ثورة مغيبة في وعي الأمة
- مبارك حزام العسالي الثلاثاء , 8 يـولـيـو , 2025 الساعة 8:41:29 PM
- 0 تعليقات
مبارك العسالي / لا ميديا -
لقد تعرضت أمتنا طويلاً لعملية تزييف للوعي بشكلٍ متعمّد، حيث رُفِعَت رموز ثورية غربية إلى مصاف القداسة، بينما حُجبت أعظم ثورة عرفها التاريخ (ثورة الإمام الحسين عليه السلام) عن وعي الأجيال.
لطالما عجّت المنابر الإعلامية والثقافية بتمجيد أسماء ثورية غربية، من مانديلا إلى جيفارا، ومن غاندي إلى لينين... وقد قُدِّموا للأجيال كرموز للحرية والنضال والتغيير، حتى باتت صورهم تُرفع في الشوارع، وتُدرّس أقوالهم في الكتب، وتُكرَّس سردياتهم كملهمين لمسيرة البشرية نحو التحرر... لكن، في المقابل، غُيِّبَ عمداً عن الوعي الجمعي العربي والإسلامي ذِكر أعظم الثوار، وأصدقهم نية، وأطهرهم وسيلة، وأكثرهم تأثيراً، الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، سبط رسول الله صلى الله عليه وآله، وريث النبوة، ومفجّر أنقى وأعظم ثورة في وجه الاستبداد والانحراف.
لم تكن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) مجرّد تمرّد سياسي أو صراع على سلطة، كما كانت حال غالب الثورات عبر التاريخ، بل كانت ثورة مبدئية ربانية، خرج فيها الإمام لا لطلب ملك أو جاه أو دنيا، بل ليُقيم ميزان العدل، ويُعيد للأمة رشدها، ويُزيل عنها ركام الفساد الذي كاد أن يُطفئ نور الرسالة.
لقد قالها بوضوح: «لم أخرج أشِراً ولا بطِراً ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي».
بهذا البيان الموجز والعميق، حدد الإمام الحسين (عليه السلام) طبيعة حركته، ومصدر شرعيتها، وأبعادها الزمانية والمكانية؛ فهي ليست حركة محلية أو ظرفية، بل هي ثورة إصلاحية أممية تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتخاطب كل أمة نال منها الظلم، وكل إنسان سُلبت كرامته.
الحسين (عليه السلام) لم يُقدّم خطاباً نظرياً في التغيير، بل خاض غمار المواجهة بدمه، وأهله، وأصحابه، فسطّر بملحمة «كربلاء» أعظم درس في معاني التضحية والوفاء والثبات.
لقد اختار الشهادة، لا هرباً من الحياة، بل لأن كرامة الإنسان أثمن من حياة الذل، ولأن الصمت في زمن الانحراف خيانة للرسالة.
من هنا، فإن الإمام الحسين (عليه السلام) ليس مجرد ثائر آخر، بل هو جوهر الثورة، ومثالها الأعلى، وبوصلتها الأبدية؛ إذ إن ثورته لا تزال حية، متقدة، تُلهم كل حرّ، وتوقظ كل نائم، وتزعزع عروش الطغاة كلما ذُكِرت.
فسلام عليه يوم وُلد، ويوم استُشهد، ويوم يُبعث حياً.
المصدر مبارك حزام العسالي
زيارة جميع مقالات: مبارك حزام العسالي