تقويض الجامعات الحكومية لصالح الجامعات الخاصة بيد الإخوان تحت شعار
مضربون في (صنعاء) مواظبون في (الإماراتية)

من داخل سيارة فارهة، أغلقت نوافذها بإحكام، ينظر الدكتور (ع. ع)، للعالم، دون أن يصله صوت إيقاع تفاعلات الحياة من حوله، وكل ما يصله هو صوت قرع المتسولين لزجاج نافذة السيارة، يتطلع لهم بفتور، ثم يمضي دون أن يأبه، دكتور (ع. ع)، يتولى منصباً مرموقاً في الجامعة الإماراتية بصنعاء، ومنصباً أكاديمياً مهماً في جامعة صنعاء، لكن العمل في جامعة صنعاء لايحظى بأي اهتمام بين حزمة مشاغل الدكتور، وهناك طلاب في الكلية التي يدرس فيها بجامعة صنعاء يكادون لا يعرفونه، لأن أوقات تواجده في الكلية قليل جداً، فهو يتقاضى راتباً ضخماً من عمله في الجامعة الإماراتية، في حين أن راتبه وكافة حقوقه تسير على خير ما يرام من جامعة صنعاء المستبعدة من جدول أعماله، لكن بمجرد أن دخلت الحكومة بأزمة دفع الرواتب، خرج الدكتور (ع. ع) من برجه العاجي، وبدأ بالحشد والتحريض من أجل الإضراب احتجاجاً على عدم دفع الراتب عن عمله في جامعة صنعاء، يسانده في ذلك بعض من أعضاء هيئة التدريس تتشابه أحوالهم مع الدكتور إياه. 
خارج القانون ومن أجل الحقوق
وعلى الرغم من أن قانون إنشاء الجامعات الحكومية يشير إلى منع إعارة أو نقل أي عضو في هيئة التدريس دون موافقة مجلس الجامعة، إلا أن أساتذة الدعوة للإضراب اعتادوا على أن يكونوا خارج القانون من خلال مزاولة التدريس في جامعات خاصة، وبمجرد أن طرأت مشكلة الراتب بدأ أولئك الأكاديميون بالدعوة إلى الإضراب والمطالبة بحقهم (القانوني)! 

متراس الدكتوراه
لا يمكن الاستغناء عن دور الأساتذة الأكاديميين في حل المشاكل العامة، أما إذا تحولوا إلى صناع مشاكل فتلك قضية أخرى، ومنذ أسابيع تصدر أولئك الأكاديميون بجامعة صنعاء لإخراج مشكلة الراتب عن حدود المنطق، وتحويلها إلى سلعة للمزايدة.

خدمة لأعداء الوطن
ومع أن كل المنتسبين للخدمة مع الحكومة كانوا يعانون من أزمة تأخر الراتب، اتخذ بعض دكاترة جامعة صنعاء موقفاً عدمياً عبر ذريعة المطالبة بالراتب من الخزينة المصادرة إلى عدن، وبدلاً من أن يكونوا قدوة لبقية شرائح المنتسبين للخدمة العامة مع الحكومة في هذه المرحلة الحساسة، اتخذ أولئك الأكاديميون من مكانتهم العلمية متراساً لتأجيج المشاكل، وتخلوا عن مهامهم العلمية، مهددين بإعاقة العملية التعليمية داخل جامعة صنعاء التي لم يكونوا يوماً حريصين على أداء واجبهم فيها، الأمر الذي دفع الكثيرين لاتهام الأكاديميين الذين دعوا للإضراب بتقديم خدمة للعدوان المهزوم عسكرياً واقتصادياً، في حين أصدرت رئاسة جامعة صنعاء منذ نهاية سبتمبر الماضي، عدة بيانات اتهمت فيها الساعين للإضراب بممارسة الابتزاز، والعمل على تقويض وتسييس العملية التعليمية داخل الجامعة لأغراض مشبوهة تخدم أعداء الوطن، بينما صدر عن جماعة الإضراب بيان تعمد إلقاء اللوم على الحكومة، دون أن يذكر أسباب المشكلة المتمثلة بنقل البنك إلى عدن. 

عندما تسقط الذرائع
وهي اتهامات قد تجد ما يبررها عملياً، عندما نعلم أن أساتذة جامعة صنعاء يحصلون على مكافآت شهرية من الجامعة تقدر بـ100 ألف ريال، في الوقت الذي لم يتلقَّ فيه موظفو الحكومة الراتب لأشهر، ولم يكن المؤجر يقرع الباب يومياً على أولئك الأكاديميين، لأنهم يسكنون في بيوت مجانية مقدمة من الجامعة. الأمر الذي يجعل من مسألة المطالبة بالراتب مجرد ذريعة تصدر لها حفنة قليلة من أعضاء هيئة التدريس، بينما كان معظم أعضاء هيئة التدريس في الجامعة مقدرين للوضع، ويعيشون الظروف العامة للبلاد دون تذمر، في حين مضت العملية التعليمية حسب الجدول المحدد من قبل الجامعة، وبدأت امتحانات الفصل الأول في وقتها المحدد، مطلع الأسبوع الفائت.

جماعة السيطرة على التعليم
لم تكن العملية التعليمية بما فيها التعليم الجامعي بعيدة عن مساعي هيمنة جماعة الإخوان منذ عقود، وقد عمد حزب الإصلاح على الدفع بكثير من كوادره لنيل شهادات أكاديمية عليا، ولو بالتدليس، من أجل السيطرة على منبر التعليم العالي في اليمن، ليس من أجل العمل العلمي، ولكن بهدف السيطرة على مناخ العملية التعليمية واستقطاب أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع حتى يصبحوا ضمن القطيع.
وبمجرد أن صدر قرار إلغاء المعاهد العلمية، مايو 2001، كان حزب الإصلاح قد أعد خطة بديلة لتفريخ آلاف المدارس والجامعات الخاصة، تعويضاً عن خسارته بإلغاء المعاهد العلمية التي كانت تمثل أرضية خصبة لتنشئة الأجيال حسب الرؤية الأيديولوجية الخاصة بجماعة الإخوان، عبر استغلال إشارة في قانون الاستثمار، العلم أن القانون حتى ذلك الوقت لم ينص صراحة على فتح المجال للاستثمار في قطاع التعليم.