مـــــلاحــم أســطورية
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / شايف العين

أبطالهــــــا مقاتلـــــون بــــــلا رواتـــــــب
ملاحم أسطورية
لم تمنع الظروف الاقتصادية وضعف الإمكانات التسليحية للجيش واللجان الشعبية، من تحقيق الانتصارات المتتالية على جيوش العدوان المشكّلة من شتى بقاع العالم بمقاتليها المدربين على مستوى عالٍ في مدارس عسكرية تعتبر الأفضل في العالم، غير أن المدرسة العسكرية التي شيدها أفراد الجيش واللجان الشعبية جاءت من واقع فرضته قوة العدو التسليحية وسيطرته الجوية على أرض المعركة، حيث قدموا في أرض المعركة أشجع البطولات التي جعلت القوة التسليحية الحديثة للعدو وتفوقه الجوي لا تسمن ولا تغني من هزائم متلاحقة مادامت صفوف الجيش اليمني مدججة بعقيدة قتالية قرآنية ساهمت في صنعها اللجان الشعبية واستعاد بها الجيش وضعه القتالي الذي عمل الفار هادي وجماعة الإخوان على سلبها منه طوال فترة سيطرتهم على الحكم، فتماهي الجيش مع اللجان أوجب عليه استخدام طريقة جديدة في الحرب، مكنته من تجاوز مخططات العدوان الهادفة إلى تفكيكه وتشتيت قدراته القتالية وقطع خطوط الإمداد عنها.
(اليمن أفقر البلدان في الشرق الأوسط) كما وصفته منظمات عربية ودولية, بالنظر إلى اقتصاده الضعيف وضآلة ميزانيته السنوية التي لا تقارن مع بقية البلدان في المنطقة، حيث يعيش معظم سكانه ـ حسب إحصائيات عالمية ـ تحت خط الفقر, إلا أنه بأبطال جيشه ولجانه الشعبية أجهض مشروعاً عالمياً هدف إلى تقسيمه وتشطيره لضمان استمرار بسط نفوذ القوى الاستعمارية وسيطرتها على حساب سيادته, مستخدمة شتى وسائلها الممكنة في سبيل تحقيق ذلك, وفي ظل الحرب الاقتصادية التي كانت إحدى وسائل تلك القوى في عدوانها، والتي أفضت إلى مصادرة لقمة عيش الموظفين في القطاع الحكومي, إلا أن المجاهدين في الجبهات من أفراد الجيش واللجان الشعبية لم يلتفتوا إليها أو يطالبوا بها، مدركين الخطط التي تكيدها قوى العدوان للنيل من وطنهم.
الجيش اليمني في نظر العالم
ازدحمت تقارير المنظمات الدولية طوال فترة ما قبل العدوان بمعلومات مفادها أن اليمن بلد يصنف ضمن أفقر دول العالم حسب معايير وضعتها تلك المنظمات تتعلق بمشاريع التنمية ومستوى دخل الفرد الواحد، وغيرها من المعايير التي تبددت مع الوقت, كما وصفته بأنه (الأفقر في منطقة الجزيرة العربية، واقتصاده يسير في نفق مظلم سيخلق كوارث وتشويهاً للاقتصاد وتدميراً للمقدرات بشكل يصعب معالجته).
ففي فبراير من العام المنصرم حذّر تقرير لمنظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة، من أن الاقتصاد اليمني أصبح على حافة الانهيار، وأن نسبة من هم تحت خط الفقر بلغت 60% من عدد سكان البلاد البالغ 26 مليونًا، محذرة من تعاظم نسبة الفقر الذي يهدد حياة الكثير من اليمنيين.
أما ناقوس الخطر على حد تعبير تلك المنظمات، فقد دق من قبل البنك الدولي الذي تفيد الأرقام الصادرة عنه أن أكثر من 54% من سكان اليمن هم فقراء، في حين يواجه 45% منهم صعوبة في الحصول على المياه والغذاء.. وذكرت تلك المعلومات أن الوضع الاقتصادي السيئ للبلد يعرقل عجلة التنمية والبناء في مختلف المجالات، سواء خدمية أو عسكرية أو غيرها, ونتيجة لتلك المعلومات فمن المؤكد أن المؤسسة العسكرية للبلد تعاني من ذات المشكلة, وبالتالي لا ترتقي إلى مستوى نظيراتها في المنطقة التي تتميز بلدانها باقتصاد عالٍ، ونشير هنا إلى دول الخليج بالتحديد.

من القاع إلى القمة
وبالنسبة للجيش اليمني فقد تمركز في أسفل سلّم الترتيب حسب ما ورد في تقييم نشرته (غلوبال فاير باور) عام 2013، وهي إحدى أبرز المؤسسات البحثية الأميركية المتخصصة في تقديم قواعد بيانات تحليلية عن القوى العسكرية بالعالم, حيث تقدر الميزانية السنوية المخصصة للجيش اليمني كما جاء في موقع المؤسسة، بـ1,2 مليار دولار، وهي الأقل على مستوى الجزيرة العربية.
كما أن صفقات شراء الأسلحة والمعدات العسكرية الخاصة بالجيش اليمني بلغت قيمتها في الفترة (1999-2009م)، ملياراً و800 مليون دولار، حيث توزع مشتريات الأسلحة على النحو التالي: من روسيا (1114 مليون دولار)، أوكرانيا (263 مليون دولار)، جمهورية التشيك (122 مليون دولار)، كوريا الشمالية (96 مليون دولار)، وجميعها معلومات نشرتها صحيفة (الرياض) السعودية.
كل تلك التقارير الدولية التي صنّفت اليمن ضمن أسوأ البلدان النامية في العالم، لم تمنع دول الظلم والاستكبار في العالم من توجيه أطماعها باتجاه هذا البلد الفقير الذي تم وضعه ضمن مشروع عالمي يهدف إلى تمكين إسرائيل من بسط نفوذها على كل المنطقة، ولن يتم هذا مع ظهور جماعات تتبنى مقاومة النفوذ الأمريكي والتواجد الصهيوني الاحتلالي في المنطقة.
رغم الإمكانات البسيطة للجيش اليمني التي تحدثت عنها تقارير لعديد المنظمات التابعة لتلك الدول، إلا أنها شنّت حرباً ضروساً ضد هذا الجيش بدأت بحصاره من استيراد الأسلحة النوعية والحديثة، مروراً بإطلاق الشائعات المشككة بوطنيته وولائه للوطن مع انطلاق ما يُسمى ثورة 2011م، وتسميته بالجيش العائلي والخائن, وانتهاءً بمشروع هيكلته الذي أوكلت مهمة تنفيذه إلى الفار هادي الذي أثبت أنه إحدى أبرز أدوات الخارج، حيث قام بتسريح وحدات الجيش وتفكيكها وتعطيل المنظومة الصاروخية والدفاعية وتدمير القوات الجوية.
وأيضاً عمل (الإخوان المسلمون) الذين وصلوا إلى الحكم بعد 2011م، وبإملاءات أمريكية سعودية، على اختراق المؤسسة العسكرية، خصوصاً توجيهها المعنوي، وأدخلوا خطباء وهابيين من الجناح السلفي لإلقاء الخطب والمحاضرات الدينية على الجنود أسبوعياً, فكان لهم دور كبير في تحطيم العزيمة القتالية وانتزاع ثقافة الموت من أجل الوطن, وغرسوا بعض الأفكار الوهابية في عقول أفراد القوات المسلحة، أبرزها أن أرض المسلمين لا حدود لها, وفعلاً ظهر البعض من أبناء الجيش غير متأثرين بتوغل السعودية في أراضي اليمن بعد عدوانها في 26 مارس العام الفائت, بل وجِد منهم من يرى أن الاحتلال السعودي للأراضي اليمنية مباح شرعاً، وهؤلاء جميعهم كانوا محسوبين على القوات المسلحة، خاصة تلك المجاميع التي كانت تابعة للخائن علي محسن الأحمر، وهذا ما أفادت به معلومات وصلت من جهات قانونية عليا في القضاء اليمني.. كما قام الفار هادي بتسليم عددٍ من معسكرات الجيش في المناطق الجنوبية لتنظيم القاعدة الذي قام بدوره بقتل الجنود اليمنيين والتعزير بهم باستخدام أبشع طرق القتل، بإيعاز من سلطات الدولة العليا التي لم تحرك ساكناً حينها, فقد كانت تهدف إلى تحطيم معنويات أفراد الجيش الذين لم تستطع الحكومة أدلجتهم بالفكر الوهابي حينها، لأنهم لم يكونوا في القطاع التابع للإخوان المسلمين.. إن كل ما عاناه الجيش إبان فترة حكم الفار والإخوان قبل العدوان، هدف إلى خلخلة صفوف الجيش اليمني وإضعاف نفوس أفراده وتثبيط روحهم المعنوية، وهو ما كشفته الحالة المتدنية التي وصل لها الجندي اليمني، بعد رؤيته لمشاهد يُهان فيها بعض رفاقه العسكريين، ويفقد قيمته حياً وميتاً، كما حدث في حضرموت، وبعدها شبوة، وقبلهما أبين، وما حصل في عدن عندما قام المدعو جواس بأوامر من الدنبوع بارتكاب مذابح جماعية لجنود معسكر الأمن المركزي في عدن، بعد هروبه من صنعاء إلى عدن عقب ثورة 21 سبتمبر 2014، وقد نشرت صور لجنود يُدهسون تحت مجنزرات الدبابات في معسكر السقاف بعدن، كل هذا أصاب عزيمة الجندي اليمني في الصميم، وبات يشعر أنه بلا قيمة، يمكن انتزاع حياته ورمي جثته على قارعة الطريق، دون أدنى اهتمام بكرامته ـ على الأقل ـ وليس كرامة الدولة وهيبتها.. هذا خلاف الوضع المعيشي المزري الذي يعيش ويعمل في ظله منتسبو السلك العسكري والأمني.
رغم كثرة الجراح التي أصابت جسد الجيش اليمني في نصفه الوطني، إلا أن ثورة 21 سبتمبر 2014م ضمدت له بعض جراحه، وأعادت له العقيدة التي حاولت أيادي العمالة النيل منها بشكل كبير، فبعد قيام أمريكا وإسرائيل وأذنابهما كالسعودية والإمارات وغيرهما من الأذناب العربية والغربية، بشنّ عدوان همجي وبربري على الجمهورية اليمنية، استهدف كل أراضيها، بما فيها من بشر وشجر وحجر, تحرّك أفراد الجيش ومعهم اللجان الشعبية لمواجهة هذا العدوان، مستخدمين أبسط الإمكانات التسليحية والاقتصادية, ملبِّين بذلك نداء الأرض التي وجدوا لحمايتها والذود عنها بأرواحهم.

أداء الواجب ليس مقروناً بالمال
بعد أن بدأت طائرات العدوان السعودي الأمريكي بإلقاء ما في جوفها من حمم قاتلة في 26 مارس 2015، على اليمن، مستهدفة كل شيء فيه، ولمدة 19 شهراً حتى الآن، أهلكت خلالها الحرث والنسل، ومازالت, وظهرت في أول أيام عدوانها مناظر لأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ وهي ملتصقة بجدران المنازل المهدمة التي استهدفتها الغارات, وبعد أن أضاع العالم البوصلة التي تتجه إلى اليمن في مشهد واضح يقول: إن العالم راضٍ عمّا يحدث في اليمن، وأن الأمم المتحدة توحدت فقط ضد اليمن، ومجلس أمنها سلب أمن اليمن..
وسط كل هذا خرج من أوساط ركام الهيكلة جيش صرخ بأعلى صوته ما زلت أتنفس هواء هذا الوطن، فكيف تجرؤون على المساس به, منطلقاً ومعه أفراد اللجان الشعبية إلى جميع الجبهات، ملقنين العدو دروساً قلبوا بها الموازين, وجعلوا العالم الذي طالما كان ينتظر تصريحات ناطق العدوان )عسيري( ليعرفوا جديد الإنجازات الكاذبة لجيوشه المرتزقة, يذعن اليوم بإنصات لما يقوله ناطق الجيش واللجان الشعبية العميد شرف لقمان, وأرغموا وسائل الإعلام الغربية على نقل ما يسطرونه من انتصارات، خصوصاً تلك التي في العمق السعودي.
لم تكن الأموال هي الدافع لإنجازات الجيش واللجان الشعبية، ولا السلاح الحديث, بل الواجب الذي شعروا به تجاه وطنهم وشعبهم الواقف إلى جانبهم, والذي امتزج بالعقيدة القتالية المستمدة من المسيرة القرآنية, فعلى الرغم من الحرب الاقتصادية التي يشنها العدوان، والتي كانت آخر آثارها توقف صرف الرواتب لموظفي القطاع الحكومي العسكري والإداري, وأبرز من تضرروا من هذا هم أفراد الجيش، وبالأخص المرابطين في جبهات القتال، إلا أنهم لم يشتكوا من ذلك، واستمروا في ثباتهم على الأراضي التي يقاتلون فيها, كما هو حال اللجان الشعبية المرابطين في الجبهات منذ الوهلة الأولى للعدوان, والذين تشير معلومات إلى أن الإنفاقات عليهم وعلى القادمين من التعبئة العامة لم تدخل إلى اليوم ضمن كشوفات وزارة المالية, بل معتمدون في تأمين نفقاتهم على ما يبذله المجاهدون في سبيل الوطن من أموال, ومع هذا يحققون الانتصارات على واحدة من أقوى الإمكانات العسكرية تسليحاً ومالاً، ويلحقون الهزيمة تلو الأخرى بها، في صورة ترجمت معنى مصطلح يماني.

سر الانتصار
يقول شاعر الجيش واللجان الشعبية محمد الجرف لـ(لا): سرّ انتصارنا هو المظلومية وصدق القضية التي نقاتل من أجلها, فنحن أهل حق وهم ـ العدوان ومرتزقته ـ أهل باطل, وكذلك امتلاك مجاهدينا الهمّة والعزيمة والإرادة والكرامة، وهي سلاح كافٍ لمواجهة عدة وعتاد العدوان.
ويضيف: شجاعة المقاتل اليمني معروفة لدى العالم على مدى التاريخ، فقد جعل الله اليمانيين مدداً لرسوله الأمين في الماضي والحاضر, وأهم ما يجعل مقاتلينا يرابطون في كل الجبهات وتحت كل الظروف، هو التأييد الإلهي الذي نحظى به, كما أن الجرائم التي يرتكبها العدوان ومرتزقته بحق أبناء الشعب كافة تزيدنا إصراراً على إسقاط مرتكبيها، ونجد الله سبحانه وتعالى يمكننا من ذلك، وقد قلت في قصيدة لي ذات مرة:
يا قاتلين أطفال شعبي والأرحام
اهتـزت الكـعبة لـدمـعة يتـيمةْ
الظلم زايــــل خبروا كل ظـلّام
زيدوا جرايمكم تزيدوا هزيمةْ
وأكد الشاعر الجرف أن أغلب المجاهدين من الجيش واللجان الشعبية يأتون ببنادقهم وأسلحتهم الشخصية، وحالتهم مستورة، ويدركون أن العدو يشنّ على البلد حرباً اقتصادية أشرس من تلك العسكرية التي يواجهونها ويلحقون به الهزائم فيها, لأنه عجز عن مواجهتهم في الميدان، وتأكد أنه لن يستطيع تحقق أي من أهدافه الميدانية.
وأشار الجرف إلى أن تحالف العدوان هدف من وراء نقله للبنك المركزي إلى عدن, إخضاع أبطال الجيش واللجان الشعبية بتجويعهم ومحاربة أطفالهم بالجوع, وهذا يدل على خساسة تحالف العدوان وقبحه, ويؤكد لهم بأفعاله الدنيئة أنه يجب على رجال الرجال اجتثاثهم مهما كلّف الثمن.
من جانبه، يقول المجاهد في صفوف اللجان الشعبية بجبهة جيزان أبو محمد المثنى، لصحيفة (لا): توجهنا إلى جبهات القتال لإيماننا بالقضية التي نحارب من أجلها، وليس لهثاً وراء راتب نحصل عليه من الدولة أو سلاح، ولا نأبه للبحث عن مصادر تمويل نوفر من خلالها الأكل والشرب في جبهة القتال, ولو سعينا في غير هذا لأخزانا الله ولألحق بنا العدو هزائم متتالية بالنظر إلى ما يمتلكه من ترسانة تسليح هي الأحدث مقارنة بما لدينا.
ونوه المثنى بالدعم والالتفاف الشعبي الكبير حول المجاهدين في مختلف الجبهات, والذي تجسد من خلال قوافل الغذاء التي لم تنقطع منذ بداية العدوان، مؤكداً أن هذا الأمر يمنحهم بدوره استقراراً روحياً ودفعة قوية للتضحية من أجل هذا الوطن الذي يملك شعباً متلاحماً مع جيشه ولجانه الشعبية، يدفعهم لبذل كل الجهد في سبيل الانتصار.
هزائم فادحة وقودها مرتزقة ومليارات الدولارات وأحدث عتاد حربي
على العكس تماماً يقف الطرف الآخر المتمثل في العدوان ومرتزقته، على منصة الهزيمة والذل والهوان في مسرح حربهم الذي صنعوه بأيديهم وأيدي اليهود أمام جمهور مختلط من دول العالم، ورؤوسهم منكّسة يحاولون درء سوءتهم بعد أن دعمهم العالم كله في حربهم على اليمن التي قالوا إنها لن تتجاوز الشهر.
الجيش السعودي قبل العدوان
كانت نظرة العالم إلى الجيش السعودي، خصوصاً بعد ظهور ما يسمى قوات درع الجزيرة، في وسائل الإعلام التابعة له، والتي أخمدت الثورة التي قامت ضد حكام البحرين أيام ما يسمى (الربيع العربي), من منظور قوة وعظمة، فقد كانت التقارير التي تطلقها منظمات أمريكية وغربية تعمل على تلميع هذا الجيش، وتعظم من قدراته مقارنة بالجيش اليمني.. سخّرت السعودية (قرن الشيطان) ميزانيات مالية هائلة لتخلق لها جيشاً يدخل ضمن ترتيب الجيوش الأقوى في العالم، فوفقاً لآخر تقييم نشرته منظمة (غلوبال فاير باور) الأمريكية اعتبرت الجيش السعودي الأقوى في منطقة الخليج العربي، والثالث عربياً بعد مصر والجزائر، ويحل في المرتبة الـ28 عالمياً ضمن قائمة تضم 126 دولة.
وبالنسبة إلى المعدات القتالية البرية تملك السعودية 1210 دبابات، و5472 عربة مدرعة مقاتلة، و524 مدفعاً ذاتي الحركة، و432 مدفعاً مجروراً، و322 راجمة صواريخ متعددة القذائف.. فيما يضم سلاح الجو 155 مقاتلة اعتراضية، و236 طائرة هجومية ثابتة الجناح، و187 طائرة نقل، و168 طائرة تدريب، و200 مروحية، ويتضمن أسطول سلاح الجو طائرات من نوع إف 15 وتورنيدو ويوروفايتر تايفون.
وتقدر الموازنة الدفاعية للسعودية بنحو 56.72 مليار دولار. وأوضح مركز ستوكهولم لأبحاث السلام أن السعودية أصبحت رابع أكبر دولة من حيث الإنفاق العسكري، إذ أنفقت الرياض عام 2013م نحو 67 مليار دولار، مما يشكل زيادة بنسبة 118% مقارنة بعام 2004م، و14% مقارنة بعام 2012م.
بينما في تقرير نشرته شبكة (CNN) الأمريكية، ورد أن الإنفاق الدفاعي للسعودية عام 2014 تخطى حاجز 81 مليار دولار، محتلة المركز الثالث عالميًا من حيث الإنفاق الدفاعي السنوي, وصنفت الجيش السعودي بأنه الأفضل تسليحاً في المنطقة. وبينت دراسة عسكرية مُتخصصة أن تكاليف الإنفاق على الجندي السعودي تصل إلى 100 ألف دولار سنوياً.

أموال وهزائم متدفقة
مسارعة نجدة أذنابها في اليمن، حشدت السعودية كل ما تيسر من آلات القتل والدمار التي وُضعت تحت تصرفها، بالإضافة إلى غرف إعلامية ضخمة، لطالما كانت تتغذى بالمال السعودي والمكرمات الوهابية، وأطلقت عاصفة (حزم) إعلامية شعارها إسكات كل صوت معارض أو مغرد خارج سرب (التهليل الإسرائيلي الأمريكي)، وأرفقته بتحليلات وتوصيفات للنصر المرتجى من هذه المعركة، في ما يشبه إلى حد كبير ما قام به أولمرت عشية حرب تموز ٢٠٠٦م والعدوان الإسرائيلي على لبنان.. لم تستمر كثيراً خطابات القائمين بالعدوان السعودي الأمريكي التي نبحوا بها في أول أيام حربهم الشنعاء, والتي مزجوها بكلمات مليئة بالكِبر والعنجهية، مستهزئين بقدرات وإمكانات الجيش اليمني، ومستحقرين أبناء الأرض التي استهدفوها بعدوانهم، بل وصل الأمر بهم إلى التصريح في وسائل إعلامهم بأن حربهم ضد اليمن لن تتجاوز الشهر الذي سيتمكنون فيه من قهر الشعب واحتلال اليمن بكامل أرضه، مستخدمين أحدث الأسلحة وأقوى الجيوش المصنفة في تقاريرهم وماكينة إعلامية ضخمة ومبالغ مالية لم يعرف لها التاريخ مثيلاً, وكلها من أجل القضاء على بلد صنفوه بالأفقر وجيشه بالأضعف.
لكن حين تجاوزت حربهم شهرها الأول أدركوا أنهم مخطئون، وأدركوا أكثر الخطأ الذي وقعوا فيه عندما توجه أبطال الجيش واللجان الشعبية إلى الجبهات للتصدي لهم، ومنعهم من إحراز أي تقدم في الأراضي التي سيطروا عليها، وهو ما حصل فعلاً, وليس ذلك فقط، بل إن الجيش واللجان الشعبية تمكنوا من التقدم داخل الأراضي السعودية، في مشاهد جعلت من جيشهم الملقب بدرع الجزيرة مجرد كائنات أضعف من أسراب النمل, يهربون من رجال الرجال قبل أن يصلوا إليهم، خوفاً أن يدوسوهم وهم لا يشعرون.
مرتزقة ومال مدنس
قام العدوان بشراء المرتزقة من كافة أرجاء العالم، ومن بينهم ـ للأسف ـ بعض المحسوبين على اليمن، الذين باعوا وطنهم وشرفهم بحفنة من الريالات السعودية, وهؤلاء لا يملكون دافعاً في المعارك التي يخوضونها ضد رجال الرجال سوى الطمع واللهث وراء المال السعودي المدنس ومصالحهم الشخصية.
وفي هذا يقول أحد أفراد القوات المسلحة (رفض ذكر اسمه) إن ضباطه الذين ذهبوا إلى مأرب للالتحاق بصفوف مرتزقة العدوان اتصلوا به وعرضوا عليه 2000 ريال سعودي، أي ما يقارب 160 ألف ريال بالعملة المحلية، كراتب شهري مقابل الذهاب إلى هناك والانخراط ضمن صفوف المرتزقة.
إن تواجد السعودية على خط الحراك العسكري في اليمن، وبدعم أمريكي ـ بريطاني ـ إسرائيلي، نصرة لعملائها الذين تهاوت قواهم بشكل دراماتيكي سريع، هذا التواجد لم يحدث أي فرق في نتائج المعارك على الأرض، ولم يستطع وقف التوغلات التي أحدثها أبطال الجيش واللجان الشعبية داخل الأراضي السعودية، وأصبحوا على مشارف عدد من مدنها, وكبدوها خسائر يمكن وصفها بأنها (فضيحة بجلاجل)، فجيشها الذي كانت تتباهى به في وسائل إعلامها فرّ كفئران الأنابيب، وعجز عن استرداد منزل واحد في مدينة الربوعة أو مترس في نجران أو جيزان أو عسير.
إنفاق هائل وخسائر فادحة
تكبدت السعودية بحشدها العالمي في عدوانها على اليمن خسائر فادحة في العدة والعتاد والأفراد خلال 19 شهراً من عدوانها على اليمانيين، وهو ما أشارت إليه مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية في تقرير لها أوضحت فيه أن آل سعود أنفقوا 725 مليار دولار لقتل اليمنيين في الأشهر الـ6 الأولى من العدوان، تمثلت هذه الإنفاقات في شراء أسلحة أمريكية وبريطانية حديثة جداً، واستئجار أقمار تجسس صناعية وبوارج ومدمرات بحرية، وكذلك جلب مقاتلين من منظمات مرتزقة عالمية (بلاك ووتر وداين جروب)، وشراء ولاءات الدول وإسكات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. وقد خرج مؤخراً مفتي قرن الشيطان عبد العزيز آل الشيخ، مطالباً الشركات الخاصة والمصارف والمؤسسات التجارية في السعودية بالتبرع بالمال لدعم عائلات الجنود السعوديين الذين قتلوا في اليمن, كما قال قبل أيام وكيل إحدى وزارات السعودية إن بلاده ستعاني من الإفلاس بعد 3 سنوات إذا استمر الوضع على ما هو عليه, وهذا كله يدل على الخسارة الفادحة التي لحقت بالسعودية نتيجة عدوانها على اليمن.
وأوردت صحف غربية معلومات تفيد بخسارة السعودية 300 دبابة ومدرعة من أحدث الأنواع، في مواجهاتها مع الجيش اليمني واللجان الشعبية, وطبقاً لمعلومات عسكرية يمنية فإن الجيش واللجان الشعبية حصلوا على غنائم من الأسلحة الأمريكية الحديثة تقدر قيمتها بـ400 مليون دولار، أثناء سيطرتهم على عشرات المواقع داخل العمق السعودي.

حرب منسية سترويها انتصارات الأبطال
إذا كانت الحرب العنيفة للاحتلال السعودي الأمريكي لليمن، هي الحرب المنسية في هذا الجيل, والقصة التي لم يروِها أحد بعد, فإن ما يحرزه أبطال الجيش واللجان الشعبية الذين وهبوا أنفسهم فداء لتراب هذا الوطن، من انتصارات على قطيع العدوان ومرتزقته, كفيل بروايتها للأجيال القادمة، وجعلها مرجعية الخطط العسكرية الأولى, كون أبطالها تركوا بيوتهم دون أن يضمنوا توفير ما يطعمون به أطفالهم، وتوجهوا إلى الجبهات بأسلحتهم العادية لمواجهة العالم وما يمتلكه من أسلحة حديثة ومتطورة, ولقنوه دروساً لن ينساها العالم الذي كان يتناسى أثناء عدوانه ما يحدث لأبناء اليمن من مجازر بشعة وحصار مطبق.
ومع الأيام سيتحقق الانتصار الكامل على العدوان، ولن يكون اليمن حينها الدولة الأكثر فقراً في المنطقة, وستأخذ مكانها الطبيعي المفترض على رأس طاولة الجزيرة العربية.. عندها سيكون المال والحصول على الموارد الطبيعية هي البطاقات التي تخضع لتصرف اليمن وحده, فهو لايزال اليوم واقفاً على رأس أكبر دول الجزيرة العربية من حيث عدد السكان, كما يمتلك موقعاً يشرف على أهم ممر مائي في طريق التجارة العالمية (باب المندب)، وهو أداة جيوسياسية قوية يمكن أن يؤكد اليمن كدولة إقليمية عظمى, وإذا تم إدخال قوته العسكرية الحالية التي ظهرت في حربه ضد تحالف السعودية، في المعادلة, فسيُخلق حينها عملاق اقتصادي وسياسي, وسيكافئ حينها أبطاله من الجيش واللجان والقبائل الذين صبروا على الجوع، ولم يطالبوا برواتبهم، وكان شغلهم الشاغل هو تحقيق الانتصار لوطنهم العزيز: اليمن.
المصدر صحيفة لا / شايف العين