إفلاس صهيوني
 

مبارك حزام العسالي

مبارك العسالي / لا ميديا -
أين هي الدقة العسكرية التي طالما تباهى بها الكيان الصهيوني؟! وأين هي المعلومات الاستخباراتية التي زُعِم أنها الأشد تعقيداً في المنطقة؟! وأين هي القدرات الفولاذية التي صُوّرت للعالم على أنها عصية على الكسر؟!
كل هذه الشعارات تتهاوى أمام حقيقة صادمة: اغتيال رئيس وزراء مدني أثناء اجتماعه المُعلن مسبقاً مع وزراء مدنيين، في وقت معروف ومكان مكشوف. فأي بطولة عسكرية في ذلك؟! وأي نصر يمكن أن يُعلَّق على مثل هذا الفعل؟!
ما حدث يكشف أن العدو فقد صوابه الاستراتيجي، وأنه بات عاجزاً عن الوصول إلى أهدافه الحقيقية في ميدان المواجهة. فالمقاتلون الذين يواجهونه في جبهات النار ظلوا عصيّين على استهدافاته، فيما صارت بنيته الأمنية والاستخباراتية تترنح أمام قدرات خصومه على الإخفاء، والمناورة، وضربه في عمقه.
وحين عجز عن اقتناص «الجوهر العسكري»، لجأ إلى أسهل الأهداف: سياسيين مدنيين في اجتماعات رسمية معلنة.
إن مثل هذه العمليات لا تُظهر قوة، بل تكشف ضعفاً وانكشافاً. فهي إعلان بأن الكيان لم يعد يمتلك بنك أهداف حقيقياً، وأن شبكاته التي لطالما تغنّى بها قد أُصيبَت بالشلل. فالمعلومة التي لا تتجاوز خبراً منشوراً عن مكان اجتماع سياسي، لا تحتاج إلى جهاز استخبارات ولا إلى منظومات تكنولوجية، بل إلى صحفي يقرأ جدول المواعيد!
وحين يتوهّم العدو أنه حقق إنجازاً باغتيال مدني، فإنه في الحقيقة يقدّم الدليل الأقوى على إفلاسه. فهذه العمليات ليست سوى محاولة لتغطية فشله المتكرر في الميدان، وجرائمه المستمرة بحق المدنيين العزّل، واستحالة تحقيقه أي تقدم عسكري ملموس رغم امتلاكه أحدث الأسلحة والدعم الغربي المفتوح.
لقد تحوّل الكيان اليوم إلى عصابة مأزومة تمارس الخسة بأبشع صورها. وهو إذ يستهدف المدنيين والوجوه السياسية، فإنه لا يراكم إلا جرائم إضافية في سجله الأسود، تلك الجرائم التي تُعدّ المؤشر الأوضح إلى أن مرحلة تفوقه الوهمي قد سقطت، وأن عهده كقوة مهيمنة في المنطقة يوشك على الأفول.
ولعل الأهم من كل ذلك أن خصومه يدركون تماماً هذه الحقيقة. فهم يرون كيف يتخبّط، وكيف يعجز عن اختراق الصفوف العسكرية للمقاومة، وكيف يتحول اغتيال المدنيين إلى ذروة ما يستطيع فعله. وفي المقابل، يواصلون تطوير قدراتهم النوعية، وتوسيع بنك أهدافهم، وإثبات قدراتهم على ضربه في مواقع لم يكن يتخيّل أن تُمسّ.
وهكذا يصبح المشهد واضحاً: عدواً فقد زمام المبادرة، وفقد بريق التفوق، ولم يعد يمتلك إلا أدوات الخسة والإفلاس. أما النتيجة فهي واحدة لا لبس فيها: نهاية الكيان تتسارع، والمرحلة المقبلة ستكشف أكثر فأكثر أن من يدّعي القوة بات مجرد كيان هشّ، يترنّح أمام خصومه الذين يمتلكون اليوم الإرادة والعقيدة والقدرة الحقيقية على صنع النصر.

أترك تعليقاً

التعليقات