«لا» 21 السياسي -
هناك ارتباك في المواقف، وغياب للمعلومات الدقيقة، لا يسمحان بتشخيص واضح لما يجري في اليمن جنوباً، خاصةً في حضرموت والمهرة. تلك علة بينة تعاني منها معظم المحاولات التحليلية للأحداث المتلاحقة والمتسارعة، وصار لهاث الأنفاس التشخيصية عناء يتضح عند أغلب الساعين وراء تشريح الجثة القصصية المعروضة ليل نهار على شاشات الفضائيات وسكرينات التواصل الاجتماعي.
رغم ذلك فلا يمكن التسليم بالعجز الذي دفعت إليه الفواعل المتآمرة والمتحكمة باتجاهات الريح الإقليمية وطواحين الهواء الجهوية جنوب الرمل وشرق التراب.
فثمة اختراقات تصحيحية وتصويبية برزت خلال الأيام القليلة الماضية من وسط كل هذا الكوم الهائل من سرديات الجاز والقاز والغاز التضليلية. ولقد تابعتُ المئات من قراءات خرجت من خلف الشمس، ومن كتابات أُخرجت من بين ركام الظلال وأصابع الضلال، استهدفت الوعي اليمني الجمعي، وهدفت إلى كي ذلك الوعي مجدداً بمتواليات الخدع الاستخبارية ومتتاليات المخادعات المخابراتية، ورامت التصويب من جديد على جبهة النفاذ المتسعة نضجاً جماهيرياً فاقهاً الحقائق المتوزعة دماً وألماً من أقصى الأرض المباركة وحتى أدنى درجات السُّلم اليمني المقدس.
مقدمة كهذه كانت ضرورية للاعتراف تالياً بفشلي في ادعاء سبر غور إضبارة التحليل والإتيان بما لم تستطعه الأوائلُ. غير أن في ما يلي قراءات متصلة منفصلة للحدث اليمني اليوم ارتأيت مشاركتها معك أيها القارئ العزيز حتى ولو كانت نفسي قد راودتني بإعادة «تنجيدها» وتقديمها في قالبٍ خاصٍ بي؛ غير أني تعوذت من الشيطان الرجيم وبسملت وتوكلت على الله وأتيتك بها حقوقاً لفواعلها وحقائق لمفاعيلها مروحةً واسعةً من التحليل لا التضليل فيا مرحباً بك!
تمكين «الانتقالي» يكمل طوق الحصار: 
أمريكا و«إسرائيل» تعدّان لحرب برية
يبدو التقدّم الحاسم والسريع الذي حقّقه «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، في شرق اليمن وجنوبه، وفق تقديرات غربية متقاطعة، جزءاً من مسار استراتيجي أوسع يهدف إلى تطويق شمال اليمن، وإعادة رسم موازين القوى، تمهيداً لمرحلة حسم تختلف جذرياً عن المراحل السابقة.
وتشير تقييمات صادرة عن مراكز بحثية أمريكية، في مقدّمها مركز «صوفان»، إلى أن السيطرة على محافظة حضرموت تمثّل نقطة تحوّل مركزية، ليس فقط لثقل المحافظة الاقتصادي، بل لكونها العقدة البرّية التي تصل الشمال بعمقه الجغرافي واللوجستي شرقاً. وتبعاً لذلك، فإن إحكام القبضة على حضرموت يعني عملياً قطع طرق الإمداد البرّية، وتجفيف الموارد، وتوفير عمق عملياتي يسمح بممارسة ضغط عسكري مباشر على صنعاء، وذلك في حال فشل المسارات السياسية في احتواء حركة «أنصار الله».
أيضاً، لا يمكن فصل هذه التحوّلات البرّية عن التصعيد الأمريكي - «الإسرائيلي» المتواصل في البحر الأحمر وبحر العرب، والذي يُقدَّم رسمياً تحت عنوان «مكافحة تهريب السلاح إلى الحوثيين»، في حين أنه في حقيقته جزء من مسار متكامل يهدف إلى تطويق الشمال اليمني وعزله قبل أي مواجهة برّية محتملة.
ويُجمِع خبراء عسكريون غربيون و»إسرائيليون» على أن خوض حرب برّية ضدّ تنظيم عقائدي مسلّح كحركة «أنصار الله»، من دون قطع خطوط الإمداد وتجفيف مصادر التسليح، يُعدّ مقامرة خاسرة. ومن هنا، يُفهم الانتشار البحري الأمريكي الواسع، إلى جانب التنسيق البحري والاستخباراتي مع «إسرائيل»، والهادفَين إلى شلّ قدرة «أنصار الله» على التعويض العسكري، وليس الاكتفاء بحماية الملاحة الدولية فقط؛ لا، بل تذهب بعض التحليلات «الإسرائيلية» إلى أبعد مما تقدّم، معتبرة أن السيطرة البحرية تُستخدم كأداة ضغط على الجغرافيا اليمنية برمّتها، وذلك عبر التحكم بالموانئ والممرات الحيوية التي تمثّل الشريان الاقتصادي والعسكري للشمال، بما يقلّص كلفة أي تصعيد برّي لاحق.
هكذا، لم تعُد فكرة الحسم البرّي طرحاً نظرياً، بل باتت تُقدَّم كخيار شبه حتمي، بعدما أثبتت الحملات الجوية فشلها في القضاء على «أنصار الله» التي نجحت في بناء نموذج عسكري - سياسي متماسك. وفي هذا الإطار، تتصاعد الدعوات، في الإعلام «الإسرائيلي» خصوصاً، إلى اعتماد استراتيجية متعدّدة المراحل تبدأ بتطويق الشمال وقطع طرق السلاح والتمويل عنه، قبل الانتقال إلى مواجهات برّية تقودها قوى يمنية محلية بدعم استخباراتي وجوي إقليمي.
وعلى المقلب اليمني، اكتسبت تصريحات عمرو علي سالم البيض، القيادي في الحراك الجنوبي، دلالة خاصة، بعدما أقرّ صراحة بأن المرحلة المقبلة مرشّحة للانتقال إلى العمل البري ضد الشمال، موضحاً أن السيطرة على حضرموت والمهرة ليست غاية بحدّ ذاتها، بل شرط بنيوي لأي مواجهة شاملة مقبلة. ويعزّز هذا التوجّهَ ما أعلنه عضو «المجلس الرئاسي»، طارق صالح، الذي وصف ما جرى في الشرق بأنه تهيئة لمسرح العمليات.
ويرى مراقبون أن مقايضة الاعتراف الدولي، ولاسيما الغربي والأمريكي، بانفصال جنوب اليمن، مقابل مشاركة فصائل «الانتقالي» في هجوم بري على مناطق الشمال، خيار مطروح باستمرار، ويعود اليوم ليكتسب زخماً مع تزايد الدعوات الغربية إلى خنق الشمال اقتصادياً وعسكرياً، قبل فرض وقائع جديدة بالقوة. وفي هذا الإطار، تحدّث كتّاب ونشطاء مقرّبون من «الانتقالي» عن أن «المنطقة العسكرية الأولى» في حضرموت مُتهَمة بالتراخي في منع التهريب إلى مناطق سيطرة صنعاء، وذلك في محاولة لتصوير القوى المحسوبة على «الشرعية» على أنّها غير مؤهّلة للقيام بدور حاسم في أي اشتباك مقبل مع الشمال؛ علماً بأن قادة «الانتقالي» دائماً ما يقدّمون أنفسهم كطرف وظيفي قادر على لعب دور في مجالات تمثّل شواغل دولية، من مثل مكافحة التهريب وحماية الأمن في الممرات البحرية.
وعلى أي حال، يمثّل بسط «الانتقالي» نفوذه على كامل المحافظات الجنوبية أكبر تغيير ميداني منذ العام 2015، وهو يفتح الباب أمام سيناريوهين مترابطين: إمّا إعادة اليمن إلى دولتين، وإما الانزلاق نحو مواجهة برّية واسعة النطاق، وفق ما ذهبت إليه أيضاً صحيفة «الغارديان» البريطانية. ولاحظت الصحيفة أن هذا التحوّل ترافق مع تراجع سعودي واضح، تُوّج بانسحاب القوات السعودية من عدن، بما يوحي بأن مركز الثقل في الجنوب انتقل عملياً إلى أبوظبي وحلفائها، وأن الحسابات الإقليمية دخلت مرحلة إعادة تموضع عميقة.

لقمان عبدالله - «الأخبار» اللبنانية



عن اليمن «غير السعيد».. أزمة «خليجية» و«كماشة» إماراتية ومزامير «الصهيو-إبراهيمية»
ليس بعيداً عن مسرح هذه المباراة «الخليجية» (في اليمن)، يطل من خلف الستار لاعب آخر يجيد تحريك الخيوط في شتى بقاع المنطقة المنكوبة، ويعبث -سراً وعلانية- بتفاصيل المشهد اليمني المختنق بتعقيداته الأمنية والسياسية وبأزماته الاقتصادية والإنسانية.
واللبيب يفهم من إشارة وزير الحرب الصهيوني، يسرائيل كاتس، -أثناء تجمع احتفالي يهودي قبل أيام من أحداث حضرموت- للتغييرات القادمة في اليمن «الذي لن يكون كما كان»، على حد تعبيره في مقطع الفيديو المتداول على السوشيال ميديا.
وربما تتضح الصورة أكثر، من تعليق الخبير «الإسرائيلي» آفي أفيدان (Avi Avidan) على «النجاحات العسكرية» التي أحرزتها الفصائل المدعومة إماراتياً في وادي حضرموت، والتي يربط فيها بين التحركات الميدانية الأخيرة في جنوب اليمن، واستراتيجية إماراتية - «إسرائيلية» أوسع، يصفها باستراتيجية «الكماشة العبقرية» التي تهدف إلى السيطرة على الموارد النفطية والممرات البحرية الحيوية من جهة، وبناء «حصن علماني» يواجه النفوذ الإيراني (المد الشيعي العقائدي) في خليج عدن والبحر الأحمر، من جهة أخرى.
ووفقاً لأفيدان (الذي يعرّف نفسه على حسابه الشخصي في منصة X بأنه «يهودي أصيل فخور بصهيونيته» Proud Zionist Israeli Indigenous Jew)، تقوم «الكماشة الإماراتية» على عدم الغرق في المستنقع اليمني «كما سقط غيرها»، عبر العمل على محورين متوازيين:
- نفوذ بري بحري يبدأ من سقطرى وعدن ويتمدد إلى حضرموت والمهرة (الغنية بالنفط)، بهدف السيطرة على 30٪ من مسارات التجارة البحرية الدولية.
- دعم «إسرائيلي» يضغط عسكرياً على الحوثيين في الشمال، يجاريه تمويل الإمارات لـ 120 ألف مقاتل في قوات «المجلس الانتقالي» في الجنوب.
وفيما يزعم أفيدان أن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، تعهد بالانضمام إلي «الاتفاقيات الإبراهيمية»، نجده يشيد بتحركات التحالف الإماراتي - «الإسرائيلي» «على الأرض» في اليمن، ليبيا، السودان، والصومال، «لرسم خريطة شرق أوسط جديد بهوية تطبيعية».
والحقيقة أن قراءة الصهيوني أفيدان للمشهد اليمني تتقاطع مع محللين أمريكيين تحدثوا صراحةً، عبر منصة (Connecting the Dots - مقرها تكساس)، عن دور صهر ترامب، اليهودي جاريد كوشنر، في «هندسة التوتر السعودي الإماراتي في حضرموت»، تماهياً مع رغبة الرئيس الأمريكي في التخفف من أعباء الأمن الإقليمي في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وهو ما يتيح للإمارات «اللعب بحرية في هذه المنطقة الاستراتيجية من منطلق علاقتها الخاصة مع «إسرائيل» الضامنة لحماية المصالح الأمريكية».
هاني الكُنيسي
الحراك العسكري في الجنوب: 
اليمن أمام فصل جديد من التصعيد
تبدو التطورات في الجنوب اليمني جزءاً من خطة متعددة المسارات، قوامها تطويق صنعاء، وإعادة تشكيل القوى المحلية، والتحكم بالممرات البرية والبحرية، استعداداً لمرحلة حسم قد تأخذ شكل انفصال أو مواجهة برّية واسعة. وفي كلتا الحالتين، لا تنفصل الوقائع الميدانية عن حسابات إقليمية ودولية ترى في الشرق والجنوب بوابة لإعادة بناء معادلة القوة في اليمن، على نحو يعيد رسم خطوط الصراع، ويفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيداً في المرحلة المقبلة. لكن السؤال يبقى حول مدى رضا الرياض عن هذه التطورات، ومدى استعدادها للتخلي عن مناطق نفوذها التاريخية على الحدود، وتقديمها مجاناً لأبوظبي، خاصة تلك التي تحتوي على منشآت نفطية، كما نظرتها الواقعية للانخراط من جديد في دوامة التصعيد، هي اليوم تحاول أن تخمده لأجل مصالحها أولاً.
* «الخنادق»


هل تريد أن تفهم خيوط اللعبة في حضرموت بعمق غير مسبوق؟ إليك ما لم يُكشف من قبل!
لقد خُدع الزبيدي والعليمي وبن حبريش معاً من قبل السعودية والإمارات، ونفّذوا لعبة لا علم لهم بأيٍّ من تفاصيلها وأهدافها.
ومن الطبيعي أن تختلط الأوراق، ويعجز الكثير عن إيجاد تفسير واضح وشامل لما يحدث في حضرموت؛ لأن اللعبة سرّية ومعقّدة ومليئة بالمتاهات!
فما هي اللعبة السرّية التي تديرها الدولتان في حضرموت برعاية أمريكية بريطانية؟
قبل الدخول في التفاصيل، هناك معطيات متفق عليها ونعرفها جميعاً ونطرح بعضها كتساؤلات:
- ألم يكن بإمكان محمد بن سلمان أن يوقف تقدّم «الانتقالي» باتصال واحد أو تحليق طائرة واحدة؟!
- هل من المعقول أن تتجرأ أبوظبي على السماح بتنفيذ هجوم كبير على حدود المملكة دون تنسيق معها؟!
- نتنياهو قال إن المواجهة مع اليمن ستتسم بالذكاء، وهو ما يحدث الآن من خلال هندسة الواقع الشامل قبل أي مواجهة عسكرية مباشرة مع صنعاء.
- وإذا كانت المملكة تملك القدرة على إحداث تغيير مباشر في حضرموت، فلماذا لم تفرض سيطرتها وتتجنب الدخول في هذه المتاهة واللعبة الخطرة؟!
باختصار، فإن السيناريو الذي رسمه «المحمدان» بموافقة أمريكية بريطانية، واتُّفِق على تنفيذه سراً لإعادة هندسة المشهد في الواقع اليمني، هو الآتي:
`79; توعز الإمارات إلى «الانتقالي» بأن الوقت قد حان لتنفيذ هجوم للسيطرة على حضرموت والمهرة وإعلان الانفصال.
`79; تتظاهر السعودية بأنها فوجئت بما حصل.
`79; تُترك المنطقة العسكرية الأولى فريسة لقوات «الانتقالي».
`79; لا تصدر لها أي توجيهات، لا بالانسحاب ولا بالمواجهة، لتسقط بسهولة.
`79; يتحقق الهدف الأول، وهو إفراغ المناطق الشرقية اليمنية من قوات «الشرعية».
`79; يتم توجيه قوات مأرب وطارق صالح و... و... و... بالتزام الحياد عسكرياً وسياسياً وإعلامياً، وتوجيه الخطاب ضد صنعاء، بينما تشتعل الأمور ضدهم في المناطق الشرقية ويتم سحقهم هناك، في واحدة من أكثر الأمور غرابة وانكشافاً بتاريخ الصراع العالمي.
`79; ونتيجة لذلك، ستصبح قبائل حضرموت في الواجهة أمام قوات «الانتقالي» دون أي غطاء، لتشعر بأنها باتت تواجه وحدها، وأنها أصبحت مكشوفة وتحتاج لمن يقف إلى جانبها (تهيئة لتحقيق الهدف الثاني).
`79; يهبّ الجميع، ابتداءً من العليمي وبن حبريش وغيرهما، إلى المملكة لطلب النجدة ونصرة حضرموت، من سمو الأمير محمد، الذي سيتدخل باعتباره المنقذ، ويتحقق بذلك الهدف الثالث.
`79; تبدي المملكة استعدادها لدعم حلف قبائل حضرموت وتمنحهم الضوء الأخضر لمقاومة الاحتلال العيدروسي الجديد. وهنا تبدأ اللعبة الحقيقية.
(بدأ هذا بخطاب مصوّر ألقاه عمرو بن حبريش من السعودية، وفيه دعا إلى مقاومة قوات «الانتقالي»، وشكر قيادة المملكة والعليمي، وأكّد أن حضرموت للحضارم).

ملحوظة: لا تنسوا؛ في علم الاجتماع السياسي، عملية الفصل العميق تحتاج إلى دوّامة مضبوطة من العنف الشديد والمواجهة الدامية.
`79; ستقدّم السعودية الدعم لأبناء حضرموت ليواجهوا «الانتقالي»، وسيكون لها الفضل عليهم، وستكون هي الناصر لهم ضد «الانتقالي»، كما كانت الإمارات الناصر له ضد «الشرعية».
`79; تستمر المقاومة الحضرمية ويتم دعمها سعودياً، ويسقط الكثير من الشهداء، ويرتكب «الانتقالي» مجازر فظيعة في حضرموت، ويتحقق بذلك الهدف التكتيكي الرابع.
`79; تدير المملكة والإمارات المعارك في حضرموت بطريقة لا تسمح للأمور بالخروج عن سيطرتهما، مهما بلغت قسوة تلك المواجهات (بمعنى ضمان عدم دخول أطراف أخرى في الصراع تكون خارج سيطرتهما، سواء كانت محلية أو إقليمية).
`79; تضغط المملكة على «الانتقالي» للانسحاب من حضرموت والمهرة، باستخدام العصا والجزرة؛ فمن جهة تلوّح بالتدخل العسكري المباشر، ومحكمة العدل الدولية، وملفات عديدة، ومن جهة أخرى تقدّم له إغراء الاعتراف بدولة جنوبية وعاصمتها عدن. وبتوافق سرّي بين الرياض وأبوظبي يخرج «الانتقالي» من حضرموت بعد أن يكون قد بنى جداراً سميكاً من الجرائم بينه وبين أبناء حضرموت، غير قابل للاختراق على مدى أجيال قادمة.
`79; يطالب «الانتقالي» بالانفصال وإعلان دولة جنوبية مستقلة وعاصمتها عدن، وسيحقّق ذلك ويتم الاعتراف به؛ ولكن من دون المناطق الشرقية (وهذا هو المكسب الذي تريده الإمارات) كهدف استراتيجي.
`79; تطالب حضرموت بإدارة ذاتية كخطوة أولى، وستحقّق ذلك (وهذا هو المكسب الذي تريده السعودية) كهدف استراتيجي.
`79; النتيجة: ستكون حضرموت خالية من «الانتقالي» ومما يسمى «الشرعية» (المنطقة العسكرية الأولى)، وستفوز بها السعودية وتفصلها عن اليمن، وربما في وقت لاحق يتم ضمّها للمملكة بعد أن تتهيأ الظروف لذلك.
اليمن هو الخاسر الوحيد؛ لأنه غير موجود في إدارة اللعبة، وبالتالي هو مفعول به وليس فاعلاً.
فلا العليمي سيكسب عدن أو المناطق الشرقية، ولا الزبيدي سيكسب المناطق الشرقية.
وسيظهر أبطال النينجا ابن سلمان وابن زايد كمنقذين لجيرانهم وإخوانهم في اليمن و»الجنوب العربي».
وسيكون شعار بن حبريش في حضرموت: شكراً ابن سلمان!
وشعار عيدروس في عدن: شكراً ابن زايد!
وشعار سقطرى: شكراً ابن زايد!
وشعار عفاش في المخا: شكراً إمارات الخير!
وسيكونون جميعاً بانتظار التوجيهات للتحرك كأدوات رخيصة ومأجورة في معركة داخلية جديدة لتدمير مدن أخرى ومحاولة إسقاطها في الأحضان العبرية والغربية.
فأين هو اليمن العظيم؟!
يجب أن يكسر قواعد اللعبة ويغادر مربع المشاهد المفعول به إلى مربع الفاعل.
وللعبة بقية؛ فلم تنتهِ هنا.
فهل اتضحت الصورة؟
أخيراً أقول للسياسيين وصناع القرار والمؤثرين والإعلاميين في اليمن: لا تنتظروا «وثائق ويكيليكس» لتكشف لكم الحقيقة، فهذا هو السيناريو الوحيد الذي نراه يتجسّد في الواقع. وأذكّركم بأن أي حديث عن خلاف إماراتي سعودي يخدمهما، ونعلم جميعاً أنهما مجرّد أدوات لتنفيذ أدوار قد تبدو أحياناً متعارضة، لكنها في النهاية تمثّل فيلماً هوليوودياً واحداً.
وللحديث بقية...

فهد الغنامي