بشرى الغيلي/ لا ميديا

فتك بها الجوع، والنزوح، صار كل تفكيرها كيف تُطعم أطفالها الجياع الذين تلقوا مساعدات لشهرين، ثم توقفت فجأة، ولا تعلم سبباً لتوقفها. تقول (أم أمل) (35 عاماً): لدي 3 أطفال، نزحنا من مديرية ميدي الحدودية، حيث استشهد رب الأسرة في قصف العدوان، وانتقلنا إلى العاصمة عند أحد أقاربنا، ولأن وضعنا صعب تم ضمنا إلى قائمة توزيع السلال الغذائية، وتلقينا الدعم لشهرين، وتوقف فجأة... 
في هذه الجزئية رد على تساؤلاتنا مختص الهيئة الوطنية أن السبب يعود إلى أن نسبة الاستهداف في أمانة العاصمة تعدت الـــ140 ألف أسرة، والمساعدات لم تصل إلا إلى 83 ألف أسرة... وأضاف مختصون بالهيئة أن عدد المحتاجين للمساعداتِ الغذائية 18 مليون نسمة، بينما الدعم المقدم بالكاد يكفي 8 ملايين نسمة، وأنها توزع لمن هم أشد احتياجاً. وأثناء إعداد هذا التحقيق حدثت كثير من المستجدات حول المساعدات الإغاثية، منها صدور قرار جديد للرئيس مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى، رقم 178 لسنة 2018م، بشأن إعادة تنظيم الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث، على أن تكون بإشراف رئاسة الجمهورية والأمن القومي.. بينما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف صرّحت أنها قدمت للنازحين إعانات نقدية خلال عام 2018م في 14 محافظة، بــ33 مليون دولار.. فيما يتهم البعض الهيئة الوطنية بالتلاعب في صرف المساعدات...

الرقابة المصاحبة
الكثير من المهتمين يتساءلون عن آلية توزيع المساعدات الغذائية وكيفية الرقابة على صرفها... بدورها صحيفة (لا) طرحت التساؤل على عبدالوهاب شرف الدين، مدير عام الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية فرع الأمانة، الذي أوضح أن الهيئة تقوم بالرقابة بصورة إشرافية، وتسمى الرقابة المصاحبة لعمليةِ الصرف، ومن خلالها يتم التحقق من صحة البيانات، ومن صحة المستهدفين، أيضاً هناك رقابة من المنظمات الدولية المانحة، بالإضافة إلى أن هناك حضوراً مميزاً للشريك المنفذ لبرنامج الغذاء العالمي، بالنسبة للمواد الغذائية، ويضيف: لكن هناك إشكالية في غياب آلية الرقابة إلكترونياً لتعميق عملية الرقابة وصحتها، ونعتمد على الرقابة العادية، وهي بالتأكيد لا تكون دقيقة بالشكل المطلوب، وتحتاج أن يكون هناك وقت كبير لاستكمال الإجراءات المطلوبة.

مصير المساعدات؟
عن مصير المساعدات الغذائية أين تذهب، ومن هم مستحقوها؟ أجاب شرف الدين أنها تذهب للنازحين من المحافظات المختلفة، وللفئات الأخرى تذهب لهم وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها لدى الجميع.
أما بخصوص شكاوى بعض المواطنين من أن بعض الحارات لا تصلهم المساعدات، فيؤكد شرف الدين أن ذلك صحيح، ويذكر أن السبب يعود إلى أن نسبة الاستهداف في الأمانة تعدت الـــ140 ألف أسرة، لكن المساعدات لم تصل إلا إلى 83 ألف أسرة، وهذه هي الهوة أو الفجوة التي تتسبب في أن بعض الحارات لا تصلها المساعدات، مشيراً إلى أنهم يعملون بشكل دائم على ترتيب الوضع، بحيث يكون هناك آلية لاستهداف جميع الحارات، إلا أنها تكون بشكل شهري، أو دوري، وهناك إشكالية كبيرة نواجههم مع بعض المنظمات الدولية الذين يريدون أن يعتمدوا القائمة الموحدة للمستهدفين، وهذا خطأ كبير جداً، حسب شرف الدين، ويبرره بقوله: الوضع إنساني حرج، وهو ما نضعه دائماً أمام المنظمات في الاجتماعات الرسمية، أنه ينبغي أن تكون هناك آلية واضحة للاستهداف، وهناك وعود من برنامج الغذاء بأن تزداد الكمية، ونحن بانتظار ما وعدونا به، ونتمنى أن ترى النور في هذا العام بإذن الله.

منظمات الغفلة..!
يلاحظ أن المنظمات العاملة في المجال الإغاثي كثيرة، وأعدادها تتزايد يوماً عن آخر.. بدورنا حاولنا الحصول على إحصائية دقيقة من مصدرها، فقال شرف الدين: هذا السؤال يحال للمركز الرئيسي للهيئة التي تمنح التراخيص،  وبالنسبة لنا نعلم أن المنظمات الدولية هي التي تباشر أعمالها في إطار أمانة العاصمة، وهناك منظمات في كثير من المحافظات، تتوزع ما بين منظمات دولية، وإقليمية، ومحلية، وهي كثيرة، ونتمنى أن يكون الاستهداف منها يتناسب مع كثرتها الموجودة بالتنسيق مع الجهاتِ المعنية، فأية منظمة في الميدان يجب أن يكون لها استهداف، وأن يكون لها آلية لتحقيق الاستجابة، ما لم فإن وجودها وعدمها سواء.
توجهنا إلى مبنى الهيئة الكائن في فج عطان، والتقينا بالمختصة في إدارةِ المنظمات نوال الكبسي، التي قالت: إن عدد المنظمات العاملة في المجال الإغاثي يربو على 49 منظمة دولية، وهي ليست إحصائية دقيقة، حسبما أكدت، لأن هناك أيضاً منظمات إقليمية، ومحلية، ولم يتم تجهيز الإحصائية النهائية، فطلبنا منها أن تجهزها وتعطينا نسخة منها، فرفضت إعطاءنا إلا عبر إدارة الإعلام والتنسيق مع إدارة المنظمات، فنسقنا مع هناء الوجيه، مدير عام الإعلام بالهيئة الوطنية التي تجاوبت مع الطلب بأن تنسق لنا وتبذل قصارى جهدها، ومر أسبوع ومختصة المنظمات تماطل بالرد، فيما حصلنا على إحصائيات عدد النازحين وبعض التساؤلات من هناء الوجيه، التي قالت: الهيئة الوطنية هي جهة تنسيق وتسهيل للأمور المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، ويأتي الدور الرقابي في عملية المتابعة للمحتوى التوعوي في حالة الأنشطة المتعلقة بالدعم المعنوي، وفي نوعية المواد المقدمة إذا كانت لا تتناسب مع الاحتياج المطلوب أو لها أهداف أخرى تتناقض مع مقتضى الحاجة الإنسانية، وبعد دراسة المشاريع يتم توقيع الاتفاقيات، وبالنسبة لتحرك المنظمات أثناء تنفيذ النشاط ترفع المنظمة توضيحاً بتفاصيل التحركات للعمليات التي بدورها تدرس تفاصيل التحرك من ناحية أمنية بالتنسيق مع الجهاتِ ذات العلاقة، ويتم منح التصاريح على هذا الأساس.
3 ملايين ونصف نازح!
استفهامات كبيرة توضع حول من هم المستهدفون من توزيع المساعدات الإغاثية، والتي أوضحها شرف الدين بقوله: كارثة كبيرة، فقد تجاوز عدد النازحين في الجمهورية بشكل عام عتبة الــ3.5 مليون، ويظل هناك هوّة كبيرة في الفئاتِ الأخرى: فئة الأرامل، وفئة الفقراء، وفئة الموظفين، وهذه الشريحة الكبيرة جداً، التي تسبب العدوان بعدم وصول المرتبات إليهم، مما جعل المسألة تتفاقم على النازحين والفئات الأخرى بسبب دخول شريحة الموظفين الكبيرة التي ينبغي أن تكون ضمن قائمة الاستهداف، لا سيما أننا نعمل ما بوسعنا لتصلهم المساعدات، وهناك وعود طرحت، ونأمل أن ترى النور.

إذا كان هناك اتهام... فسيكون عاماً
البعض يتهم الهيئة بالتلاعب في صرفِ المساعدات، ويشكو من عدم وصولها إلى بعض حارات أمانة العاصمة، بينما بعض الحارات لديها وفرة من السلال الغذائية... يرد شرف الدين: الذين يتهمون الهيئة بالتلاعب في صرفِ المساعدات، نرد عليهم برد وجيز وواضح أن المساعدات الإنسانية تبدأ من الوهلةِ الأولى بترتيبات داخلية بالنسبة للمنظمة، ثم تقوم المنظمة المانحة، أو الجهة المانحة باختيار شريك يكون دوره رقابياً وتقييمياً وإشرافياً في العمل الإنساني، وبالتالي هذا يقوم بواجبه، ويقوم بمسألة المتابعة والرقابة الميدانية. ويضيف: وإذا كان هناك اتهام بالتلاعب فسيكون اتهاماً عاماً، ولا يكون موجهاً للهيئة فحسب، وإنما سيكون موجهاً للمانح، والمنفذ، والرقيب الذي يباشر عملية المتابعة في الميدان، ودائماً هو لسان حال أبواق العدوان من يقولون إن المساعدات لا تصل، ونحن على مرمى حجر من نهاية العام الرابع للعدوان.
ويستدرك شرف الدين في ختام رده: الفجوة كبيرة، والهوة كبيرة، بين ما يصل من مساعدات وبين المستحقين لها، الاحتياج كبير، والوضع الإنساني مأساوي جراء العدوان والحصار الأمريكي السعودي الذي أطبق على كل المنافذ البرية والجوية والبحرية، نقل البنك، تسبب في كارثة إنسانية، بناء على أعمال بربرية في المجال الاقتصادي والعسكري، وكل المناحي، وبالتالي كيف سيتم التلاعب ونحن نعاني الأمرين، ونعمل كل ما بوسعنا، فنحن نعمل في اليوم 16 ساعة، لا نعرف الراحة إلا قليلاً، من أجل خدمة المجتمع، والذي لا يعتبر فضلاً منا، بل هو واجب، ويعتبر من منطلق الجهاد إكراماً لأولئك الثابتين في الجبهات، والشهداء، والجرحى.  

رسالة للمغتربين 
ختم شرف الدين بتوجيه رسالة للمغتربين وحثهم على الدعم، قائلاً: أود أن أوجه عبر صحيفتكم، وأتمنى أن تكون بالمانشيت العريض، رسالة للمغتربين في الخارج: متى ستقدمون الدعم لأبناء جلدتكم؟ متى ستغيثونهم؟ هل تنتظرون أن يغيثهم الأجنبي؟ هل تنتظرون مساعدتهم ممن يقتلهم ليلاً ونهاراً.