عصــا العـــدوان في دولاب الجامعــــــة .. ينبغـــي أن يُكســـر
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

في ظل اهتمام رسمي كبير تحظى به جامعة صنعاء من قبل المجلس السياسي الأعلى الذي وجه في وقت سابق دعوة للأكاديميين لتقديم رؤية لإدارة الأمور في البلد، وأيضاً الزيارة التي قام بها مؤخراً صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى، إلى الجامعة، في وقت سابق، وافتتاح أحد المعامل بكلية الهندسة... إضافة إلى اهتمام حكومة الإنقاذ الوطني بالجامعة، وهو ما أكدته زيارتا وزيري التعليم العالي والإعلام للجامعة مؤخراً، وتأكيد الجميع أن الحكومة ماضية بمعالجة قضية (الرواتب)، وإيجاد حلول عاجلة لها، كون الوطن يواجه عدواناً شرساً استهدف كل شيء، ورغم ذلك الاهتمام والخطوات العملية بإيجاد معالجات سريعة، إلا أن أصواتاً (نشازاً) للبعض ترتفع بين فينة وأخرى بتعطيل الدراسة والإضراب في الجامعة، وخاصة أن الطلاب يعانون الكثير في ظل الظروف الصعبة حتى يتمكنوا من حضور المحاضرات، وأن كل طالب وراء حضوره قصة من المعاناة حتى يصل الجامعة.. صحيفة (لا) زارت الجامعة، واقتربت من ذلك عن كثب في سياق التالي..
أحضر الجامعة بدراجتي الهوائية
بداية توقفنا مع مجموعة من طلاب وطالبات جامعة صنعاء وردود أفعالهم حول ارتفاع دعوات الإضراب بتوقيف الدراسة، وما أبداه معظمهم من توجس حول ذلك، كون الغالبية يريدون أن ينتهي الفصل الأول، ليبدأوا الفصل الثاني.. بداية قال الطالب شاهر محمد (كلية التجارة): أنا آتي إلى الجامعة كل يوم على دراجتي الهوائية، لأنها وسيلتي الوحيدة للحضور، وأتحمل مشقة ذلك لأستمع إلى المحاضرات، ونتفاجأ أن البعض من الدكاترة اعتذر عنها، بحجة أنه لم يستلم (راتبه)، ويختم: نحن نقدر ذلك، لكن لا نتوقع منهم أن تصل لدرجة أن يوقفوا الدراسة، لأننا أيضاً لا ذنب لنا، كذلك أن وطننا في مواجهة عدوان غاشم يتطلبُ من الجميع التضحية والصمود.
نحضر من السادسة صباحاً
رانيا مفتاح (كلية التربية) تقول: بصراحة أنا ومجموعة من زميلاتي نتخوف جداً إذا أضربوا، لأننا لم نأتِ إلى هنا بسهولة، فأنا أحضر من ضلاع همدان وأبكر من الساعة السادسة صباحاً حتى أتمكن من استقلال أكثر من باص، وكذلك تكاليف مواصلاتي ليست سهلة في ظل هذا الوضع العصيب، وقس على ذلك بقية زميلاتي وزملائي، فكل ما نتمناه أن يتم وضع حلول ومعالجات سريعة من الجامعة، لنتمكن من إكمال الدراسة.
يؤثر على أدائنا المهني
عفاف حسن (إحدى الموظفات في الجامعة) تقول: في ظل عدم صرف المرتبات نحن كموظفين لا نستطيع مواصلة أعمالنا والحضور بشكل دائم، لأن عدم وجود المواصلات، والمصروف اليومي، والاحتياجات الضرورية بشكل عام يؤثر على أدائنا المهني، وفي ظل عدم توفير ذلك، نأمل معالجة الوضع بأقرب وقت حتى نتمكن من تسهيل معاملات الطلاب.
الوجه الآخر للعدوان
ولأهمية الموضوع وحساسيته توجهت (لا) إلى الجهات ذات الاختصاص، وكانت البداية مع د. محمد المأخذي، نائب عميد كلية الآداب قسم الدراسات الإسلامية، ورئيس الملتقى الأكاديمي بجامعة صنعاء، الذي بدأ قائلاً: إن المجلس السياسي التقى بالنقابة، وطلب منها أن تقدم رؤية للمجلس من قبل الأكاديميين المكلفين من النقابة ومن معها، ولكن للأسف النقابة تلعب سياسة وتُوجه من أطراف خارجية، لا يهمها البلد، ولا وضع الحلول المقبولة، بل همهم كيف يدخلون البلاد في إرباك خدمة للعدو الذي يقوم بالاعتداء على اليمن أرضاً وإنساناً، وإلا كان من اللازم عليهم أن يقدموا الرؤية التي طلبت منهم، وهم من طرحها، ونحن نعتبر أن هذه النقابة هي الوجه الآخر للعدوان، ورغم ذلك لم يقدموا أي حلول، بل تجاوزوا كل القوانين التي حددت مهام واختصاصات النقابات، ولهذا تجدون هذه النقابة تتدخل في كل شؤون الجامعة في ما يعنيها وما لا يعنيها، وكأنها الحاكم بأمر الله (كما يدعون).
وأضاف: لم تتمكن النقابة من تحقيق أهدافها، وفشل العدوان في جميع زحوفاته التي حدثت، وتصدى رجال الرجال لهؤلاء المرتزقة، وكسروا شوكتهم في مختلف الجبهات.
(قميص عثمان)...!
ويواصل د. المأخذي أن النقابة حين واجهت الكثير من الفشل، قامت بالدعوة للإضراب بحجة (المرتبات)، وهذه المرتبات جعلوها (قميص عثمان)، وهي الأنانية المطلقة من هذه الفئة التي تدعي أنها نخبة المجتمع، ترى نفسها فوق المجتمع، وفوق أبناء الشعب اليمني كله، الذي يعاني من ويلات حرب فرضت عليه من قبل أمريكا وبني سعود ومن تحالف معهما.
الجامعة ليست سبب منع المرتبات
ويوضح د. المأخذي قائلاً: الذين يدعون للإضراب وتعطيل الدراسة، فالجامعة ليست السبب في منع المرتبات ولا الحكومة، ولا المجلس السياسي الأعلى، وإنما من تسببوا بنقل البنك، وكانت الأمور سابقاً طبيعية، وتصرف المرتبات لمدة سنة و6 أشهر في ظل العدوان ورغم شحة الإيرادات، بينما كان رئيس الوزراء الأسبق (باسندوة) والفار (هادي) يهددان الشعب أن المرتبات ستتوقف في تلك الأيام.
معالجات..
ويختم د. المأخذي: ورغم هذا فإن الجامعة قامت بمعالجات وقدمت مقترحات للتخفيف من معاناة أعضاء هيئة التدريس وموظفي الجامعة، وبعد عرض الموضوع قدمت مقترحاً لمجلس رئاسة الجامعة في تاريخ 4/12/2016م، وأقر المجلس صرف 100 ألف ريال لكل عضو هيئة تدريس، و50 ألف ريال لكل موظف ومتعاقد، ومواجهة صرف هذه المبالغ من حساب الجامعة، في البنك، (موارد ذاتية)، 92 مليوناً، وأن يُكمل هذا المبلغ من الوفر الخاص بالجامعة، وقُدّم هذا المقترح في رسالة إلى وزير التعليم العالي الشيخ حسين حازب، وبدوره قام مشكوراً بعرض الموضوع على رئيس الوزراء، وإن شاء الله يتم ذلك خلال اليومين المقبلين، بالإضافة إلى صرف (نصف الراتب) الذي أمرت به الحكومة.
ومن ضمن المعالجات ـ بحسب المأخذي ـ أن تقدم البنوك التجارية سلفة مرتب شهر لمن يتم تحويل مرتباتهم إليها من أعضاء هيئة التدريس، وسيتم التحرك في ضوء ذلك، وهناك حلول أخرى تسعى لها الجامعة ومن معها من الخيرين إلى توفير احتياجات الموظفين.
وقال: نحن لا نسمح أن تتوقف الدراسة، لأن الطالب يعاني كثيراً حتى يصل إلى الجامعة، وقد سمعت قصصاً تدمي القلب حول ذلك، وهنا لا يمكن أن نجازي الطالب بتعطيل جهده الذي يكافح ويناضل من أجله، وعلى الجامعة أن تتخذ إجراءاتها ضد من يدعو إلى ذلك.
ثورات.. (الأنا)
د. إبراهيم المطاع، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، قال في ضوء ما طُرح: الفوضى، وتعطيل مرافق الدولة؛ بثورات الأنا أو الطوفان، والدمار والقتل، وسفك الدماء، لا يحسنها إلا من يعتبرون أنهم منحوا من الله حقاً، يخولهم فعل أي شيء؛ أولئك الإخوان لم يقبلوا ولن يقبلوا بالآخر؛ فلجأوا إلى ربيبة الإرهاب، جارة السوء، مهلكة بني سعود. فكانوا عوناً لها، في تدمير كل شيء، وسفكوا دماء كل حي؛ كتب الله له أن يعيش على تراب هذا الوطن الغالي، الطيب، بقول الله تعالى: (بلدة طيبة ورب غفور). حتى الحجر والمدر أفرغوا فيه فجورهم وحقدهم. قاتلهم الله أنى يؤفكون.
يضيف د. المطاع: وطوال عام و9 شهور؛ وآلة قتلهم من الجو والبر والبحر، لا تتوقف عن القتل والدمار. بذلوا كل شيء، وأنفقوا غاية ما يمتلكون، علهم يحققون نصراً يحفظ قذارة وجوههم، دون جدوى. وما يستطيعون، والله يقول: (الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون). تلك هي مشيئة الله؛ والله غالب على أمره.
إشاعة الفوضى
يواصل د. المطاع: ومنذ بداية حربهم على وطننا الغالي؛ وهم لا يألون جهداً في سبيل إخضاعه بشتى الوسائل، من الداخل، بإيجاد موطئ قدم للمرتزقة، سعياً وراء إشاعة الفوضى، داخل المدن التي صرفهم الله عنها. وغايتهم في ذلك إرباك حياة الناس، تارة بالمذهبية، وأخرى بالطائفية والمناطقية، وحيناً بالاغتيالات والتفجيرات، حتى بيوت الله؛ لم يراعوا لها حرمة. فمن كان ذلك دأبه؛ فليس بمستغرب أن يفعل أي شيء.
وأضاف: حرصنا كثيراً والمسؤولون في الدولة على أن ننأى بالجامعات بعيداً عن المهاترات الحزبية والسياسية؛ وكانت زيارة الأستاذ صالح الصماد لجامعة صنعاء، ومن قبله، الأستاذ محمد علي الحوثي، تتويجاً لذلك السعي، وتحقيقاً لتلك الغاية؛ إضافة إلى تفقد أحوال الجامعة، وتكررت زيارات أخرى لوزراء منهم: وزيرا التعليم العالي، والإعلام.
همّ شعب بأكمله
يختم د. المطاع: حرصاً من رئاسة الجامعة على النأي بها عن السياسة؛ سارع المسؤولون فيها إلى اللقاء بنقابة أعضاء هيئة التدريس في الجامعة؛ التي سعت، وتسعى كثيراً إلى تعطيل الدراسة في الجامعة. وكان دافعها هذه المرة المرتب؛ مع علمهم أن المرتب هم الشعب بأكمله، وأن توقف صرفه، ليس قصراً على الجامعة.
وكررنا لهم القول ـ والكلام لا يزال للدكتور إبراهيم ـ إن ذلك سيستغله العدوان، الذي لم يستطع أن يحقق شيئاً في جبهات المواجهة الحربية؛ وأن ذلك سيترتب عليه فتح جبهة داخلية، سيكون لها عواقب وخيمة، ومن غير المقبول قطعاً، بعد قوافل الشهداء، والدماء التي سفكت ظلماً وعدواناً؛ أن نحقق للعدوان غاية ما يتمناه بخلخلة الجبهة الداخلية.
آخر الأوراق..
بعد لملمة حقيقة ما يحدث في الحرم الجامعي، وما يجري خلف أسوارها المنيعة التي يحاول البعض خلخلتها، وإضعافها، اتفق أغلبية القائمين على العملية التعليمية من رئاسة الجامعة، وذوي الاختصاص، أن لا مجال لمن يحاول شق الصف في الجامعة، وتعطيل العملية التعليمية من خلال ما يدعون إليه من إضراب بحجة (المرتبات) التي تحظى باهتمام رسمي وحكومي لوضع الحلول والمعالجات المناسبة لها، كون وضع البلد لا يتحمل المزيد من الفوضى، لأن ذلك لا يخدم سوى أعداء اليمن.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا