مرحباً بكم في الأجواء اليمنية..!
 

مالك المداني

هنا الجو مُشمس ماطر غائم باصر، 
للرعد هزيم ولخيط الضياء سديم، 
هنا إن أمطرت ترتفع درجة الحرارة، 
وإن أشرقت فللبرد بشارة 
هنا الغارة تِلو الغارة 
والمارةُ إثر المارة
 هنا الحياة في كل حارة
 وهنا الموت ينتظر الإشارة
 هنا البيان.. هنا الاستخارة
 هنا تشاهد العصارة كل العصارة
 لكل مفردة وفعل وحال!
هنا أرض العجائب، حيث كل شيء حاضر، وكل نقيض موجود، إلا الهزيمة ومشتقاتها! 
هنا البقعة الوحيدة على وجه المعمورة التي لم تنطبق عليها قوانين الفيزياء ومعادلات الكيمياء وقواعد الرياضيات...
 هنا دحضت قوانين الجاذبية والسقوط! وكسرت روابط الـf16 والإبرامز! 
هنا فقط كانت قيمة الـ(1) أكبر من الـ(10) + صمت كل دول العالم! 
هنا موطن الأبطال ومرتع الرجال، هنا مصنع الانتصارات والمعجزات، هنا حيث لا تفهم شيئاً، ولكنك مضطرٌّ لأن تعيشه..
 هنا تحدث الغرائب في كل يوم وكل ساعة وكل لحظة! 
هنا المكان الذي ستجد الله فيه، لذا إن كنت ملحداً فهيئ قلبك للإيمان أو عقلك للجنون، ولا تجهد نفسك في البحث عن خيار ثالث! 
مرحباً بكم في الأجواء اليمنية، أنتم الآن في العاصمة صنعاء.. 
عزيزي المسافر يمكنك فك حزام الأمان الآن، ويرجى منك أن تتجه للباب بهدوء، فلا يسمح هنا للتدافع والتزاحم إلا باتجاه جبهات القتال! 
ولا تحمل أمتعتك معك فلن تحتاجها! 
وانتبه! فالأرض هنا كلها طاهرة، لذا اخلع نعليك قبل أن تطأها! 
وحاذر، أينما تدوس بقدميك، فكل شبر هنا إن لم يرتوِ بالدم، فقد ارتوى بالدمع، وكله مقدس! 
ولولا أنك ضيف لمزقوك إرباً قبل أن تدوسها وتمشي عليها، لذا ارع حرمتها واحترم قدسيتها، حرصاً على راحتك! 
أما إن أردت الصلاة فأينما تولِّ وجهك فثمة وجه الله، ها هنا كل بيت قبلة، وكل موضع محراب، هنا الله في كل اتجاه، لذا صلِّ حيثما تريد وأينما تريد، ولك الأجر مرتين! 
هنا يستحسن بك أن تنحني إجلالاً لكل شخص تصادفه في طريقك، فقد يكون مشروع شهيد أو ابن شهيد أو أخ شهيد أو رفيق شهيد بذل روحه دفاعاً عن الإنسانية جمعاء! 
هنا إن سمعت زغاريد النساء فلا تنتظر رؤية عريس بملابس الزفاف، وانتظر رؤية الجثمان المزكى الذي يزفونه للعلياء بعد استشهاده! 
ولا تخف من الشعث الغبر الذين يمتشقون أسلحتهم إن صادفتهم، فهكذا هي الرجولة في هيئتها الآدمية، وادرك أنك في أمان ما دمت تشاهدهم! 
هنا ستجد الفقر، ولكنك لن تجد الجوع! وستجد أماً تبكي ولدها وأخاً يرثي أخاه وزوجة تذرف الوجع حزناً على فراق زوجها، ولكنك لن تسمع سوى صرخة يا الله أغثنا ولا تكلنا لأحد سواك، فلا تواسِ أحداً منهم، وقل سبحان الملك القدوس، وتابع طريقك! 
وإن حدث قصف ودوي انفجار فلا تفزع أو تجفل، فقد تقلق السكينة العامة وتقاطع انشغال اليمنيين بأعمالهم! 
ولا يغرك اختلافهم في المجالس، فهم على قلب رجل واحد وإن علا صراخهم، ولا تتدخل في ما بينهم، حرصاً على سلامتك! 
ولا تضيِّع وقتك في التحليل والتبسيط والشرح لما يحدث، واجعل من زيارتك فرصة لذكر الله والتسبيح في ملكه! 
ولا تبحث في كل هذه الفوضى عن شيء عدا النصر والانتصار، فنصر اليمانيين معتق قد خلقه الله منذ أن نفخ الروح في آدم! 
هنا عليك أن تدرك أنك على كوكب آخر يسمى اليمن، من يديره ويسير أموره هو الله بحد ذاته، فلا تتوقع أبداً أن بمقدورك أن تفك حبكته، وتفهم ما يجري عليه من عجائب! 
بعد كل هذا، نتمنى لك إقامة ممتعة في أرض سبأ وبلقيس.. اليمن السعيد..! 

أترك تعليقاً

التعليقات