تحالف العدوان على الشبكة العنكبوتية
فيس بوك.. حظيرة للجاسوسية

الفضاء الأزرق.. ذلك العالم الافتراضي الذي يجمع حوله الكثير من المتابعين والمهتمين في جوانبِ الحياةِ المختلفة، والذي انبهر به الجميع حول العالم في بدايةِ انتشاره، وانتشرت ما أطلق عليها (ثورات الربيع العربي)، حيث ما لبثت هذه المساحة الصغيرة من العالم الافتراضي أن كشرت عن أنيابها، خاصة مع قيام إدارة (فيسبوك) بحجب أو إيقاف صفحات عدد من الناشطين المؤثرين في الرأي العام، مشترطة عليهم شروطاً محددة للنشر، ما جعل البعض يتهم هذه الإدارة بالتواطؤ مع الاستخبارات العالمية وخدمة جهات بعينها.. صحيفة (لا) التقت عبر الفضاء الأزرق العديد من رواده، ودردشت معهم حول ذلك، وخرجت بالحصيلةِ التالية.. 
انتهاك قوانين الاستخدام
أعتقد أنه بمجرد الضغط على مربع شروط الاستخدام والعضوية وسياسات صفحات التواصل الاجتماعي، يصبح توقيعك علامة موافقتك القانونية واستيعابك الكافي في أدنى حدود أحكام الاستخدام الاتصالي والتواصلي، بذلك المدخل بدأ فارس العليي (كاتب وناشط إعلامي)، ويواصل قائلاً: ولو أنه ليس بالضرورة أن يكون وعي المستخدم بتقنيات الميديا الإعلامية الواسعة عالياً، تكون الكتابات والآراء المنشورة عن أصحابها في الفضاء السبراني شخصية اعتبارية، لكن الانطباع هذا ليس رسمياً بصورة نهائية، إذا ما أردنا إدانة أو محاسبة الأشخاص لانتهاكهم قوانين الاستخدام الإلكتروني المعمول بها عالمياً، لأنهم يستطيعون إنكار الأمر والتحجج بحدوث خلل فني مثل إيقاف الشركة المنشئة وصاحبة الاختصاص لحساب المستخدم وفق قوانين وشروط دولية اتفقت ووقعت عليها أغلب دول العالم. (فيسبوك) و(تويتر) و(ماسنجر) و.. الخ من مواقع التواصل الاجتماعي، مثل جلسة مقيل يمني، كل ما يقولونه لا يقصدون تنفيذه بالضرورة.. لكن بإمكان اليمنيين أن يكونوا أكثر ثرثرة من باقي العرب إذا ما شاهدنا كم التحليلات السياسية، والتي تحتل الشعبوية جزءاً كبيراً من حضورها، بما فيها صفحات النخب السياسية والثقافية والإعلامية، ما جعلنا مستخدمين سيئين لا نقبل رأياً دينياً كان أو أيديولوجياً أو حراً أو صادراً عن صاحب رؤية وقرار ومثقف عضوي فاعل.

التطرف والإلغاء
يواصل العليي: المصادرة والتطرف والإلغاء وتكميم حريات الناس وانتهاك حقوق الآخرين وحرماتهم الإنسانية والقدسية، جزء حيوي وهام من سياسات الاستخدام الإلكترونية التي يوقع عليها المستخدم عند انضمامه لعضوية وسيلة الاتصال والتواصل الإلكتروني، وأنا لا أقول إن إدارة (فيسبوك) أو (تويتر) أو أية وسيلة اجتماعية للتواصل لا تقوم الشركات المنشئة نفسها بانتهاكها واقتحام الخصوصية للتجسس أو العبث بخصوصيات الآخرين، وإنما أتكلم عن الشروط التي وقعناها كمستخدمين مع مستر مارك وباقي المالكين الآخرين لصفحات التواصل الاجتماعي، بكل رضا افتراضي ممكن. وباختصار: كل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يوافقون على مستوى كبير من الخصوصية والسرية لمتعلقات عضويتهم وما يصدر عنهم من آراء وممارسات، خصوصاً المتعلقة بعمليات المحادثة والدردشة الفورية، فلماذا لا يطبقون سياسة رفع مستوى أمان الجدران النارية لحماية حقوق المستخدمين واحترام حداثة الوعي الإنساني بالحقوق المدنية وحريات استخدام وسائل الميديا الإعلامية بأمانة وضمانات أعلى.
يختم العليي: أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي تتحول إلى نوافذ تعكس بقدر كبير اتجاهات ونفسيات المجتمعات والتكوينات والاتجاهات المختلفة، وفي اليمن تجعلنا نحدث جدلاً أحمق بوضعية فكرية منفعلة وساخرة غير متماسكة ومتسقة مع الذات، ويبقى للمستخدم تحديث حالته بالتكوين اللغوي والفكري في صيغته المخرجة مع فوارق القدرات الذهنية والفنية والمعرفية عموماً، ووعيه بوظيفتها وحدودها وأهميتها وأهدافها، ويفترض أن يكون على علم بسلبياتها وإيجابياتها.

أوصيت بها لولدي من بعدي
أما د. سعاد السبع (أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بجامعة صنعاء) فتقول: هناك ميزة جديدة لتوريث الصفحات، وأنا أوصيت بها لولدي من بعدي.. والفيس له تأثير فعلاً، ولكنه تأثير مشوش.. بعض الصفحات تستحق الاستهداف كتلك الإباحية أو المثيرة للأحقاد، وبعض الصفحات استهدافها غير موفق كتلك التي تفضح الفساد والفاسدين..
وعن شروط النشر تقول: قرأتها عند فتح صفحتي، وأعجبتني لأن فيها ما يحفظ قيم الإنسان كتحمل مسؤولية ما تنشر، وعدم المساس بحرية وشخصيات الآخرين.. وأنا دائماً أوافق على شروط العضوية في الصفحات المحترمة، لأنها توضع لحماية القارئ والكاتب أو الناشر..
وتختم د. السبع مبتسمة: طبعاً الفيس أحد عوامل انتشار ثورات الربيع العربي، ولولا نشر صورة الشاب التونسي الذي أحرق نفسه، لما خرج المصريون واليمنيون بصدور عارية.

سرقة أفكار الآخرين 
سمر الرميمة (شاعرة) تقول: سياسة النشر في (فيسبوك) معلومة للجميع، وربما هي سياسات عامة تتيح للجميع النشر بلا قيود، فـ(فيسبوك) موقع تواصل عام، وليس خاصاً، وكل مشترك فيه بالتأكيد وافق على سياسة النشر.. وتضيف في ما سمي الربيع العربي ودور مواقع التواصل فيه: حشد الرأي العام وتحريك الثوار.. ومثلاً فإن الثورة المصرية في يناير انطلقت من (فيسبوك) كمصدر رئيس في اندلاع الثورة، هذا بالإضافة إلى أن (فيسبوك) فضاء متسع يتيح للجميع الاطلاع على تجارب الآخرين.. ومن هنا فإنه قناة مهمة في تقليد الثورات وإشعالها في الوطن العربي..
تواصل الرميمة أن استهداف صفحات معينة بالحجب أو السطو عليها له مبررات كثيرة، توضحها حسب رؤيتها: منها ما هو أمني، ومنها ما هو فضولي، أو تسلطي، والحقيقة رغم انتشار التكنولوجيا، إلا أننا مازلنا نعاني من أمية تكنولوجية في الوطن العربي، مما يسهل على الغير اختراقنا، أو يجعل من يفهم أكثر هو أكثر تفوقاً، وهذا يتيح للبعض خلق فوضى اختراق الصفحات..
وحول خصوصيات النشر تختم: لا نملك رأياً عاماً هنا في الحكم على الفيس إذا كان للتواصل الاجتماعي أو غير ذلك.. ومن اللافت للنظر أن كل ما يكتب على الفيس يبقى ماكثاً، بدليل أن البحث في (جوجل) يكشف عن المكتوب في الفيس أو غيره عبر سنوات مضت، لكن الأخطر من ذلك هو ما يتم من سرقات أفكار الغير وإبداعاتهم، ولا نملك لهم حقوق الملكية الفكرية في ما يتم نشره في مواقع التواصل الاجتماعي.

طغيان الصفحات الممولة..!
عمار الملوح (مصمم جرافيكس) متحدثاً عن الفضاء الإلكتروني: يعد (فيسبوك) الظاهرة الأوسع انتشاراً بين الناس كأحدث وأمتع طريقة للتواصل إلكترونياً بين البشر، ويعود ذلك لأسباب كثيرة، أهمها: سهولة التواصل مع الأصدقاء، والمرونة التي يضفيها الموقع في الاستخدام والتحديث المستمر. (فيسبوك) كعادة أي موقع تواصل يحتوي على شروط وسياسات للاشتراك فيه، لكن الأغلب يوافق عليها مجبراً لكي يمكنه الاشتراك بالموقع، ولا يلتزم بها لاحقاً..
يضيف الملوح: كلنا نعرف دور الإعلام ومواقع التواصل، خاصة في صنع الأحداث الأخيرة بالشرق الأوسط، وكيف أثرت الجيوش الإلكترونية في الرأي العام بشكل سلبي أكثر مما هو إيجابي، مثلما طغت أيضاً الصفحات الممولة المدفوعة الثمن على صوت الحقيقة، ولا نغفل أيضاً أن (فيسبوك) أعطى مساحة للرأي الآخر، وحرية أكثر مما أعطته وسائل التواصل والنشر الأخرى، إلا أن ثمة سياسة مبهمة تجدها تتكرر مراراً من قبل إدارة الموقع لصفحات وحسابات تارة بالحجب وتارة بالإيقاف بحجة البلاغات، وعودة الصفحة مرة أخرى ربما نتاج تأثير ضغوط عليها من أطراف مؤثرة عالمياً، وخاصة صفحات المشاهير.

إعدادات الخصوصية لبعد الموت..!
يستدرك الملوح: لكن مع كل ذلك يظل الفيس فضاء حراً وعالماً واسعاً يمتلئ بالضجيج. بالنسبة لصفحات الموتى تظل محفوظة، ومحتواها كذلك، إلا أنه بالفترة الأخيرة تنبهت إدارة (فيسبوك) لهذا الأمر، حيث يمكنك إضافة شخص مسؤول على الحساب بعد وفاتك (الإعدادات - جهات الاتصال الموصى لها)، مع ملاحظة أنه سيكون له سيطرة محدودة فقط على الحساب دون الاطلاع على الرسائل، حيث يمكنه نشر رسائل التعاطف والتذكر، ما يجعله كنصب تذكاري، مع العلم أنه يمكنك أيضاً اختيار حذف حسابك بشكل تلقائي بعد وفاتك. وبالمجمل (فيسبوك) له سلبيات وإيجابيات، مثله مثل أية وسيلة أخرى، يكفي أن تمتلك الضمير والمصداقية لتحسن استخدامه، ولأن (فيسبوك) أصبح جزءاً أساسياً في حياة هذا الجيل بكل شرائحه، فإني أوجه رسالتي عبر منبركم للدولة وللجهات المختصة بإفراد مساحة واسعة للوعي والتثقيف بأخلاقيات التعامل مع مواقع التواصل وصفحات النت بشكل عام.

مشروع تآمري.. 
ماجد الكحلاني (ناشط إعلامي) بدأ كلامه بالقول: لوحظ مؤخراً أن إدارة شركة (فيسبوك) عمدت إلى إغلاق الكثير من الحسابات، سواءً لناشطين سياسيين أو حقوقيين، دون أدنى أسباب تذكر، وذلك تحت مبررات التحريض.. و... و... و... كما زعمت الشركة.. يضيف الكحلاني: كنت أحد الأشخاص الذين أغلقت صفحاتهم.. ورغم محاولات عدة مع إدارة الشركة لاسترجاع الصفحة، إلا أنها باءت بالفشل، واكتشفت أيضاً أن أصدقاء كثراً أغلقت صفحاتهم تحت ذات المبرر.. وإن أمعنا في الأسباب قد نجد أن هذا الناشط أو ذاك ربما يتداولون مصطلحات بعينها لا تخدم العدو، بل تستقصده بصورة مباشرة، مثلاً (الصرخة)، أو العدوان، أو مصطلحات أخرى تكتب بشكل مستمر ضمن منشورات الناشطين، خاصة في ظل ما تعيشه البلاد من عدوان همجي سافر وجرائم وحشية يومية ترتكب بحق أبناء الشعب اليمني.

مواقع استجلاب معلومات
يختم ماجد: أعتقد جازماً أن (فيسبوك) أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي صممت خصيصاً بغرض خدمة الأهداف الأمريكية الصهيونية، وتعتبر (مواقع استجلاب معلومات)، وجمع تحليلات وقياس رأي تُبنى في ضوئها مخططات العدو لاستهداف الشعوب العربية والإسلامية، فلو عدنا لما قبل ظهور هذه المواقع، كان الأعداء وتحديداً الغرب يعتمدون على المنظمات، وما يزالون يتكلون عليها في جمع الاستبيانات وغيرها من المعلومات التي تخدم مشروعهم التآمري، إلى أن جاءت هذه المواقع ووفرت عليهم الكثير. فيما الملايين من أبناء الشعوب العربية والإسلامية لا يدركون خطورة هذه المواقع التي يديرها رأسمال وشخصيات صهيونية سوءاً (فيسبوك) أو (تويتر) أو (يوتيوب) أو غيرها.

إخفاق ثورات الربيع العربي..!
عبدالعزيز البدوي (إعلامي): سياسات الفيس، وشروط العضوية، تدور مجملها حول الحقوق والمسؤوليات بين الموقع والمستخدم، وتتضمن هذه السياسات والشروط بيان خصوصية ومعايير مجتمع، ومعلومات تتعلق بهوية المستخدم واهتماماته، والمضامين التي يشاركها، إذ يتكفل الموقع بتوفير الأمن والخصوصية للمستخدم مقابل التزام المستخدم بالمعايير والضوابط التي يضعها الموقع، والتي تركز على النشر في إطار القانون، وحظر السطو على حقوق الغير، ومنع نشر المضامين التي تنافي قيم المجتمع، وغير ذلك.
يضيف البدوي: شخصياً وافقت على المعايير والشروط الخاصة بالعضوية في الموقع منذ بداية استخدامي له.
وعن الدور الذي لعبه الفيس في ما أطلق عليه (ثورات الربيع العربي)، يقول البدوي: حقيقة لقد لعب الموقع دوراً كبيراً في إشعال فتيل الربيع العربي، باعتباره وسيلة تواصل فعالة وسهلة تناقل خلالها الناس الكثير من الأخبار والقضايا الخاصة بالربيع العربي، ونشرها على أوسع نطاق، لكن الملاحظ أن الموقع شهد انقراضاً وخفوتاً للأصوات الثورية بعد نكسة تلك الثورات، فقد تولد نشاط مضاد لها، وبادر بإعلان الحرب على كل ما له صلة بها، خصوصاً بعد تردي الأوضاع جراء إخفاق تلك الثورات.

أسباب سياسية وعنصرية
ويواصل البدوي: يتم استهداف الكثير من الصفحات إما بحجبها مؤقتاً أو إزالتها نهائياً، لعدة أسباب، منها: كثرة البلاغات ضد تلك الصفحات من مستخدمين آخرين للموقع، إذ يوفر الموقع زراً للبلاغات عن الصفحات التي تخالف سياسة النشر، وبعضها تحذف أو تحجب لأسباب سياسية، وعنصرية، تغذيها مع الأسف إدارة (فيسبوك).. ووفرت مواقع التواصل قدراً من مساحة التعبير وتبادل الآراء، لكن في المقابل نجدها خلقت مجالاً واسعاً للإشاعات والتشويه عن طريق المستخدمين الذين لا تردعهم قيم المجتمع، ولا قوانين المواقع الاجتماعية..
ويختم البدوي رأيه قائلاً: بالنسبة لصفحات المستخدمين الذين فارقوا الحياة، فإن الموقع يبقى هو المالك لبيانات المستخدم ومواده المنشورة فيه، ويقوم بحجبها عن المستخدمين الآخرين نتيجة توقف نشاطات صاحبها، وفي حال وجود موافقة مسبقاً من صاحب الحساب قبل الوفاة، يسمح الموقع لشخص آخر بأن يستخدم الحساب بالإنابة، لكن هذه الميزة محصورة على مستخدمي الموقع في الولايات المتحدة فقط.

أدوات استخباراتية
علي جاحز (صحفي ومحلل سياسي) وأحد نشطاء (فيسبوك).. تعرّض حسابه للحجب أكثر من مرة، قال عن ذلك: مواقع التواصل الاجتماعي هي عبارة عن أدوات استخباراتية يتم عبرها جمع معلومات وقياس مزاج وتوجهات الشعوب، وبالتالي فإن من الطبيعي أن تكون موجهة وتخضع لسياسات وتدخل في صفقات مع أطراف دولية، ولا يوجد شيء اسمه حرية تعبير وحرية رأي حتى داخل الشارع الأمريكي، هناك حريات بعيدة عن السياسة والتوجه السياسي للنظام ولمصالحه..
يضيف جاحز: (فيسبوك) مثلاً، يقوم بحظر حسابات وإغلاق حسابات وفق صفقات واضحة، ومنذ زيارة محمد بن سلمان لمقر شركة (فيسبوك) في أمريكا، منتصف العام الماضي، بدأ الموقع بشن حملات إغلاق، بل وتصفيات لمئات الحسابات الناشطة اليمنية، ولا تزال تعمل في هذا المنوال حتى اليوم، ومثلها شركة (يوتيوب) التي أغلقت الكثير من القنوات، أهمها قناة (المسيرة) التي أغلقتها لأكثر من 25 مرة.

أغلقوا حسابي مرتين
يضيف جاحز: تعرض حسابي للحظر خلال الأسبوع الماضي مرتين، وفي كل مرة يبرر (فيسبوك) ذلك بأن السبب نشر صور السيد حسن نصر الله والسيد عبدالملك الحوثي، وصورة شعار الصرخة، ويشترط لعودة الحساب أن يتم حذف الصور كخيار وحيد، وفوق ذلك يقيد الحساب من أي أنشطة لمدة أيام، وكل هذا هو في سياق نفس التوجه المتفق عليه مع العدوان والصفقة التي وقعتها إدارة (فيسبوك) مع بن سلمان..
ويختم: في الواقع أصبحنا نعي وندرك هذا جيداً، ونحن حين نستخدم (فيسبوك) نريد إيصال صوتنا عبره، وفي حال أصبح الموقع فضاءً ضيقاً فلا مشكلة في تركه، وإن كان بالفعل استطاع على مدى سنوات أن يحتكر، إضافة إلى (تويتر)، أمزجة الناس في العالم العربي خصوصاً، ولا أعتقد أن هناك من يستخدم (فيسبوك) كما نستخدمه نحن في البلدان التي تشهد أزمات.

لنشر الإشاعات والفبركة
محمد الحاضري، موقع (المسيرة نت) يقول: يعد موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أداة أساسية لنشر الإشاعات وفبركة الأخبار الكاذبة بما يخدم تفكيك النسيج الاجتماعي العربي، وإثارة النعرات الطائفية، والأحقاد بين أفراد المجتمعات، بما يخدم مشاريع التقسيم الغربية للمنطقة..
يضيف الحاضري: ففي مقابل وجود آلاف الصفحات التي لا همَّ لها إلا استهداف المجتمعات والحكومات المواجهة لمشاريع تقسيم المنطقة، من خلال نشرها لأخبار وصور ومقاطع فيديو مفبركة وكاذبة، نجد إدارة (فيسبوك) تغلق صفحات أشخاص وناشطين يقومون بالتعبير عن آرائهم في مواجهة المشاريع الغربية..
ويختم قائلاً: ومن الواضح أن أمريكا لا تقوم بخطوات سياسية أو عسكرية إلا بناءً على معلومات وتحليلات تقدمها أجهزتها الاستخباراتية، وقد وفر (فيسبوك) للاستخبارات الأمريكية الكثير من الوقت والجهد والمال، حيث تكتفي بمراقبة صفحات الموقع لمعرفة المعلومات والآراء والتوجهات في مختلف الدول، وهو ما يفسر حجب كثير من الدول ومنها الصين لهذا الموقع في بلدانها.

من دق باب الناس.. 
وتختم هذه الرزنامة من الآراء الثرية الأخت رشا الدجنة (رئيس تحرير صحيفة (الحياة الجامعية) ـ جامعة تعز)، حيث تقول: شخصياً أعتبر (فيسبوك) ليس فضاء للحرية والتعبير، بقدر ما هو كما حلل اسمه أحد كبار السن، مناقشاً الشباب في الحافلة، وناصحاً لهم بقوله: يا ابني من دق باب الناس دقوا بابه، ولسانك حصانك، وفيسبوك ما هو إلا موقع يخليك تتعود وتألف على تقبل الشتائم، وباللهجة العامية (ألف يسبوك). 

فرعون العصر..!
وتضيف الدجنة: ليس المهم التعرف على شروط عضوية الفيس، والموافقة على سياساته في الاشتراك والنشر، بل الأهم أن أعرف ماذا يريد مني (فيسبوك)، وما الذي جعلني أشترك فيه، وإلى أين أريد الوصول، وكيف أحافظ على خصوصياتي سواء الفكرية أو الاجتماعية.
وتختم رشا قائلة: فلو بحثنا عن سياسة (فيسبوك) وما وراء العولمة، سنجده فرعون العصر التكنولوجي، وعصا الصهيونية التي تحرك بها الصراعات العربية والإسلامية، فما مارسه ويمارسه الفيس من خنق وتكميم الأفواه لثورات دون ثورات، يظهر أنه موجه الرؤى والتصورات والأهداف.. وتستدرك: إلا أن (فيسبوك) له قوانينه وثقافته المؤسسية الخاصة، والدليل أنه يتم استهداف صفحات بعينها إما بالحجب أو الإيقاف، ومبررات عقوبته كثيرة، فهو لديه العديد من الجنود الإلكترونية التي تراقب وتبلغ وتدير وتقفل..! وبحسب تلك الإجراءات القانونية والإدارية لـ(فيسبوك)، يتبين للعاقل الحكيم أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تستطيع أن توفر لك مساحة ومتسعاً للتعبير، وما هي إلا دار أنت مجرد نزيل أو ضيف فيها، ويجب أن تكون حريصاً جداً، فلا تعري أفكارك للانكشاف والجاسوسية.

آخر الأوراق.. 
من خلال ما تحدث عنه المشاركون، أجمع الأغلبية أن (فيسبوك) لا يشكل مساحة لحرية الرأي، بل يسيّرها حسبما تمليه المصالح التي خصصت من أجله هكذا مواقع، بدليل حجب وإغلاق صفحات عدد من الناشطين المؤثرين في الرأي العام، واختفاء البعض منها نهائياً، بحجة مخالفة النشر، وهي ليست مخالفة إلا لتوجهات سياسية بعينها، وقيام إدارة (فيسبوك) بإغلاق أو حجب صفحات عدد من الناشطين اليمنيين المناهضين للعدوان السعودي، جاء عقب زيارة الأمير السعودي محمد بن سلمان لمقر شركة (فيسبوك)، وتوقيعه صفقة مع إدارة الشركة، وهو ما يؤكد أن موقع التواصل هذا لم يعد مساحة لحرية التعبير، بل يخضع لسياسات معينة ووفق صفقات مع أطراف دولية.