دروس مجانية
 

مالك المداني

حسناً إن كان لك ابن متعلم يمتلك شهادة جامعية، وله مؤهل أكاديمي، وبإمكانه أن يرتدي البذلة الرسمية، وأن يربط ربطة العنق دون أن تبدو عليه علامات (البداوة والقبيلة) من تجعد للقميص إلى تدلِّ للأطراف واعوجاج للحزام، ووصولاً إلى ارتداء الصندل عوضاً عن الحذاء الرسمي، وما إلى ذلك من مظاهر التحضر والتعلم والتمدن والأناقة، وتم وضعه أمام هذه المعضلة:
اليمن في مواجهة أغنى دول العالم جهارةً، وأعظمها خفيةً، بالإضافة إلى أربعة من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، وما يأتي من توابعها من جيوش ومرتزقة وأسلحة وإمكانيات تفوق في بعض الأحيان الخيال البشري.. وقيل له في صف من ستكون؟! ولم يختر اليمن!
عندها في الحقيقة عليك بالذهاب لتقبيل رأس مدرس الرياضيات وجبين معلم الفيزياء، فقد نجحا بتعليمه قوانين وأسس هاتين المادتين، بل وقد جعلا من ولدك البار ضليعاً متمرساً في فن الحساب واختيار النتائج!
ولكن في نفس الوقت عليك بالذهاب أيضاً لضرب بقية أساتذته ومعلميه، ابتداءً من أستاذ التاريخ إلى مدرس الفقه والعلوم الإسلامية إلى معلم المنطق والاجتماعيات، ووصولاً إلى أستاذ الوطنية! 
في الواقع، هذا الأخير عليك أن تبرحه ضرباً حتى تتضح لك أصوله الهندية أو التركية، أو أياً كان، لا يهم!
ولا تنسَ في طريقك أن تمر على تلك الفتاة التي علمت ابنك كيفية التأنق والتبرج، لتخطبها له، أو لتضع حداً لألاعيبهما الطفولية، فمظهره اللائق لم يأتِ بدافع التحضر والرقي طبعاً!
بعدها، عد للمنزل وأشبعه جلداً ورفساً حتى تملأ وجهه رضوضاً وندوباً، وأنت تبكي على كل قرش أنفقته في سبيل تعليمه، ثم حاول إرغامه -إن استطعت- على إرجاع مالك الذي أهدرته، وأخبره أن الشعوب لا تهزم بالقوة العسكرية، ولا سبيل لها سوى الانتصار، واعتبرها معلومة بلا مقابل، ودرساً مجانياً لك وله ولكل واهم أو مخدوع..!

أترك تعليقاً

التعليقات