جــثــامــين بـــلا هــــوية
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / زيد المجاهد

أنصـــاف وأربــــاع أجســـاد ومـــوت مكتمـــل
جثامين بلا هوية
من بين ركام المآسي التي يصنعها تحالف العدوان ضد اليمن، تبرز قضية الضحايا المجهولين، الذين باغتهم طيران العدوان وهم عابرو سبيل أو نازحون وصلوا للتو من مناطق يشتد فيها الصراع على الأرض. وبين أوجاع بلا حدود يضطر الأهالي إلى لملمة جثامين أحبتهم أشلاء بعد أن مزقها صاروخ شيطاني لا يجيد سوى قتل الأبرياء وقصف البيوت، أو المضي في رحلة متعبة بحثاً عن مفقودين ضاعوا بين أشلاء ضحايا قصف طيران العدوان، ولم يعثر لهم على أثر.
أشلاء أسرة
هناك أسر بأكملها قطعت صواريخ الطائرات أوصالها، ضفيرة انتزعت من رأس طفلة والتصقت مخضبة بالدم مع دمية على بعد 30 متراً إلى اليسار، يد أم كادحة بترت ووجدت ملقاة مع (شوال) الدقيق، رب البيت جذع بلا رأس ولا أطراف على مسافة 20 متراً تحت عمود خرسانة مهشم على بعد 5 أمتار خارج البيت الذي تعرض للقصف، أشلاء الأبناء والبنات وقد اختلطت بانسجام حزين مع أثاث البيت متناثرة في كل مكان، بينما يلف المكان صمت وحشي في ثنايا ليل مخيف، وفرق الإغاثة تجمع الأشلاء في بطانيات يسيل منها الدم بانتظار أن يأتي أقارب الأسرة.
أجساد اليمنيين تنثر في كل مكان
لقد نثر طيران العدوان أشلاء اليمنيين في مكان، في الأسواق وفي معامل صناعة أغذية تسلية الأطفال، وعلى الطرقات، وفي أرصفة الإنزال السمكي، وداخل المزارع. هناك ضحايا سقطوا وضاعت معالمهم، أم تسأل عن مصير ولدها بعد أن مزقت غارة جوية أجساد 17 شخصاً في سوق مفرق حيفان بمدينة الراهدة، نهاية يوليو الماضي، كان يرتدي قميصاً أزرق وبنطلوناً أسود، ويجلس هناك لبيع القات. لكن بلا جدوى فقد اختلطت شخوص المسرح الدامي، وجمعت أشلاء جثامين القتلى على شكل نتف صغيرة لا تتجاوز حجم أصابع اليد، ولم يعد هناك أية علامات تفرق بين شخص وآخر من ضحايا الجريمة.
أمل العودة وسط بحر الأحزان
وزارة الصحة أطلقت في 23 نوفمبر الجاري، إحصائية أخيرة كشفت عن سقوط 8300 شهيد مدني قتلوا بغارات تحالف العدوان. وتحدثت الإحصائية أيضاً عن وجود 18.500 جريح، أما عدد المصابين بالإعاقة جراء قصف العدوان فيصل إلى 1600 مدني.
بينما أفاد ........ لصحيفة (لا) أن هناك بلاغات عن (...) شخص فقدوا ولا يعرف ذووهم شيئاً عنهم، سوى أن أقاربهم كانوا يتواجدون في مكان تعرض لغارة جوية، لكن لا يوجد لدى أهالي المفقودين أي دليل يسند حزنهم، مما يجعلهم متشبثين بأمل أن فقيدهم قد يكون مصاباً خارج الوعي في مكان ما، ليمضي الأهالي رحلة مضنية مع الأمل في منجم الأحزان اليومية لشعب اليمن، بحثاً عن أي دليل قد يرشدهم إلى فقيدهم، أو يؤكد مقتله.
محترقون لأيام تحت الأنقاض
في بعض الأحيان تأخذ عمليات إخراج الضحايا من تحت الأنقاض، مدة لا تقل عن 10 أيام، مثلما حدث لضحايا الصالة الكبرى في صنعاء، وهي فترة كافية بحسب بعض المسعفين لأن تتحلل فيها جثة الضحية، وإذا ما أخذ بعين الاعتبار أن جثمان الضحية احترق أصلاً بفعل استخدام طيران العدوان قذائف حارقة، فإن نسبة احتفاظ جثة الضحية بعلامتها تقل كثيراً، الأمر الذي يصعب معه التعرف على هوية الضحية.
مهمة البحث في كل مكان
يقول محمد غازي، المنسق الإعلامي بهيئة الهلال الأحمر بصنعاء: يأتي إلينا الكثير من الناس بحثاً عن أقارب لهم كانوا يتواجدون في مكان تعرض للقصف، دون أن يكون لدى الأهالي أي تأكيدات مفيدة عن ذويهم ما إذا قد قضوا نحبهم في الغارة أم لا، لكن لا يوجد لدينا أية إجابات، بحكم أن هيئة الهلال الأحمر تختص بإسعاف الضحايا وإيصالهم إلى المستشفيات، ولا علاقة لنا بهويات من نقوم بإسعافهم.
ويضيف غازي أن الهلال الأحمر يبذل مساعي من أجل تبادل جثامين القتلى بين الأطراف في مناطق المواجهات على الأرض، وتوثيق جثامين القتلى عبر تصويرها ليتسنى للأهالي التعرف على أقاربهم إذا كانوا قد سقطوا قتلى خلال المواجهات التي تدور على الأرض في بعض المناطق.
محرومون من العناق الأخير
لم يعد الموت شأناً شخصياً في زمن الموت بالعدوان الجماعي في بلاد اليمن، يحق فيه للآباء أن يودعوا أولادهم في عناق الموت الأخير، ويحرمون من غسل أبنائهم، وتكفينهم، ورش العطور على جثامين أحبائهم، والقيام بمراسم التشييع والدفن التي يحصل عليها الموتى، فكل ما تبقى من الأبناء الذين كانوا ينتظرون في البيت (الذي تعرض لقصف العدوان) هو أشلاء مجمعة في بطانيات، شارك الجميع في لملمتها، بعد أن نثرت بلا رحمة على محيط واسع، وبلا أية خصوصية ولا استثناءات تدفن أشلاء المدنيين الذين يسقطون ضحايا لغارات طيران العدوان على الأماكن العامة مثل الأسواق، بشكل جماعي وفي قبر واحد يضم الجميع.
ذاكرة الأحياء تتوعد الطغاة
لايزال يوجد في اليمن الكثير من الأحياء، لن يسكتهم صمت المجتمع الدولي عن المجازر الجماعية التي يرتكبها تحالف العدوان ضد أبناء اليمن، وستظل ذكرى الشهداء والمفقودين وقوداً سيشعل عروش الطغيان مهما طال الزمن.
المصدر صحيفة لا / زيد المجاهد