تقريرر / لا ميديا -
دخل قطاع غزة أمس، يومه السابع والثلاثين من وقف إطلاق النار، لكن الوقائع الميدانية تُظهر أن “التهدئة” ليست سوى غطاء لمرحلة جديدة من الجريمة الصهيونية الأميركية. فوزارة الصحة في غزة أعلنت أن المستشفيات استقبلت خلال 72 ساعة فقط 17 شهيداً، بينهم اثنان استشهدا حديثاً و15 جرى انتشالهم من تحت الركام، إضافة إلى ثلاثة جرحى، ما يجعل “وقف النار” مجرد عنوان خداعي في وقت تستمر فيه آلة الاحتلال بقتل المدنيين من خارج العناوين الرسمية للعدوان.
ووفق بيانات الوزارة، ارتفع عدد الشهداء منذ بدء وقف إطلاق النار إلى 266، والإصابات إلى 635، فيما ما زالت 548 جثة انتُشلت من تحت الأنقاض، مع تأكيد أنّ هناك عدداً غير معلوم من الضحايا ما زالوا في الشوارع وتحت الركام، ولا يمكن الوصول إليهم بسبب الحصار الذي يخنق الدفاع المدني والإسعاف.
أما حصيلة العدوان منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فبلغت 69,483 شهيداً و170,706 جرحى.
وجددت الطائرات الصهيونية أمس خرق التهدئة بقصف مناطق شرق غزة وخان يونس، وأطلقت الآليات العسكرية النار شمال شرقي رفح، في رسالة واضحة بأن الاحتلال يعتبر وقف النار مجرد فرصة لإعادة التموضع وتثبيت واقع السيطرة، وليس التزاماً فعلياً.

وفاة 900 فلسطيني بالحصار الطبي
وفي السياق الصحي، أكدت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 900 مريض توفوا بسبب الحصار الصهيوني الذي منع الإجلاء الطبي، بينما ينتظر نحو 16,500 مريض، بينهم أربعة آلاف طفل مصير مشابه بسبب استمرار الحصار، بعد رفض العدو الصهيوني منح موافقة تسمح لهم بالعلاج خارج القطاع.
الى ذلك يعيش قطاع غزة كارثة متصاعدة، حيث يعاني عشرات الآلاف من النازحين في خيام بالية انهارت مع أول موسم للمطر، بينما الدفاع المدني يؤكد أن الاحتلال يمنع إدخال الخيام الجديدة، وأن ما وصل من مساعدات لا يغطي سوى 15% من الاحتياجات الأساسية، في واحدة من أوضح صور التجويع الممنهج المحمي أميركياً.

حماس: تسلّمنا قائمة بـ1468 أسيراً من غزة
من جهتها أكدت حركة المقاومة الإسلامية -حماس، أمس، أنّها تسلّمت بعد شهرٍ من التواصل عبر الوسطاء، قائمة تضم أسماء 1468 أسيراً من أبناء قطاع غزة داخل سجون الاحتلال، لافتةً إلى أن مكتب إعلام الأسرى قرر الإعلان عن القائمة عبر منصاته الرسمية.
وشدّدت الحركة في بيانها على أنّ الاحتلال الصهيوني يتحمّل كامل المسؤولية عن حياة جميع الأسرى والمعتقلين، وعن أي تلاعب أو خلل في القائمة التي قدّمها، معتبرةً أنّ الاحتلال ما زال يخفي قسراً في سجونه أعداداً أخرى من الأسرى ويرفض الإفصاح عنها حتى اللحظة.
كما دعت الحركة الوسطاء إلى ممارسة الضغط على الاحتلال للكشف عن جميع الأسرى والمعتقلين، وضمان حقوقهم.

أمريكا تدير الحرب السياسية
سياسيا، يعقد مجلس الأمن اليوم، جلسة حول مشروع القرار الأميركي المتعلق بخطة الرئيس ترامب، والتي تتعامل مع غزة بوصفها ملفاً أمنياً قابلاً للتقسيم والإدارة الدولية، لا كأرض محتلة لشعب له حقوق سياسي.
وفي المقابل أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن أي ترتيبات دولية يجب أن تمنع استئناف العدوان وتضمن انسحاباً كاملاً من القطاع، وأن قوات حفظ السلام -إن دخلت- يجب أن تكون مهمتها منع الاحتلال من العودة، وليس إدارة حياة الفلسطينيين أو سحب القرار من أيديهم.

مخطط أمريكي لتمزيق غزة
في سياق المؤامرات الأمريكية على غزة، كشفت الوثائق الدبلوماسية المسربة والتقارير الغربية المتقاطعة ما يحاول صناع الجريمة في واشنطن إخفاءه خلف لغة ديبلوماسية لامعة.
وتكشف صحيفة “ذا غارديان” عن وثائق عسكرية أميركية تضع خطة لتقسيم غزة إلى منطقتين: “خضراء” تحت رقابة دولية -إسرائيلية، و“حمراء” تُترك في حالة دمار، وهو مشروع تفتيت واضح يعيد إنتاج الاحتلال بأسلوب جديد: احتلال بلا جنود، ولكن برقابة كاملة على الأرض والحدود والإعمار، بهدف كسر أي إمكانية لعودة قوة فلسطينية موحدة في المستقبل.
ووفق صحيفة الغارديان البريطانية فإن الولايات المتحدة لا تبحث عن “حلّ” لغزة، بل عن هندسة واقع مشوّه يضمن بقاء القطاع مفككاً وقابلاً للتحكم لعقود.
الخطة الأميركية، التي تُسوّق كتصوّر لمرحلة «ما بعد الحرب»، ليست سوى مشروع اقتطاع ممنهج للقطاع وتحويله إلى سلسلة كيانات هزيلة تُدار أمنياً تحت وصاية دولية تشرف عليها واشنطن بعيون «إسرائيل».
ووفق الصحيفة الخطة تعتمد على خلق “مربعات سكانية” يتم تجريدها من القدرة على التواصل الداخلي، بما يشبه محميات معزولة، يتم فيها ضبط السكان وإخضاعهم عبر منظومة معونات مشروطة. ونقلت الصحيفة عن مصادر أوروبية إن واشنطن تسعى إلى ضمان أمن «إسرائيل» أولاً، عبر سحق أي إمكانية لوجود كيان فلسطيني موحد. والخطير أن هذا المشروع يُقدّم للعالم باعتباره خطوة نحو “السلام”، بينما جوهره هو توسيع السيطرة وشرعنة التفتيت.

المغرب.. ورشة تصنيع صهيونية
على صعيد آخر يعمق النظام المغربي اندفاعه غير المسبوق نحو التطبيع العسكري مع العدو الصهيوني إلى درجة تُظهر، بحسب موقع «غلوبس» وتقارير «ديفنس بوست»، انتقالاً من علاقة تعاون إلى ارتهان شبه كامل لمنظومة الصناعات الحربية «الإسرائيلية». افتتاح شركة «بلو بيرد» منشأة لإنتاج طائرات «سبايكس» الانتحارية في بنسليمان لا يعكس مجرد استثمار أجنبي، بل يؤسس لمرحلة يصبح فيها التراب المغربي منصة إنتاج لأسلحة تُستخدم في ساحات حروب العدو الصهيوني.
والمثير أنه، وفق المصادر «الإسرائيلية» ذاتها، بدأ تدريب مهندسين مغاربة على تجميع وصيانة هذه الطائرات، ما يعني دمج التكنولوجيا «الإسرائيلية» مباشرة مع الجيش المغربي.
وتشير المعطيات إلى توسع هائل في منظومة التسلح «الإسرائيلية» داخل الجيش المغربي، من أقمار «أوفيك 13» إلى منظومات الدفاع «باراك 8» و»سبايدر»، والمدفعية «أتموس»، وصولاً إلى صواريخ «إكسترا» الموجهة. هذا التوسع لا يأتي بدافع الحاجة الدفاعية، بل بموجب ما يصفه الإعلام الصهيوني بأنه «تحوّل المغرب إلى أحد أهم أسواقها العسكرية»، خصوصاً مع تراجع التعاون الدفاعي مع باريس. وفي ظل رفع الرباط ميزانية الدفاع لعام 2026 إلى رقم غير مسبوق يبلغ 15.7 مليار دولار، تصبح «إسرائيل» المستفيد الأكبر من هذه الطفرة المالية.