نهم تواصل ابتلاع مسوخ العدوان
مثلث برمودا

صنعت نهم بصمودها في وجه الغزاة، ملحمة وطنية، نقشت تفاصيلها في وجدان الشعب اليمني، فقد ابتلعت نهم الغزاة، وأصبحت أشبه بمثلث برمودا في ابتلاع كل ما يقترب منه، وبقيت حصناً فاصلاً بين حرية الشعب والعودة إلى حظائر التبعية، ومنذ أول زحف للمرتزقة في فبراير الماضي وحتى اللحظة، ومغاوير الجيش واللجان يسجلون أروع البطولات في صد الغزاة، ليصنع منهم التاريخ أبطالاً أسطوريين ستروى قصصهم في الحكايات الشعبية.
حصان الرهان
منذ قرابة عام دفع الغزاة بجيوشهم، وجحافل المرتزقة مع طائرات (إف 16) والأباتشي، إلى جانب الدبابات والمدافع ذاتية الحركة، في معركة كان العدوان السعودي الأمريكي يعتبرها حصان الرهان من أجل احتلال العاصمة صنعاء عبر فرضة نهم الواقعة على بعد 50 كم تقريباً شرق العاصمة، وقد صاحب جمع الغزاة، حملة دعائية لم يعرف لها مثيل، لكن نهم أظهرت استبسالاً غير متوقع، أجهض أمل العدو في الوصول إلى صنعاء، وأجبر أحلام العدوان ومرتزقته على التقزم، وبدلاً من غزو صنعاء أصبحت أحلام الغزاة مقتصرة على مجرد وضع قدم واحدة على جبال نهم. 

التحالف مع الهزيمة
مرت الفصول دون أن يبارح المرتزقة مكانهم أسفل السلسلة الجبلية لفرضة نهم، حيث تم حصر ماكينة الغزو الدموي على مساحة 7 كيلومترات في الأراضي المنبسطة بين جنوب شرق وشمال شرق نهم، حيث تدور رحى المعارك، وقد كانت جهود الغزاة منصبة على إحداث الثغرة من قبل مفترق طريق مأرب الجوف، تم من أجل تلك الثغرة التضحية بمئات المرتزقة في حملات مسعورة مسنودة بأغطية جوية كثيفة، لكن الهزيمة كانت هي الحليف الوحيد لجيوش الاحتلال والمرتزقة، وبالتزامن مع عمليات العدوان في نهم، كانت وسائل الإعلام تشن حملات دعاية مستميتة في القتال إلى جانب المرتزقة الذين كانوا يتساقطون قتلى بالعشرات مع كل محاولة زحف، والأمل يلتصق سفاحاً بحملات زحف الغزاة لعلها تنجب حلماً غير شرعي يحقق ثغرة في الجدار الصلب لأبطال الجيش واللجان المرابطين في نهم.
إعلام صناعة المشاهير يفشل في نهم
بنفس الطريقة التي يقوم فيها إعلام العولمة بصناعة نجوم للطرب والسينما بدون مواهب حقيقية، وفرضهم على المزاج العام، انخرطت وسائل الإعلام الدولية بصناعة انتصارات وهمية لجحافل الغزاة، فنهم التي تمتد على مساحة تضاريس وعرة لا تتجاوز 1900 كم مربع، كانت الشغل الشاغل لأكبر مؤسسات الإعلام عبر العالم، حيث صاحب هجمة الغزاة على نهم حملة دعائية ضخمة من الكذب والتضليل لم يعرف لها العالم مثيلاً، تخلت فيها كبريات مؤسسات الإعلام الدولية عن مسؤولياتها المهنية في الحياد وتقديم الحقيقة، وتحولت إلى مجرد وكالات دعاية مأجورة بيد تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وهي مسألة كان قد تحدث عنها جوليان أسانج، مؤسس موقع (ويكيليكس)، مطلع الأسبوع الماضي، خلال مقابلة مع قناة (روسيا اليوم) بالقول: (إن أموال السعودية وقطر قد توغلت في جميع أنحاء العالم، وخصوصاً المؤسسات الإعلامية). وكانت نهم هي الشاهد الأكبر على توغل أموال النفط في الإعلام، حيث عملت وسائل الإعلام على اختلاق الأكاذيب وتلفيق انتصارات وهمية للعدوان، والادعاء بأن الغزاة باتوا على أبواب صنعاء، وتحويل قيادات المرتزقة إلى مهرجين للقنوات والصحافة بادعاء أنهم باتوا على أبواب صنعاء، وكان أبرز تلك المساخر ادعاءات القيادي الصريع عبدالرب الشدادي، في أغسطس الماضي، والتي تبجح فيها بأن جيوش الغزاة وجحافل المرتزقة ستحتفل بعيد الأضحى في صنعاء، بهدف النيل من معنويات الشعب اليمني، ودفعه للاستسلام والخضوع لقوى الاستكبار العالمي. 

شوكة فاصلة بين الحرية والتبعية
بينما كان الإعلام يعيد خبراً واحداً في كل يوم دون كلل أو ملل، يتحدث عن (أن جيش هادي سيطر اليوم على فرضة نهم في أشرس معركة وقعت منذ بدء المواجهات في اليمن)، مستخدماً مبدأ جوبلز وزير إعلام ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، والذي يقول: (اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس)، لكن مبدأ (جوبلز) الذي كان سلاحاً مهماً عند الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية، أخفق هو الآخر بيد العدوان الفاشل، والذي تحول خلال الحملة الطويلة على فرضة نهم إلى (اكذب ثم اكذب.. ثم اكذب إلى ما لا نهاية، حتى تحل الفضيحة ويعرف العالم أنك مجرد كاذب)، حيث لم تتجاوز انتصارات العدوان الوهمية شاشات التلفزيون، في حين بقيت نهم شامخة، ونقطة فاصلة بين الحرية، وعودة اليمن إلى التبعية.

ترويض الهزائم
وعندما شعر تحالف العدوان باستحالة تجاوز فرضة نهم باتجاه صنعاء، بدأت القنوات الفضائية التابعة للعدوان، منذ يونيو الفائت، بحملة دعائية تبرر إخفاقات العدوان في تجاوز فرضة نهم، تخوفاً من فضيحة جازف تحالف العدوان بالمراهنة عليها وتمادت معه وسائل الإعلام عبر العالم في التسويق لها، لكنها انكشفت على يد مقاتلي اليمن في نهم، الذين هزموا من متاريسهم ماكينات تزوير الإعلام الدولي قبل أن يهزموا الغزاة.
وكان المحلل العسكري الأردني فايز الدويري هو فارس الحملة الإعلامية لتبرير عجز تحالف العدوان في تجاوز فرضة نهم، والذي تحدث عن التكاليف الباهظة التي سيتكبدها العدوان في حالة أصر على دخول صنعاء، ومباشرة تم تعميم أعذار الفشل، حيث بدأت القنوات باستضافة (المتحللين) السياسيين الذين أخذوا يرددون نفس كلام المحلل العسكري الأردني عن الخسائر الضخمة التي لن يستطيع (التحالف) تحملها من أجل العبور إلى صنعاء عن طريق نهم، وهم نفس (المتحللين) الذين كان قد تم تلقينهم أن احتلال صنعاء لن يتم إلا عن طريق فرضة نهم.
جيوش مطيعة للإعلام
وبعد حملة التبرير الإعلامية للهزائم التي تكبدها العدوان في نهم، عملت قيادة تحالف العدوان على تغيير محور عملياتها من نهم إلى صرواح، لكن هذه المرة بدون تضخيم إعلامي، فقد عزز الكذب الإعلامي من هشاشة جيوش العدوان والمرتزقة، وجعلها تبدو جيوشاً مطيعة للإعلام، أمام صلابة المقاتلين اليمنيين، ولا يمكن لجحافل الغزاة إلا أن يلاحقوا السراب في الصحراء بين نهم وصرواح.