دأبت حركة الإخوان المسلمين في اليمن على فرض هيمنتها على الجامعاتِ اليمنية، وتسيير شؤونها المختلفة في كل شاردةٍ وواردة... ولم تكتفِ بذلك فقط، بل تعدّت حدودها إلى تكفير أساتذة جامعات اليمن المختلفة... حتى الطلاب والطالبات لم يكونوا بمنأىً عن حملاتِ التكفير.. وتاريخهم الأسود مليء بالشواهد المدوّنة في ذاكرةِ الزمن التي لا يستطيعون محوها من أجيالٍ عرفت حقيقتهم وأساليبهم الماكرة حيناً، والمتشددة أحايين أخرى. . هذه المرة تستعرض (لا) ألبوم الإخوان البالغ السواد والقتامة، وممارساتهم الإرهابية المهيمنة داخل أسوار الجامعة تارة، والتحكم في كل تفاصيلها، والمكفرة تارة أخرى لأساتذة جامعيين أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والمجتمع، وكوفئوا بحملاتٍ تكفيرية عنيفة لحقت بهم من جماعاتٍ تبنت أيديولوجياتٍ تقمع حرية التفكير ليتحول إلى تكفير..
(وجه أثري)
 إحدى خريجات جامعة صنعاء تحكي عن صورةٍ من صورِ الهيمنة للإخوان في الجامعة، والمتمثلة في (اتحاد طلاب اليمن) الذي سيطر عليه الإخوان لفترةٍ طويلة.. تقول هيفاء عن ذلك: كانت كل حركة أو نشاط لا بد أن تمضي بوجودهم فيها، وإلا (كله ما يجوز)، حسب توجهاتهم.. فمن ذلك (مندوب الدفعة) لا بد أن يكون إصلاحياً... فدفعتنا كانت نموذجاً لذلك التحكم الإخواني من سنة أولى حتى رابعة، وليس هناك غير ذلك (الوجه الأثري)، رغم وجود زملاء في الدفعةِ ذوي كفاءات عالية في إدارة أمور ومشاكل الطلاب، وإيصالها إلى الدكاترة وعمادة الكلية...
تضيف هيفاء: حتى حفل تخرجنا أصرّ ذلك المندوب الإخواني أن يكون رئيس اللجنة للحفل، فحدثت مشادة كلامية أدت للاشتباك بالأيدي بينه وبين بقية الزملاء، بسبب السيطرة، لدرجة العراك.. فاقترح بقية الزملاء عمل ترشيح، ففرض وهيمن حتى طلع هو ذاته... لدرجة التحكم في طريقة الترشيح وكيفية الحصول على نسبة الأصوات...
تختم هيفاء: بصراحة هم يدعون المثالية وكأن ليس هناك مثلهم في الكون... وعندما كنّا نواجه أفعالهم ننصدم من ادعاءاتهم الكاذبة باسم الدين والالتزام... وهم (أستغفر الله) بس..!

سياسة (من تحت الطاولة)
معتصم، أحد الطلاب الذين عانوا من مطاردةِ الإخوان له في دهاليز الجامعة، كونه كان يعمل مراسلاً صحفياً لإحدى الصحف المؤثرة عربياً... ولأنه كذلك فطريقتهم كسب المؤثرين بأية وسيلة.. يقول عن ذلك: كانوا يبحثون عني في كل مكان يواجهونني فيه.. وذات يوم قالوا لي تعال نريدك في موضوع... وعندما التقينا ناولوني بطاقة تتبع (الإخوان) باسمي وجاهزة... (يضحك).. ويواصل: ما باقي إلا صورتي يطبعوها عليها، فقلت لهم: ليش أنا طلبت منكم بطاقة؟ فقالوا: لأنك تستحقها عملناها لأجلك.. فقلت لهم: أنا لا أريدها ولا أحملُ بطائق، بل أحمل قلمي الذي ينتمي لليمن فقط.
ويختم معتصم: لم أتوقع أن تأتي بطائق الانتماء للحزبية إلى أسوارِ الجامعة... وبكل بساطة يناولونها للشخصِ المقصود.

رعب في كفِّ الجلادين
جماعة الإخوان المسلمين في اليمن مارسوا ولا يزالون أبشع الأساليب لفرض هيمنتهم على الجامعات اليمنية ومختلف جوانب الحياة التعليمية والثقافية، وكان التكفير أحد هذه الأساليب، وهناك تاريخ طويل من التكفير للأدباء والكتاب والمثقفين من قبل هذه الجماعة الإرهابية، فقد كفَّروا الأديب والشاعر المعروف الدكتور عبد العزيز المقالح، رئيس جامعة صنعاء سابقاً، رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني، مرتين؛ المرة الأولى كانت في ثمانينيات القرن الماضي، بسبب قصيدة له ورد فيها لفظ الجلالة مقترناً بالرماد، في سياق انتقاد مظاهر الفساد، والتي قال فيها:
(كان الله قديماً حباً... 
كان سحابة كان نهاراً في الليلِ.. 
وصار الله رماداً صماً رعباً في كفِّ الجلادين)
والمرة الثانية تم تكفير المقالح بسبب تأليفه كتاب (قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة في اليمن).  

11 تهمة..!
الفكر التكفيري الوهابي لهذه الجماعات الظلامية، التي تعيش حالات من التخبط في الوعي، لم تستثنِ أحداً يخالفها الفكر التكفيري الذي تنتهجه، كتكفير الكاتب والأستاذ الجامعي الدكتور حمود العودي، بسبب إصداره كتاب (المدخل الاجتماعي في دراسة التاريخ والتراث العربي والإسلامي)، ووجهت له 11 تهمة من واقع الكتاب، ليكون حينها أول من تم تكفيرهم في اليمن من قبل هذه الجماعة، وتعرض لأشهر محاكمة في التاريخ الحديث لليمن نهاية الثمانينيات، قضت بإعدامه وفر حينها هارباً إلى عدن.

تهديد بالتصفية
 شخصية أدبية وأكاديمية أخرى تعرضت للتكفير الذي دأب عليه الإخوان المسلمون منذ ظهورهم على الحياة، كأستاذ الأدب العربي الشاعر والأكاديمي بجامعة البيضاء أحمد العرامي، الذي تعرض لحملة تكفير وتهديدات بالتصفيةِ الجسدية وتعليق جسده على أبواب مدينة رداع، التي عمل مدرساً للأدب العربي في كلية التربية فيها التابعة لجامعة البيضاء.
وأصدرت رئاسة جامعة البيضاء قراراً تعسفياً بفصل العرامي من عمله في الكلية، في نفس الوقت الذي تلقى فيه تهديدات بالقتل من متطرفين مجهولين، على خلفية اقتراحه على الطلاب قراءة روايتي (الرهينة) للأديب زيد مطيع دماج، و(حرمة) للروائي علي المقري.
إضافة إلى الأستاذ الجامعي الدكتور أبوبكر السقاف، الذي طالته هجمة تكفيرية شرسة عندما أعلن صرخته في وجه ما يتعرض له أبناء المحافظات الجنوبية أثناء وبعد حرب 94م.

ولنون النسوة نصيب من التكفير  
حملات التكفير لم تطل الأكاديميين الذكور فقط، بل طالت الطالبة الأكاديمية، والدكتورة الأكاديمية... وغيرهن، والشواهد على ذلك كثيرة، كتكفير الصحفية والأكاديمية الراحلة الدكتورة رؤوفة حسن، تحديداً عام 1999م، التي طالما خدمت العلم والصحافة، والإعلام بشكل عام، كونها كانت تحمل مشروعاً تنويرياً سعت لإبرازه منذ أسست كلية الإعلام بجامعةِ صنعاء، عقب عودتها من الدراسة في مصر، حيث كُفرت بعد تنظيم مركز الدراسات النسوية الذي كانت ترأسه مؤتمراً حول الجندر، أواخر القرن الماضي.
وللطالبات اللواتي يحملن رؤى مختلفة ومغايرة لفكرهم المعروف والمتشدد، نماذج كثيرة منهن سالي أديب قحطان، طالبة كلية الحقوق بجامعة تعز، التي كُفرت من قبل أحد أساتذة الكلية التي تدرس فيها، لأنها طالبت في ندوة طلابية بالجامعة، بحق المرأة في المشاركة السياسية.

الخلاصة 
أولئك هم الإخوان.. وتلك هي حقيقتهم التي لم تعد تنطلي على أحد، خاصة بعد أن نشروا غسيلهم بأيديهم من خلال ما مارسوه من أيديولوجيات اخترعوها، وآمنوا بها، ليفرضوها على من ينضوون تحت جناحهم المتشدد، أو يصطادونهم بطرقهم المعروفة...
كما قال أحد مفكريهم وهو يتحدث عن الانتماء للأحزاب: (ومن تخلف عن الانضمام لمثل هذه الجماعة فإنه يأثم كإثمه عن ترك أي فرض أو تكليف شرعي(.
أولئك هم الإخوان المسلمون، الذين فاقموا جراح وطنٍ أثخنوه بخياناتهم الكبيرة التي لن يغفرها لهم الوطن الذي قدموه للعدوانِ الخارجي وغادروه إلى فنادقِ 5 نجوم العالمية.