طفح المجاري.. ووحل الاحتلال ( الجنوب يغرق )
- تم النشر بواسطة خاص / لا

بلغ تذمر أهالي الجنوب ذروته إلى درجة أن طالب سكان عدن ساخرين من الاحتلال وسلطته المحلية في المحافظة، بتوفير قوارب ليتمكنوا عبرها من التنقل في شوارع المدينة، مثلها مثل مدينة البندقية الإيطالية، بعد أن غرقت شوارع وأزقة مدينتهم في أوحال وطفح مياه الصرف الصحي، وضاقت بهم سبل العيش فيها، وسط تجاهل متعمد من إدارة البلدية في تأمين أبسط الخدمات الاجتماعية.. ولكن إغراق الجنوب في وحل صراعاته، وفي مستنقع الجماعات الإرهابية والفصائل المسلحة، ناهيك عن مستنقعات الفساد والاغتيالات والقتل اليومي والتدمير الممنهج للمؤسسات الحكومية واجتثاث الإطار العام للدولة، يعد هو الأكثر عفونة والأشد كراهية من مستنقعات وأوحال قوى الاحتلال في الجنوب، وما تمارسه من سياسات قذرة في تفتيت نسيجه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
التوجس من زوايا الموت
في معظم محافظات الجنوب ومدنه لم يعد بإمكان المواطن البسيط العيش بأمان في منزله هو وأطفاله دون توجس من طلقة غادرة، أو أخرى طائشة قد تزوره في أية لحظة، لتأخذ حياته أو أحد من أفراد أسرته.
في الجنوب لم يعد باستطاعة أحد أن يخرج من بيته، خوفاً من أن تحصد روحه عبوة ناسفة زرعت على قارعة الطريق، أو يتناثر جسده إن لامس سطح سيارة مفخخة بالموت مركونة على ناصية شارع أو في أي سوق، يتحكم بريموت تفجيرها قاتل مأجور.
مدينة فقدت التعايش
في عدن المسالمة التي كانت تتجاور فيها الأسر والأجناس والمآذن والكنائس، لم يعد بإمكان أحد من أهلها الطيبين الذهاب إلى أي مسجد، بعد أن أصبح الموت يترصد الكل في كل مكان، وفي أي زمان، وفي أية زاوية ومعبد، ويحصد أرواحاً بريئة حتى في بيوت الله الآمنة وكنائس المؤمنين والموحدين ودور عبادتهم التي لم تسلم هي الأخرى من إرهاب جماعات الموت، بعد أن هدم وأغلق الكثير منها، وما حصل في عيد الفطر المبارك من رمي قنبلة على أحد مساجد الزاوية الصوفية في الشيخ عثمان، خير دليل على ما يحدث في الجنوب، وما صنعته أيادي الاحتلال القذرة ولوثة أفكار الغزو الخارجية العابثة في مجتمع عاش أفراده لقرون في وئام وتعايش وسلام.. وفي خلال أقل من عام ونيف ترك بحقد محتلٍ يغوص في أوحاله، وحادثة اغتيال إمام مسجد الرحمن بالمنصورة في مدينة عدن الشيخ عبدالرحمن الزهري، الذي تم استهدافه بعد صلاة الفجر برصاص مجهولين، السبت قبل الماضي، ومن سبقوه في عمليات الاغتيال، ليس ببعيد، ولن تكون آخر حوادث مستنقع الاحتلال الذي يتمرغ فيه الآن الجنوب وكل مدنه.
فهل يدرك إخواننا قذارة هذه الكائنات الغريبة السابحة في برك أفكار هذا الوافد الغريب؟

مستنقع الإخوان
حزب الإصلاح المدعوم من بعض الدول الإقليمية مثل قطر وتركيا، وأيضاً في الفترة الحالية يتلقى الدعم من مملكة آل سعود، برغم القطيعة وفتور العلاقة بين المملكة والإخوان في فترة ما قبل العدوان، إلا أنه منذ بداية العدوان السعودي الأمريكي على اليمن تمت إعادة التحالف بينهما، وإحياء علاقات المصالح الوهابية الإرهابية نكاية بمشروع أنصار الله التحرري، وعلى الرغم من أنه تحالف هش، وسرعان ما سينفرط عقده بانكسار العدوان، إلا أنه وكعادة جماعات الإصلاح الارتزاقية، تم استغلال ذلك واستغلال الوضع المزري في الجنوب، ونشر مافيا الفيد والفساد التابعة للحزب الذي مستعد أن يغوص في الأوحال ومستنقعات الفساد القذرة حتى منتهى ذقون ولحى عناصره وقياداته التي تقوم بالنهب الممنهج لمؤسسات الدولة A169;A228;A194;A253; A261;A159;غلاق A251;A198;اكز A165;A271;A251;A254; A261;A165;A247;A208;A198;A219;A172; A261;تعطيل A165;A247;A240;A216;A166;A152;، ودخول عناصر مرتزقته في صراع مع عناصر الارتزاق السلفية، التي ازداد نشاطها في الجنوب بدعم مالي وعسكري سعودي لامحدود، لتكون الركيزة الأساسية في بث سموم الفكر الوهابي المتطرف الذي سعت السعودية من خلال نشره إلى تفتيت عدد من الدول العربية بدعمها للتطرف عبر هذا المذهب وأدواته وعناصره المحلية في كثير من الدول والأقطار العربية، والجنوب الآن واحد منها، وأكثرها تضرراً منه.
إضعاف الحراك في معادلة الصراع
يعد الحراك الجنوبي الذي كانت تنادي معظم فصائله باستعادة الدولة الجنوبية، هو الطرف الأضعف في معادلة الصراع التي تشب الآن نيرانها في الجنوب، ويغذي الاحتلال وقودها، فبعد أن فرضت الإمارات أطرافاً من الحراك الجنوبي في السلطة المحلية في عدن، إلا أنها في نفس الوقت تعمل على دعم حركات سلفية (عناصر ومرتزقة الحزام الأمني مثلاً)، بهدف مجابهة الإصلاح المدعوم قطرياً وسعودياً أولاً، ولإضعاف السلطة المحلية المعينة من قبلها لتصبح قضيتهم هامشية بدلاً من تصدرها للمشهد الجنوبي، وخاضعة لرحمة وهيمنة الجماعات المسلحة ثانياً، بل وإدخال الجنوب في صراعات بين الجماعات المسلحة، لتحقيق المشروع الإماراتي وأطماعها ثالثاً، والمتمثل في السيطرة على الصفقات التجارية (صفقة كهرباء عدن مثلاً) والنفطية، فهي تنظر إلى الجنوب كموقع جغرافي هام، وفي حالة السيطرة عليه يمكنها الوصول بسهولة إلى المحيط الهندي، لذلك تسعى جاهدة لتعطيل موانئ الجنوب البحرية والبرية وميناء عدن تحديداً، كي لا يكون بديلاً لميناء دبي.
ومثلها تجاهد دول الاحتلال الأخرى، وفي مقدمتها السعودية، في سبيل عدم قيام دولة يمنية وطنية مرتبطة بشعبها لا في الشمال ولا في الجنوب، خوفاً منها على مصالحها واستبدادها لشعوبها، ولذلك هي مستمرة في عدوانها على الوطن شمالاً، ومستمرة في إغراقه في مستنقعات أوحال احتلالها جنوباً، بضخ أموالها الباهظة لجماعاتها المتطرفة ولعناصرها الارتزاقية.
يقول بيل لو، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقال له على موقع (ميدل إيست آي)، إن وجود الدولة يهدد مصالح أبوظبي، يبدو واضحاً، فوجود حكومة مستقلة تتخذ قرارها بما يتوافق مع الشعب، كان مهدداً، وسيظل كذلك. وهو ما يفسر غضب أبوظبي عام 2012م من إلغاء اتفاقية ميناء عدن..
سيناريو كابوس الاحتلال
إن إدراك قوى الاحتلال ومعرفتها برغبة وتطلعات الجنوبيين المتمثلة بالسعي نحو فصل الجنوب عن شماله، واستعادة الهوية السياسية لدولة اليمن الجنوبية، أو في أقل تقدير الحصول على الاستقلال الإقليمي (الفيدرالية) أولاً، كما هو التوجه لدى بعض مكونات الحراك الجنوبي وبعض النخب السياسية، سهل لقوى الاحتلال لتلعب على أوتار هذه الرغبة وهذه التطلعات، وتم استغلال القضية الجنوبية وكثير من قيادات الحراك في رسم صورة وردية لشعب الجنوب، ووعودها الكاذبة لهم بالعودة إلى ما قبل 1990.. إلا أنه، ومن مجريات الأحداث وواقع يوميات الاحتلال للجنوب، يدرك المتابع - حتى ما دون الحصيف - جيداً أن قوى الاحتلال لا تريد أية دولة كالتي كانت في الجنوب، ولا أية دولة مؤسساتية غيرها، وكل ما تريده - على احتمال أن هناك حلماً لسيناريو فصل للجنوب تحت أي مسمى أو أي شكل سياسي - هو يمن جنوبي يرضخ تحت وطأة الاحتلال، وتظل فصائله المسلحة وجماعاته الإرهابية تخوض صراعاتها وخلافاتها وسط أوحال ومربعات مستنقعاته القذرة، ليتسنى له تمرير مشاريعه ومصالح الدول التي يخدمها، والنتيجة نهب ثروات الشعب بكل بساطة وسهولة، ليصحو الجنوبيون مستقبلاً على أن لا دولة لديهم ولا قضية.
شباب في مستنقع الإرهاب
الانفلات الأمني وتمدد التنظيمات الإرهابية وشباب عاطل ضاقت به سبل الحياة وضاق بها لم يعد باستطاعته توفير لقمة العيش في ظل عدم توفير فرص العمل، لذلك لجأ الكثير منهم إلى الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، فتستغل هذه الجماعات المسلحة المدعومة من قبل قوى الاحتلال، هذا الفقر وهذا العوز الشديد لهؤلاء الشباب، وتغدق عليهم الأموال، وتعمل على غسل أدمغتهم بأفكارها الإرهابية المتطرفة لإغراق المحافظات الجنوبية في وحل الفوضى والصراعات التي لا مناص منها لتنفيذ مشاريعها، المتمثلة في مصالحها الدولية، ونهب ثروات البلد، ثم تركه يغرق في أوحال صراعاته.
قوادو تمزيق النسيج المجتمعي
تبذل قوى الاحتلال والعدوان كل ما في وسعها لتمزيق النسيج الاجتماعي بين الجنوبيين أنفسهم وبين الجنوب والشمال، وخير دليل على ذلك ما حدث في عدن من عملية تهجير لأبناء الشمال وتغذية المناطقية، التي هي من صنع الاحتلال بامتياز. وساعدها في ذلك - للأسف الشديد - بعض من مرتزقتها من أبناء اليمن جنوباً وشمالاً من قيادات الأحزاب والكيانات السياسية التي ليس لها أية صلة بالانتماءات الوطنية أو الدينية، ولا بتلك الشعارات القومية والأممية التي تتغنى بها في وسائلها الإعلامية، وتسقط في المقابل في وحل الاحتلال، وتتمرغ في قذارات بترودولاراته كعجوز شمطاء فاتتها عذرية الحياة، فراحت في آخر العمر تقود الغرباء وتدلهم إلى ديار عذريتها.
فهل يعي الكل نجاسة أفعال هذه العجوز وأية قذارة تحمل معها لكل حُرمات ديار الوطن؟
الاحتلال يسلخ حضرموت
في مستنقعات أوحاله القذرة يُغرق الاحتلال مدن الجنوب ومحافظاته يوماً بعد آخر، ولكن مؤخراً ازدادت بللاً طينة أوحاله، بتنفيذ بقية مشاريعه التدميرية، وخاصة تلك التي تتبناها الإمارات والسعودية، حيث تقومان بتشجيع المحافظات الجنوبية على عدم دفع إيرادات المحافظات الجنوبية إلى البنك المركزي اليمني، وبدأت حضرموت في تنفيذ ذلك فعلياً، حيث أصدر محافظها المعين من قبل الفار هادي والخليج، بمنع توريد إيرادات المحافظة إلى البنك المركزي اليمني. خبراء قالوا إن الهدف من هذا القرار هو تدمير الاقتصاد اليمني الذي قد يؤدي إلى نتائج وخيمة، بحيث تصبح الموارد بيد جماعات متطرفة لا تهمها رواتب موظفي الدولة ولا اقتصاد البلد، وهو ما يناقض الاتفاق الدولي القاضي بتحييد البنك المركزي اليمني كي لا تنهار مؤسسات الدولة، ولكن بحسب المراقبين إن دول العدوان تسعى جاهدة أن تفتت مؤسسات وشكل الدولة حتى تصبح اليمن دولة فاشلة تخضع للجماعات المتطرفة، وفي الأخير تستطيع فرض هدفها الذي تسعى إليه دول العدوان ومرتزقتها، وهو سلخ حضرموت من جسد الدولة اليمنية، ويتضح ذلك جلياً لأي مراقب من تتبع ما يحدث في حضرموت منذ بداية تسليمها للقاعدة لمدة عام ونصف، ومن ثم يتم إخلاؤها بين ليلة وضحاها من جميع عاصر القاعدة، وهو ما لم يحدث في تاريخ الصراع الطويل مع الجماعات الإرهابية أو مع أية جماعات مسلحة مماثلة لها في أية أرض، مما يدل على أن ما حدث في حضرموت هو دور تسليم واستلام وتعاون بين القاعدة وجماعات أخواتها الإرهابية وقوى الاحتلال وحلفاء العدوان السعودي الأمريكي، ويكشف مدى الارتباط الوثيق بينها لتنفيذ مشروع سلخ المحافظة النفطية وضمها لنفوذ قوى الاحتلال، وترك المحافظات الأخرى تغرق في وحل صراعاتها المسلحة..فهل يدرك رفاقنا في تيارات الحراك الجنوبي حقارة الاحتلال ومرتزقته ونجاسات أوحالهم التي أوقعوهم وكل الجنوب فيها، وبغباء سياسي ساعدوه هم في فعل ذلك؟
المصدر خاص / لا