
يديره نافذون ونشطاء إعلاميون وحقوقيون
الطابور السادس للعدوان.. حشيش ودعارة وأحزمة ناسفة
لم تفِ النّار التي أضرمتها دول العدوان في اليمن في الـ26 من مارس العام المنصرم، بالغرض, مع أن لهيبها مستمر حتى اليوم, ولم تحقق الهدف الذي أَضرمت من أجله, فالعزيمة القوية المستمدة من عدالة القضية وأحقية المظلومية، لا تتفحم حتى في قلب اللهب، ولا تتحول إلى رماد, وإنما تنهض من وسط الحريق مصرة على البقاء والانتصار بالطّاقة التي تسري في أجساد أصحابها المخلصين وصلابتهم, وبالقيم والمبادئ والأخلاق المزروعة فيهم.. فقد عمدت دول العدوان إلى استخدام وسائل عدّة في حربها ضد اليمانيين, بعد أن فشلت طائراتها وسفنها الحربية في إخضاعهم وكسر شوكة ثباتهم وجلَدِهم, علّها بهذا تحقق ولو القليل مما كانت تطمح إليه, وهذا يقودنا إلى قاعدة ثابتة مفادها أنه كلما كبُر حجم المؤامرة كثُرت أدوات تنفيذها دون مبالاة أصحابها بماهيتها, كونهم متفسخين من الأخلاق, ومتجردين من الإنسانية, همهم الوحيد قتل الشعب, وتدمير بنيته التحتية والأخلاقية, والسبب الوحيد أنه رفض الوصاية، وأفشل مخططات القوى الاستعمارية الرامية لتدمير وطنه.
العدوان يوسع تجارة الحشيش
انتشرت ظاهرة الاتجار بالممنوعات في اليمن، وخصوصًا العاصمة صنعاء, مع بداية العدوان الذي تقوده دول تحالف العدوان بقيادة السعودية, لتدخل من ضمن الوسائل غير الأخلاقية التي استخدمها العدوان في حربه على اليمنيين.. حيث قال ضابط الأمن علي العفيف: (إن توسع تجارة الحشيش داخل العاصمة صنعاء بشكل غير مسبوق، تَواكب مع بداية قيام طائرات العدوان بشّن غاراتها عليها, وبعد أن عجز جنوده ومرتزقته عن دخولها, واختراق الطوق الأمني الذي يشكله الجيش واللجان الشعبية حولها, وهذا ما دفعه إلى محاولة خلق ثغرات أمنية من داخلها تمكنه من نقل الحرب إليها كونها المحور الذي يرتكز عليه صمود أبناء اليمن في مواجهته).
وأضاف العفيف أن العدوان استخدم تجار الحشيش بغية الوصول إلى تلك الثغرات, فهم يقومون بدس سم هذه الآفة في أوساط المجتمع, كي يسوده العنف والجريمة, وتنتشر فيه الفوضى, وجميعها تزعزع أمن واستقرار المجتمعات، وتخلق حالة من الانفلات الأمني قد يستغلها العدوان لفتح جبهة في صنعاء.. وتبين بعض محاضر التحقيق التي حصلت عليها صحيفة (لا)، أن معظم تجار الحشيش الذين ألقت أجهزة الأمن واللجان الشعبية القبض عليهم منذ بداية العدوان, كانوا مغتربين في السعودية التي بدورها تقود العدوان, والغريب أن هؤلاء عادوا في الوقت الذي غادر فيه الكثيرون للعمل خارج الوطن، بسبب الأضرار الاقتصادية التي ألحقها العدوان بمصالح المواطنين, مما لا يدع مجالًا للشكّ في أن عودتهم للتجارة بالممنوعات لها أغراض ومآرب تندرج ضمن محاولات العدوان تمرير مشروعه بأية طريقة كانت مادامت ستخدمه في زعزعة الاستقرار، وتمكنه من اختراق نواة المجتمع اليمني.
وبالنسبة للمواطنين المقيمين، فإنه ينقاد ضعاف النفوس منهم للتجارة بالحشيش بفعل الحصار الذي يفرضه العدوان, والذي أدى بدوره إلى تردي الأوضاع الاقتصادية, دون أن يدرك هؤلاء أن قيامهم بهذا العمل يخدم العدوان في إيجاد وسائل من داخل المجتمع تساهم في إنجاح المشروع الذي يطمح إليه.
ألم وحسرة...
عندما لا تكون خدمة الوطن والذود عنه هي الغاية الأسمى للشخصيات الاجتماعية من مشائخ وتجار ووجهاء وسياسيين, فسيكون خطر الصراع والتشظي محدقاً بأفراد المجتمع، إلا إذا وجد جهاز أمني كفء يتعامل مع تلك الجماعة بما يناسب تصرفاتها، لإبعاد ذلك الخطر عنهم, وعندما يسهل تخلي القيادات الأمنية عن المهمة المحمولة على عاتقها، والمتمثلة في توفير الأمن والاستقرار للمجتمع، وحمايته من كل ما قد يخدش أخلاقه وقيمه، ويعمل على تفكك نسيجه المجتمعي، مقابل حفنة من المال, فستكون الحسرة كبيرة للغاية.
وفي هذا قال لصحيفة (لا) مصدر أمني تحفظ على ذكر اسمه لأسبابه الخاصة, (إن هناك تجاراً كباراً ومعروفين يستغلون الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يسببها الحصار المفروض من قبل دول العدوان، والتي تزيد من حجم معاناة الشعب), ويقومون بإدخال الممنوعات مع بضائعهم المعروفين بتجارتها, وعندما يتم التشديد على تفتيش بضائعهم المستوردة, يلجؤون إلى انتقاد السلطات بزعمهم أنهم يقومون بتوفير المواد الغذائية للشعب بصعوبة من أجل تخفيف العبء عليها, بينما هي تقوم بمضايقتهم عند إدخال تلك المواد.. وعبّر المصدر الأمني ذاته عن ألمه الشديد لوجود بعض النافذين يساهمون في توسع هذه التجارة بتسهيل العبور لبضاعتها من بعض المناطق الواقعة تحت سيطرتهم, وهذا دون علم القيادة مقابل الحصول على مبالغ طائلة نظير خدماتهم المقدمة لتجار الحشيش.
صحفي وتاجر حشيش.. عملاء
وبحسب محاضر التحقيق مع تلك الخلايا الإجرامية، تبين أن ثمة علاقة تربطهم بصحفيين وناشطين موالين للعدوان؛ حيث تحصلت الصحيفة على نسخة من محضر جلسة التحقيق مع إحدى الخلايا الإجرامية تم ضبطها في أحد فنادق العاصمة صنعاء، وبحوزتها (سلاح، خمر، وأوراق حشيش)، وأورد المحضر أنه من خلال تتبع تحركات هذه العصابة تبين أنها تقيم علاقة مع أحد الصحفيين الموالين للعدوان، وقد حلت ضيفاً في منزله للغداء والتخزينة معه.
وأضاف المحضر أنه تم ضبط رسائل (واتسآب) تتضمن صوراً ومعلومات عن مواقع عسكرية في محافظة مأرب، بالإضافة إلى ضبط 220 ورقة حشيش, ويؤكد ضباط البحث أن هذه الكمية الكبيرة ليست للتعاطي، وإنما للمتاجرة.. ومن خلال الاطلاع على محاضر تحقيق، والحديث مع ضباط البحث الجنائي، يتبين أن ثمة عصابات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأطراف في العدوان السعودي, يُعتمد عليها كعملاء إحداثيات, وتتخذ من الاتجار بالممنوعات وسيلة لكسب المال الذي يمكنهم من مزاولة مهامهم التي أوكلها إليهم العدوان, كما أنها تقوم بتجنيد الشباب وإرسالهم للقتال في صفوف مرتزقة العدوان، حسبما أوضحت المصادر.. إلى ذلك، يذهب آخرون للقول بأن الاتجار بالحشيش والممنوعات يعتبر سياسة ممنهجة يتخذها العدوان في سبيل تحقيق أهدافه في تفسيخ قيم الشباب, ويعتبرون ذلك إحدى وسائل العدو في اختراق المجتمع اليمني، بما يضمن تنفيذ مشروعه.
ويرى أكاديميون في علم الاجتماع أنه إذا ما انتشرت تجارة الممنوعات في مجتمع ما, فإنها تعمل على إزالة إيجابياته، وتمنعه من تحقيق أهدافه التي يسعى إلى الارتقاء من خلالها, فالعنف الملازم لمدمني المخدرات, يعد من أهم الآثار الناتجة عن هذه الآفة, وهو يؤدي إلى انتشار الجريمة بأنواعها, بل وانتشار كل فعل قبيح يرفضه العقل الإنساني, وبالتالي زعزعة أمن واستقرار المجتمع، وجعله متفسخ الأخلاق جامد العقل.
الحشيش والإرهاب في خدمة العدوان
يقول (أ.ع.أ) ضابط البحث في أحد مراكز شرطة العاصمة: (إنه غالباً ما تكون المناطق التي تًمارس فيها تجارة الحشيش, أشبه بمزارع تنشأ فيها الخلايا النائمة للتنظيمات الإرهابية, وأن أكثر هذه المناطق التي تتم مداهمتهم فيها داخل العاصمة هي: (سعوان، السنينة، مذبح), لكثافتها السكانية العالية, والتي توفر الفرصة السانحة لإيجاد العيّنات التي تستطيع أن تزاول بها أعمالها).
إن أكثر الفئات المستهدفة من قِبل تلك العصابات هي فئة المراهقين الشباب, ويرجع المصدر السبب في هذا إلى علم تلك العصابات بقابلية هذه الفئة للأفكار، وسهولة السيطرة عليها وتوجيهها, وكذلك استغلالها حسب رغباتها القادمة من تحقيق أهداف الواقفين وراءها, فالغاية التي يطمح إليها العدوان من هذا هي هدم القيم والمبادئ في المجتمع اليمني، ما يضمن له النجاح في تدميره عقليًا وأخلاقيًا.. وأوضح الضابط أن مادة الحشيش تباع برخص وتيسير لإغراء الشباب وجذبهم لتعاطيها، وكذلك كسب ولائهم, لإدخالهم في مستنقع قذر يجردهم من الأخلاق ويجمد عقولهم, ليتحولوا بعدها إلى مجرد أدوات يتم استخدامها عند الحاجة إليها.
ويعلم الكثير من المواطنين أن العدوان منذ بدايته يسعى إلى خلق ثغرة أمنية في العاصمة, تمكنه من إيصال الحرب إليها لتغدو مثل بقية المحافظات التي نجح العدوان فيها. إلا أن فشله في ذلك يجعله يلجأ إلى طريقة أخرى يأمل أن ينجح بها, وتمثلت هذه في دعم تجار الحشيش لتوسيع تجارتهم، وتكوين علاقة قوية مع الإرهابيين ليقوموا بنشر العنف الذي لطالما اقترن بالمخدرات في أوساط مدينة صنعاء, والأداة الأمثل لتحقيق هذا هي الشباب لما لديهم من طاقة بإمكانها زعزعة الأمن والاستقرار ونشر الفوضى لخلق الثغرة التي يحلم بها العدوان ليستطيع منها فتح جبهة قتالية داخل العاصمة.
لا يقتصر ما سبق على الرجال فقط, فدور المرأة في انتشار وتوسع هذه التجارة داخل العاصمة وسيرها في أوساط المجتمع, وعرقلة عمل الأمن واللجان الشعبية في مكافحة هذا الظاهرة التي ستعود على المجتمع بآثار مدمرة في المستقبل, ومساعدة التنظيمات الإرهابية في تنفيذ مخططاتها المرسومة من قبل العدوان, كان حاضرًا وبقوة من خلال عملها مع كارتلات الحشيش, وخدماتها المقدمة للتنظيمات الإرهابية.
فتيات ينقلن الحشيش والعبوات الناسفة
ثمة علاقة وطيدة تربط شبكات الدعارة بتجار الحشيش والتنظيمات الإرهابية, وهذا ما توصلت له أجهزة الأمن واللجان الشعبية في معظم التحقيقات التي قاموا بإجرائها مع الفتيات اللواتي تم إلقاء القبض عليهن بتهمة الخلوة غير الشرعية, أو حيازة كميات كبيرة من الحشيش وتواجدهن في أماكن المطلوبين أمنيًا أثناء مداهمتها.
وتظهر هذه العلاقة من خلال الاعترافات الموجودة في محاضر التحقيق الخاصة بالفتيات المتهمات, حيث تَقرّ اعترافاتهن بأنهن يقمن بتوزيع وبيع الممنوعات للزبائن الذين يذهبن لإمتاعهم, حيث إن معظمهم عناصر فاعلة في التنظيمات الإرهابية, ولعلمهم بخبرتهن في تهريب الممنوعات باستغلال عدم تفتيشهن من قبل الأمن واللجان الشعبية, قاموا بتوظيفهن لنقل العبوات الناسفة داخل الأماكن التي لا يستطيعون التحرك فيها.. ويقول أحد مندوبي أنصار الله في البحث الجنائي، إن التنظيمات الإرهابية تستفيد من علاقاتها بتجار الحشيش في توفير المبالغ المالية الطائلة التي يجنونها من تجارتهم, ونقل الأسلحة والمواد الخاصة بصنع العبوات والأحزمة الناسفة, لامتلاكهم مجموعة من عصابات التهريب ذات الخبرة العالية، والتي معظم أفرادها من النساء, وأيضًا توفير قوة بشرية من المتعاطين، خصوصًا المراهقين، تعمل معها، وتقوم بتنفيذ الأعمال الإرهابية.
عيون ساهرة لحماية العاصمة
لا تتوانى أجهزة الأمن، مسنودة باللجان الشعبية، في بذل أقصى طاقاتها لحفظ أمن واستقرار العاصمة, انطلاقاً من حرصها على أداء الأعمال المنوطة بها، والتي توفر الحياة الآمنة والطيبة للمواطنين, وشعورها بالمسؤولية تجاه الوطن, وإدراكها المجهود الكبير الذي يبذله العدوان للنيل من العاصمة صنعاء.. ويبرز الدور الكبير الذي تقوم به في مكافحة هذه الآفة من خلال أطنان الحشيش التي كشفتها وقامت بمصادرتها قبل دخولها إلى العاصمة، أو التي يتم ضبطها بحوزة التجار أثناء تتبعهم ومداهمة أوكارهم في الأحياء السكنية داخل العاصمة.
ولإبقاء العيون مفتوحة لرصد أي تحركات مشبوهة لتجار الحشيش أو الخلايا الإرهابية, عملت وزارة الداخلية على تشكيل لجان أمنية من داخل حارات العاصمة شبيهة بأجهزة التحري, مهمتها المراقبة والإبلاغ عن كل ما قد يهدد أمن واستقرار العاصمة، ورفع التقارير الأسبوعية للوضع الذي تعيشه كل حارة على حدة.. بذلك يتضح أن المخطط القائمة عليه دول العدوان لم تهدف من خلاله إلى قتل أبناء الشعب اليمني، والقضاء على جيشه صمّام أمان وطنه, وتدمير بنيته التحتية وآثاره التاريخية المعرّفة بحضارته القديمة وأصالته العريقة فقط, وإنما أيضًا محاولتها تفكيك نسيجه الاجتماعي, وطمس أخلاقه ومبادئه المكونة لهويته, قاصدةً تحويله إلى مجتمع جامد العقل ومسلوب الفكر والإرادة, يعجز عن معرفة ما يكيده المتآمرون للنيل منه, كي لا يحول بينهم وبين تنفيذ مشاريعهم المستقبلية ضد وطنه, مستخدمة في هذا شتى الوسائل القذرة التي دلّت على العجز والفشل المخيمين عليها, ودلّت في الوقت نفسه على مدى عظمة وشموخ اليمنيين, وكم أنهم كانوا شوكة في حلق قوى الظلم والاستبداد في العالم, وحجر عثرة في طريق مشاريعهم التآمرية ضد وطنهم بشكل خاص, والوطن العربي بشكل عام.
لهذا يجب على أبناء الشعب الحذر من الوقوع في الفخّ الذي نصبه لهم العدوان، وجعل من الممنوعات الهادمة للمجتمعات شباكًا له كالحشيش والمخدرات وغيرها من آفات العصف بالإنسان.
كما أن عليهم الحرص على تربية أبنائهم تربيةً وطنية خالصة لله وللوطن, وإبعادهم عن مستنقعات الإدمان المجمدة للعقل والقاتلة للمستقبل, ليواصلوا مسيرة الصمود التي بدأها أجدادهم للدفاع عن وطنهم, والنهوض به، وجعل السيطرة عليه وإدخاله ضمن الوصاية أمراً أبعد من الخيال لمن تسوّل لهم أنفسهم هذا, لأنهم الشمس التي ستشرق على مستقبل اليمن, وتنهض به أرضًا وإنسانا..
المصدر صحيفة لا / شايف العين