ممـــــلـكــة العــــــار
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / طلال سفيان

فرار وسقوط وصفقات وإرهاب وفضائح
مملكة العار
دخلت السعودية بشكل مباشر في المستنقع اليمني، لتشهد خريطة العدوان السعودي/الأمريكي انقلاباً استراتيجياً ووقائع متغايرة على الأرض ترسمها ملامح الهزيمة على الأفق.. ولم يعد الجندي السعودي معنياً بالبقاء داخل دائرة النار، بعد أن عرف أن ما يقف عليه هو رقعة جغرافية كبيرة، لا وجود للقضية فيها، بل للملوك والأمراء، وبقية الطغم الداعمة لهم. ولذا، آثر أن يقبل دور (الجندي الفار المجهول)، كي لا يرى أحدٌ عاره، وهو يتوارى ذعراً، تاركاً سلاحه خلفه.. هذا المأزق العميق هو ما يجعل الجندي السعودي يفرّ من أرض المعركة، منكس الرأس، لأنه يشعر فعلياً أنه لا يخوض حرباً انتظرها، وانخرط في سلك الجندية من أجلها، ولم يعد مستعدّاً لدفع حياته ثمناً لخلود حياة طويل العمر المدنسة بالدم والنار والاستعباد والفضائح المجنونة.
أصيب العدوُّ السعودي وحلفاؤه بتخبُّط وتراجُعٍ؛ بسبب الهزائم والخسائر التي تلقاها من الجيش واللجان الشعبية على الأرض، وأصاب واقعُ التطورات الميدانية والإنجازات التي حققها الجيش واللجان في عمليات نوعية واستراتيجية, الجيشَ السعودي بانهيار نفسي ومعنوي كبير، لا سيما تلك المشاهد التي تظهر فرارَ جنوده وضباطه من أرض المعركة، تاركين وراءهم آلياتهم وعتادهم الحربية المتطورة غنيمةً للمقاتل اليمني، ما يكشفُ هشاشة الجيش السعودي، وانهياراً كبيراً في صفوفه، وسَطَ تطورات تدل بأن هؤلاء الطغاة يعيشون أسوأ الظروف؛ بسبب الهزائم والخسائر التي تلحق بهم في جميع الجبهات وفي داخل أراضيه.
لم يتعلم الجيش السعودي من أبجديات القتال والحرب غير تنظيف البنادق، وعجز عن استرجاع أصغر موقع تركه خلفه، على الرغم من تعزيزاتٍ تلقاها من الخارج.. في هذه المرحلة أصبح الجندي السعودي مظلوماً بعد أن ظهر كضحية أخرى من ضحايا نظامه المستبد الذي لن يتوقف حتى يقترب أبطالنا من أسوار قصورهم.

نكبة ومهزلة
كانت الأيام القليلة الماضية مميزة على صعيد جبهات الحدود، حيث صُفع الجيش السعودي مرة أخرى، وهزم شر هزيمة، وتمكن أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية من السيطرة على مناطق جديدة في عمق الأراضي السعودية، ورفعوا العلم اليمني فوقها.
منذ عدة أيام وحتى الأمس، وزع الإعلام الحربي مشاهد نوعية لعمليات بطولية للجيش اليمني واللجان الشعبية داخل العمق السعودي في نجران، وعلى تخوم عسير وجيزان، أظهرت مقتل وإصابة وفرار عدد كبير من العسكريين السعوديين، وأيضاً حالات اصطدام بين الآليات العسكرية السعودية بشكل هستيري، لتظهر نكبة القوة العسكرية السعودية في اليمن، وتحولها الى مهزلة ومجال للتندر والاستهزاء، وخصوصاً مشاهد الفرار واقتحام المواقع ودعوة العسكريين السعوديين الى الاستسلام.
من المتعارف عليه أنه أثناء المواجهات في الحروب قد يفر أو ينسحب المقاتل عندما يواجه دبابات ومدرعات وقصفاً بالطائرات، لكن المقاتل اليمني قد خالف العادة، وتحدى المألوف والمتعارف عليه، وقلب الحدث، فها هي المدرعات والدبابات السعودية تفر وتهرب من مواجهته، بل ومن شدة الخوف رأيناها تتصادم مع بعضها، وبرغم الإسناد الجوي، إلا أن كل تلك الإمكانات والفوارق الهائلة صارت تحت أقدام المقاتل اليمني الشجاع.
يدفع الجنود السعوديون ضريبة حرب غير مشروعة من وجهة نظرهم، ويراد لهم أن يدافعوا عن عرش عائلي متهالك، فضلاً عن عدم وجود قضية يقاتلون لأجلها، سيما وأن ما يجري هو عدوان صرف لم يكن المجتمع والجيش السعوديين معه، كما أنه عدوان ثبت فشله بعد عام ونصف، ويبدو أنه معدوم الأفق، وبالتالي فإنه ليس هناك من خيار أمام العسكري السعودي إلا الفرار أو الاستسلام، أو الموت من أجل لا شيء، لذلك يظهر تصرفهم وسقوط مواقعهم بسرعة كبيرة.
ولهذا السبب، يسلم الجيش السعودي مدناً وقواعد حصينة، ويفرّ مذعوراً أمام أبطال، لايمتلكون ربع ما يمتلكه من أسلحة متطورة وفتاكة، ليس أقلها المدفعيات وراجمات الصواريخ، ولا آخرها طائرات (إف 16)، ومروحيات الأباتشي، وفرّت جحافله مثل غزلان مرعوبة لا تلوي على شيء، في سبيل النجاة بجلدها، في مشاهد كاريكاتورية مؤلمة.
يتساءل الكثير عن عدم إعلان العدو السعودي عن المعارك التي تدورُ على حدوده الجنوبية، والصمت على الإهانات التي يتلقاها جيشُه باختراق أبطال اليمن للحدود والسيطرة على مواقعه الأمامية وقتل وفرار جنوده وتدمير آلياته ودباباته، وجميعُها حقائقُ لا خيال، وتنقل بالصوت والصورة.. كُلّ هذا يطرح سؤالاً كبيراً، هو لماذا يتجاهل العدو كُلّ هذه الإهانات، ويتجاهل كُلّ هذه الوقائع الموثقة؟
مؤخراً، كشفت مصادرُ دبلوماسية أُورُوبية في بروكسل, أن أجهزة المخابرات الغربية رصدت معلوماتٍ تكتمت عليها السلطاتُ السعودية بشأن ظاهرة هروب جماعية من الوحدات والمعسكرات السعودية والمراكز الحدودية مع اليمن.
ووفق المصادر، فإن أجهزةَ الاستخبارات الغربية رصدت اتصالاتٍ بين قادة عسكريين سعوديين وبين وزير الدفاع قائد عمليات ما تسمى (عاصفة الحزم)، تشير إلى وصول عدد الجنود الهاربين من المعسكرات والمراكز الحدودية السعودية مع اليمن، إلى أكثر 3970 جندياً، فيما تتحدث تقارير أُخْــرَى عن هروب أكثر من 10 آلاف جندي من الوحدات العسكرية من عموم فرق الجيش والحرس الوطني.
ويتفق المراقبون العسكريون على أن الجيشَ السعودي هو (جيش هشٌّ وجيش قبَلي، ويفتقر للروح القتالية)، ومن الانتحار الدخول بهذا الجيش في حرب برية مع اليمنيين.
راديو (أوستن) الأوروبي الذي يبث من أوسلو، أكد في تقرير (أن هناك اتفاقاً بين مراكز الدراسات الغربية، وأجهزة الاستخبارات الأوروبية، بأن السعودية لا تملك جيشاً حقيقياً ولا قوات برية قادرة على مواجهة الجيش اليمني المسنود باللجان الشعبية، وفي أية مواجهات عسكرية برية، فإن سقوط مراكز حدودية ومدن سعودية أمر متوقع، مما يعني توقُّع تعرض السعودية إلى التفكك والانهيار). بالإضافة إلى ذلك (فإن وعورة الأراضي الحدودية ووجود جبال عالية ووديان سحيقة وطرق ملتوية، كلها تشكّلُ بيئة مناسبة في اندفاع المقاتلين اليمنيين نحو بلدات سعودية والسيطرة عليها، في المقابل سيكونُ من الصعب على أية قوات برية سعودية استعادة هذه البلدات، وهذا الانهيار سيكونُ بداية البداية لتقسيم وتفتت السعودية).
إن نقطة ضعف السعودية الكبرى تتمثل بنقل اليمنيين الحرب عليهم إلى حرب داخل الأراضي السعودية، وهو ما يحدُثُ اليومَ، وهو ما يرعبُ السعودية ويدفعها لتجاهل أخبار الحرب في جيزان ونجران، وإغلاق القنوات التي تنقلُ وقائع الحرب هناك، حتى لا تتحولَ الحرب التي شنتها على بلد آخر إلى حرب داخل السعودية نفسها، وخبر يومي في وعي مجتمعها، وما سيعكسه كُلّ ذلك على أمنها وهيبتها في داخل السعودية وخارجها؛ لأن قوتها الداخلية والإقليمية تعتمد على هيبة الأمن وهيلمان المال والاستعباد، فإذا انكسر كُلُّ ذلك انكسرت السعودية وهُزمت في الوعي قبل هزيمتها في الواقع.
وعلى مسخرة المقولات التي أطلقها الغراب العسيري وادعائه بمفعول السحر الذي أصاب الجنود السعوديين وتسبب بفرارهم من الثكنات, وعلى طريقة سخرية جنود بن نايف من زملائهم عبر عبارات سلم نفسك ياسعودي, يفضل النظام السعودي أن يهان في حدوده الجنوبية بصمت على أن يعلن هزيمته لشعبه والرأي العام العالمي.
فيما تطال نيرانُ المدفعية والقوة الصاروخية اليمنية معظمَ المواقع العسكرية السعودية على الجبهات الحدودية، تحاول الرياض تعزيزَ مواقعها العسكرية في المحافظات الجنوبية، وسط تكتم إعلامي شديد على حجم الخسائر والأضرار التي تلحقها القواتُ اليمنية المستمرة وتقدمها في العمق السعودي.
تزيح الأحداث في الحدود السعودية ــ اليمنية، الستار بإرسال السعودية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى نجران وجيزان، عن حجم الخسائر التي مُني بها الجيش السعودي، حيث وصلت إلى نجران، الشهر الماضي، تعزيزاتٌ من الحرس الوطني مع كامل العتاد، تُقدر بـ4000 جندي، بحسب ما أوردته صحيفة (الأخبار) اللبنانية، التي قالت بحسب مصادرها إن هذه التعزيزاتِ تأتي بعد القضاء على المجموعات الأولى من الجنود والضباط بين قتلى وفارّين، بعد استهداف الجيش واللجان الشعبية لمواقعهم في الأراضي اليمنية المحتلة من قبل بني سعود منذ أكثر من 8 عقود.
لقد أضحت هزيمة آل سعود في اليمن أوضح من الشمس في رابعة النهار.. هكذا ينهار الجيش السعودي، وبات قريباً من السقوط المدوي، بينما الجنرال الصغير يتنزه، وبينما يذهب والده إلى مصايف الريفيرا الفرنسية وطنجة المغربية بجيوش من الحواشي تصل إلى 3000، تاركاً خلفه دماراً واسعاً في عقيدة جيش مملكته المنكوبة بعاصفة المذلة والهوان.
إن الشعب اليمني برجاله وشبابه وجيشه الباسل ولجانه الشعبية الصامدة، لن يتركوا آل سعود يعيشون بدون عقاب على المجازر التي ارتكبوها بحق نساء وأطفال اليمن.
ستنتهي يوماً هذه الحرب العبثية، وستجر المعتدين على اليمن إلى مقصلة العدالة، كما سيتم ترميم الحجر والشجر وإعادة البناء، في غضون سنوات، غير أن ترميم الجندي السعودي سيحتاج لأكثر من معجزة، لأن حجم انكساره أبلغ مما نعتقد، ولأنه سيظل الرقم المجهول داخل رقعة العدوان المهترئة.
مراسيم أنفاس محتضرة
لازالت القوات السعودية تواصل عدوانها على اليمن، مستهدفة الأحياء السكنية والبنى التحتية للبلاد، مما أسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى من المدنيين، في حين رد الجيش اليمني واللجان الشعبية باستهداف مواقع عسكرية سعودية في عسير وجيزان ونجران ومناطق حدودية أخرى، مجبرة القوات السعودية على التقهقر والفرار من أكثر من موقع، مخلفة عدداً كبيراً من القتلى في صفوف القوات المعتدية.
وبعد هزائمها الأخيرة على الحدود اليمنية، هددت السعودية جنودها الفارّين بإحالتهم للمحاكمة, ففي منتصف أغسطس الفائت عممت وزارة الحرس الوطني السعودي قراراً عاجلاً حذرت فيه جميع منتسبيها من التخلف والهروب عن المشاركة في ما سمته الواجب الوطني المقدس في الحدود الجنوبية، مهددة إياهم بإحالتهم الى ديوان المحاكمات العسكرية.
وذكر التعميم السعودي الجديد الصادر عن مساعد قائد المنطقة الجنوبية للشؤون العملياتية بمنطقة نجران وقائد أحد ألوية الحرس الوطني, ملاحظته ظاهرة غياب الأفراد بأعداد كبيرة عن مهمة الدفاع عن الحدود الجنوبية, وإشارته إلى أن التخلف والهروب من المشاركة في هذا الواجب الوطني المقدس يعتبر تولياً يوم الزحف، وجريمة يعاقب عليها شرع المملكة.
وحذرت وزارة الحرس الوطني السعودية من إحالة أي فرد يتغيب أكثر 7 أيام متواصلة أو 30 يوماً متفرقاً، الى التحقيق، في تأكيد واضح على زيادة هروب العناصر السعودية من الحدود السعودية بعد التقدم الكبير الذي يحققه الجيش اليمني واللجان الشعبية في المنطقة الحدودية بين البدين.
ومن بين عدد من وثائق المؤسسة العسكرية السعودية المسربة حول ظاهرة فرار جنودها من أرض المعارك, لم ينطوِ الأمر على معالجة مسألة الهروب المتفشية وسط أفرادها، وتهديدهم بالفصل والمحاكمة, بل ذهبت هذه المؤسسة إلى اعتقال المئات من أسر الجنود السعوديين، بعد مظاهرة تطالب بعودتهم إلى منازلهم.
مطلع أغسطس الفائت، نفذ المئات من أسر الجنود السعوديين وقفة احتجاجية في محيط قصر اليمامة بالعاصمة السعودية الرياض، للمطالبة بإنهاء الحرب على اليمن، وعودة أبنائهم الجنود الى منازلهم.
وقالت صحفية أجنبية إن السلطات السعودية فرضت طوقاً أمنياً على المحتجين، كما صادرت هواتفهم، ومنعت أي تصوير في المنطقة، واعتقلت العشرات من المحتجين واقتادتهم الى أماكن مجهولة.
وأضافت الإعلامية الأجنبية التي رفضت الكشف عن هويتها خوفاً من ترحيلها، أن المحتجين رددوا شعارات كفى قتلاً لجنودنا.. ويا ملكنا أبناؤنا في عنقك.
ونقلت تصريحاً وصفته بالخاص عن العميد المتقاعد في الجيش السعودي (الدوسري) أن الجيش السعودي يتعرض لمحرقة، وأن القتلى بالعشرات لعدم وجود أي تخطيط أو تأهيل لمن يشاركون في المعارك الدائرة على الحدود السعودية اليمنية.
وطلبت السلطات السعودية الحضور الفوري والإجباري لكافة جنود الاحتياط، وفتحت باب التجنيد بعد سقوط الآلاف من منتسبي الجيش السعودي من مختلف الرتب العسكرية، قتلى وجرحى، جراء المواجهات المستعرة في الحدود عقب هدنة لم تدم طويلاً بين الجانبين السعودي واليمني..وحاولت السعودية الاستعانة بالمواطنين لدعم جنودها المنهارين في الحدود من خلال دعوة أطلقها المفتي العام، طالب فيها المؤسسات الأهلية والبنوك ورجال الأعمال بالتبرع ودعم القوات المرابطة في الحد الجنوبي، وسداد ديونهم وتلمس احتياجاتهم.
هكذا تتوغل الاستراتيجية السعودية مع كل يوم جديد في عدوانها الآثم الجبان على اليمن, فبعد مضي عام ونصف على بدء عدوانها على اليمن, لاتزال السعودية تبذل كل جهدٍ لقلب موازين المعركة لصالحها، فرغم مساندة العديد من الدول للسعودية في عدوانها الجوي على اليمن، إلا أنها لم تستطع أن تحقق أي هدف من أهدافها المعلنة، انقلب السحر على الساحر، وانتقلت المعركة الى الداخل السعودي، فالجيش اليمني واللجان الشعبية استطاعوا التوغل داخل الأراضي السعودية والسيطرة على معسكرات تابعة للجيش السعودي.
اختارت السعودية طريقاً جديداً لتغيير مسار الحرب، حيث أعلن الملك السعودي أنه يجب على جميع المجموعات والتيارات المدعومة من السعودية المتواجدة في الدول المجاورة ودول المنطقة أيضاً، أن ترسل قوات لمساندة السعودية، وحذر الملك أنه في حال عدم الاستجابة ستُحرم هذه المجموعات والتيارات من الدعم المادي السعودي لكافة الأنشطة السياسية والعسكرية التي تمارسها. هذا الطلب السعودي يحمل دلالات ارتباط بين السعودية والجماعات التكفيرية والمتطرفة المتواجدة في دول المنطقة، وهذه العلاقة مبنية على التمويل والتسليح والغسيل الفكري، كما هو واضح من تحذير الملك.
ويشير قرار الملك السعودي بإدخال جماعات متطرفة من بلدان أخرى، الى حجم اليأس والإحباط الذي حل بالسعودية التي لاترغب بالخروج من المأزق اليمني بخفي حنين، فالسعودية باتت ترى في الخيار الذي لجأت إليه منفذاً لمنع استنزاف جيشها، ولكن دخول هذه الجماعات في الحرب لن يغير شيئاً، فاليمنيون رغم الغارات الجوية التي تستهدفهم لازالوا يتفوقون على تنظيمي القاعدة وداعش وجحافل الخونة والمرتزقة المتواجده داخل الأراضي اليمنية، ويحققون انتصارات مهمة عليها، الأمر الذي ينبئ بأن الجماعات التي تستنجد السعودية بها لن تجدي شيئاً، وستكون هي بحاجة الى من يساندها.
أنفاق قاتلة
أخيراً، أصبحت مملكة (الزهايمر) تحظى بالمركز الأول على المستوى العالمي، بعد أن كانت في نهاية الجداول والمؤشرات والمقاييس العالمية في قطاعات العلم والمعرفة والأدب والتعايش والمحبة والمودة والتطور والصناعة والتجارة؛ فتصدرت المرتبة الأولى عالمياً في مجال ابتياع واستيراد السلاح الأمريكي وغيره، الى جانب احتلالها المركز الأول على المستوى العالمي في مجال تصدير الإرهاب وتدمير البلدان وزعزعة استقرار الشرق الأوسط والتشجيع على القتل والدمار.
وحسب التقارير والبيانات الدولية, قفزت مشتريات السعودية من السلاح المتراكم والمكدس في عنابر الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الماضي، بنسبة 50%، لتصل الى حوالي 45 مليار دولار حتى الشهر الماضي، وبعد قرابة عام ونصف من العدوان الغاشم على اليمن, احتلت مملكة داعش المرتبة الأولى عالمياً في شراء السلاح للعامين 2015 و2016, تعويضاً لما دمره الجيش واللجان الشعبية اليمنية في جيزان ونجران وعسير.
وفي هذا الوقت يسعى الإعلام السعودي المملوك للأسرة الحاكمة من الألف الى الياء، الى إيهام المواطنين والرأي العام بأن المعارك تدور على الحدود السعودية - اليمنية، غير أن الحقيقة المرة أن المعارك تدور رحاها داخل العمق السعودي، ويتجرع لظاها الجنود السعوديون وأفراد الحرس الوطني، ويلقون حتفهم يوماً تلو آخر، كما تدمر عرباتهم العسكرية ومدرعاتهم ودباباتهم على أيدي الجيش اليمني واللجان الشعبية.
وبشكل دؤوب تطالب منظمة مراقبة بيع الأسلحة, الدول الكبرى المصدرة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بوقف مبيعاتها من الأسلحة الى السعودية بسبب استخدامها ضد المدنيين في اليمن، داعية هذه الدول إلى الكف عن ممارسة أسوأ أشكال النفاق باستمرارها في بيع السلاح للرياض؛ كاشفة عن بيع فرنسا أسلحة للسعودية بقيمة 18 مليار دولار، فيما زودت واشنطن الرياض بأسلحة قيمتها 5.9 مليار دولار، بينما بلغت مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية 4 مليارات دولار، الشهر الماضي؛ رغم مصادقة هذه الدول على معاهدة تجارة الأسلحة.
ويؤكد تقرير سري أعده ضباط سعوديون وأمريكيون، أن عملية عاصفة الحزم انطلقت استناداً لأوهام فريق التخطيط بقدرة القوات الجوية السعودية التي منيت بفشل ذريع، واتضاح الواقع بأن اليمن ليست باحة خلفية للسعودية كما يتوقعون، ما دفعهم إلى الإسراع بالانتقال الى عاصفة الأمل، وبعد إعلانهم عن تدمير معظم مخزون السلاح اليمني وتحقيق أهداف (عاصفة الحزم)؛ وإذا بمنصات الصواريخ اليمنية تظهر يوماً بعد آخر أكثر فأكثر، مستهدفة العمق السعودي في نجران وعسير وجيزان من قاعدة (خميس مشيط) الجوية الاستراتيجية وحتى شركة (أرامكو) ومحطات الكهرباء ومقرات القيادات العسكرية، ما دفع بالمتحدث باسم التحالف العميد أحمد عسيري، إلى مراجعة ادعاءاته السابقة والاعتراف بأن (مخزون السلاح المتوفر لدى الحوثي وصالح يفوق ما تمتلكه عدة دول مجتمعة).
وكشف التقرير أيضاً جوانب ضعف عديدة وشديدة في صفوف الجيش السعودي رغم كل الإمكانيات المالية والتسليحية المهولة؛ ففقدان العقيدة القتالية واضح في صفوفه، وضعف عام في مستوى التدريب، وتدني الروح المعنوية، وتردٍّ في الجهوزية القتالية.
وحسب التقرير السري الذي سرب في يونيو العام الجاري, أنتجت الحرب على اليمن كارثة كبيرة غير متوقعة من الخسائر السعودية، حيث (تجاوزت الخسائر البشرية للقوات السعودية 10.000 بين قتيل وجريح، وما يزيد عن 1200 دبابة وعربة مدرعة وعربة خفيفة، بين مدمرة بالكامل أو معطوبة جزئياً، وعدد من الطائرات الحربية ومروحيات الأباتشي، هذا دون ذكر الطرادات السعودية والإماراتية والمصرية الـ5 التي دمرتها نيران الجيش اليمني واللجان الشعبية عند السواحل اليمنية، وسقوط طائرة عسكرية مغربية واثنتين من الإمارات)، ما يؤكد أن التخطيط للعدوان على اليمن اتسم بالاستعجال الشديد دون الأخذ بالدروس المستفادة من كارثة حرب جماعة أنصار الله السابقة، والحماقات التي ارتكبها خالد بن سلطان في ذلك الحين.

أما في مجال الإرهاب.. حدث بلا حرج, حيث تتسابق التقارير تلو التقارير بالساعة وليس باليوم، عن دور نظام بني سعود في نمو ودعم الإرهاب الديني المتفشي في مناطق العالم.
فقد أدى النفوذ السعودي الى تدمير تقاليد التسامح الإسلامية, ولعب السعوديون دور مشعلي الحرائق, ويوجد إجماع واسع بأن الفكر الوهابي غيَّر التقاليد الإسلامية في عشرات الدول، وذلك نتيجة إنفاق الأسرة السعودية الحاكمة على نشر هذا الفكر المتطرف بعشرات مليارات الدولارات..
أنتجت السعودية وحشاً اسمه الوهابية، حيث تحتل السعودية المرتبة الأولى من حيث عدد المقاتلين الأجانب الذين انضموا الى (داعش) حتى الآن, وبمساعدة العائدات المالية الضخمة التي يدرها النفط, تقوم السعودية سنوياً بافتتاح مئات المساجد والمدارس في أماكن متفرقة من العالم، لنشر فكرها القاتل والمدمر، وتأليب المسلمين ضد المذاهب الإسلامية الأخرى التي تعارض الوهابية.
لقد باتت الحقائق ناصعة كالشمس في وضح النهار, فلم يعرف العالم إرهاباً إلا من ثلاث جهات، إما مجموعات تكفيرية وهابية، أو جماعات الإخوان المسلمين التي تستمد عقيدتها من الفكر الوهابي, وإما من حركات صهيونية تتقارب ايدلوجياً ووظيفياً مع الجهتين السابقتين.
عقيدة جينات الفضائح
من جديد يَمثل أمراء (المهلكة العربية السعودية)، التي قال فيها الكاتب الشهيد ناصر السعيد يوماً، إنها بلاد مسروقة من أهلها, كمجموعة من الأمراء الشاذين الذين لا هم لهم غير الجنس والمخدرات.
وعلى خط إذلالها لجنودها, يمعن نظام بني سعود يومياً بإهانة شعبهم بفضائح وجرائم يندى لها الجبين.
فأموال النفط، وبعد أن غمرت خيراتها البلاد دون العباد، تصرفها العائلة المالكة دون حساب في سماء الشهوات، فيتبارون في التفنن بصرف الأموال، وشراء الغالي والنفيس، وإرسال الطائرات إلى أصقاع العالم، لإحضار المطربات، والفرق الموسيقية التي تعزف للأمراء في حفلاتهم التي تشبه قصص ألف ليلة وليلة.
في فبراير 2011, كشفت وثيقة سربها موقع (ويكيليكس) أنه خلف الوجه الوهابي المحافظ في الشوارع، هناك حياة ليلية يحييها أمراء سعوديون تتمثل بحفلات الخمور والمخدرات وموسيقى الروك أند رول والجنس.
ووصف مسؤولو القنصلية الأميركية في جدة حفلة أقامها لمناسبة (هالوين) العام الماضي أحد الأمراء السعوديين، بأنها كسرت كل المحرمات، إذ كانت حافلة بالخمور والمومسات، وراء أبواب قصر خاضع لحراسة مشددة.
لم يكن الهوس الجنسي مقتصراً على عقيدة الآباء المؤسسين من آل سعود، فالأبناء والأحفاد قد شقوا لأنفسهم طرائق، في هذا الديدن العجيب، وأنشأوا مذاهب، وابتدعوا نِحَلاً... ولعلّ البدعة المستحدثة عند الأمراء الجدد هي أن يتباروا في صب دولاراتهم صبّاً على حسناوات هوليوود, والقصص عن بعض الأمراء السعوديين واستخفافهم بالشعب الذي أطلقوا عليه اسم جدهم، لا تكاد تنتهي في صحف الغرب, فهذا هارفي وينستون، منتج الأفلام، يروي كيف أنّ أميراً عرض أن يدفع 500 ألف دولار لأجل أن يحظى بشرف التحدث مع معبودته الممثلة كريستين ستيوارت, وفعلاً فقد وافقت الممثلة أن تتحدث معه 15 دقيقة كاملة، بشرط أن يتبرع بنصف المليون دولار لضحايا إعصار (ساندي).
وهذا مارك يونغ، الحارس الشخصي البريطاني الذي عمل في قصور آل سعود منذ 1979، يصدر كتاباً بعنوان Saudi Bodyguard (الحارس السعودي)، عام 2013، يروي فيه ما عايشه من قصص مخزية تتعلق بعالم الشذوذ والدعارة والاغتصاب واللصوصية والقتل والإدمان على المخدرات والكحول والقمار, وكان أطرف ما أورده يونغ، قصة نائب وزير الدفاع السعودي السابق خالد بن سلطان، المتيّم بجسد الممثلة الدانماركية الأصل بريجيت نيلسون (زوجة سابقة لسيلفستر ستالون). وروى كيف كان صاحب السمو يخطط لكي يمارس الجنس، ولو لليلة واحدة، مع الطويلة الشقراء، ووصل به الشوق حدّ أن يعرض مليون دولار كاملة من أجل تلك الليلة الحمراء! وأمّا الأمير والوزير عبد العزيز بن فهد، أصغر أبناء الملك الراحل، فكانت عيناه على الممثلة التلفزيونية، ذات الأصول اليهودية، ياسمين بليث.. ويبدو أنّ (عزّوز) قد صرف عليها ما يكفي لحل مشكلات العنوسة في بلاده (صار الأمير عبد العزيز بن فهد، الآن، بعد أن تاب وأناب وأطلق لحيته، داعية وهابياً، وممولاً لقناة وصال التكفيرية).
وفتح الحارس الشخصي السابق لعدد من الأمراء والملوك السعوديين, النار عليهم بعد أن أمضى أكثر من 10 سنوات في خدمة هؤلاء الأمراء، حيث رأى منهم ما لم يكن يخطر في خياله، وقال إنه ببعض ما كشف حتى الآن يريح ضميره الذي طالما كان في عذاب بسبب صمته على جرائم هؤلاء الأمراء حين كان في خدمتهم، وتعدى فضحه حتى للبريطانيين والأمريكيين الذين حسب ما ذكر يوفرون لهم الحماية الكبرى في سبيل الاستحواذ على ثروات الشعب السعودي الذي أحبه حين احتك بهم من خلال خدمته.
وأطلق البودي جارد البريطاني على هؤلاء الأمراء الذين اطلع على سلوكياتهم عن قرب، أذم الصفات، حيث قال إنهم فاسدون ومقامرون ولصوص ومغتصبون وشواذ ومدمنو مخدرات، وقال إنهم يتلاعبون بالدين الذي يدعون تطبيقه، وبالأموال التي يدعون صرفها على الناس.
ووجه نداءه للشعب السعودي قائلاً: لقد رأيت منهم كل مذهل، فانزعوا حقوقكم كما تفعل الشعوب الحية، بدل الخنوع.
ومن داخل أسوار العائلة المالكة، تنبعث أدخنة سوداء موبقة بالجرائم, ففي 1980، بثت قناة ATV البريطانية فيلماً وثائقياً/ درامياً، عنوانه (موت أميرة)، وموضوعه قصة إعدام الأميرة مشاعل وصديقها (عام 1977). وسبّب عرض هذا الفيلم أزمة دبلوماسية كبيرة بين الرياض ولندن, وأمّا الممثلون المصريون الذين شاركوا في تمثيل الفيلم، فقد منعوا نهائياً من دخول السعودية, واضطرت الممثلة سوزان أبو طالب (مثلت دور الأميرة القتيلة في الفيلم) أن تغيّر اسمها إلى (سوسن بدر) حتى تتجنب تأثير الخطر السعودي عليها.
وفي الـ18 من أبريل 2012، منحت محكمة بريطانية أميرة سعودية حق الإقامة الدائمة تمهيداً لمنحها صفة اللاجئة على خلفية علاقة غير شرعية مع بريطاني أدت إلى الحمل. وتعود أحداث تلك القضية، وفقاً لتقرير صحيفة (الإندبندنت) البريطانية، إلى أن الأميرة التي تنحدر من عائلة سعودية غنية جداً، قابلت خليلَها الإنجليزيَ -وهو غير مسلم - أثناء زيارة لها إلى لندن، وأقامت علاقة عاطفية معه، غير أنها أصبحت حاملاً في السنة التالية، وعبرت عن قلقها بأن زوجها المسن - عضو العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية - كان قد أَصبح مرتاباً من سلوكها، وأقنعته أن يتركها تزور المملكة المتحدة ثانية لكي تتم الوِلادة في السر، ثم رفضت العودة إلى المملكة خوفاً على حياتها من انتقام زوجها.
وأكد نفس التقرير الذي أثار ضجة عالمية كبيرة أن المملكة العربية السعودية، التي تُحكم من قِبل آل سعود، يعيش فيها حوالي 30,000 بريطاني بحرية تامة، ويمارسون حياتهم الطبيعية وحتى الإباحية كما لو كانوا في بريطانيا، فيما يتم التضييق على العرب والمسلمين المساكين والأقليات والعمالة الفقيرة التي لا ترحمها القوانين السعودية، ويتم تطبيق أشد العقوبات عليهم. وكانت السعودية أطلقت سراح بريطانيين متورطين في جرائم مخدرات وجنس واتجار بالكحول، فيما تُقطع يومياً رؤوس مهربين من جنسيات أخرى، وبمعدل حالتين أسبوعياً.
لم تكن تلك هي الفضيحة الوحيدة لآل سعود، حيث سلمت بريطانيا في 2013 أميراً سعودياً حكم عليه بالسجن مدى الحياة لإدانته بقتل خادمه في فندق في لندن.
مطلع 2010 حكم القضاء البريطاني على سعود بن عبد العزيز بن ناصر آل سعود (36 عاماً) ، بالسجن مدى الحياة, بعد أن أدين بقتل خادمه في غرفة بفندق (لاندمارك) الفخم بلندن، بعد ممارسة العنف الجنسي ضده لفترة طويلة، واعترف الأمير السعودي أمام محكمة (أولد بيلي) اللندنية، بأن دافع القتل كان ناتجاً عن الغيرة، كون أن المجني عليه كان له عشيق جزائري، واكتشف الأمير ذلك، وجن جنونه، وجعله يقدم على جريمته تلك.
وألمحت تقارير بريطانية إلى أن الأسرة السعودية الحاكمة دفعت مبالغ مالية باهظة لهيئة المحلفين لمداراة الفضيحة، وتدخل مسؤولون بريطانيون وجنرالات إسرائيليون لدى هيئة المحلفين لإغلاق ملف القضية وإبعاد تفاصيلها عن الإعلام والرأي العام.
في أكتوبر العام الفائت، نشرت صحيفة (الإنديبندنت) البريطانية مقالاً عن فضيحة الأمير ماجد بن عبدالله بن عبدالعزيز (30 عاماً) بعد اتهامه بمحاولة اغتصاب خادمات في قصره في بيفرلي هيلز بولاية كاليفورنيا الأمريكية، والذي تبلغ قيمته 37 مليون دولار, خلال حفلات جنسية كان يتعاطى فيها الكوكايين، ويجعلهن يقفن عاريات بجانب المسبح، ويرغمهن على مشاهدته وهو يمارس الجنس الفموي مع خدمه.
وسبق أن اتهمت الهند هذا الأمير باغتصاب مواطنة تنتسب إليها في نيبال، حيث كان يعمل سفيراً للمملكة السعودية هناك، وعاد الى بلاده، مستغلاً حصانته الدبلوماسية.
وسبقت قضية الأمير ماجد بأيام قليلة قضية من نوع آخر، ولكنها في طور فضائح بني سعود التي تزكم الأنوف, حيث أوقف أمن مطار بيروت الأمير السعودي عبد المحسن بن وليد بن عبد العزيز، خلال محاولته تهريب حبوب الكبتاغون المخدرة وكمية من الكوكايين، كانت موضوعة داخل طرود، ومعدة لنقلها على متن طائرة خاصة متجهة الى السعودية.
لازال تاريخ فضائح آل سعود في عرض مستمر، ولازال المجتمع هناك يغط في نوم عميق, فخلال عدوانهم على اليمن, ورد الجيش اليمني واللجان الشعبية على هذا العدوان بغزو أراضي المملكة جنوباً، أصابت المجتمع السعودي بحالة من الهلع عندما تبين لهم كم أن نظام الحكم عندهم هش وضعيف، وأن الجيش الجرار الذي يتشدق حكام آل سعود بأنه للدفاع عن المملكة، ليس إلا جيشاً من الورق، وأن الأسلحة التي تبرم صفقاتها بعشرات مليارات الدولارات لاتساوي شيئاً أمام جبن العائلة الحاكمة، التي انغمست في لذائذ الحياة، ولم تعد تستطيع الوقوف على أقدامها التي اصطكت من الرعب أمام أبطال اليمن.
المصدر صحيفة لا / طلال سفيان