تفاوت أسعار وعقاقير فاسدة والمواطنون ضحايا
الدواء.. في مهب العدوان والحصار


(الدواء خدمة لا سلعة)... ذلك الشعار بات مجرد حبر على ورق، لأن الواقع يثبت العكس تماماً، فالأدوية باتت سلعة لا خدمة... ومع وضع البلد الذي يرزح تحت عدوانٍ قذر، تكاثر المتهبشون، وسماسرة الدواء، ومافيا المهربين للأدوية، مما يضاعف من معاناة المواطنين، والمتاجرة بأرواحهم في ظل حصارٍ خانق على مدى عامين يتجرعه أبناء اليمن... من هنا تنشط السوق السوداء للمهربين، خاصة في قطاعِ الأدوية الذي بات يتفاجأ المستهلك عند شرائه للدواء بالارتفاع الجنوني ما بين ليلةٍ وضحاها، مما أقلق حياة البسطاء الذين لا يستطيعون شراء حتى حبة (أسبرين) واحدة تخفف الوجع، ناهيك عمن يفارقون الحياة لأنهم لم يستطيعوا مجاراة جشع سماسرة الدواء... من هنا ناقشت صحيفة (لا) القضية مع عدةِ جهاتٍ، وخرجت بالحصيلةِ التالية...  
(الصحة) هي المسؤولة
ماجد الشويب (رئيس لجنة تنموية) يبدأ حديثه قائلاً: كون هذه القضية تمس حياة المواطنين، فبالتأكيد المسؤول المباشر هي وزارة الصحة بجميع أجهزتها الإدارية والرقابية، وذلك منذ دخول الأدوية من الميناء، أو من بعض المصانع المحلية، حتى تصل إلى المستهلك، فهم مؤتمنون على حياة الناس من التلاعب بها...
يختم الشويب: من وجهة نظري أن يكون كل مواطن جزءاً من رقابة الجهات المختصة بالتبليغ عن أية مخالفات في هذا الجانب، 
وكذا نشر التوعية بأهمية الالتفاف الوطني للتقليل من حدة هذه الظاهرة، كوننا نمر بظروف استثنائية تقتضي أن نكون حاضرين بقضنا وقضيضنا إلى جانب الجهات المعنية المختصة، لمنع التلاعب بأرواح الناس، وتقديم يد العون والمساعدة للحالات التي يكون الدواء بالنسبة لها مسألة حياة أو موت، وغير قادرة على دفع ثمنه، يكون ذلك إما دعماً شخصياً أو مجتمعياً كمبادرات أو البحث عن جهات أو منظمات مجتمع مدني تدعم في هذا الاتجاه.

حربٌ ومعاناة..
(لم نعد ندري من أين تأتينا كل هذه المعاناة.. حرب وحصار، وكملوها أصحاب الصيدليات والمتلاعبون بأسعارها).. بهذه الكلمات بدأت نادية رشاد (ربة بيت) سرد معاناتها، وتستطرد: لدينا مرضى في البيت يحتاجون للأدوية بشكلٍ يومي، ونضطر لتوفيرها لأنها ضرورية وتتعلقُ ببقائهم على الحياة، فوالدتي لا بد أن تتناول أدوية السكري يومياً، كذلك أحد أقاربي يحتاج لعلاج الفشل الكلوي. تضيف نادية بحرقة: كلما ذهبت لشراء هذه الأدوية كل مرة أجدها بسعر يختلف عن سابقه (تسقط دمعة ساخنة).. أما قريبنا فقد فارق الحياة لأننا لم نجد له علاج الغسيل الكلوي، لأن وقتها انعدم الدواء من الصيدليات، وبات غصة لأننا لم نستطع أن نعمل له شيئاً رغم استعدادنا لشراء الدواء بأي ثمن. تختم نادية: وهنا نحمّل المسؤولية الكاملة وزارة الصحة والهيئة العامة للأدوية، فحياتنا باتت بأيديهم، وعليهم تفعيل رقابتهم. 

إلزام الشركات بالتسعيرة
صادق السعيدي (ناشط حقوقي) يحمّل المسؤولية وزارة الصحة قائلاً: المسؤولية كاملة تتحملها وزارة الصحة، كون الأدوية يتم ترخيصها عن طريق الوزارة، ولا تتم الموافقة على أي نوع من الدواء بدخوله من المطارات أو الموانئ، إلا بعد أن يتم أخذ عينة منه وفحصه، ويتم أخذ كتلوج لكل ما يلزمه، وأيضاً فاتورة الشراء والسعر.. وعليه يفترض بالوزارة وضع تسعيرة رسمية للعلاج، وإلزام شركات الأدوية بالعمل بها ..
ويختم السعيدي عن موقفٍ حدث معه شخصياً، حيث قال: تم أخذ وكالة لنوع من الأدوية الروسية، وحين تعاملنا مع وزارة الصحة بشأن ذلك، طلبوا منا كل الأوراق المذكورة سابقاً، بل فرضوا علينا ضرائب خيالية.. ومقابل ذلك لنا حرية البيع، ولوجود شريك روسي في الوكالة، رفض ذلك. قائلاً بأنه لن يقبل بظلم بسطاء الناس، وتم تحويل الوكالة إلى جنوب أفريقيا.

غياب الوازع الديني
محمد العزاني (مدير عام بوزارة المالية)، كسابقيه يحمّل المسؤولية وزارة الصحة أيضاً، حيث يقول: المسؤولية تقع على وزارة الصحة وهيئاتها ومكاتبها في المحافظات، وأيضاً الوازع الديني والأخلاقي.
ويضيف: ويفترض أن يكون هناك ضبط لعملية الاستيراد والتوزيع، وأيضاً رقابة في إطار المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية، بما يضمن تحديد هامش معقول للربح، مع تدخل المؤسسات العامة في توفير الأدوية الضرورية، والتي يتم احتكارها من قبل ضعاف النفوس، وإعادة ما كان يسمى صندوق الدواء في وزارة الصحة، الذي سيحل كثيراً في هذا الجانب.

احتكار وتهريب
أحمد عطاء (بكالوريوس صيدلة) يقول: مسؤولية اضطراب سعر الدواء هي من مهام وزارة الصحة، ثم الهيئة العامة للدواء، وتجار الجملة وكلاء الشركات العالمية، ومن ثم الدكتور الصيدلاني المباشر، فحين يرتفع سعر الصنف، يتحاذق التجار في احتكاره وإخراجه بكميات قليلة جداً حتى يستثمروا هذا التهافت عليه، فيزداد سعره من صيدلية لأخرى حسب ضمير الدكتور. ويستدرك عطاء: لكن في هذه الأيام، وبسبب الأزمة والعدوان، فإن دخول الأصناف المطلوبة صعب جداً، فيستغل تجار التهريب الموقف لشراء كميات كبيرة من الأدوية من دول نامية لاتتمتع هذه الأدوية حتى بأقل تدابير التخزين والحفظ، ويعتبر هذا أيضاً مسبباً رئيسياً للتلاعب بالأسعار..
ويختم: يجب على الدولة أن تحزم أمورها بضبط المنافذ والموانئ حالياً، ثم تشكيل لجان إشراف ميدانية على الصيدليات وتجار الجملة، وإلزامهم بسعر موحد لإنقاذ المواطن المنهك، وتحديد آلية بيع محددة ومكسب محدد، لا خيالي كما يفعل البعض.

الكل مسؤولون
عبد العزيز القدمي (إذاعة وطن) يحمّل المسؤولية عدة جهات: وزارة الصحة، الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، كذلك الهيئة الوطنية لحماية المستهلك أو ما يشابهها وفروعها، وكذا المؤسسات العاملة في ذات المجال، ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الداخلية المخولة بالضبط بعد الإبلاغ، أيضاً شركات الأدوية التي توزع على التجار والصيادلة، والتاجر المستورد، والصيدلي البائع من أكبر المجمعات الصيدلية إلى أصغر صيدلية... الكل مسؤول..
ويختم القدمي: المسؤول الأول والأخير هو الحاكم للبلد سواءً المجلس السياسي أو رئيس وحكومة الإنقاذ. 

تشديد الرقابة
مروان العجارمة (رئيس قسم الرحلات المتجهة لأمريكا وكندا بمطار الملكة علياء الأردني) شاركنا برأيه عبر النت، كونه كان مقيماً بالعاصمة صنعاء، واحتك بالوضع مباشرة، حيث يقول: وزارة الصحة هي المسؤول الأول، لكن المشكلة في اليمن أن أصحاب الصيدليات يتعاملون في بيع الأدوية كما يتعاملون في بيع السلع الغذائية، ولا توجد رقابة صارمة على الأسعار، ولا على فترة الصلاحية.. مضيفاً: شاهدت في صنعاء هذه السلوكيات غير الإنسانية، فيجب على الدولة ممثلة في وزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة وهيئة المواصفات والمقاييس، أن تشدد الرقابة على الغذاء والدواء، حتى تحد من طمع أصحاب الصيدليات في بيع الأدوية بأسعار خيالية.

آهات المواطن
أحمد مهدي (صحفي رياضي) لا يختلف كثيراً عمن سبقوه بتحميل وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة المسؤولية عن تقصيرها، وعدم متابعة التجار الذين يكسبون الملايين على حساب آهات المواطن.. ويقول: أنا ممن عانوا الارتفاع الجنوني للأسعار.. فأين دور الوزارات ذات العلاقة في الضبط والربط؟ 

تجارة سوداء
منصور الجرادي (رئيس مؤسسة وجوه للإعلام والتنمية) يقول: ظهرت خلال عامين من الصراع في اليمن في ما يتعلق بالدواء وسوقه، تجارة سوداء فاحشة في التعامل مع المرضى، إذ لم يقتصر فساد سوق الدواء على تهريب الأدوية الذي تعاني منه اليمن منذ عقود، بل تعداه للتحكم ببيعه بأسعار خيالية، وإعدامه عن المرضى وابتزازهم بالبيع بأثمان خيالية وعشرة أضعاف سعره في الحقيقة.. يضيف الجرادي: ودخل وسطاء جدد في سوق بيع الدواء جهلة لا يفقهون من الطب والعلاجات إلا الفلوس وطرق كسبها، ليس لهم ضمير ولا أخلاق يبيعون أدوية بدون تصنيف ومهربة، بالإضافة إلى احتكارها ورفع أثمانها، في المقابل هناك نوع آخر أخطر، وهم الغشاشون للناس ممن يبيعون الأدوية المنتهية الصلاحية أو قريبة الانتهاء، وهؤلاء لا يهمهم قتل المريض أو معالجته بقدر اهتمامهم بجمع المال والمال فقط..
ويختم الجرادي: اليمن بات سوقاً كبيراً مفتوحاً للفساد والتلاعب بحياة البشر، والكسب غير المشروع حتى بأهم السلع التي تمس الصحة وتلحق الضرر بالجميع دون استثناء، فيما الرقابة غائبة، والمعنيون مشغولون بالصراع، وضعفاء النفوس يستغلون الفرص لابتزاز الناس والكسب السريع.

يغيرون تاريخ الانتهاء!
محمد البعداني (مواطن) يتحدث عن الموضوع من زاويةٍ مختلفة، ويقول: الأسعار يمكن ضبطها، لكن المشكلة أن البعض يغيرون تاريخ الانتهاء، وهذه كارثة.. ويتحدث عن موقفٍ شاهده بأمّ عينيه: بينما كنتُ أشربُ الشاي في إحدى البوفيهات، رأيتُ شخصين لم ينتبها لي بأنني كنتُ أسمع حديثهما، وكانا يقولان لبعضهما سنغيّر تاريخ الانتهاء إلى تاريخٍ جديدٍ، ونوزعه على الصيدليات.. ولم أستطع أن أنبس ببنت شفة، وقد تألمتُ كثيراً أن هذا يحدثُ في وطني، وعندما شاهدتُ الموقف كأنني أشاهدُ فيلماً من أفلامِ المافيا، وهنا نشدد على الجهاتِ المختصة متابعة هؤلاء ومعاقبتهم، كونهم يتلاعبون بأرواحِ البسطاء.

نتعامل مع المهربين
ولأهميةِ التحقق من الموضوع نزلت صحيفة (لا) إلى بعضِ الصيدليات، والتقت ببعض الصيادلة، فتحدثوا بشفافيةٍ مطلقة عن تعاملهم مع المهربين بصورةٍ مباشرة، مبررين ذلك بذرائع مختلفة.. وبدايةً تحدث عبدالفتاح (صيدلي): من الطبيعي جداً أن نتعامل مع مهربي الأدوية، لأننا مستفيدون من ذلك بنسبة 100%، والأدوية التي تأتي عبر وكلاء في اليمن لبعض الشركات، تباع بأسعار مضاعفة، مما يضطرنا للتعاملِ مع المهربين، كون الدواء معهم يكون بسعرٍ أقل رغم تساوي فعاليته مع الدواء الذي يأتي من شركاتٍ عبر وكلاء في اليمن..
وفي رده على سؤالٍ عما إذا كانت تأتي إليهم جهات رقابية تشرف على بيع الأدوية، يضحك هازئاً: أية رقابة يا أختي؟! البلاد كلها سايبة وبلا رقابة! 

التسعيرة من الشركة
محمود (صاحب صيدلية) هو الآخر يبرر أن الأسعار ليست منهم، وإنما الشركة هي التي تحدد السعر على الدواء، ولا يبيعون إلا بربحٍ بسيط، حد قوله... وعندما سألناه: لماذا لم تلتزموا بالتسعيرة المحددة من الشركة؟ رد: وكيف يأتينا الربح؟! فالتسعيرة صحيح تحددها الشركة، لكننا نريد نحن أن نعيش معهم... ويختم بما هو أنكأ وأمرّ، فيقول: حتى الطبيب يكون متفقاً مع تلك الشركات، فيحدد للمريض تلك الأدوية باتفاقٍ معها، فهو مستفيد من ذلك رغم أن المريض بإمكانه أن يتعافى من وصفةٍ واحدة، لكن كما قلت لكِ الجميع مستفيد! 

سياسة رقابية
حساسية هذه المسألة وعلاقتها المباشرة بحياةِ المواطنين الذين يقعون ضحية لهذه المافيا المنظمة، دفعت صحيفة (لا) إلى طرحها على الدكتور أكرم عبدالكريم زبارة (نائب المدير العام التنفيذي للرقابة والتفتيش الدوائي بالهيئة العليا للأدوية) الذي قال: بلا أدنى شك أن ظاهرة التهريب، وخصوصاً تهريب الأدوية، ظاهرة مقلقة، بل مخيفة تهدد كينونة الصحة العامة وحياة المرضى والمجتمع بشكل عام، وهذا غير مقبول بتاتاً لدى الهيئة العليا للأدوية ممثلة بإدارة الرقابة والتفتيش الدوائي، ولن تسمح به، ولن تتخلى عن الدور الذي قامت من أجله، وهو الرقابة الدوائية وضبط المخالفين، وأؤكد لكم ولكل المتابعين من القراء والمعنيين بالصحة العامة والناس جميعاً، أن الرقابة بجميع كوادرها الفنية الصيدلانية في نزول ميداني مستمر ومتواصل للسوق الدوائية، للتفتيش والرقابة على الأسعار والأدوية المهربة والمزورة، وأيضاً على المخزون الدوائي لدى المستوردين والوكلاء، لضمان توفر جميع الأدوية الهامة والمزمنة والمنقذة للحياة.. وعن الإجراءات التي تتخذها الهيئة يقول: إجراءاتنا الضبطية الرقابية لاتكل ولا تتوقف، ولسنا كما يظن البعض بأن الدور الرقابي للهيئة غائب أو غافل أو لايقوم بدوره، ولكن هناك ظروفاً استثنائية طارئة سببها العدوان الغاشم والحصار الجائر على وطننا، الذي منع دخول الأدوية والمستلزمات الإسعافية، والذي يستهدف الإنسان مباشرة، ويخنق بلدنا بأزمات تدميرية وتمزيقية واقتصادية، مما يستدعي أن نتعامل مع المخزون الدوائي المتوفر في البلاد بسياسة رقابية استثنائية ومتلائمة مع هذا الوضع الاستثنائي... وبشكل أكثر وضوحاً في ما يتعلق بالسياسة العامة للهيئة تجاه ظاهرة تهريب الأدوية، فإن الهيئة تمنع منعاً باتاً استيراد أي دواء غير مسجل، ولا يمكن السماح بدخوله عبر المنافذ الجمركية التي لها تواجد فيها أو تحت سيطرتها، وهذه من الثوابت العليا للهيئة العليا للأدوية.

نزول مستمر..
يضيف د. زبارة حول متابعة الهيئة العليا للأدوية والإشراف على الصيدليات، قائلاً: أما الأدوية التي تم تهريبها وتوجد في السوق، فإن الهيئة ممثلة بكادرها الرقابي في نزول مستمر لرصد الأدوية المهربة والتحري عن مصادرها، ويتم تحريزها وحظر تداولها حتى يتم تحليلها والتأكد من سلامتها.. وفي الواقع الراهن نحن نتعامل مع تلك الأدوية المهربة كأمر واقع قد تم دخولها إلى الأسواق وتوفرها، كما أن الواقع يفرض علينا غض النظر عن بعض الأدوية نظراً لأهميتها، ولحاجة الوسط الطبي الشديد لها طالما وهي سليمة وآمنة، وانعدام سبل وصولها بشكل رسمي، وذلك نتيجة للوضع الاستثنائي للبلد القابع تحت الحصار، ونظراً للحاجة إليها لسد فراغ الدواء المسجل المنعدم، كما أنها ظاهرة تفرض نفسها، وتعاني منها كل الجهات الرقابية الرسمية في كل الدول.

إتلاف الأدوية مجهولة الهوية
ويعدد د. زبارة أسباب التهريب بنقاط قائلاً: أولاً: أن الأدوية المهربة يتم دخولها عبر المنافذ الرسمية للبلد التي ليست خاضعة لسيطرة ديوان عام الهيئة في صنعاء، بسبب احتلال العدوان للمنافذ الرسمية للوطن في المناطق الجنوبية. وهنا أشير إلى أن دخولها من المنافذ الرسمية يعني أنه تم نقلها بطريقة صحيحة، ولم يتم تهريبها بالمعني المتعارف عليه في التهريب وتعرضها للتلف والفساد. لذلك عند ضبط أي أدوية مهربة، فإننا نقوم بالتحري من مصدرها ومنفذ دخولها. لكن مجهولة المصدر أياً كان منفذ دخولها تتم مصادرتها وإتلافها على الفور. 
ثانياً: تهريب الأدوية وذلك لانعدام الكثير من الأدوية الأساسية وتقصير الكثير من الوكلاء المستوردين الرئيسيين في القطاع الخاص في توفير الأدوية، وكذا نتيجة العدوان والحصار والأوضاع الراهنة ومنع دخول البضائع، كذلك تنصل العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية والدولية الأممية عن مساعدتنا في تسهيل نقل الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة داخل البلد.
ويضيف د. زبارة: وأود الإشارة هنا إلى أن التقصير والاستهتار الحاد من قبل السياسات السابقة المتعاقبة في توفير ودعم برنامج وطني للأمن القومي الدوائي، حيث إن صحة الناس وأدويتهم مرهونة بالقطاع الخاص فقط. والقطاع الخاص يرى مصلحته وفائدته فوق كل اعتبار. فلم توفر الدولة بديلاً عنه في حالة حدوث أزمات. 

سيتم ضبط المخالفين
يختم د. زبارة ضمن ما سرده من أسباب التهريب: إن ارتفاع سعر الدواء مقارنة بسعره في الدول الأخرى يفتح شهية المهربين والمتاجرين، وفي هذا الصدد فإن الرقابة الدوائية منذ بداية العام المنصرف، وهي تراقب الأسعار حتى اللحظة، وقد قمنا الأسبوع الماضي بإنزال حملة تفتيشية عن الأسعار والأدوية المزورة والمهربة والمخزون الدوائي، وستظهر التقارير المرفوعة حجم المخالفات، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية للضبط. وبالنسبة للأسعار ورافعي الأسعار، هناك بعض الإشكاليات في ارتفاع سعر صرف العملة وارتفاع أجور الشحن والنقل، ولدينا لجنة مشكلة من مدير عام الهيئة لعمل تسويات مناسبة وضبط المخالفين وتحويلهم للجهات القضائية.                       

آخر الأوراق...
بعد مناقشة القضية أعلاه، اتضح أن الوعي غائب جداً عن المستهلك الضحية، وكذلك ضعف الوازع الديني لدى غالبية من يتاجرون في الأدوية، ومن هنا نشدد على الجهاتِ المختصة ممثلة بوزارة الصحة والهيئة العليا للأدوية بضرورة القيام بدورها الرقابي في هذا الجانب، كذلك نشر الوعي عبر كل وسائل الإعلام للتحري من سلامةِ الدواء من قبل المستهلكين، كون المواطن اليمني لا تنقصه هذه المعاناة لتضاف لما يعانيه.