تقرير / لا ميديا -
لأنها جماعة طفيلية اعتاشت على فائض قوة الخارج، فإنها تتعرى عند أول تبدّل في المزاج الإقليمي وإعادة رسم لمسرح الاحتلال. تلك هي جماعة الخونج على امتداد تاريخها، ولم يكن خروجها من حضرموت والمهرة سوى كشف عن إفلاس سياسي وتنظيمي، وعن كونها "ملطشة" للتحالف، تُقاد بالأوامر من غرف الرياض، وتُجبَر على تبرير هزائمها بخطاب وطني زائف لا يقنع أحداً.
تكشفت الأحداث الأخيرة، التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة المحتلتان من هزيمة مدوية لخونج التحالف على يد مرتزقة الاحتلال الإماراتي، عن غياب شيء اسمه القرار المستقل، والذي ظلوا يتشدقون به طيلة السنوات السابقة. فالخونج لم يُبدوا أي قدرة على المقاومة، واكتفوا بالانسحاب الصامت، كما فقدوا الحاضنة الشعبية التي كانت تراهن على خطابهم الديني والسياسي، بعد انكشاف دورهم الطفيلي في جني الأموال والامتيازات.
بحسب محللين سياسيين، فإن الأحداث الأخيرة تثبت أن القرار الفعلي يُصنع في غرف الرياض، ويُنفذ بأدوات ارتزاق أكثر انضباطاً، بينما الخونج، الذين اعتاشوا على التمويل الخارجي، لم يعودوا سوى طبقة خطابية تُستدعى لتبرير التحركات، بلا قدرة على تشكيل مسارات القوة أو الاعتراض عليها.
وأكد المحللون السياسيون أن ما حدث في حضرموت والمهرة هو إعلان إفلاس الخونح كقوة سياسية وعسكرية، وتحولهم إلى واجهة دعائية بلا فعل، تُقاد بالأوامر وتُقصى بلا مقاومة.

الإعلام الخونجي وتباكي الهزيمة
الإعلام الخونجي بدوره قدّم الجماعة كضحية مؤامرة دولية لاستدرار التعاطف الشعبي؛ لكنه أخفى الحقائق المتعلقة بالسيطرة على ما يسمى "اللواء 23 ميكانيك" في "العبر"، وانتشار فصائل الاحتلال الإماراتي في وادي حضرموت، واكتفى بالحديث عن تنسيق وطني، فيما ضخّ مفردات الوطنية والسيادة لتغطية عجزه؛ لكن هذا الخطاب لم يعد قادراً على إقناع الشارع.
حاول ذلك الإعلام تغليف الهزيمة المدوية لجماعته في الجنوب المحتل باعتبارها إعادة ترتيب لما سماه "الصف الوطني" أو "توحيداً للجهود". لكن ما حدث كان في الحقيقة إقصاءً كاملاً لهم من المشهد. فرغم رفع شعارات السيادة والوحدة الوطنية، إلا أن ذلك لم يكن سوى محاولة لتغطية حقيقة أنهم استجابوا للأوامر الخارجية دون اعتراض، فيما ضخّموا الحديث عن معركة فاصلة مقبلة وكأنهم جزء من مشروع وطني، بينما هم مجرد أداة مستهلكة أصبحت خارج الحسابات بالنسبة لتحالف الاحتلال.

أدوات مهانة بيد الرياض
المحللون السياسيون أوضحوا أن كل ما جرى من إعادة انتشار وتسليم مواقع تم وفق أوامر صادرة من سلطات الرياض، ما يثبت أن الخونج مجرد منفذين بلا وزن، وقبولهم بهذه الأوامر دون مقاومة أو احتجاج علني جعلهم أداة مهانة تُستخدم حين الحاجة ويُقصون حين تنتهي وظيفتهم.
خلاصة القول أن جماعة الخونج، التي طالما زعمت أنها قوة وطنية بديلة، وجدت نفسها تُقاد بالأوامر من غرف الرياض، وتُجبَر على تبرير هزائمها بخطاب زائف لا يقنع أحداً، لتتحول إلى مجرد "ملطشة" للتحالف وواجهة تُستخدم ثم تُستبدل بلا مراسم ولا أسف. وما محاولاتها إضفاء بعد وطني على هزيمتها سوى تباكٍ إعلامي يفضح عجزها أكثر مما يستر عمالتها.

الكيان الصهيوني لاعب أساسي
المشهد برمته يفضح حقيقة دور الاحتلال السعودي والإماراتي كأدوات وظيفية لصالح المشروع الأمريكي البريطاني "الإسرائيلي"، ويؤكد أن حضرموت تشكل العقدة الأكبر في صراع السيطرة على الثروات والموقع.
فتحريك دويلة الإمارات لأدواتها من فصائل طارق عفاش والزبيدي والمحرمي إلى حضرموت في مواجهة مرتزقة السعودية لا يعكس مجرد صراع سعودي–إماراتي على النفوذ، بل يدخل في سياق سيناريوهات مرتبطة بتغيرات إقليمية كبرى، وصولاً إلى نتائج الحرب على غزة ونصرة فلسطين.
غير أن هذه المخططات، مهما بدت محكمة، تحمل بذور فشلها؛ إذ ستؤدي إلى نتائج عكسية تُسرّع وحدة اليمنيين في الشمال والجنوب لمواجهة الغزاة وخوض معركة التحرير الثانية.
هذا كله يوضح أن ما يبدو صراعاً بين مرتزقة الإمارات والسعودية في حضرموت هو في جوهره تسريع للسيطرة على مناطق الثروات والموقع، ضمن مشروع أمريكي بريطاني صهيوني متجدد.
فالكيان الصهيوني أصبح لاعباً أساسياً إلى جانب الأمريكي والبريطاني ووكلائهم الإقليميين، وتحديداً السعودي والإماراتي، اللذين عادا لدورهما الوظيفي التمويلي والتنفيذي.
ومنذ بداية العدوان عام 2015 كان الكيان الصهيوني حاضراً، وأكد قادته أهمية تلك الحرب بالنسبة لهم، وهو ما انسجم مع تصريحات ضباط سعوديين متصهينين أمام منظمات اللوبي الصهيوني. واليوم لم يعد الدور الاستخباراتي الصهيوني خفياً، بل صار معلناً، فيما المرتزقة لا يخجلون من الارتباط به.