حاوره:طلال سفيان/ لا ميديا -

لاعب اشتهر كثيراً بأناقة لمساته الكروية وإبداعاته في ملعب الحارة والمدرسة والنادي. إنه أحد فرسان كتيبة القلعة الحمراء الشامخة على كرة الحالمة في الثمانينيات والتسعينيات كعادته مازال يحمل بسمتين، حزن ومرح، مليء بالأمل والحكايات ذات الشجون. 

- كيف بدأت رحلتك مع لعبة كرة القدم؟
- بدأت من فرق الحواري وفرق المدارس ومع السنوات الأوائل لعقد الثمانينيات (1984-1983) التحقت بالفئات العمرية لفرق كرة القدم في النادي الأهلي التعزي بيتي الأول عبر مستكشفي النادي لصقل موهبتي وتدرجت مع العديد من اللاعبين منهم على سبيل الذكر فارس عثمان ونبيل حمود وحسن مرشد، وفي العام 1987 سنة هبوط النادي إلى دوري الثانية تم تصعيدنا إلى الفريق الأول.

عشاق الفريق العريق
- من الذي أخذ بيدك وشجعك في بدايتك مع الأهلي؟
- أنا كنت من عشاق هذا الفريق العريق، وهذا الأمر الرئيسي الذي دفعنا بقوة للالتحاق بأهلي تعز، كما كان للكثير من الإداريين والمشجعين والمحبين للنادي الفضل بتشجعينا منذ البداية بعد أن رأوا فينا أشبالاً بارزين لخلافة لاعبي الأهلي العمالقة الذين كان لهم باع طويل في الملاعب وكانوا من أفضل اللاعبين على مستوى اليمن.

لاعب ومدرب "مدرسياً"
- اشتهرت في بدايتك الكروية في البطولات المدرسية.. أليس كذلك؟!
- كان لي الشرف في اللعب ضمن منتخب تعز المدرسي الذي أحرز بطولة المدارس للجمهورية في تعز عام 1987 واللعب بجوار الكابتن خالد الخولاني. كما كان لي الشرف بإحراز الهدف الوحيد الذي أحرزنا به اللقب أمام منتخب إب المدرسي بعد سنوات عدة من مشاركتنا في البطولات المدرسية على مستوى الجمهورية. وعلى المستوى التدريبي شاركت خضت مع المنتخبات المدرسية كمدرب لمنتخب تعز المدرسي لمدة 15 عاماً، وتمكنت معه من إحراز المركز الثالث على مستوى الجمهورية عام 2002، والمركز الثاني في البطولة التي أقيمت في عدن، والحمد لله حصلت على شهادة تقدير من قبل وزير التربية والتعليم.

خفوت الرياضة اليمنية
- الكثير يرجع تقهقر الرياضة اليمنية نتيجة إلى اندثار فرق الحواري والمدارس؟
- صحيح، كانت فرق الملاعب الترابية (الحواري) وأنشطتها وكذلك المدارس الركيزة الأساسية لرفد الرياضة اليمنية بالعناصر. ومع زحف البناء على الأراضي اندثرت هذه الملاعب التي كانت متنفساً لفرق الحواري وكذلك الإهمال الذي أصاب الرياضة المدرسية، فمثلاً كنت تجد في فريق الحارة أو المدرسة ما بين 7 و9 نجوم، واليوم لا تجد سوى نجم واحد فقط في منتخب المدرسة أو فريق الحارة.

غير محظوظ
- كابتن جمال أنت ظُلمت كثيراً في مسألة اللعب للمنتخبات الوطنية؟
- لم يكن حظي جيداً بالنسبة للضم للمنتخبات، سواء ناشئين أو شباب، لكن بالمقابل كان حظي جيداً بتمثيل منتخبات محافظة تعز الكروية، وهذا ما عوضني عن اللعب للمنتخبات الوطنية، بالإضافة إلى عدم اهتمامي كثيراً بتمثيل المنتخبات، بسبب اهتمامي بالدراسة الجامعية، وكنت أضع مستقبلي الدراسي في المرتبة الأولى. 

خارج أسوار الأهلي
- هل تلقيت عرضاً للعب ضمن فرق أخرى غير أهلي تعز؟
- نعم، تلقيت مع زميلي نبيل حمود عرضاً للعب مع نادي وحدة صنعاء أثناء مشاركتنا في البطولة العسكرية بالعاصمة صنعاء. كما تلقينا أيضاً عرضاً من نادي الصقر لحظة صعودنا للفريق الأول للأهلي، لكن بسبب ظروفنا الأسرية وحبنا للأهلي لم نهتم كثيراً باللعب خارج أسوار الأهلي.

- وماذا عن فترة التجنيد؟
- خلال فترة التجنيد لعبت لفريق معسكر اللواء الثالث مدعم ولفترة طويلة، وكان فريق اللواء الثالث مدعم يعد كمنتخب كروي، نظراً لكمية اللاعبين النجوم الذين مثلوا هذا المعسكر في مختلف البطولات الرياضية العسكرية.

بصمة مدرب
- مدرب له بصمة مميزة في حياتك؟
- لكل مدرب بصمة مميزة، لكن يظل بالنسبة لي المدرب الراحل عبدالله عتيق أكثر من تأثرت واستفدت منه؛ فقد كان مدرباً يمتلك الكثير من القدرات المهنية والأخلاقية.
- وشخصية رياضية؟
- في كل محافظة أو نادٍ يوجد شخص إداري وداعم وهم أعرف منا بهم. بالنسبة لتعز كان هناك شوقي هائل رغم تحيزه للصقر بقوة وبالذات أمام أهلي تعز.
- لكنه كان رئيساً للصقر وليس للأهلي؟
- أقصد بشكل عام وذلك عندما كان محافظاً لتعز.

دربت كوكبة من اللاعبين
- ماذا عن رحلتك في مجال التدريب؟
- في العام 1997، تم تكليفي من قبل إدارة أهلي تعز لتدريب الفرق العمرية للنادي، وذلك في الفترة التي كنت فيها لاعباً للفريق الأول للأهلي. طبعاً أنا مثلت الفريق الأول لأهلي تعز منذ عام 1987 وحتى العام 2000، وخرج من تحت يدي العديد من اللاعبين والذين كانوا فيما بعد ركيزة هامة في الأهلي والمنتخبات الوطنية ومنهم دفعة كان فيها علاء الصاصي، وحسين غازي، وعبدالله موسى، وفكري الآنسي، وعمر خالد، وعبدالحليم عبدالله، وهم الذين صعدوا بالأهلي لمصاف الثانية بعد ثلاثة أعوام من الهبوط في الثالثة، وبعدها دفعة ثانية أبرزها عمر جمال، وعلي ناصر، ومحمد حسين الشمسي، ووليد الحبيشي، والذين صعدوا للفريق الأول للأهلي وتشهد عليهم البطولات التي أحرزوها على مستوى المحافظة وازدهار المنتخبات بفضل هذه الكوكبة. كما أحب أن أشير إلى أن نادي أهلي تعز كان الرافد الرئيسي لمنتخبات البراعم والناشئين والشباب والأولمبي والأول لفترة طويلة، وكانت آخر دفعة دربتها في العام 2010 ركيزة منتخبي الناشئين والشباب، وهي دفعة علاء نعمان وعصام نعمان وجهاد وعارف وغيرهم.
حقيقة كان جميل الصريمي خلال الفترة التي تولاها في رئاسة النادي صاحب فضل كبير على هذا النجاح من خلال دعمه وتشجيعه للشباب وكان صاحب نظرة ثاقبة ترتكز على أنه لن يخدم النادي إلا أبنائه المخلصين.

جميل الصريمي ظلم كثيراً... والأهلي ظاهرة
- كونك كنت قريباً من الصريمي، هل ظلم الرجل على الرغم من إنجازاته مع الأهلي؟
- حقيقة لم نعرف قيمة الأستاذ جميل الصريمي إلَّا بعد رحيله، من بعده أصبحت إدارة الأهلي لا حول لها ولا قوة. المرحوم الصريمي كان من الشخصيات البارزة والعظيمة في العمل الرياضي وظلم كثيراً، وأنا أعتبر الصريمي أفضل من مروا على رئاسة أهلي تعز بعد الحاج القصوص.
- كابتن جمال، لخص لنا مشكلة الأهلي؟
- هي ظاهرة تمر بها كل الأندية اليمنية، لكن الأهلي هو حالة خاصة منفردة، وهناك مثل يقول: "مقصود لم يفهم ومفهوم لم يقصد"، لو كان هناك جدية وتفاهم بين الجانب الإداري والفني بالإضافة إلى عدم الاحترافية في النهج ومحاولة بعض الإداريين القُدامى بفرض منهجيتهم القديمة على الأجيال الجديدة، وهذه فجوة كبيرة وكارثية.
- ما هي المباراة المميزة في مسيرتك؟
- مباراتنا أمام أهلي الحديدة في ملعب الظرافي بالعاصمة صنعاء في الموسم 1992، والتي صعدنا بفضلها للدرجة الأولى، وفي هذه المباراة غاب عن صف أهلي تعز بسبب الإصابة والتوقيف الكابتن عبدالملك ثابت وعبدالعظيم القدسي وآخرون، بينما كان فريق الأهلي الحديدي بكامل نجومه الحارس محمد راوح وعبدالرحمن وسالم سعيد وأبو علي غالب وشنب حمادي ورامي عبدالرزاق والمجربي وأنور عديني، حتى لحظة دخلونا للتسخين في الملعب كان الجمهور يقول: فين لاعبي أهلي تعز؟! أيش جابوا أشبالهم يلعبوا؟! والحمد لله استطعنا أن نفوز باللقاء بمجهود بدني خارق نتيجة نقص كمية الأكسجين في صنعاء، ولعبنا أفضل مباراة، ويومها ذرفنا دموع الأفراح نحن وجمهورنا العظيم.

مقلب صعيب... جدة نبيل!
- لاعب تمنيت وجوده معكم في أهلي تعز؟
- نوفل أمين، لاعب طليعة تعز، نظراً لإمكانياته الكبيرة. إنه لاعب مميز.
- من أقرب لاعب لك؟
- نبيل حمود، زميلي في أهلي تعز، ونوفل أمين وناصر محمد عبده من الطليعة.
- اشتهرت بمقالبك.. ما هي أشهرها؟!
- كان معنا مباراة مع اتحاد إب في ملعب الشهداء بتعز، وكانت هذه المباراة غير مؤكدة، كنت أنا وزميلي في الفريق نبيل حمود أقدم لاعبين في الفريق، وكان نبيل لو تواجد بالمباراة سيحمل شارة الكابتن، بحكم أنه أقدم مني بخمس مباريات مع الفريق الأول. وفي يوم اللقاء بلغتني الإدارة أن أبلغ نبيل كونه جاري أن الفريق سيلعب المباراة، وعندما اتصل بي نبيل يستفسر عن المباراة أخبرته أن اللقاء تأجل حتى أتولى الإشارة، لكن أحداً ما أخبره أنها ستجرى ونزل للنادي واشتكى للإدارة والمدرب وقاموا بوضعه داخل دولاب بغرفة الإدارة، وعند حضوري للاجتماع قبل المباراة واللاعبين يتجهزون وسألني المدرب: هل أبلغت نبيل عن المباراة؟ قلت: نعم، لكنه يعتذر بسبب وفاة جدته. فجأة خرج نبيل من الدولاب وهو يصرخ: أنا ماتت جدتي؟! وسط ضحك اللاعبين. وفي مباراة حصلنا على ضربة جزاء وكنت أنا أفضل من يُنفذ ضربات الجزاء، فهرع الكابتن نبيل حمود وقال: قسماً بالله ما تشوتها، وهذه كانت من أبرز المقالب التي كنا نعملها كلاعبين في أهلي تعز.
- ما هي قصة تأسيسك لنادي السهام بتعز؟
- عام 1996 دربت موظفي مؤسسة الكريمي للصرافة، وبعدها تحول هذا الفريق من موظفين إلى لاعبين في ملعب بجبل حبشي، وبعدها بـ4 سنوات عبر الأستاذ محمد عبده الكريمي أتت فكرة تأسيس النادي وحصلنا على الاعتراف من وزارة الشباب والرياضة عام 2012. حقيقة الأستاذ محمد داعم ومشجع وعاشق كبير للرياضة.
- أين رجال الأعمال من دعم الرياضة في اليمن؟
- أفضل أن يؤسس رجال الأعمال أندية باسم مؤسساتهم. الأندية القائمة منذ زمن تستنزف الأموال ومصادرها محدودة.
- كيف ترى تأهل أهلي تعز اليوم عن مجموعة تعز إلى نهائيات التنشيطي في سيئون؟
- شيء مفرح وعظيم، وبالذات في ظل ظروف صعبة جداً يمر بها الأهلي وتعز والبلاد عامة بسبب العدوان. وهذا مجهود جبار للمدرب محمد عقلان ومساعده أحمد المهتدي واللاعبين في هذا الإنجاز. كنا نتوقع صعود الأهلى لأنه الفريق الوحيد الذي يعتمد على فئاته العمرية عكس أندية المدينة الأخرى، ونتمنى أن يتوفق الأهلي في البطولة.

قصة النزوح... وقلم الدكاك
- كنازح هل تحن للعودة إلى تعز؟
- كيف لا أحن لتعز؟! تعز عشقنا ومسقط رأسنا، لكن أبناء تعز كانوا سبب بلائنا ونكستنا ونزوحنا.
- ما الذي يحزنك؟ وما الذي يسعدك؟
- يحزنني نزيف الوطن بسبب العدوان. ويسعدني أن أرى أصدقائي يحققون النجاح.
- كلمة أخيرة كابتن جمال؟
- نتمنى من الصحافة الرياضية نقل الحقائق وعدم التطبيل. وأشكرك أخي طلال على هذا الحوار. وأشكر صحيفة "لا" المميزة في الساحة اليمنية بمصداقية مهنية بقيادة القلم الرائع صلاح الدكاك، لاعب نادي أهلي تعز، وعضو مجلس إدارته سابقاً.