مجرد حماقات!
 

مالك المداني

مالك المداني / لا ميديا -
الصلاة، إجادتك لتلاوة القرآن، مواظبتك على ترتيل التسابيح، تلك البقعـــة السوداء التي على جبينك، معرفتك بأصول الدين، حفظك للآيات والأحاديث، قدرتك على الاستدلال والاستنباط والتفسير والتأويل والتحليل والتهويل والتقليل ودرايتك بأسباب التنزيل... كلها ليست معياراً يعتمد عليه لتصنيفك أو الحكم عليك أو إعطائك الثقة للقيام بأي شيء كان.
لأنها ببساطة أمور يسهل تزييفها، تمثيلها، امتهانها واحترافها.
بوسع أي شخص مقاطعة مجلس المقيل والنهوض لأداء صلاة المغرب. ليست مهمة مستحيلة.
بإمكان أي لص أن يلتقط «السبحة» والتسبيح والاستغفار والتهليل والتكبير؛ لكن لا يعني هذا أنه بات قديساً منزهاً.
بمقدور الجميع دراسة أصول الدين ومعرفة أحكامه؛ لكن هذا لا يصنع منهم أنبياء وربانيين.
قم بمراسلة أي رجل صيني وإعطائه مبلغاً من المال مقابل أن يحفظ القرآن، وسيحفظه عن ظهر قلب بقراءاته السبع!!
ليست مسألة صعبة أو أساساً ثابتاً يمكنني بناء ثقتي عليه.
لذا، هل إلمامك بالدين وإتقانك لشكلياته يجعل منك محل ثقة لتولي منصب أو عمل يمس احتياجات الناس؟!
كلا. كفاءتــــك ونزاهتــــك وقدرتك على تحمل المسؤولية هي التي تجعلك كذلك.
لن أأتمنك على أهل بيتي لأنك ضليع في التجويد والفقه. سأأتمنك إن رأيت فيك الشرف والغيرة والأمانة.
إذا أصبت بداء عضال -لا قدر الله- لن أذهب إلى خطيب الجمعة لمعالجتي، بل سأبحث عن رجل درس الطب وتلقى تعليمه في التشيك أو أي دولة أجنبية يحبذ أنها لا تعتنق الإسلام!
إن تعرضت للظلم والجور لن تكون وجهتي صوب من يجيد تلاوة القرآن في مسجد الحي؛ لكني سألوذ بمن اشتهر بعدالته في أدنى الأرض أو أقصاها، كما فعل الرسول محمد مع نجاشي الحبشة.
يُعرف الناس بما هم عليه، ويقاس الشيء بحقيقته، ويكلف المرء بما يجيده ويتقنه. لا تخلطوا بين الأمور!
أنا لا أقول بأن كل الملتزمين منافقون؛ لكنني أقول وأؤكد أن كل المنافقين ملتزمون! عليهم أن يكونوا كذلك، هذا هو النفاق، هكذا يمارس، وهذا هو تعريفه.
لذا، نعم، إن الشكليات خادعة، وبإمكان أي أحد اللعب عليها، ويجب ألا تكون معياراً يُعتمد عليه في التقييم والتصنيف والتكليف ومنح الثقة وإعلان العداوات.
الأفعال، الكفاءات، التعاملات، هي ما يجب أن نعتمد عليه لمعرفة الرجال وتصنيفهم. وما سواها مجرد حماقات.

أترك تعليقاً

التعليقات