شعــــب الصبّــــــار
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / صلاح علي

عام في طوق حصار المتخمين ونفاق العالم لم ينل منه
شعــــب الصبّــــــار
أكملت الحرب العدوانية والحصار على اليمن شهرها التاسع، متسببةً بأوضاع إنسانية كارثية في مختلف أوجه الحياة، فيما لا يبدو المواطنون يكترثون بهذه الحسبة، إذ إن المعنويات العالية التي تجيش في وجدانهم وتكاتفهم المتعاظم بالقيادة الوطنية للثورة والدفاع عن الوطن، يقول بحسبة أخرى يضعها الإنسان اليمني في اعتباره.
التقاليد الاستعمارية في مواجهة ثورات التحرر
طبق الحصار على اليمن فعلياً منذ فترة الشهرين ونصف تقريبا التي سبقت بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن في 26 مارس الماضي، فأحداث يناير التي اختتمت بالسيطرة على الرئاسة اليمنية من قبل الثورة، قابلتها منظومة السيطرة الدولية التي تتربعها الولايات المتحدة بحزمة إجراءات لا تختلف والتقاليد الاستعمارية المعهودة في مواجهة ثورات التحرر الوطني لشعوب العالم على امتداد رقعته من روسيا إلى الصين إلى فيتنام إلى إيران مروراً بالمنطقة العربية وأفريقيا ووصولاً إلى أمريكا اللاتينية.. فعقب ما أنجزته ثورة 21 أيلول من مكاسب شعبية ووطنية في مواجهة المنظومة المحلية المسيطرة والمرتبطة عضوياً بمنظومة السيطرة الاستعمارية في العالم، حاول الجزء المتبقي منها برئاسة الفار (هادي) أن ينقلب على اتفاق «السلم والشراكة» عبر أطرافه الخبيثة: الإرياني وبن مبارك، بدءاً بتقويض ما افتتحته الثورة من مسار تحرري وطني اجتماعي، من خلال دستور (متحذلق) أعدته أقبية المخابرات الأمريكية والفرنسية والإماراتية، يتسق ضمناً وجهراً ومصالحهم الاستعمارية، وكان أن اتجهت القوى الثورية للتحرك بعد إعلان هادي الحرب والانقلاب على الاتفاق بدعوته قوات الألوية الرئاسية للانتشار في العاصمة وتصفية قوى الثورة وسلاحها الشعبي في 17 يناير الماضي.
كانت المرحلة الأولى من حزمة الإجراءات التي اتخذتها المنظومة الاستعمارية ضد اليمن، متمثلة بغلق سفاراتها في صنعاء (كسفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والسعودية وهولندا وإسبانيا واليابان وتركيا وقطر والكويت والإمارات والبحرين)، وسحب كامل بعثاتها الدبلوماسية، وكذا سحب عدد من الوكالات الإنمائية والاقتصادية والبنوك والبرامج التابعة لها، وتجميد استثمارات بينية لشركات تملكها هذه الدول، وإيقاف المنح والقروض والتعهدات المالية لليمن، خصوصاً تلك التي تقوم عليها المؤسسات التابعة للبنك الدولي والأمم المتحدة، والتي مثلت مع الشروع بتقييد حركة الصادرات والواردات وحركة السيولة المالية، بدء الحصار الاقتصادي على اليمن.
المؤسسات الدولية أدوات استعمارية
الشركات الأجنبية والمؤسسات الدولية من بنوك وصناديق إقراض واستثمارات...، التي جمدت أو سحبت نشاطها من اليمن عقب ثورة 21 أيلول، كانت تابعة إما لدول الخليج أو للحلف الاستعماري الذي ترأسه أمريكا وفرنسا وبريطانيا، ومنها مثلا:
شركة توتال الفرنسية العاملة في مجال النفط
شركة كنديان نكسن البترولية
شركة الديار القطرية
بعثة الاتحاد الأوروبي
وكالة التنمية الدولية الأميركية
وكالة التنمية الدولية البريطانية
بنك الإعمار الألماني
برنامج المساعدة الهولندي
كما أعلن البنك الدولي - الذي يروج له بأكثر مؤسسة حيادية ومقره أمريكا- من جانبه وقف منح وتعهدات مالية لليمن بقيمة 900 مليون دولار، مُحيلاً سبب إجرائه هذا للحالة السياسية والمتغيرات التي أنتجتها ثورة 21 أيلول، بينما أعلنت الجمعية السعودية لرجال المال والأعمال عن سحب استثمارات بقيمة أربعة مليارات دولار، قامت بالعمل على تحويل معظمها نحو الاستثمار في مصر، وأتبعتها استثمارات خليجية تقدر بمليار دولار.
وبحسب الإعلام الرسمي لهذه الدول، فقد نقلت على لسان قادتها أن هذه الإجراءات تأتي كعقوبات تهدف لكبح جماح الثورة اليمنية وإعادة السلطة التي اختارتها ممثلة بـ(هادي) وحكومته وبقية رموز تلك السلطة.
وسينجم عن هذه الإجراءات أزمات اقتصادية متتالية في مجتمع يكابد حالة إنسانية متردية واقتصاداً هشاً لا يكون بمقدوره الصمود في مواجهة ما يقابله من تناحرات المشهد السياسي، كما (بشرت) و(تبشر) التقارير الدولية، المقتصر دورها في كل حرب وحصار وثورة بقيمة جوهرية محددة: بخس اقتصادات الدول - كاليمن التي تعيش الثورة- وقدرتها في مواجهة أوضاعها المعيشية والصحية.
حصار الوعي والسياسات الدولية للتضليل
منظمات دولية كالأمم المتحدة وهيئات التنمية والإغاثة التابعة لها والبنك الدولي وصندوق النقد، غالباً ما تكون تقاريرها الغزيرة في آونة معينة بمثابة المحفزات السلبية في لحظات سياسية منتقاة على الساحة، الهدف منها دفع المجتمع نحو اختيارات المنظومة الاستعمارية، كما حدث في ظل أحداث 2011م، وفي فترة الانتخابات الرئاسية المزعومة، أو حين كان الحوار يدخل في منعطف حرج خارج السياق المرسوم له مسبقاً، وهو الأمر ذاته في ثورة 21 أيلول وعقبها.
والملاحظ في هذا الجانب، أن هذه التقارير انتقائية للحظات السياسية الجارية بين بلد وآخر، فالتقارير بخصوص اليمن ليست هي ذاتها في بلد كسوريا أو فلسطين التي تكابد أوضاعاً مأساوية جراء ما يقوم به الاحتلال أسوأ بكثير مما تعيشه بلدان غيرها. والأمر ذاته حين يتعلق الأمر بما تعيشه دول القارة الأفريقية المُفقرة.
وكانت هذه التقارير دوما ما تبشر (بمآسٍ مهولة) للمجتمع اليمني، وانهيارات قاسية في بناه الاجتماعية الاقتصادية والسياسية والأمنية، في حال ما استمرت أحداث منتقاة من جانبها وتقوم بتوصيفها حسب ما يفيد سياقها الذي تشتغل في إطاره؛ فما بشروا به جراء استمرار ما وصفوفه بـ (الانقلاب) لم يتحقق إلا في ما قام بتحقيقه العدوان الشامل على اليمن، وكأن تلك التقارير هدفها التهديد والوعيد لما يتربص البلاد حين تخالف ما خطط لها سلفاً.
قنوات تلفزيونية كالعربية والحدث والجزيرة وسهيل، وصحافة كالثوري والصحوة والوحدوي والمصدر والشارع، كان لها دورها البارز في ترويج الدعاية التضليلية للعدو، الدافعة للاستكانة والاستسلام المجتمعي، والعمل على الحيلولة بينه وبين الدفاع عن وطنه ومواصلة شق طريق ثورته التحررية الوطنية.
سياسات التجويع ورهانات العدوان
ومنذ بداية العدوان على اليمن اعتمد التحالف الدولي المعادي سياسة التجويع للمواطنين بطريقتين، الأولى عبر الحصار، والأخرى هي استهداف القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ملحقة فيه خسائر بقيمة 3 مليارات دولار تقريباً حسب الإحصاءات الأولية لوزارة الزراعة، ووفقاً للبيانات الرسمية فإن هذا القطاع يعد الأكثر تضرراً جراء العدوان، مستهدفاً بذلك قرابة 80% من السكان المعتمدين بنسب متفاوتة في غذائهم وحياتهم اليومية على إنتاجية هذا القطاع الحيوي، علاوةً على استهداف ما يزيد عن 55% من القوى العاملة في هذا القطاع، كما عمد العدوان لاستهداف مستودعات ومخازن الغذاء والمحاصيل في 18 محافظة، كانت أبرزها الصوامع في عدن والحديدة ومخازن المؤسسة الاقتصادية والتموين العسكري في العاصمة، مدمراً بذلك احتياطي غذاء يكفي لأكثر من عام.
كما تسبب العدوان في ارتفاع معدلات البطالة بنسبة 50% ومعدل التضخم في المتوسط العام للأسعار إلى 30% كنتيجة لحالة الشلل شبه التام التي شهدتها الحركة التجارية في البلاد وانقطاع المشتقات النفطية والكهرباء والتلاعب بأسعار الصرف وانخفاض الاحتياطي النقدي...، الأمر الذي رسم مآلاً كارثياً تتجه له البلاد، إلا أن هذه الحالة لم تستمر برغم استمرار العدوان وحصاره، إذ عاودت العمل الكثير من الأنشطة التجارية، وبدأت المؤسسات الحكومية بمزاولة أنشطتها في المرافق العامة، خصوصاً الجغرافيا الواقعة في نطاق تواجد قوات الجيش واللجان الشعبية، وتمكنت القيادة الوطنية من تحقيق إنجازات متواضعة في الجانب الاقتصادي والإداري كضبط أسعار الصرف وإيقاف تدهور العملة وانخفاض الاحتياطي النقدي، وكذا توفير المشتقات النفطية في حدها الأدنى على الأقل، وتشكيل لجان للرقابة الميدانية في المؤسسات الحكومية وترشيد الإنفاق الحكومي وإعادة بناء أوجه الصرف والإيرادات (الحكومة والرئاسة الفارون وفروا على خزينة البلاد مئات الملايين من الريالات التي كانت تنفق شهرياً)، في ما يكفل للموازنة العامة للدولة بعجز لا يتجاوز الـ 30 % في ظل انقطاع إيرادات حكومية مختلفة بسبب العدوان والحصار. وكان لهذه الإجراءات الأثر البالغ مع ما يعيشه المواطنون والذي يمكن المراكمة عليه لتجاوز العثرات التي يصنعها العدوان والحصار المطبق منذ تسعة أشهر، وهو الأمر الذي جعل الصورة المُرتسمة في الأشهر الأربعة الأولى للعدوان تختلف تدريجياً حتى ختام العدوان شهره التاسع.
ووفقاً لأهم رهانات العدوان المتمثل بانهيار المعنويات اليمنية، نجد أن كافة الوسائل التي سعى بواسطتها العدوان لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي البالغ الأهمية، باءت جميعها بالفشل، فضرب المعنويات يعني في القاموس العسكري والحربي أولاً منع الالتفاف الشعبي حول قوات الجيش واللجان الشعبية، وزرع التذمر الواسع بشكل عكسي لا يمس العدوان، وتفكيك الكتلة الاجتماعية الحاضنة لمعارك التصدي للعدوان، الأمر الذي ينتج في نهاية المطاف عجزاً في مجابهة قوى الاحتلال وتحالفها العدواني.
وأكدت هذا السعي إحدى الصحف الأمريكية التي كشفت أن الاستراتيجية الأمريكية السعودية ارتكزت على تحقيق ضربات جوية خاطفة أهم ما تنجزه تدمير معنوي لدى القوات اليمنية والشعب، وإحداث شق في تحالف أنصار الله والجيش اليمني.
معركة النفس الطويل وآليات التصدي
طاقات كامنة فجرها العدوان
مع بدء الضربات الجوية في أواخر مارس الماضي وبتلك الكثافة والهمجية، أصيب الشارع اليمني بنوع من الصدمة المؤقتة والوعكة في المعنويات والإرادة، لكنها سرعان ما تلاشت مع الحفاظ على الهدوء وأخذ نفس طويل وضبط رد الفعل لدى القوات اليمنية والقيادة الوطنية، وهي التي برمجت لاستراتيجية رد كاملة، وتخطيط لمعارك التصدي، كان لها دورها البارز في عدم انكسار المجتمع وصموده.
آلية الصمود في وجه العدوان
في النزول الميداني الذي أجراه قسم التحقيقات في صحيفة «لا» للبحث في آليات صمود الناس بوجه العدوان وحصاره، وجد عدة إجراءات اتخذها المجتمع للتصدي لأزمات الحصار والعدوان، فمثلاً في العاصمة:
شُكلت لجان شعبية مجتمعية من الأهالي بمشاركة أنصار الله والمجالس المحلية واللجنة الثورية، تتكفل بمواجهة الأعباء الاقتصادية والأمنية، والتصدي للحملات الدعائية التضليلية للعدوان.
اللجان الاقتصادية أعدت وفقاً لاحتياجات الأسر آلية لتوزيع المواد الغذائية الأساسية، والتي تتوفر من عدة جهات ومنها التبرعات الشعبية وتبرعات التجار، وكذا إعداد جداول لصرف حصص الغاز المنزلي بحسب عدد كل أسرة وأولويتها.
كما تم تشكيل لجان لتوزيع المياه التي انعدمت مع الانقطاع التام للكهرباء، وقامت هذه اللجان بتوفير خزانات مياه كبيرة وتوزيعها في مختلف الحارات، وتم توفير الخزانات بطرق عدة، منها تبرعات المواطنين وإسهامات المجالس الحلية وتبرعات تجار، وتقوم هذه اللجان بتوفير المياه بشكل دائم.
الأهالي وبإشراف اللجان الاقتصادية شكلوا لجاناً نسوية وفق جدول انتظام وزع المناوبات والأدوار، تقوم على مطابخ جماعية توفر ما يطلق عليه بالعامية (الملوج) أو الخبز الشعبي، وكذا يقمن بالطبخ لوجبات أساسية، ثم توزيعها على المعسرين والمتضررين من أبناء المنطقة أو النازحين القادمين من خارجها.
وفي السياق ذاته، شكل الأهالي بإشراف اللجنة الثورية العليا والقوات المسلحة والأمن والمجالس المحلية، لجاناً شعبية تقوم بتأمين أحيائها السكنية، وفق نوبات مختلفة، وبآليات أمنية أعاقت معظم العمليات الإرهابية والتخريبية والاستخباراتية للعدوان ومرتزقته، كما تقوم بحل أية إشكاليات وخلافات تطرأ في أوساط المواطنين.
تعاضد أربك العدوان
لم يدرك العدوان ماهية البنية الاجتماعية اليمنية التي يشكل البناء القبلي لبنتها الأساسية، ولهذا النوع من البناء خصائصه التعاضدية والتكافلية التي حالت دون انهيار المجتمع جراء الأزمات الاقتصادية والعدوان، فالقيم التي يتسم بها المجتمع اليمني عملت على توزيع ثقل العبء بين المواطنين، إذ إن المجتمع يسهم في تحمل الأزمات والتكفل بمواجهتها، مثلما حصل مع النازحين من الجغرافيات التي تدور على رحاها المعارك بين قوات الجيش واللجان وبين الغزاة ومرتزقتهم، وكذا النازحين جراء الغارات الكثيفة للعدوان التي دمرت مدناً بأكملها كما فعلت في صعدة وحجة، حيث استقبلت العاصمة صنعاء ومديرياتها مثلاً قرابة 37 ألف أسرة نزحت من محافظات عدة كصعدة وحجة وعدن وتعز ولحج ومأرب، كما أن طبيعة المجتمع المحارب أحالت مهمة الاحتلال السعودي الأمريكي إلى مهمة مستحيلة، فخلال فترة بسيطة تمكن المجتمع اليمني من التكيف مع الظرف الجديد الشديد القسوة الذي فرضه العدوان وحصاره الشامل.
سخط وصمود وعدم استسلام
المواطن اليمني بخبرته العريقة في مواجهة الأزمات، لم يستسلم للحصار وما أنتجه من أوضاع مأساوية، ووجدت التحقيقات أن المواطن لجأ إلى إجراءات عدة لمواجهة ظروفه المعيشية المتدنية:
فمثلاً لجأ لخفض نفقاته اليومية لأكثر من 50% من إنفاقه الاعتيادي في الظروف الطبيعية، وتخلص من استهلاكه للكماليات، مركزاً إنفاقه بتوفير أساسيات المعيشة الضرورية في حدها الأدنى.. كما لم يستسلم المواطن للقهر والجوع، موجهاً غضبه وسخطه باتجاه العدوان الذي جرح كرامته واعتزازه بذاته، متوجهاً بذلك للانضمام إلى صفوف الجيش واللجان الشعبية للقتال ضد العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته في مختلف الجبهات على الساحة اليمنية.
العدوان بفعل حصاره سعى للتشديد من حدة الجوع والأزمات لدى المواطنين، فاتحاً أمامهم باب خلاص وحيداً من خلال التحاقهم بالمعسكرات العدوانية خاصته، ظناً أنه يقوم بارتزاقهم مقابل المال، لكنها فشلت مع صلابة المواطنين الذين لم يستطع إحالتهم لضحايا إضرار. من جانب آخر فإن النتيجة التي حققها العدوان جراء حصاره، هي الإقبال الواسع من قبل اليمنيين للالتحاق بصفوف الجيش واللجان الشعبية، والمزيد من الالتفاف حول القيادة الوطنية.
اللجنة الثورية والقوات المسلحة من جهتهما اتخذتا إجراءات في الجانب الحربي حالت دون تحمل الموازنة العامة للدولة -التي تعاني أساساً من فقر في وارداتها- أعباء وكلفة الحرب الوطنية ضد العدوان، فقامت بإعلان التعبئة الجهادية والمجهود الحربي وفتح باب التبرعات للمواطنين والتجار، وهو الأمر الذي قابله المواطنون بتفاعل كبير قامت عليه اللجان الشعبية، واتجه المواطنون للانخراط في عمليات مواجهة العدوان كل بحسب اهتمامه وقدرته، منظوين في لجان مختلفة كالتثقيفية والتوعوية والأمنية والحربية والإمدادية الخدمية والإسعافية...، وكما هو الحال مع الرجال، كان الأمر مع النساء، فقد قمن بالتبرع بغالب ما يملكن من الذهب والمجوهرات والأموال، وشكلن لجاناً نسوية تقوم بعمليات تموين ضخمة لتأمين كثير من الجبهات العسكرية بالغذاء، كما اشتركن بمهام مختلفة منها مهام أمنية وتوعوية.. هذه الإجراءات حالت دون تحقيق مآرب العدوان في الحصار الذي فرضه، وجعلت من مواجهته مهمة شعبية يضطلع بها كل أبناء الشعب الذين باتوا يشعرون بصدق أنهم قادة قضيتهم والمسؤول الأول فيها، موجهين كل الطاقات والإمكانات الاجتماعية لمواجهة العدوان ومشروعه التمزيقي الاحتلالي.
أخيراً، هل سنبالغ إن قلنا إن الإنسان اليمني فعلاً غير قابل للتوقع، فمع ما يعيشه من أزمات اقتصادية وسياسية، وأوضاع إنسانية متفاقمة كل يوم جراء العدوان السعودي الأمريكي والحصار المفروض على البلاد، لا يبدو الإنسان اليمني متجهاً نحو ما تم التوقع له من قبل المؤسسات الدولية وعواصم الدول العظمى التي لم تتجاوز في فهم المجتمع اليمني القشرة الخارجية للبناء الاجتماعي فيه وما يكمن في جوفه من إمكانات وقدرات ومفاجآت غالباً ما تكون مدهشة للمراقب.. من البداية كانت الحسبة التي يضعها الإنسان اليمني في اعتباره هي ما يحققه من انتصارات على العدو، والأمجاد التي يختطها من دماه ومعاناته.
المصدر صحيفة لا / صلاح علي