ناطق الصحة: آلاف المرضى مهددون بالموت أمام وعود أممية كاذبة

تقرير: مارش الحسام / لا ميديا-

يمر القطاع الصحي في بلادنا بأحلك الظروف والأكثر قسوة، وعلى وشك انهيار شبه متكامل في ظل تراجع الخدمات في غالبية المستشفيات والمرافق التابعة لوزارة الصحة.
علاوة على توقف أكثر من 600 مرفق صحي، بسبب العدوان والحصار، منها 450 تعرض للقصف المباشر أو غير المباشر للطيران، فيما أغلقت العشرات من المنشآت الطبية أبوابها بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد، والحصيلة هي أن ما يعادل 50% من إجمالي المرافق الصحية صارت خارج الخدمة، بحسب إحصائية وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ.
أما المراكز التي لاتزال تعمل فهي تعاني من عجز كبير في الأسرّة والأدوية والمستلزمات العلاجية وقلة الكوادر الطبية التي انقطعت عن العمل لعدم تسلم مرتباتها.

مستشفى الثورة أنموذجاً
تحدث الدكتور عادل ياسين، أخصائي جراحة عامة في مستشفى الثورة بصنعاء، لصحيفة "لا" بأن الوضع الصحي في اليمن بشكل عام، وليس في مستشفى الثورة فقط، دخل مرحلة انهيار وتدهور ملحوظ منذ بداية الحرب.
وطالب بضرورة العمل على تجنيب القطاع الصحي التجاذبات السياسية بين الأطراف المتصارعة، والعمل على إنقاذه من الانهيار في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها جراء نفاد الأدوية والمعدات الطبية المختلفة.
وقال ياسين: «الوضع الحالي للمستشفيات الحكومية، بما فيها مستشفى الثورة، يعد الأكثر قسوة، وله ارتدادات قاسية ومؤلمة على حياة المرضى والمجتمع اليمني».
وأوضح أن الأزمة التي يعيشها المستشفى انعكست على العمليات الجراحية، حيث توقفت بنسبة 50%، بسبب انعدام العديد من الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لإتمام العمليات الجراحية في المستشفى. مؤكداً توقف عملية زراعة الكلي منذ بدء العدوان، وتراجعاً كبيراً لنسبة العمليات في بقية الأقسام، ومنها مركز القلب، نتيجة العجز الحاصل في المستلزمات الطبية لعمليات القلب المفتوح والقسطرة العلاجية.

الأجهزة الطبية لم تعد صالحة
أكد  الناطق باسم وزارة الصحة، الدكتور يوسف الحاضري، لصحيفة «لا»، خروج 95% من الأجهزة في المستشفيات والمراكز الصحية في اليمن عن العمل، فقد انقضى عمرها الافتراضي، بحسب المسح الذي أجرته الوزارة نهاية العام 2018م.
وأضاف الحاضري أن وزارة الصحة ولأول مرة في تاريخها تقوم بتنفيذ مسح شامل لكل المرافق الصحية، وتبين من خلاله أن 95% من الأجهزة الطبية في المرافق الصحية انتهى عمرها الافتراضي، ومعرضة للتوقف في أيه لحظة، ناهيك عن أعداد كبيرة من الأجهزة المعطلة وبحاجة إلى ميزانية ضخمة لإصلاحها، ولكن الظروف الحالية لا تسمح، وهو ما أثر سلباً على حياة آلاف المرضى اليمنيين.
ولفت إلى أن عدداً من المستشفيات قامت بإغلاق بعض الأقسام نتيجة تعطل الأجهزة فيها.
وقال: "تعطل جهاز واحد يتسبب بإغلاق قسم كامل، وهناك مستشفيات قامت بإغلاق قسم الإنعاش أو غرفة العمليات، ولم تعد تحمل من صفات المستشفى سوى الاسم بعد إغلاقها عدداً من الأقسام".
وأوضح الحاضري أن الوزارة قدمت نسخة من احتياجات المرافق الصحية الأساسية إلى منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والصليب الأحمر، إلا أنها لم تتلقَّ أية استجابة فعلية.
هجرة الكوادر
انقطاع الرواتب دفع أعداداً كبيرة من الكوادر الطبية إلى الهجرة من المستشفيات الحكومية صوب المستشفيات الخاصة، فيما أعداد كبيرة هاجرت إلى المحافظات الأخرى للعمل في القطاع الخاص، ومنهم من قرر الاغتراب خارج الوطن، لتظل أماكنهم شاغرة في المستشفيات والمرافق الصحية الحكومية، والتي باتت تفتقر للكثير من الكوادر المتخصصة.

تجاوب أممي محدود
أكد ناطق الصحة، وفي سياق حديثة لصحيفة "لا"، أن الوضع الصحي في اليمن مأساوي، وينذر بكارثة في أية لحظة، لولا جهود المخلصين والجنود المجهولين في القطاعات الصحية، الذين نذروا أنفسهم لخدمة المجتمع. 
وأضاف أن الوزارة أبلغت المنظمات والهيئات الأممية والإنسانية بخطورة الوضع الصحي في اليمن، إلا أن تجاوبها كان محدوداً، والاستجابة كانت في المطالب الفرعية في ما يخص وباء الكوليرا والدفتيريا، أما ما يخص احتياجات المستشفيات من أدوية أساسية ومستلزمات وأجهزة ومعدات طبية فلم تلق أي تجاوب من تلك المنظمات المتشدقة بالإنسانية.

آلاف المرضى مهددون بالموت
وتابع الدكتور الحاضري بالقول: "هناك 8000 مريض يمني يحصلون على الأدوية مجاناً من وزارة الصحة، مثل مرضى السرطان والكلى والقلب والصرَع، وغيرها من الأمراض المزمنة، وحالياً الوزارة غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه هؤلاء المرضي بسبب العدوان والحصار".
وأشار إلى أن هناك وفيات يومية وبمعدل من 2 - 3 حالات يومياً بسبب إغلاق مطار صنعاء. 
وأكد أن عدداً من الدول الشقيقة والصديقة أبدت استعدادها لعلاج المرضى والجرحى اليمنيين مجاناً، وتم إبلاغ الأمم المتحدة بذلك، والتي بدورها وعدت أكثر من مرة بنقلهم إلى تلك الدول لمعالجتهم، ولكنها للأسف لم تفِ بوعودها، متجاهلة أرقام الوفيات الذين يموتون يومياً كون حالتهم الصحية تقتضى سفرهم إلى لخارج. 
 
إعادة الكوادر
أشار الدكتور الحاضري إلى أن وزارة الصحة تهدف في الوقت الحإلى لاستعادة الكوادر الطبية التي انقطعت عن العمل في المستشفيات الحكومية، واتجهت للعمل في المستشفيات الخاصة.
وتابع بالقول: "الوزارة استخرجت قرارات من مجلس النواب وأخرى من الخدمة المدنية، بخصوص استعادة الكوادر والضغط على المنظمات بدفع رواتبهم، ولكن حتى الآن الموضوع مازال يواجه صعوبات وإشكاليات، ونتمنى تجاوزها في القريب العاجل".