مابــــين كوليــــرا الإمـــــارات وضنــــك السعوديـــــة
جنة عدن المحتلة من فوقها المجاري ومن تحتها المفخخات


انتشر مرض الكوليرا في محافظة عدن، بشكل مخيف، مسجلاً المئات من حالات الوفاة والإصابة في أوساط السكان.. وتوقفت معظم المدارس في محافظات عدن ولحج وأبين، بسبب انتشار وباء الكوليرا وتفشيه.. فمنذ يومين أعلنت مصادر طبية غير رسمية تسجيل 12 حالة وفاة جراء وباء الكوليرا في مدينة عدن، وخاصة في مديريات صيرة والمعلا ودار سعد، فيما أغلقت بعض المدارس أبوابها تجنباً لإصابة الطلاب بالوباء.. وتشير الأنباء إلى أن غرفة الطوارئ التي تم تشكيلها لمكافحة المرض، أفادت بوفاة 7 من مواطني عدن بسبب مرض الكوليرا، بينهم 4 من عائلة واحدة، وأن عدد حالات الإصابة وصل إلى 836 حالة، بينهم 64 من طلاب المدارس، بعضها تلقت العلاجات اللازمة، وبعضها لا تزال في طور العلاج، وأخرى توفيت، في ظل تردي الوضع الصحي في المحافظة التي أعلنها الفار هادي قبل قرابة العامين عاصمة مؤقتة للبلاد.

تفشٍّ وبائي
فبعد أكثر من 15 شهراً من سيطرة قوات تحالف العدوان السعودي\الأمريكي على المحافظة، ووعودها بتحويل عدن إلى عاصمة نموذجية، يأتي انتشار الكوليرا في عدن وسط صمت محلي وعجز حكومي فاضح في مواجهة الوباء المنتشر بقوة.
خلال الشهور الماضية فتكت حمى الضنك بالمئات من سكان المحافظات الجنوبية، واليوم تستوطن الكوليرا معظم محافظات الجنوب، في ظل استمرار أزمات غياب الخدمات الرئيسة وانقطاعات الكهرباء والمياه وتصريف المجاري والقمامة، التي تشكل عوامل رئيسة لانتشار الوباء.
مع بدء انتشار هذا الوباء في مديريات عدن غادرت الحكومة القادمة من فنادق الرياض المحافظة صوب المكلا، ومنها إلى جزيرة سقطرى في أطراف المحيط الهندي، تاركة المدينة تواجه مصيرها فريسة لجائحة الكوليرا.
وعلى الرغم من التزام حكومة العميل هادي بدفع رواتب الموظفين عقب قرارها بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، لكنها لم تفِ بالتزامها، وغادرت إلى سقطرى، في تنصل واضح من التزام قطعته على نفسها، ما يهدد بانهيار النظام المصرفي في البلد، شماله وجنوبه.
ومع كل ذلك، فإن المسؤولية لا تعفي التحالف السعودي/الإماراتي صاحب الأمر والنهي في جنوب الوطن المحتل من قبل قواته وجحافل مرتزقته، من واجباته، باعتبارها سلطات احتلال، تلزمها الاتفاقيات والمواثيق الدولية بضرورة مواجهة هذه الجائحة.

وجه التحالف القبيح
وقد أظهر انتشار الكوليرا في عدن الوجه القبيح للتحالف السعودي / الإماراتي / الأمريكي الذي زعم أن تدخله في اليمن جاء لمساعدة الشعب اليمني وإنقاذه ممن يسميهم (الانقلابيين)، في حين أنهم لا يريدون مساعدة الشعب اليمني حين يفتك به المرض.
الكثير من السكان في عدن، وكثير منهم موظفون حكوميون، وبعضهم متقاعدون، يواجهون صعوبة شديدة في إنقاذ أنفسهم وأهاليهم من الكوليرا التي صارت كابوساً مقلقاً لهم، لم يتسلم معظم سكان عدن (المجتمع الذي يعتمد على المشاهرة) مرتباتهم منذ شهرين، وبعضهم منذ 4 أشهر، وأمام انتشار المرض وفتكه بهم يقفون موقف المتفرج، فقد أصبحت كواهلهم مثقلة بالدين والمتغيرات المخيفة التي أصبحت عليها مدينتهم منذ عام ونصف.
في عدن هناك مشاهد مرعبة.. الشواطئ مهجورة من الناس، والمدينة تغرق يومياً وبالساعات في الظلام.. مطلع العام الجاري قدمت الإمارات لحكومة العميل هادي مبلغ  9.316.234.174 درهماً إماراتياً كقرض لكهربة عدن، تم إلحاقه بصرف 5 مليارات ريال، ومليار آخر سداد دين وقود كهرباء.. كل هذا ولا يعرف الكثير أين ذهب القرض الإماراتي الثقيل، ولماذا مازالت المدينة تغرق في الظلام.. هكذا تستغل حاجة الناس، وهكذا يتصرف العدوان حيال من يدعي أنه جاء لإنقاذهم..!

غابة موحشة للأصوات النشاز
تحولت عدن في الأشهر الأخيرة إلى غابة موحشـة تنتشر فيها الذئاب القاتلة.. تحول النهب والسرقة والسطو الى ظاهرة متكررة في عدن بعد الاحتلال، وازدادت المشاهد اليومية لحوادث القتل واغتيال رجال الأمن غير الشركاء في أجهزة وإدارات دول العدوان, ويغتال رجال الدين المتسامحون (صوفيون) على أبواب مساجدها.. ويتم اغتيال رجال المال والأعمال والتنكيل بعدد منهم ونهب ممتلكاتهم، ويتم سحل وإعدام الأفراد المخالفين لهم بالموقف وبالرأي.. وتنتشر وتزداد الفرق الإرهابية بالمفخخات البشرية وبالسيارات القاتلة. 
لم تعد عدن كسابق العهد الذي مضت عليه حضناً دافئاً لكل اليمنيين، بقدر ما صارت حاضنة للأصوات النشاز الداعية لتمزيق أوصال الوطن.
في مايو الماضي رحَّلت قوات الأمن في عدن والمعينة من قبل سلطات الاحتلال البترودولاري، المئات من أبناء المحافظات الشمالية، في ملامح واضحة لمشروع يهدف إلى خلق حالة من النفور العام، وتحفيز ذلك الشعور بالعداء بين الشمال والجنوب وفك الارتباط بين سكان الأرض الواحدة.
يا له من نموذج سيئ لحالات عديدة تعرضت لمثل ذلك الفعل المشين، على طول خط الضالع/لحج تنتشر نقاط عسكرية، وكذلك في شوارع مدينة عدن، لتقوم بمهام تفتيش القادمين من المحافظات الشمالية، يتعاملون معهم بسلوك شاذ ومنافٍ للأخلاق والروح والطبيعة اليمنية العامة، شاهدوا عبر العديد من شبكات التواصل الاجتماعي مشهد (رجال أمن وجنود جيش يلبسون زياً عسكرياً مدججين بالأسلحة) يُرغمون ويأمرون المواطنين اليمنيين البسطاء من أبناء محافظات مثل تعز وإب والحديدة وريمة، بالصعود قسراً على متن الحافلات والباصات والقاطرات، لتهجيرهم من وطنهم عدن الى وطنهم في بقية المحافظات اليمنية، هذا هو السلوك المُخزي الذي ظهر به (القادة الحراكيون الجنوبيون)، وأماطوا اللثام عن هوياتهم الحقيقية بعد الاحتلال المباشر للمحافظات الجنوبية والشرقية من قبل ثلاثي العدوان (المملكة السعودية، ومشيخة الإمارات، وأموال إمارة قطر).
لازالت العملية جارية على قدم وساق وعلى مدار الساعة السعودية\الإماراتية.

مرتع للإرهابيين والمرتزقة
مثلت عدن منذ زمن طويل الرمز الحافظ للهوية الوطنية.. من يتذكر كيف وقف الأحرار والوطنيون والنقابات في وجه شعار (عدن للعدنيين) الذي رفعته الجمعية العدنية عام 1947م, بدعم من سلطات الاستعمار البريطاني حينذاك, ورفعوا في مواجهته (عدن لليمنيين).
لم تعد المدينة قادرة على التعايش مع مدنيتها ووطنيتها.. لم تعد قادرة على التعايش مع الموظف والطالب والعامل الشمالي بقدر الاستطاعة بالتعايش مع إرهابيي القاعدة وداعش ومسلحي مليشيات الارتزاق وكبار موظفي العمالة وقوات المرتزقة القادمة من السودان والسنغال وكولومبيا.
تسيطر العصابات المسلحة على معظم أحياء المدينة، وترضخ أجهزتها الأمنية لسطوة التيار السلفي المتشدد، وتحاط أطرافها بسياج مرعب لمعسكرات التدريب الخاصة بالتنظيمات الإرهابية, وينتشر في شوارعها جوالو ووسطاء التجنيد والترحيل السريع إلى الجحيم.

يساقون إلى الموت بـ50 ألف ريال
الكثير من أبناء المحافظة يساقون إلى الموت في كرش وكهبوب وذوباب والجوف ومأرب ونهم.. وكان الأسبوع الماضي كارثياً للعديد من الأسر في عدن.. أبناؤكم قتلوا في البقع..!
ينتشر وسطاء علي محسن في الكثير من المحافظات الجنوبية لتجنيد أبنائها للقتال ضد الجيش اليمني واللجان الشعبية في مأرب والجوف ونهم، بالإضافة إلى نجران وجيزان وعسير.
بحسب مطلعين على هذا الشأن، يتم دفع مبلغ 50 ألف ريال للمجند عند لحظة التحاقه بأحد المعسكرات المعدة لاستقبالهم، ومثلها عندما يصل إلى الجبهة.. مع الوعد بإلحاقهم ضمن الجيش المستقبلي لليمن أو الجنوب.
يقتل الكثير منهم ولا تصل جثثهم إلى أهاليهم، ومعظم الجرحى يعانون الإهمال.
يلتحق العديد من أبناء عدن وكذلك المحافظات الجنوبية بمعسكرات يديرها سلفيون مرتزقة كهاني بن بريك وهاشم السيد وأبو بكر العدني والمحضار, وتتهاوى على أجسادهم الشاحبة أحزمة القاعدة وداعش الناسفة.

الفار يقدم أبناء الجنوب قرابين للسعودية
الخميس الفائت, كشفت مصادر يمنية في السعودية لوسائل إعلام محلية وعربية عن فحوى الاتفاق السري بين الفار المطلوب للعدالة بتهمة الخيانة العظمى عبد ربه منصور هادي، والنظامين الإماراتي والسعودي، بنقل مسلحي المليشيا التي أسسها هادي ومرتزقته في المحافظات الجنوبية تحت مسمى (المقاومة) وللآلاف من الشباب العاطلين عن العمل في المحافظات الجنوبية، إلى السعودية لتلقى التدريب في معسكرات سعودية قبل الزج بهم في معارك الجبهات الحدودية في نجران وجيزان وعسير.. وذكرت المصادر أن الزيارة الأخيرة التي قام بها أحمد عبيد بن دغر، رئيس الحكومة المعين من سلطات الرياض, إلى الإمارات، تناولت الخطوط التفصيلية لهذا الاتفاق بعد فشله في تسوية ملف ضم مليشيا هادي والتنظيمات الإرهابية إلى صفوف قوات الجيش المرتزق، وتصاعد التوتر المسلح في المحافظات الجنوبية نتيجة عدم حصول هؤلاء المسلحين على مستحقات مالية.
وقالت إن هادي اقترح على النظام السعودي استيعابهم كقوات مرتزقة للدفع بهم في المناطق السعودية الحدودية، لمواجهة التوغل الكبير لقوات الجيش واللجان الشعبية التي تمكنت خلال الشهور الماضية من إسقاط عشرات المواقع السعودية والوصول إلى مشارف المدن، في ظل فرار جماعي للقوات السعودية.
وطبقاً للمصادر ذاتها، فقد أبلغت الإمارات هادي موافقتها على نقل مسلحي المليشيا التي شكلها خلال الفترة الماضية، والتي يناهز عددهم الـ20 ألف مسلح، إلى السعودية أملاً في تجنب أية مواجهات معهم، وخصوصاً بعدما رفضوا خلال الفترة الماضية الانسحاب من العديد من المواقع الحيوية التي تشرف قوات الغزو الإماراتية على تأمينها في المحافظات الجنوبية.. أكثر المسلحين الذين تم ترحيلهم خلال الفترة الماضية هم من شباب المحافظات الجنوبية الذين اضطروا للموافقة على التوجه إلى السعودية تحت ضغط المصاعب المالية والمعيشية التي يعيشونها بعد فقدانهم الأمل في استيعابهم ضمن قوات الجيش.

ينتقم منهم بالمتاجرة بأرواحهم
وتثير خطوات هادي وبن دغر استياء الكثير من الجنوبيين المنخرطين ضمن فريق مرتزقة الرياض الذين اتهموا هادي بالمتاجرة بأرواح أبناء المحافظات الجنوبية، الذين اضطروا للقبول بالعمل كمرتزقة مع النظام السعودي نتيجة الضغوط المعيشية التي يعيشونها بعد عجز الفار هادي وحكومته عن تطبيع الأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية الخاضعة لسلطة قوات الاحتلال الإماراتية.
وعزت دوائر سياسية أخرى خطوة الفار هادي إلى سعيه للانتقام من أبناء المحافظات الجنوبية الذين شنوا هجمات على مقر إقامته في قصر معاشيق بمحافظة عدن سابقاً، وأعلنوا رفض بقائه في محافظة عدن، في ظل توسع رقعة التأييد لقيادات الحراك الجنوبي بقيادة علي سالم البيض وقيادات الحراك الموالين للقوات الإماراتية.. وأقر النظام السعودي، في وقت سابق، بنقل زهاء 5 آلاف من شباب المحافظات الجنوبية وتجنيدهم في مناطقه الحدودية، فيما استمر معاونو هادي بحشد الشباب في عمليات نقل واسعة تجري بحراً من ميناء عدن إلى ميناء عصب الإريتري، حيث يتم هناك نقلهم جواً عبر الطيران السعودي إلى الأراضي السعودية وإلحاقهم بمعسكرات تدريب تمهيداً للدفع بهم في مناطق الجبهات الحدودية المشتعلة.
في أغسطس الماضي، دشنت قيادات مما يسمى المقاومة في عدن، عملية تسجيل للمئات من الشباب الجنوبيين للالتحاق بقوات الحرس السعودية بنجران.
وتشير معلومات من عدن إلى أن قيادات في المقاومة بمعسكر (زايد) بدار سعد، بدأت تسجيل المئات من الشباب الذين أبلغوا بأنه سيتم تدريبهم عسكرياً على أن يتم إرسالهم لاحقاً إلى مدينة نجران للقتال إلى جانب الجيش السعودي في مواجهاته مع الجيش اليمني واللجان الشعبية.
مؤخراً قام العدوان السعودي الأمريكي بدفن جثث عدد من المقاتلين الذين تم استجلابهم من المحافظات الجنوبية، بمنطقة شرورة في نجران. وقالت مصادر مقربة من العدوان: إن جثث عدد من المقاتلين الجنوبيين الذين قتلوا بمنطقة البقع الحدودية خلال الأيام القليلة الماضية، تم دفنها بمنطقة شرورة بنجران، عقب تعثر عملية نقل الجثامين إلى محافظات الجنوب.
لم تعد عدن تحمل على كاهلها مبادئ التعايش المدني.. بالأمس قتل التكفيريون ابنها اليافع (عمر باطويل) بسبب آرائه الجريئة ضدهم.. وبالأمس قتل رعاة عجزتها، وفصل الذكور عن الإناث في الجامعات.. وبالأمس اعتقلت الإمارات العديد من نشطاء الحراك بعد تمزيقهم لصور العميل هادي وسلمان السعودي وبن زايد من فوق جدران ساحة العروض عشية الاحتفال بالعيد الـ53 لثورة 14 أكتوبر.
بالأمس سحل الجنود، ونصبت المشانق للعديد من الناشطين في الحراك المحسوب على تيار الرئيس علي ناصر محمد، ولكل من خالف الصوت الشاذ السائد بوحشيته على سكان المدينة الطيبة.. متى يتعلم أبناء الجنوب من هذه الدروس المكلفة عليهم وعلى اليمن شمالاً وجنوباً؟! ومتى يصحون من غفوتهم، ويدركون أنهم قابعون تحت وباء كوليرا الإمارات وضنك السعودية؟!