أعمدة البنك المركزي الفولاذية
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / صلاح علي

بعد مرور أكثـر من عام ونصف يستعصي على عواصف العدوان
أعمدة البنك المركزي الفولاذية
في الأيام الأولى من الشهر الجاري، أرسل رئيس وزراء هادي، أحمد عبيد بن دغر، إلى البنك الدولي، طلباً بوقف إدارة البنك المركزي اليمني للأرصدة النقدية الاحتياطية للبلاد في الخارج، ونقله من صنعاء إلى عدن. متذرعاً بأنه تلقى معلومات عن كون البنك المركزي مول المجهود الحربي لـ(الحوثيين) بـ4 مليارات دولار من الاحتياطي. وذلك ما نفاه البنكان الدولي والمركزي في آن.. وكان رد البنك الدولي، مباشرة، الرفض. ومصادقاً بعدها على تصريحات محافظ المركزي اليمني محمد عوض بن همام، بأن تعاملات البنك وإدارته للأرصدة النقدية الاحتياطية وللأموال داخل البلاد، شفافة وحيادية ومسؤولة، ومن أجل جميع اليمنيين، وبإمكان حكومة بن دغر اختيار أية شركة مالية لمراجعة الحركة المالية للبنك على المستويين المحلي والأجنبي (وهو ما لم يحدث).
ومرة أخرى، الخميس قبل الفائت، يعلن بن دغر من الرياض، أنهم سيقطعون كافة التعاملات مع البنك المركزي للمناطق الواقعة تحت سيطرتهم، ليعلن بعدها بيومين موالو هادي والعدوان في محافظة المهرة، بدء إجراءات وقف التعامل مع البنك المركزي، من خلال البحث عن مصادر أخرى لدفع رواتب الموظفين هناك والنفقات الأخرى التي كان يتكفل بها البنك!
ذريعة بن دغر، كانت أخيراً، إشاعة (مصدرها بن دغر)، الأسبوع الماضي، تتحدث عن تغييرات في مجلس إدارة البنك من قبل (الحوثيين)، ليقابلها محافظ البنك بن همام مباشرة ببيان نفى فيه صحة ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن حدوث أي تغييرات في إدارته، محذراً من أن أي إجراءات ستتخذ بناء على هذه المعلومات الكاذبة، سيكون لها تداعياتها الكارثية على وحدة الوطن واقتصاده.
جاء ذلك، بعد استئناف إنتاج النفط وتصديره من حضرموت وشبوة، على يد مرتزقة العدوان المسيطرين على القطاعات النفطية في تلك المناطق، وبعد توقف استمر منذ بدء العدوان في مارس العام المنصرم.
قبل هذه العملية بفترة قصيرة، قام هادي ببيع نحو مليون برميل من النفط المخزن في الجنوب، والاستحواذ على عوائده بعيداً عن معرفة البنك بذلك.
هذه المحاولات مترافقة بفوضى إعلامية هستيرية من قبل إعلام العدو، لم تكن الأولى، فقد سبقتها محاولات عدة ملوحة بنقل البنك إلى عدن وتغيير قيادته، أبرزها في أغسطس العام المنصرم ومايو ويوليو الفائتين. علاوة على سعي موازٍ لإلغاء العملة الوطنية (الريال)، واستبدالها بأخرى تحددها حكومة المرتزقة.
بيد أن هذه المساعي باءت جلها بالفشل، وتحطمت أمام مجموعة من العوامل، أبرزها القصور الذاتي لدى جوقة الرياض.
لماذا لا يستطيع العملاء في الخارج نقل البنك المركزي إلى عدن أو أي مكان خارج العاصمة اليمنية صنعاء؟! وما هي عوامل استمرار البنك في أداء مهامه طيلة الفترة العصيبة الماضية وحتى اللحظة؟!
لطالما لوحت عصابة الرياض وأتباعها، باستهداف البلاد عبر البنك المركزي اليمني ومحافظه محمد عوض بن همام. ومنذ بدء العدوان استهدف الطيران مناطق مجاورة للبنك في صنعاء، كمقبرة خزيمة، بغرض ترويع موظفي البنك، وحملهم على المغادرة، وإيقاف نشاط البنك. ويريد العدو نقل البنك المركزي إلى عدن بدلاً عن صنعاء، للسيطرة على العملية المالية برمتها، لإطباق حصار نهائي خانق للبلاد مالياً واقتصادياً، يخضع شعبنا وقيادته لأرخص أنواع الابتزاز، لاسيما بعد تدمير مصانعه ومنشآته الحيوية ومخازن أغذيته وأدويته، ووقف وارداته الضرورية...
لكنها ظلت عاجزة عن ذلك لمجموعة من الأسباب القوية، أبرزها:
أن نقل البنك المركزي، يتطلب أولاً تهيئة بيئة ملائمة لنشاطه وتوفير حماية كاملة له، وهو ما يعجز العدوان ومرتزقته عن تحقيقه في محافظة عدن التي أعلنوها عاصمة مؤقتة لهم، فعدن غارقة في مستنقعات الفوضى والظلام والرايات السوداء، وتجوب شوارعها احترابات فصائل العدوان ومحاكمات دور الحسبة، وعشرات التفجيرات والتصفيات الجسدية والاغتيالات والنهب المفتوح.
كما أن الحكومة المزعومة، لم تتمكن من حماية ذاتها في عدن قبل أي شيء آخر، وتعرض أفرادها لهجمات مختلفة، وبمقدمتهم رئيسها السابق خالد بحاح الذي طالت الصواريخ مقر إقامته. كما أن الأخير اعتذر إبان فترة تزعمه منصب رئيس الوزراء الفارين، ووجوده في عدن، عن إمكانية هبوط الطائرة المحملة بالأجور في المطار، نظراً للفوضى الأمنية، وعدم إمكانية تأمين الطائرة والمال الذي على متنها. وهذا الحال، يعد متلازمة تعاقر كل مدينة تقع تحت سيطرة العدوان وعصاباته.
خبراء ومحللون، من اتجاهات عدة، يؤكدون على هذه الحقيقة القائلة: إن الوضع الأمني المزري في عدن، يستبعد إمكانية قيام المركزي اليمني الرئيسي فيها.. فارع المسلمي العامل في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، كان أحدهم، معتبراً أن الإجراءات المتخذة ضد البنك المركزي من قبل حكومة بن دغر، تستهدف خنق البلد كله.
علماً أن فرع البنك المركزي بمحافظة عدن قد تعرض للتوقف عن العمل لمرات عدة تجاوزت مدة إحداها 4 أشهر، نتيجة المعارك المتواصلة في المدينة. على عكس البنك المركزي في صنعاء.
مدير فرع البنك المركزي اليمني في محافظة عدن خالد إبراهيم زكريا، ذكر لوسائل إعلام عدن أن (البنك المركزي في عدن مجرد فرع، علاقته بمركزي صنعاء، كعلاقة أي فرع بالمركز الرئيسي)، مضيفاً: (إنه وبحسب التوصيف الوظيفي الموجود، فإن قيادة البنك المركزي في عدن غير مخولة بعمل أي شيء حيال ذلك).
وهناك موانع كثيرة إقليمية ودولية تحول دون نقل البنك إلى عدن، فالمصالح الإقليمية والدولية تقتضي بقاء البنك المركزي في صنعاء، حد قول خالد إبراهيم. منوهاً إلى أنه (قبل اتخاذ أي قرار بالانفصال عن مركزي صنعاء، يجب معرفة أولاً: هل عدن قادرة على تغطية احتياجاتها من الإيرادات؟!). في إشارة منه إلى الوضع الاقتصادي والمالي الذي تعيشه عدن، خاصة في ظل الانفلات الأمني، وعدم التزام دول العدوان بأي تعهدات مالية سبق ووعدت بها حكومة العملاء في الرياض، من أجل الإيفاء بسداد دخول المواطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرة تحالف العدوان، وحتى بالنسبة لأولئك الذين تم تجنيدهم للقتال في صفوفها. ما يعد بدوره أحد الأسباب الرئيسية في قطع الطريق أمام نقل البنك.
اقتصاديون، بدورهم، استبعدوا إمكانية تنفيذ حكومة بن دغر ما أعلنت عنه من توعدات بنقل البنك المركزي إلى عدن. معيدين سبب ذلك إلى (رخاوة الحكومة وعدم امتلاكها رؤية واضحة لعملها أو أهدافاً محددة). وأضاف الاقتصاديون أن تعامل قوى دولية أبرزها البنك الدولي والأمم المتحدة، مع سلطة صنعاء، يعيق ذلك، خاصة وأن القوى الدولية تريد التوصل إلى حل وسطي بعد قناعة عززها 17 شهراً من العدوان، يقابله صمود يمني أسطوري، أنَّ لا حل عسكري ممكناً في اليمن، ولم تعد تؤمن أن بمقدور هادي وجوقته تغيير فارق جوهري على الأرض.
كما أن لنقل البنك المركزي تداعيات كبيرة جداً على الاقتصاد وحياة المواطنين ورؤوس الأموال، ستشمل كافة البلاد دون استثناء، وتضع تحالف العدوان في مواجهة أوسع مع الشارع اليمني، وأشد ضراوة، ولا يمكنه ضمان ردود الفعل المعاكسة، بما في ذلك المصطفون معه.
وكان الخبير الاقتصادي والمصرفي الموالي للعدوان، أحمد شماخ، صرح في وقت سابق لـ(العربي الجديد) بأن (اعتماد فرع عدن كبنك رئيسي سيخلق إرباكاً في السوق النقدية المحلية، وسيواجه مشاكل عديدة، منها المرتبات وديون اليمن الخارجية وأموال المودعين)، وأن خطوة كنقل البنك إلى عدن بدون تطمينات للقطاع الخاص والمصارف التجارية، سينجم عنها (هلع وتهريب للعملة وسحب للأرصدة).. منذ بداية العدوان على الوطن، احترمت السلطة الوطنية استقلالية البنك المركزي وكفاءة قيادته في إدارة الأزمة المالية التي تواجهها البلاد، وكل الإجراءات التي ارتأها مناسبة لاستمرار عمله.
فقد استمر البنك بسداد مرتبات الجنود والموظفين من الجانبين، وعلى مستوى كافة المناطق، بما فيها الواقعة تحت سيطرة العدوان، والتي توقفت عن توريد العائدات من الضرائب والجمارك وغيرها، إلى البنك المركزي.
وعمل المركزي اليمني للحيلولة دون الانهيار المالي، وضمان عدم نفاد الغذاء، من خلال ضمان سداد مدفوعات الواردات الحيوية من الحبوب والطحين، ودرء شبح مجاعة يلوح في الأفق يستلزم ثقة جهات الإقراض والتجارة الدولية في قدرة البنك على إدارة العملة اليمنية واحتياطيات النقد الأجنبي دون تدخل سياسي. وهي الثقة التي لم تحزها حكومة بن دغر في الرياض.
وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في اليمن ألبرت جاجر، إنه (من المنصف القول إن البنك المركزي جاد بكل تأكيد في التزام الحياد في مناخ سياسي وأمني في غاية الصعوبة، وقد حقق نجاحاً إلى حد كبير في الحفاظ على الاستقرار المالي الأساسي خلال الصراع).
ووسط حصار العدوان شبه الكامل للموانئ وحربه على الاقتصاد وتأثر إمدادات مواد أساسية مثل الغذاء والوقود والدواء، لعب البنك المركزي دوراً أساسياً في الحفاظ على استمرار تدفق السلع الضرورية، فضمن واردات الطحين والحبوب بالأسعار الرسمية، لكنه ألغى مثل هذه التعهدات للأرز والسكر في فبراير الفائت، مع تناقص احتياطياته من الدولار، لاسيما مع قطع بنوك غربية خطوط ائتمان بعض التجار الذين يشحنون الغذاء إلى اليمن، خوفاً من القدرة على السداد.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر مصرفية أن أية بادرة على تعرض السياسات المالية في اليمن واحتياطياته المتناقصة من النقد الأجنبي لسوء الإدارة، قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في الواردات.
ونقلت (رويترز) عن مصدر في البنك المركزي قوله: (لو أن المصالح السياسية هي التي حركت السياسة النقدية، لكان الريال قد خسر قيمته، ولارتفع التضخم، ولعجزت السلطات عن سداد المرتبات وضمان الواردات الغذائية). وإن استقلال عمل البنك، قلل من حدة التداعيات الاقتصادية على الحياة العامة.
بن همام، المقاتل الجسور المعتلي قيادة السياسة النقدية في البلاد منذ أكثر من 4 سنوات، تمكن من إقامة (هدنة اقتصادية) أجبر فيها الجهات الدولية على التعامل معه والثقة فيه، خاصة وأنه أثبت جدارة عالية في إدارة الأزمات المالية في السنوات التي سبقت العدوان، وحافظ على العملة اليمنية من الانهيار.
ومضمون (الهدنة الاقتصادية) التي أنجزها بن همام بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، هي تحييد البنك المركزي عن المعركة، وبقاؤه في صنعاء دون نقل صلاحياته لمدينة أخرى، شريطة الإبقاء على إدارة البنك وعدم إجراء أي تغييرات فيها، مع السماح بتدفق الموارد المالية إليه من المناطق الخارجة عن السيطرة الوطنية، شريطة التزام المركزي بتغطية نفقات حكومة الفار هادي، وسداد رواتب موظفي الدولة في كل المحافظات بلا استثناء.
وبرغم عدم التزام جوقة الرياض تجاه البنك المركزي، وعدم السماح بتدفق الموارد المالية إليه بحسب الاتفاق، استمر البنك ومحافظه بن همام، وبالتنسيق مع حكومة القائمين بالأعمال، في الإيفاء بجانبهم من الاتفاق.
بينما ذهبت حكومة الفار هادي، لانتقاد الجهات الدولية والعويل بوجهها، على الالتزام بالهدنة الاقتصادية، والضغط على توريد العائدات، ولاسيما من النفط المستأنف العمل فيه الشهر الحالي، إلى البنك المركزي، للحفاظ على العملة والاحتياطي النقدي.. أنشئ البنك المركزي اليمني، بقانون دستوري، العام 1971م، وتوحد مع مصرف اليمن في الجنوب مع الوحدة، وأعلن بنكاً واحداً في دستورها، ويكون مقره الرئيسي العاصمة صنعاء، كمؤسسة سيادية تقع في نطاق العاصمة السيادية للبد.
وتغيير هذه الحقيقة، يتطلب حقيقة أخرى بلا شك، لتغييرها، وهي استفتاء شعبي على نقل البنك، ومصادقة من مجلس النواب.. فهل بمقدور هادي وباقي العصابة الفارة في الرياض تحقيق ذلك؟!
قميص الشرعية
يرى مراقبون أن تحالف العدوان السعودي الأمريكي، لن يجازف بقميص (الشرعية) الذي علقه من بدء الحرب على اليمن، وأهداف أساسية أعلنها مبرر حربه كـ(استعادة العاصمة صنعاء وتحريرها) وإعادة (شرعية) الفار هادي إليها. وفي وقت يحرص فيه على إظهار المعركة بلباس (أهلي بين اليمنيين) لا وجود له فيه إلا كطرف ثالث.
وفي ظل ترويج إعلامه المحموم عن كون (التحالف) يقف مع وحدة اليمن، وبأن (الانقلابيين) يهددون هذه الوحدة، تأتي محاولة نقل البنك المركزي، إعلاناً رسمياً لتغيير عاصمة البلاد والذهاب إلى تقسيم شطري يحرص العدو على تأجيله، خاصة وأنه لم يتمكن من تأمين عمقه الجنوبي الذي تتعمق فيه قوات الجيش واللجان.
مخنق صعب
مؤخراً، ظهرت أحاديث كثيرة عن كون أزمة اقتصادية سعودية خليجية تلوح في الأفق مع التراجع المتواصل لاحتياطاتها النقدية، وبقاء أسعار النفط في مستوياتها الدنيا، وفي الوقت الذي تتكبد خسائر مالية هائلة نظير هزائمها العسكرية المتواصلة في ميدان المعركة أمام المقاتل اليمني في الجيش واللجان الشعبية، مع اضطرارها تعويض ما خسرته من ذخائر ومعدات حربية للاستمرار في المواجهة، ضمن أكبر عملية استنزاف شاملة شهدها الكيان السعودي منذ تأسسه.
في الأثناء، استؤنفت ضراوة الحرب على البنك المركزي اليمني مجدداً، وفيما دعت حكومة الفار هادي في الرياض إلى وقف تعاملات البنك لدى المؤسسات الدولية والعالم، عاودت استئناف إنتاج النفط من المناطق الواقعة تحت سيطرتها في شبوة وحضرموت، مع إعلانها وقف التعامل مع البنك المركزي اليمني، وعدم توريد مبالغ العائدات إليه.
سياسيون اعتبروا الاجتماع العاجل في الرياض، قبل أيام، للجنة الأربعة، تأكيداً على وقوع السعودية وعملائها في مخنق يصعب الخروج منه، ما دفعها عبر عملائها لاتخاذ خطوات أخيرة، ولو إعلامية، للخروج منه.
وفي ظل المعادلة التي وضعت فيها القوى الوطنية، العالم بأسره أمام خيارات صعبة ودقيقة، يبدو من الحماقة المطلقة الإقدام على خطوة كنقل البنك أو عزله -والتي هي من الأساس أبعد من المنال- في وقت يطمحون فيه إلى عدول صنعاء عن تصعيدها الموجع بتشكيل المجلس السياسي الأعلى، أو التوقف عن المزيد من التصعيد في الأدنى. مترافقة بجهود حثيثة للعودة إلى المشاورات التي وصلت إلى طريق مسدود، بعد تقديم وفدنا الوطني تنازلات لحفظ ماء الوجه لدى عدونا الذي لم يكن موفقاً البتة في فرض شروط مجحفة بحق الشعب اليمني.
الأمر الذي اعتبره محللون وخبراء متابعون للشأن اليمني، ورقة لا أكثر، للضغط على الوطن، عبر حملة إعلامية غبية وفوضى إشاعات مستهلكة، اعتقدت أنها تثير اضطراباً وهلعاً في الشارع اليمني يفضي إلى تأزم الحالة الاقتصادية، الأمر الذي يضغط على القوى السياسية وقراراتها. مؤكدين أن هذه الأعمال الدعائية، تعبر عن حالة اللاجدية التي عليها هادي وتابعوه، من حيث ادعائه (رئيساً شرعياً) تهمه معاناة الناس.
(قصور وطفولية سياسية)، هكذا يصف مصدر في البنك المركزي اليمني بصنعاء -طلب عدم نشر هويته- دعوة هادي إلى مقاطعة البنك المركزي، موضحاً أنه لا سبب فعلي لمهاجمة البنك المركزي الذي فند كافة المزاعم الذي وجهتها حكومة بن دغر، عدا محاولة تأزيم الوضع الاقتصادي للبلد لتحقيق مكاسب سياسية يفترض ألا تكون بالمساس بأمن المواطن.. وأضاف المصدر أنه لا يستبعد أن تكون خلف هذه الفوضى الإعلامية، نية هادي وحكومته، التملص من الالتزام بتوريد مبالغ العائدات من النفط والجمارك وغيرها إلى البنك المركزي، والاستحواذ عليها، خاصة وأن السعودية لديها ما يكفيها من أزمات مالية، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في (الهدنة الاقتصادية).
حرب إعلامية
في خضم هذه الحملة الدعائية، (رويترز) كان لها دورها، وإن بطريقة أكثر حذقاً. إذ نشرت تقريراً تحليلياً، الأربعاء، عن البنك المركزي، وقالت فيه إن تحالف العدوان عوضاً عن عملية اقتحام العاصمة المسيجة العصية، ارتأى هدفاً أسهل له، هو البنك المركزي اليمني، مصوراً الوضع الاقتصادي بالموشك على الانهيار، وأن بيد العدوان قدرة فعلية على تغيير المعادلة القائمة.
لقد بدا الرجل (بن همام) في الصور التي نشرتها (رويترز)، متفائلاً، متربعاً في عرش عرينه (البنك) بلا أدنى مبالاة بمريديه. بكامل الثقة كان مظهر الأسد متحدثاً، كعارف بدهاليز وأحابيل السياسة والاقتصاد، ومدركاً أبعاد اللعبة التي يشنها العدوان ومدى تأثيرها. (ضامن في بطنه بطيخة صيفي) هكذا مثل شعبي يقول وكأنه اليوم يصور بن همام المعتلي كرسيه بثقة تامة.
مصادر خاصة بـ(لا) قالت: (إن المساس بالبنك المركزي والسعي لضرب الاقتصاد والعملة، سيطال قبل أي شيء مؤسسات وشركات صرافة، موالية للعدو، وتعمل على تمويل أنشطته من الداخل)، كما أنها لن تكون أزمة - في حال حدوثها- مقتصرة على سكان المناطق الواقعة بيد الجيش واللجان الشعبية، بل ستعم كافة الوطن شماله وجنوبه..
فهل العدو مستعدٌ حقاً، للتضحية بقاعدته الاقتصادية وشبكاته العميقة المنتشرة في البلاد؟!
المصدر صحيفة لا / صلاح علي