يوسف صلاح الدين / لا ميديا-

لا تربض الحوبان على بحيرة بترول وغاز، لكنها تبدو أكثر انتعاشاً وحيوية وعافية من مدينة مأرب النفطية..
قبل قرابة 4 أعوام كانت الأجزاء الشرقية من مدينة تعز المعروفة بـ الحوبان، عبارة عن شارع مديد بطول بضعة كيلومترات، يتسابق المستثمرون لحجز إطلالات مثلى على ضفتيه يقيمون عليها مشاريع فندقية ومطاعم ومحطات وقود ـ في الغالب ـ استغلالاً لمدخل المدينة الشرقي الأكثر تميزاً وحركة دائبة.
غير أن "الحوبان" الواقعة في كنف الجيش واللجان باتت مع بدء موجات النزوح مدينة فسيحة تتسع بمدار الساعة زاحفة على خواء المساحة العقارية جنوباً باتجاه جبال "عبدان" و"مفرق عدن" وشرقاً باتجاه "الجندية والمطار القديم" ومساحات أخرى من "مديرية التعزية" جنوب غرب.
التهم العمران ذو الوتيرة المتصاعدة معظم الأراضي البيضاء، وانتعشت الحركة التجارية، وانفسح فضاء اجتماعي معقد ومتعدد الطيف، وعثرت وفرة من الأيدي العاطلة على بيئة عمل نشيطة ومستمرة.
بينما تبدو مدينة مأرب الرابضة على بحيرة بترول وغاز، أشبه بضاحية ريفية وأحزمة فقر، تشهد بين الحين والآخر أزمات وقود عاصفة وموجات اغتيال واشتباكات فصائلية متلاحقة، وتسير على صفيح ساخن من العبوات والأحزمة الناسفة التي طالت حتى مجالس العزاء والأسواق..
في مقابل هذه التعاسة والخوف الدائب وضيق الحال الذي يعيشه معظم أبناء "مدينة مأرب"، يتربع العميل "سلطان العرادة ـ محافظ هادي" على عرش من الثروة الهائلة المتحصلة من إيرادات بيع النفط والغاز "أكثر من مليار ريال يومياً" التي يرفض ضخها في "مركزي عدن الانتقالية"، وعوضاً عن أن ينفق كسورها لتحسين أوضاع المدينة وتخفيف معاناة أبنائها، يدفع بمعظمها إلى حسابات بنكية، ويدشن مشاريع استثمارية في الخارج، أبرز ما تكشف منها مؤخراً "مصنع للحديد والصلب" في تركيا، ومصرف مالي في مصر، وعقارات واستثمارات أخرى عديدة في الإمارات والسعودية والأردن..
في "عدن المحتلة" يتربع "الانتقالي بفرمان وقوة إماراتية"، ولا أفق آمن للعرادة، ومن صوب "صنعاء الوجود الوطني" تزحف بنادق وأقدام الجيش واللجان الشعبية، وتحرز تقدماً نوعياً مضطرداً باتت معه قيد 4 كيلومترات من مرقد "العرادة" الذي تتصاعد وتيرة السخط القبلي عليه وعلى نظرائه من أدوات تحالف الاحتلال في مأرب، وتلوح علاقته بالجنرال العميل "علي محسن" ديكورية مقصورة على كاميرا أخبار وسائل إعلام ما تسمى "الشرعية" وتناحرية في الكواليس، حيث يمثل "العرادة فصيل إخوان مأرب أصحاب الفضل في إيواء الجنرال الهارب في 2014 عقب ثورة أيلول"، غير أن هذا الفصيل الجهوي الحزبي نفسه لم يعد راضياً عن استحواذ "العرادة" باسمه مقابل فتات الريع بفعل شح الأخير المحروس بتوافقية إماراتية سعودية يستقوي بها عليهم، الأمر الذي يفاقم حالة الاحتقان والاحتراب البارد أفقياً ورأسياً في بنية سيطرة الاحتلال التي يتربع "العرادة" مركزها كواجهة لدول التحالف، وفي الوقت الذي تنحسر فيه مصالح ومكاسب "الإصلاح العميل" جنوباً، حيث يزحف "الانتقالي" بدعم إماراتي على معظم المناصب والأجهزة، وتستبدل ما تسمى "الشرعية" وزراء شماليين بجنوبيين، تلوح "مأرب" بلا مستقبل سوى جيوب وحسابات نهابة الاحتلال، وينحو طيفها الاجتماعي القبلي المحايد –في البدء- إلى توثيق صلاته بصنعاء كخيار وجودي وطني في مواجهة حالة المحو والاستحواذ والضياع التي أغرق العملاء فيها مدينة بلقيس بماضيها المجيد وحاضرها الرابض على ثروة هائلة لم تكن مشفوعة بعدالة اجتماعية على مستوى التوزيع في عهد سلطة الوصاية البائدة، وباتت اليوم مغنماً سائباً لشراذم هذه السلطة الفارة من وجه ثورة أيلول ذات التوجه الاجتماعي الرامي لإنجاز عدالة ورفاه شعبي في كنف الاستقلال، تطوي زمن الوصاية بمعادلاته المختلة والجائرة..س
وزير دفاع شرعية العمالة "يخشى على المنشآت الاقتصادية في مأرب، ويعد خطة أمنية للحفاظ عليها"..
خبر تداولته وسائل إعلام العمالة، أمس، دون الكشف عن مبعث هذه المخاوف ومصدرها.
مصادر محلية أكدت لـ"لا" أن هذه التحركات التي تقوم بها أدوات الاحتلال تستبطن سخطاً اجتماعياً في مأرب ينحو صوب التنظيم، قد يضع يده على ثروات المدينة في أية لحظة، منهياً عبث "العرادة ونظرائه".. ثمة ساعة صفر قادمة كبح الجيش واللجان مسيرته انتظاراً لها على مشارف المدينة، ويبدو أن ضوءاً أخضر قبلياً سيبرق في سماء "برآن وذنة" مؤذناً بـ"سيل عرم التحرير".