشيات عيدروس الزبيدي وطارق عفاش) وتزويدها بأسلحة نوعية وطائرات مسيّرة.
ودعت الصحيفة العبرية الكيان الصهيوني إلى استغلال علاقته مع الامارات للوصول إلى مهبط الطائرات المبني حديثاً في جزيرة زقر على البحر الأحمر، لتنفيذ مهام استطلاعية وضربات جوية ضد قوات صنعاء.
وتؤكد هذه النقطة ما سبق أن كشفته تقارير عدة حول تعزيز الإمارات وجودها العسكري في الجزر اليمنية الواقعة تحت سيطرة مرتزقتها، بما في ذلك تشييد مدارج ومنشآت عسكرية في ميون وسقطرى وعبد الكوري وزقر، لتكون تلك القواعد منصات تعمل لصالح الحلف الأمني "الإسرائيلي–الإماراتي" في البحر الأحمر، ضد صنعاء.
في السياق ذاته، وضمن مساعي الكيان للحصول على موطئ قدم في البحر الأحمر، دعا تقرير الصحيفة العبرية حكومة الاحتلال إلى الاعتراف بـ"أرض الصومال" كجمهورية منفصلة عن الصومال، وضمّها إلى اتفاقيات إبراهام، مشيراً إلى أن ذلك "أمر بالغ الأهمية، نظراً لموقعها الاستراتيجي على خليج عدن بالقرب من مضيق باب المندب".
ولفت إلى أن من شأن إنشاء قاعدة جوية وبحرية "إسرائيلية" في "بربرة" أن يوفر موقعاً متقدماً لعمليات مراقبة نشاط صنعاء وتحسين جمع المعلومات الاستخبارية ضد اليمن، وهو ما تسعى "إسرائيل" جاهدة لتحقيقه، بدعم إماراتي، وزادت تلك المساعي بعد الحرب على غزة أواخر 2023، ودخول صنعاء المعركة ضد كيان الاحتلال، مستخدمة موقعها الجغرافي لإغلاق البحر الأحمر في وجه الملاحة الصهيونية، إلى جانب استهداف عمق الكيان بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.
وسبق أن أجمعت تقارير عبرية وإنجليزية على أن القاعدة العسكرية "الإسرائيلية" في أرض الصومال تأتي مقابل اعتراف "تل أبيب" بـ"هرجيسا" عاصمة لأرض الصومال، غير المعترف بها دولياً، فيما تشير التقارير ذاتها إلى أن الإمارات، التي تحتفظ بقاعدة عسكرية وتجارية في ميناء بربرة بأرض الصومال منذ العام 2017، تقوم بدور الوسيط بين "إسرائيل" وأرض الصومال، حول القاعدة المحتملة، وتشارك في تمويل إنشائها.
ارتباك "إسرائيلي"
في المحصلة فإن دعوة الصحيفة العبرية إلى بناء حاملات طائرات "إسرائيلية" وتوسيع الأسطول البحري وتوظيف قواعد الإمارات في البحر الأحمر، تكشف حجم الارتباك الذي يعيشه الكيان. فـ"إسرائيل"، التي كانت تمتد أذرعها العسكرية من المتوسط إلى الخليج، أصبحت اليوم محاصرة بمعادلة فرضتها قوة صنعاء، التي أثبتت أنها قادرة على قطع تلك الأذرع، وقلب معادلة الردع من دون الحاجة إلى أساطيل جوية وبحرية عملاقة.










المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا