زيَّن الإعلام الصهيوأمريكي عدوانها على اليمن حتى إذا رآها تفشل قال إني بريء منك 
السعودية نكرة حتى في العمالة


ظنت السعودية نفسها بمنأى عن مكر الأمريكان، وأنها الولد الطائع الذي لا يمكن لوالده التنكر له أو خذلانه، عندما تخلت عن محيطها العربي، وجعلت نفسها يداً تتحكم بها الولايات المتحدة في المنطقة، غير أن ولد السفاح لا يمكن أن يحمل اسم والده مهما بدا طائعاً، ويظل محط سخرية الآخرين، ويمكن للأب التخلي عنه في أية لحظة.
منذ عام نصَّبت السعودية نفسها على رأس تحالف دول عربية تقود عدواناً على الشعب اليمني، تديره الولايات المتحدة الأمريكية، حسبما أوضح الفارّ عبدربه هادي في مقابلة تلفزيونية بقوله: (الأمريكان قالوا لي بأنهم لن يتدخلوا)، لكن التدخل العدواني حصل، وهو بذلك أشار إلى أن قرار العدوان على اليمن هو قرار أمريكي خالص. 
كما يؤكد مسؤولون أمريكيون أن أوباما كان على علم ببدء ما يُسمى (عاصفة الحزم)، وأن مشاورات واشنطن مع الرياض قائمة بشأن شنّ الضربات الجوية على اليمنيين، ورسمياً كان أوباما في طليعة المباركين للعدوان، ففي الـ27 من آذار 2015، وهو اليوم الثاني من العدوان، أعلن الرئيس الأمريكي دعم بلاده للعدوان في اتصال هاتفي جمعه بسلمان.
الأمر الذي جعل المملكة تنفش ريشها ظناً منها أنها ستقدم خدمة كبيرة للأمريكان بحفظ خريف السيطرة الأمريكية في المنطقة، وعرقلة حركة التحرر الشعبية في الوطن العربي، مما يعزز شعورها بوثوق الولايات المتحدة بها، ويبدد خوفها من مكر الأمريكيين، فحساباتها تضمن لها نصراً بثمن بخس، لكنها وجدت شعباً صامداً لا يهاب إجرام العدوان، وفي الميدان يحرز تقدمات وصلت إلى السيطرة على نقاط حاكمة في العمق السعودي.
حتى على مستوى الخيانة والعمالة تبرز السعودية نكرة في ذلك، فهي المتفانية في خدمة الولايات المتحدة وتنفيذ أجندتها في المنطقة، غير المستفيدة من عمالتها إلا استنزاف ثرواتها وذهاب عائداتها النفطية لصالح أمريكا وتنفيذ مشاريعها الإمبريالية في الشرق الأوسط.
فبعد مضي قرابة شهر من عمر العدوان على اليمن، أعلنت قيادة التحالف العدواني انتهاء عمليات ما يُسمى (عاصفة الحزم)، والبدء في ما يُسمى (إعادة الأمل)، واعتبرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن هذا القرار جاء بعد ضغط من الولايات المتحدة على دول التحالف الذى تقوده السعودية، بوقف الضربات الجوية لدواعٍ إنسانية.
وعندما بدأ الرد اليمني مع مرور 40 يوماً من عمر العدوان، وشعرت المملكة بأن خطر العدوان يرتد عليها مع افتتاح جبهات مواجهة في الحدود اليمنية - السعودية، وتقدم القوات اليمنية، كانت السعودية بحاجة ماسة لتفعيل الاتفاقية التي وقعها الملك عبدالعزيز بن سعود مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، في يوم الحب عام 1945، والتي تتعهد فيها الولايات المتحدة بحماية المملكة مقابل نفطها والدعم السياسي.
غير أنه وبعد 70 عاماً من المعاهدة تتملص الولايات المتحدة من استحقاقاتها، ودعا أوباما قادة الخليج إلى عقد قمة أمريكية - خليجية في (كامب ديفيد)، غاب عنها سلمان، واكتفى بإرسال نجله وزير الدفاع محمد بن سلمان، وولي عهده محمد بن نايف، ورجح مراقبون غياب سلمان لشعوره بعدم تقديم أوباما الضمانات الأمنية عندما ورطه بالعدوان على اليمن، بينما تعتبر القمة فاشلة، إذ كان من المفترض أن يقدم أوباما لدول الخليج تطمينات بشأن النووي الإيراني، بيد أن ذلك لم يتم، وواصل أوباما مضيه في توقيع الملف النووي الإيراني، غير مكترث بشركائه في الخليج.
لم تتعظ المملكة من الخذلان الفعلي لها من قبل أمريكا، وظلت تتمسك بإخلاصها والتفاني في خدمة المشروع الأمريكي والإسرائيلي، لتنتقل من ورطة تحالفها العدواني على اليمن إلى إعلان تحالف آخر يُسمى (التحالف الإسلامي)، حشدت له عدداً من الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي جعل من إسرائيل تستبشر، وتجاوز الإسرائيليون في إعلان دعمهم للمملكة ما ذهبت إليه أمريكا.
وعلّق موقع (إسرائيل ديفينس) على إعلان التحالف الإسلامي بقوله: «ما لم ينجح عبد الناصر في تحقيقه بالنسبة للوحدة العربية، نجحت فيه السعودية عبر بلورة تحالف عربي - إسلامي عسكري، كجزء من صراع السيطرة على الشرق الأوسط بين الرياض وطهران». مغفلاً أن الزعيم عبدالناصر كان يهدف من خلال مشروعه القومي والعروبي إلى مواجهة الخطر المحدق بالعرب، المتمثل في إسرائيل واحتلال الأراضي العربية.
بيد أن ذلك جزء من الدعم الإعلامي الذي يوفره العدو الأمريكي والإسرائيلي، أو ما يعرف بتحسين وتجميل المخططات الصهيوأمريكية لتقدم عليها المملكة باقتناع ورضى، وكانت الصحيفة الأمريكية (كريستيان ساينس مونيتور) أوردت في مقال بعنوان (السبب وراء استعراض السعودية للقوة)، أن العامة في الداخل السعودي لا تدعم فقط الحرب التي تشنها بلادهم على اليمن، بل تدعم أيضا دور الرياض الجديد بشغل الفراغ الذي خلفته واشنطن كشرطي لمنطقة الشرق الأوسط. 
فيما قالت مجلة (ناشيونال إنترست) الأمريكية ([عذراً أوباما].. لم نعد في حاجة إليك)، واصفة حال العرب ولسان حالهم بعد ما سُمِّي (عاصفة الحزم)، مشيرة إلى أن أمريكا التي ظلت لاعباً محورياً في كل قضايا المنطقة، باتت قبلة اعتذارات العرب. ولفتت المجلة إلى أن التحالف الذي تقوده المملكة يكشف عن صحوة بين غالبية الدول العربية. ويعد ذلك من الشغل الإعلامي المرفق بالمخططات المُعدة في دوائر المخابرات الصهيوأمريكية، ليزيد من نشوة المملكة، ويجعلها تعتقد أنها الفحل، بحسب ما يصورها الإعلام الأمريكي والإسرائيلي.
لكنهما كالشيطان يزينان أعمالها ويُمنيانها بالنصر، حتى إذا رأياها تخسر تخليا عنها وتركاها في وحلها تغرق، فذهبت الصحف الأمريكية تسوق لفشل التحالف العدواني على الشعب اليمني بعد مرور ثلاثة أشهر من العدوان، إذ تصف مجلة (ناشيونال إنترست) الحملة الجوية السعودية بأنها فشلت وتبدو غير فعالة، بل إنها تأتي بنتائج عكسية على صعيد التسوية السياسية في اليمن، وتتابع أنه لا يوجد لدى السعودية استراتيجية خروج وإيقاف حملة القصف. 
لم يقف الأمر عند التشفي الإعلامي بحليفهم السعودي، فقد وصل إلى أوباما الذي أبدى امتعاضه من السياسة الخارجية الأمريكية التي تجبره على معاملة السعودية كحليف، واصفاً السعودية بأنها تصدر الوهابية والإرهاب إلى عدد من الدول الإسلامية منذ تسعينيات القرن المنصرم، مضيفاً في ملف نشرته مجلة (ذي أتلانتك) الأمريكية أن الرؤية الوهابية هي المفضلة لدى العائلة المالكة في السعودية.
إثر ذلك الهجوم كان لرئيس الاستخبارات السعودية تركي الفيصل رد بائس تحت عنوان: (لا يا سيد أوباما)، محاولاً تذكيره بالـ80 عاماً التي قضاها السعوديون في خدمة الولايات المتحدة، عسى أن يُحفظ جميلهم، قائلاً: (نحن من شاركناك معلوماتنا التي منعت هجمات إرهابية قاتلة على أمريكا. نحن المبادرون إلى عقد الاجتماعات التي أدت إلى تكوين التحالف، الذي يقاتل (داعش). ونحن من ندرب وندعم السوريين الأحرار).
غير أن الولاء السعودي الأعمى للأمريكان لم يختل، ويدوس بنو سعود أقدامهم على المملكة إرضاءً للولايات المتحدة، حيث رضخت السعودية قبل أيام للقبول بحوار ندي مع حركة (أنصار الله)، مسبوقاً بتهدئة وعملية تبادل أسرى في الحدود، فجاء إعلان الخارجية الأمريكية بأن الحل السياسي في اليمن مستبعد، وكانت مجزرة سوق مستبأ بحجة التي راح ضحيتها ما يزيد عن 120 شهيداً وعشرات الجرحى، ليظهر ناطق تحالف العدوان (عسيري) مبرراً الجريمة، واعتبر ذلك بمثابة نقض لترتيبات التفاهمات السياسية.