60 % من المنح المالية تصرفها المنظمات على الإداريين والعاملين فيها 
1.705 مليار دولار سلمت للمنظمات لدعم الغذاء والزراعة والكهرباء لكنها سرقت
تسلب قدرات الشباب وتجيرها ضد البلد وتتاجر بدماء اليمنيين وتقتات من أشلائهم
ذبـــــــاب الــــــدم

حلمي الكمالي/ لا ميديا

تتستر الكثير من المنظمات المدنية المحلية والدولية بمختلف مجالاتها خلف عناوين عريضة لا صلة لها بعملها في الواقع، 
إذ تمارس منذ سنوات أدوارا مشبوهة واستخباراتية تضر بمصلحة المواطن والبلد، حيث أصبحت بمثابة قفازات ناعمة لتمرير أجندات ومشاريع قوى الوصاية الغربية على حساب قوت وحياة وأمن الشعب، في حين صنعت جيوشاً موازية 
من جميع فئات المجتمع وخاصة الشباب للعمل في نشاطات خارج اللحظات الوطنية ومعادية لها.
وفي بداية العدوان الأمريكي السعودي على البلد أغلق العديد من منظمات المجتمع المدني أبوابها في الوقت الذي يفترض 
أن تفتحها لمساعدة اليمنيين في مواجهة أعباء الحرب والحصار قبل أن تعاود عملها لاحقا بحسب الوقائع والشواهد، 
استثماراً للدم اليمني وممارسة دورها الخبيث على جراحات الشعب وأوجاعه.
في هذا التقرير تحاول (لا) فتح ملف هذه المنظمات وكشف ما استتر من أدوارها المشبوهة.

عمل ممنهج ضد حاجات البلد 
في وقت مبكر قبل العدوان شكل الكثير من المنظمات المدنية المحلية والدولية خلال العقدين الأخيرين إحدى أيادي الوصاية والهيمنة الغربية في البلد، تحكمت بإدارة المشاريع الخدمية وتقديرها بشكل سيئ وممنهج ضد حاجات البلد من خلال عدة جوانب أهمها: تقييم احتياجات المواطن اليمني دون دراسة أو آلية علمية لتحديدها، حيث عمدت تلك المنظمات إلى اقتراح مشاريع تنموية وإلغاء أخرى بما يتناسب مع أهدافها.
ووفق إحصائية غير حكومية فإن أكثر من 2 مليار دولار صرفها البنك الدولي عبر منظمات مدنية في بناء مشاريع خارج نطاق الاحتياجات الحقيقية، كبناء عدة مدراس في مديريات لا يتوفر فيها العدد المناسب من السكان، علاوة على دفن مليارات أخرى في دعم مجالات غير خدمية، بينما لم يتم صرف دولار واحد لتنمية القطاع الزراعي أو الإنتاجي للبلد. ووفق هذه التقديرات المعتمدة ألغت هذه المنظمات مبلغ 6 مليارات دولار كمنحة مقدمة في عام 2006.
يذكر أن المنح الدولية لا تقدم لأي بلد كان إلا وفق سياسة موالية للبيت الأبيض مباشرة. 

تغريد خارج السرب
واستمرت هذه المنظمات في تغييب التنمية الحقيقية وممارسة التضليل المتعمد على الشعب اليمني حتى في أحلك الظروف، فمنذ بداية العدوان في نهاية مارس 2015 انصرفت بمجمل أعمالها عن معالجة أهم وأخطر الكوارث التي يواجهها المواطن اليمني من جوع ومرض وتشريد إلى أنشطة ثانوية لا تخدم البلد والمواطن في شيء.
وبحسب تصريحات البنك الدولي فإن المنظمات الدولية استلمت منذ مطلع العام 2016 وحتى أغسطس 2018 نحو 1,705 مليار دولار كمنح مقدمة في عدة مجالات، منها 736 مليون دولار لدعم الدخل وكسب العيش وإعانات نقدية، و331 مليون دولار لدعم قطاع الزراعة والكهرباء والعمليات الحضرية، علما أن هذه المبالغ لم تصرف فيما خصصت له من المجالات المذكورة سابقاً، بخلاف ما تم تخصيصه لدعم برامج تعتبر ترفية في أوقات عصيبة، فمثلاً يتم إنفاق ملايين الدولارات لمشروع توعية المرأة في حين يتضور ملايين الناس جوعا. 
كما يتم دعم برامج مثل الندوة العالمية للشباب الإسلامي ومنظمة تمكين لحقوق المرأة ومنظمة تمدين شباب ومنظمة حماية الطيور العالمية والمجلس العالمي للعالمات المسلمات وغيرها من المنظمات والبرامج التي يدعمها البنك الدولي مما لا يسمن ولا يغني من جوع.
ويقول عبدالرحمن سلطان (محلل سياسي) إن دور الكثير من المنظمات في اليمن أصبح ساذجا ومستهترا بالمواطن اليمني وظروفه الصعبة التي يعيشها بفعل الحصار والقصف والخراب.

سلب قدرات الشباب 
اهتمت المنظمات الدولية، خصوصاً التابعة للأمم المتحدة، خلال السنوات الأخيرة، بشكل مبالغ فيه برعاية الشباب واستيعابهم ضمن برامجها، وهو ما قد يجعل البعض يرون في ذلك عملاً إيجابياً، غير أن إيمان عبدالله (أخصائية ومسؤولة اجتماعية) تؤكد أن المنظمات الدولية أنفقت عقب أحداث 2011 ملايين الدولارات لتمويل الشباب اليمني تحت برامج متفرقة أبرزها ترسيخ مبادئ العمل الديمقراطي وحرية المرأة وزواج القاصرات... وجميع هذه البرامج تهدف لإعاقة الشباب عن دورهم الحقيقي في بناء المجتمع.
وتضيف أن هذه المنظمات هدفت إلى سلب قدرات الشباب اليمني وتجييرها لخدمة مصالحها، حيث أرادت صرفه عن إحداث تغيير حقيقي في البلد ومعالجة مشكلاته الحقيقية، وبالتالي تفريغه في أعمال أخرى تهدف لتحسين صورة الغرب، وهو ما حدث للأسف.

استفراغ الطاقات خارج الغضب على الرأسمالية 
تعمل المنظمات الدولية منذ سنوات على استفراغ القوة البشرية اليمنية خارج الغضب على سياسات العولمة والرأسمالية، من خلال تجنيد الشباب وفي مقدمتهم الناشطون السياسيون والحقوقيون والإعلاميون لتمرير مشاريعها بشكل ناعم. ودائماً ما كانت تعمل على تلميع شخصيات معينة لفترة محددة ومن ثم استبدالهم. ورأينا ما حدث عقب أحداث 2011 حيث ظهرت شخصيات جديدة تحت عباءة المنظمات والتي استخدمت لدعم المبادرة الخليجية وترسيخ أسس الوصاية الغربية من جديد.

الإثراء على حساب حاجات الناس
بحسب تقديرات غير رسمية فإن عدد العاملين والمنتسبين للمنظمات المدنية، الدولية والمحلية المدعومة دولياً، المتواجدة في اليمن يتجاوز 15 ألف موظف، في حين يصل عدد هذه المنظمات والمؤسسات إلى 13 ألف منظمة، ويتراوح مرتب العامل لديها بين 500 دولار و10.000 ألف دولار شهرياً.
وعليه، وبحسب دراسة أحد المختصين فإن هذه المنظمات تصرف على نفسها أكثر من 60% من الميزانية المرصودة لأي مشروع أو برنامج، فيما يحصل المستهدفون من المشروع على الفتات، مما يجعلها تعتاش على الأزمات والكوارث وحاجات الناس.

الاستهتار بمعاناة المجتمع 
وفق تقارير نشرتها منظمات حقوقية تابعة للأمم المتحدة فإن أكثر من 12 مليون يمني مهددون بالمجاعة. وفي ضوء ذلك، يؤكد محللون أن من المفترض وبحسب الهدف من إنشائها أن تبادر هذه المنظمات إلى سرعة إرسال مساعدات غذائية ودوائية عاجلة للشعب اليمني لمواجهة هذه الكارثة؛ إلا أن ذلك لم يحدث، في حين تتبنى هذه المنظمات نفسها برامج ثانوية وترفية وتصرف عليها الملايين من الدولارات. فماذا يعني هذا الاستهتار؟!
هذه المنظمات لا تدين المسبب ولا تعالج الأعراض، وإنما تكتفي بالحديث عنها دون الإشارة إلى شيء أو تقديم الخدمات اللازمة.
فهيم حسن، مواطن يمني، يقول في حديثه مع (لا): (نحن لسنا بحاجة لدعم المنظمات الدولية التي تتباكى على اليمن، فإذا كانت بالفعل تريد الخير لهذا الشعب فلماذا لا تطالب بوقف القصف الجوي وفتح مطارات وموانئ البلد؟! فهذه الكوارث التي تتحدث عندها ستنتهي!).

دكاكين للارتزاق
إسكندر جعفر، المدير المالي لمنظمة الإغاثة الدولية، قال: (الكثير من المنظمات الدولية تشكل خطراً على أمن الوطن، فهي دكاكين للارتزاق غير المشروع باسم الفقراء والنازحين في اليمن).
ويشير إلى أن الأمم المتحدة دعمت مشروعاً للتغذية ودفعت 5 ملايين دولار نقداً خصمت منه إدارة المنظمة في أمريكا مليوناً و600 ألف دولار بدون وجه حق.

التسول باسم الشعب 
من جهته كشف الخبير الاقتصادي مصطفى نصر عن الفساد الذي تمارسه المنظمات الدولية في اليمن وكيف تتسول بمعاناة اليمنيين من أجل تمويل مشاريعها. وقال نصر في منشور له في صفحته على (فيسبوك) إن المنظمات الدولية التي عملت في المجال الإنساني منذ ما يقرب من عامين مارست النصب والاحتيال باسم الشعب اليمني، وما زالت تتسول بِاسمه، ولم يكن همها الإنسان بقدر جمع أكبر قدر من المساعدات التي تجاوزت ملياراً و800 مليون دولار من الدول المانحة.

مشاريع وهمية
في مطلع هذا العام حصلت منظمة واحة (WAHA) على منحة من الحكومة الفرنسية لتمويل إنشاء وحدة أمراض الحروق في مستشفى الجمهورية بعدن بمبلغ 460,000 يورو، على أن يتم تنفيذ المشروع خلال شهرين، إلا أن العاملين في المنظمة تقاسموا المبلغ المذكور ولم ينفذوا أي خطوة في المشروع.

تقسيم البلد إلى جزر معزولة
وبحسب مراقبين فإن نشاط هذه المنظمات في هذا الاتجاه يعكس حقيقة عملها، فهي تعمل على تجييش قطاع واسع من الشباب ككتائب تشتغل على واقع الأزمة لصالح العدوان بشكل مباشر وغير مباشر. ويشير مراقبون إلى أن هذه المنظمات حركت سوقاً للعمالة والعملاء والخونة ضمن مشاريعها التمزيقية التي تهدف لتقسيم البلد إلى جزر معزولة. 

التغاضي عن إدانة جرائم العدوان 
علاوة على ممارستها دوراً استخباراتياً فإن المنظمات والمؤسسات الدولية لم تتوقف عن تبرير مجازر العدوان عن طريق نقل تقارير مفبركة والتستر على جرائم العدو. 
وفي بيان نشرته (رايتس رادار) لحقوق الإنسان مطلع العام 2016 قالت المنظمة إن (الحوثيين مارسوا عمليات قمع وهدر لكرامة المرأة اليمنية وحرمانها من أبسط الحقوق).
فيما أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً في منتصف العام 2015 حمل عنوان (مقتل وإصابة عشرات المدنيين جراء نيران المدافع المضادة للطائرات والقصف الجوي الذي استهدف مخازن الأسلحة).
تغاضت المنظمتان بطريقة قذرة عن ذكر جرائم القصف الجوي لطائرات العدوان الذي خلف آلاف القتلى والجرحى من المدنيين، وهذا أبسط نموذج للسذاجة الغربية التي تبرزها منظماتها بشأن اليمن.

غياب الدور الرقابي
تؤكد الباحثة الفلسطينية حياة ربيع في حديثها مع (لا) أن هذه المنظمات لا فائدة منها، بل العكس تمامًا، فجميعها دون استثناء تمارس دوراً استخباراتياً. وأشارت إلى أن هذه المنظمات هي امتداد للعدوان نفسه.
ربيع أوضحت أن إحدى المشاكل في اليمن تكمن في أن المسؤولين على هذه المنظمات لا يعرفون الخلفية الذهنية ولا الثقافية لها أو ممثليها فالطرفان يتحدثان إلى بعضهما البعض وليس مع بعضهما البعض.
ويبدو حديث ربيع واقعياً، فبحسب معلومات مؤكدة فإن وزارتي التخطيط والتعاون الدولي والخارجية، المعنيتين بإصدار التصاريح والإشراف على عمل المنظمات الدولية، لا تكلفا نفسيهما عن متابعة عمل هذه المنظمات بالشكل المطلوب. 

تجنيد العناصر الإرهابية 
إلى ذلك فإن حقيقة دور المنظمات الدولية يبدو واضحاً من انحيازها إلى العدوان الأمريكي السعودي. كما أن كثيراً من هذه المنظمات والمؤسسات عملت بشكل مباشر مع قيادات من المرتزقة، كما حدث في تعز عندما قام مركز الصليب الأحمر الدولي بتسليم مساعداته الطبية للعناصر الإرهابية.