عـدنان درجال أمـل الرياضــة العراقيـة

حاوره : هيثم الحيدري / لا ميديا -

في زمن عمالقة وأساطير الكرة العراقية، تميز حبيب جعفر كلاعب فلتة، من خلال أدائه الساحر ومهارته في مداعبة الكرة بسلاسة على طريقة السهل الممتنع.
قدم أجمل المستويات وأربك كبار المنتخبات على الرغم من قامته القصيرة. لم يكترث لقصر قامته بل كان يؤمن بأنه سيكون لهُ شأن كبير في الكرة العراقية لاعباً ومدرباً، ضارباً بالصعوبات والتحديات حائط طموحه وجدار ثقته بقدراته في ظل فلسفة المدرب الكبير عمو بابا.
النجم العراقي الكبير في زمن الكرة الجميلة حبيب جعفر في حوار مطول مع صحيفة «لا»، كأول مطبوعة يمنية تحرز السبق بهذا الحوار الذي لا يخلو من الجرأة والصراحة.

 مرحباً بك كابتن حبيب جعفر في الملحق الرياضي لصحيفة "لا"!
- أهلاً وسهلاً بكم وشكراً لجريدتكم "لا" ولقرائها الكرام.
 كيف كانت قصة بدايتك مع كرة القدم؟
- بدأت قصتي مع كرة القدم من الفرق الشعبية ثم مدرستي الابتدائية وبعدها الالتحاق بمراكز الشباب ثم إلى ناشئي وشباب نادي الطلبة وصولاً للفريق الأول لـ"الطلبة" والمنتخبات الوطنية. 

بدأت مع خليجي 8
 كابتن متى كانت أول مشاركة رسمية لك مع أُسود الرافدين؟
- أول مشاركة جاءت بعد استدعائي عام 1986 للانضمام للمنتخب الأول، لكن لم آخذ فرصتي كوني كنت حينها صغيراً في السن، فتم استدعائي من قبل المدرب زماريو للعب للمنتخب الثاني المشارك في كاس الخليج الثامنة بالبحرين. وبعد عودة المنتخب الأول من المشاركة في نهائيات كاس العالم بالمكسيك، التحقت بالمنتخب الوطني الأول وشاركت في تصفيات سيول وترشحنا إلى النهائيات التي أقيمت في كوريا. هذه أول مشاركة مع المنتخب الأول وبقيت لفترة طويلة قدمت كل ما بوسعي لوطني الحبيب.

مشاركات وبطولات كثيرة
 ذكرياتك مع كرة القدم كثيرة.. يا ليت تحدثنا عن أهمها ولو بإيجاز!
- ذكرياتي مع الكرة جميلة جدا وأنا فخور بما قدمته لبلدي وكذلك للأندية التي مثلتها سواءً كانت في العراق أو خارج العراق، وأهمها البطولات التي حصلت عليها مع المنتخبات الوطنية والأندية التي مثلتها، وأهم شيء البطولات التي شاركنا فيها وهي ثلاث بطولات خليجية، وحصلنا على واحدة منها هي البطولة التاسعة والتي أقيمت بالرياض آنذاك، وفوزنا ببطولة كاس العرب بالأردن ووصولنا إلى أولمبياد سيول ولعبنا أكثر من مرة تصفيات كاس العالم، وحصولنا على المراكز الأولى في بطولات للأندية العربية الثلاثة، ولعبت أكثر من مرة في تصفيات أمم آسيا وكثير من البطولات. وبصراحة ليس في مقدوري ذكرها. 

"الريان" أفضل تجربة احترافية
 لعبت في الدوري القطري واللبناني والعُماني، أين وجدت الاستقرار كلاعب محترف؟
- نعم لعبت لكل الدوريات التي ذكرتها، وكلها قدمت فيها مستوى ممتازاً ومع كل الأندية التي لعبت لها، لكن أحياناً الإصابة كانت تبعدني عن الفريق. وأفضل مستوى احترافي بالنسبة لي هو مع الريان القطري وحصولنا على أفضل الإنجازات.
 تبدو قصة احترافك الطويلة في قطر ومع ثلاثة أندية مليئة بالإنجازات...؟
- نعم كان احترافي مع الريان والغرافة (الاتحاد سابقاً) والوكرة، مع كل الاحترام لباقي الأندية القطرية. تميزت مع فريق الريان لموسمين متتاليين وحصلت على إنجازات مميزة في الموسمين، وهي بطل الدوري وكاس ولي العهد، وبعدها انتقلت إلى الغرافة أيضا قدمت مستوى جيداً جداً والحصول على كاس الأمير للنادي، ولكن قبل دخولنا لكاس الأمير حصلت لي إصابة ولم أكمل الكاس مع الغرافة، ورجعت إلى العراق، ولأن كان عليهم أن يسجلوا لاعباً محترفاً يكمل في مكاني، بعدها انتقلت إلى نادي الوكرة وكان أيضا مستوى جيداً جداً على الرغم من عدم حصولنا على أي بطولة.

غيرت نظرة عمو بابا عن قصار القامة
 يقال بأن قصر قامتك تسبب لك بمشاكل كثيرة وخاصة في ظل فلسفة عمو بابا الفنية...؟
- (ضاحكاً) يا حبيبي الصراحة بالبداية كان المدرب عمو بابا ضد اللاعبين قصار القامة دائماً، يحب اللاعبين الطوال، لكن بعدما رأى مستواي أنا وزملائي سعد وليث غيَّر نظرته عن قصار القامة، لأننا طبقنا جميع الواجبات التي كان يحتاجها.
 بمناسبة ذكر المدربين.. لمن يدين حبيب جعفر ببروزه الكروي؟
- أفضل المدربين الذين أشرفوا على تدريبي هم عصام الشيخ وعمو بابا وعدنان حمد. هؤلاء هم أفضل من تدربت معهم، تعلمت منهم الكثير والكثير في عالم كرة القدم. 

أفضل لاعب في خليجي 9
 أهداف سجلتها لا تزال عالقة في ذاكرتك ولم تفارقها؟
- كل الأهداف عزيزة عليّ، لكن هدفي على منتخب ليبيا في الدورة العربية في الأردن أعتز به كثيراً، لأنه جاء من حالة صعبة جدا وسريعة.
 موقف مؤلم جعلك تكره كرة القدم وآخر سعيد جعلك تتمنى لو لم تنته علاقتك معها؟
- الموقف المؤلم الذي لن أنساه أبداً هو خسارتنا من المنتخب الكازاخستاني في ملعب الشعب وبين جمهورنا وأهلنا. وبالنسبة للموقف السعيد هو حصولي على لقب أفضل لاعب في كأس الخليج التاسعة بالرياض وقتها كان عمري صغيراً وفي ظل وجود العباقرة من جميع المنتخبات والأسماء الموجودة في تلك البطولة.

لم أستطع الابتعاد عن معشوقتي
 متى بدأت مشوارك في عالم التدريب؟ ولماذا اخترت التدريب دون الإدارة وغيرها؟ وما هي الشهادات التي حزت عليها؟
- دخلت عالم التدريب بعد الاعتزال مباشرةً، يعني كان حبي لكرة القدم وما أردت أن أبتعد عن معشوقتي كرة القدم وقررت أن أدخل عالم التدريب، والحمد لله نجحت ودربت أفضل الأندية مثل الطلبة والكرخ، وعملت مساعد مدرب لمنتخبنا الأولمبي لـ3 مواسم. والإنجازات التي حققناها هي حصولنا على لقب بطولة آسيا تحت 22 في عمّان بالأردن وترشحنا إلى نهائيات البرازيل. وبالنسبة للشهادات الحائز عليها فهي A وB وC.

المدرب العراقي مهمش
 تعمل الآن مدرباً لنادي الكرخ، فما هي رؤيتك الفنية لهذا النادي؟
- نادي الكرخ واحد من أهم الفرق التي تستقطب أفضل المواهب وواحد من أفضل الفرق الموجودة بالدوري العراقي.
 ما الذي يعانيه المدرب العراقي؟ وهل هنالك آمال بعودة الرياضة العراقية في ظل الإدارة الجديدة؟
- المدرب العراقي يعاني من التهميش من قبل الأندية والمنتخبات، مع العلم أننا نملك خيرة المدربين العراقيين. أيضا لا يوجد اهتمام بالمدرب ولا يوجد عمل ورشات للمدرب حتى يتعرف على آخر مستجدات التدريب الحديث، فقط يعتمد على الدورات التدريبية، وهذا أكيد لا يطور المدرب. إن شاء الله القادم أجمل وأعظم ونرى الرياضة العراقية في أفضل أيامها. 
 ما الذي تطمح إليه؟ وهل سنراك يوماً ما مدرباً لأسود الرافدين؟
- كمدرب أطمح للكثير، وأكثر ما يهمني هو تدريب المنتخبات العراقية، وسبق أن عملت مع منتخب الأُولمبي وحصلنا على إنجازات جيدة، لكن حلمي هو تدريب المنتخب الأول.

الجيل السابق أكثر وطنية
 ما هي الفوارق بين جيلك والجيل الحالي؟
- الحقيقة ما يميز الجيل السابق عن الحالي أمور كثيرة، ولكن دعني أختصرها لك، الجيل السابق كان يلعب للفانيلة ولا يفكر باللعب للمادة فقط. بكل صراحة كنا وطنيين ونحب بلدنا وكنا ملتزمين بكل معنى الكلمة، مع احترامي لهذا الجيل الملتزم بكثير من الأمور منها حب الذات لكنه أحيانا متى يعجبه اللعب للمنتخب يلعب ومتى لا يعجبه لا يلعب. بالمختصر وباللهجة العراقية "اكو" لاعبين يفضلون النادي على المنتخب، وهذا غير صحيح.
 ماذا ينقص الكرة العراقية حتى تتمخض عن دوري قوي ومنتخبات تقارع كبار منتخبات القارة؟
- ينقصها الكثير من العمل، لهذا السبب تجد الكرة العراقية غير متفوقة، وأهم ما ينقصها الاهتمام وعدم وجود دوري للفئات العمرية، ولا يوجد اهتمام بالقاعدة، وهذا أهم شيء يؤدي للسقوط، حتى الآن لا يوجد اهتمام وهذا أكيد له أثر كبير على القاعدة الرياضية المنتجة. 

محترفونا يبحثون عن المال أولاً
 أغلب اللاعبين العراقيين محترفون، ولكن هل أفادوا المنتخب باحترافهم؟ وما هي رسالتك لهم؟
- نعم أفادوا المنتخب، لكن بشكل بسيط، لأن الاحتراف الذي يعيشونه أو الدول التي يلعبون بها هي دوريات عادية جداً ولا تلبي الطموح، فقط اليوم اللاعب يفكر كيف يحصل على المال، ولا يفكر مع من يحترف ومع أي من الفرق أو الدوريات القوية يلعب. اليوم يا صديقي كان يتوجب على اللاعب أن يفكر في الاحتراف بدوريات قوية ومعروفة حتى ولو بقدر بسيط من المال، لأن المال يأتي بعد أن تقدم مستوى. ونصيحتي لهم يجب عليهم أن يهتموا بأنفسهم لأنهم أصبحوا ملك البلد وليسوا ملك أنفسهم فقط، هم ثروة رياضية وطنية وكلنا معولون عليهم.

درجال ذو خبرة وقدرة
 مسار الكرة العراقية إلى أين يتجه؟ وهل بإمكان الوزير عدنان درجال انتشال الكرة العراقية مما هي فيه؟
- فرحنا اليوم باستلام الكابتن عدنان درجال لحقيبة وزارة الشباب، وأكيد هذا نصر للرياضيين، لأنه أتى شخص يفهم ما ينقص الرياضة بالعراق، عدنان عنده فكر رياضي وهو إنسان صاحب خبرة في هذا المجال، إذا كان فنياً أو إدارياً. عموماً درجال قادر إن شاء الله وبمساعدة جميع الرياضيين على تطوير الكرة العراقية إلى الأفضل ومن ربك التوفيق.
 برأيك من سيكون رئيس الاتحاد العراقي؟ وهل سنشاهد أبناء اللعبة أمثالك وأمثال يونس محمود وأحمد راضي على رأس الاتحاد؟
- والله صعب التكهن بمن سيكون رئيس الاتحاد من هذه اللحظة، كون كل الأسماء محترمة وقوية ومعروفة في الوسط الرياضي ومرغوبة من الشارع الرياضي. بالنسبة لي ما عندي أي مشكلة، فمن سيفوز هو فخر للرياضة وللرياضيين سواء كان أحمد أو يونس، وهذا ما أتمناه طبعاً.

وضع المنتخب غير مطمئن
 كيف تقيم مشاركة منتخب العراق في التصفيات المزدوجة؟ وهل سيتأهل أسُود الرافدين لنهائيات كاس العالم؟
- البداية جيدة في التصفيات، لكن الوضع غير مطمئن بالنسبة لمنتخبنا بسبب الدوري الضعيف بالفترة الأخيرة ونزول مستويات اللاعبين خلال هذه الفترة بسبب الجائحة (كورونا)، ممكن بالتصفيات الأولى نترشح لكن بالثانية ستكون جداً صعبة وبالتوفيق للأسُود. 
 المنتخب العراقي قوي جداً ولا خلاف في ذلك، ولكن متى سنشاهده يعتلي منصات التتويج؟
- المنتخب العراقي قوي ودائما يحسب له ألف حساب في كل البطولات الآسيوية والعربية، لكن أحيانا الضرورة تلعب دوراً مهماً ولن يعتلي منصات التتويج إلا بعد أن يكون هناك تخطيط جيد ويكون هناك استقرار على مدرب جيد وذي شخصية قوية ويمنع التدخل في عمله، أيضاً يجب أن يكون هناك دوري قوي، هذا ما نفتقد له، والاستقرار مهم في أي رياضة. 
 برأيك هل العراق يعاني من غياب الفكر الكروي؟ ولماذا كل هذا التخبط والعشوائية داخل الكرة العراقية؟
- الفكر الكروي موجود وعندنا من الكوادر الجيدة الكثير، لكن هذه الكوادر أزيحت عن مكانها المهم وسيطرت ثلة ممن لا يعلمون ذرة واحدة من الفكر الرياضي فاستغلوا غياب الكفاءات ووجود الفراغ في الساحة وأبعدوا كل الأسماء المهمة في الرياضة العراقية، ولكن تؤمل خيراً في الإدارة الجديدة. 

أعطيتها أكثر مما أعطتني
 ماذا أعطتك كرة القدم؟ وما الذي أخذته منك؟
- كرة القدم أخذت كل حياتي صراحة فكل وقتي أخلصته في كرة القدم، لكن هل لبت كل طموحاتي؟ سأقول لك لا، فقد أعطيتها أكثر مما أعطتني.
 هل سبق أن لعبت ضد المنتخب اليمني خلال مسيرتك مع المنتخب العراقي؟
- لم يحصل لي شرف اللعب ضد المنتخب اليمني، ففي الوقت الذي لعب فيه منتخبنا أمام المنتخب اليمني في تصفيات كاس العالم في عمان كنت مصاباً ولم أنل ذلك الشرف.

غير مقتنعين كمجموعة
 هل تابعت مباريات للمنتخب اليمني في الفترة الأخيرة؟ وما هي نصيحتك لإخوانك اليمنيين؟
- نعم شاهدت الفرق والمنتخبات اليمنية، وهي جيدة لكن تحتاج إلى عمل كثير، هناك عناصر بالمنتخب اليمني ممتازة مثل الصاصي والسروري والمطري وقراوي، هؤلاء بالفترة الأخيرة نشاهد مستوياتهم ثابتة وجيدة جداً وبصراحة يوجد لاعبون ممتازون كأفراد بالمنتخب اليمني، لكن كمجموعة هم غير مقنعين أحياناً، ينقصهم الاحتراف والتخطيط لدوري قوي يساهم في تخريج المواهب الجيدة التي ستكون لمصلحة الكرة اليمنية مستقبلاً.
 كابتن حبيب ما الذي تود قوله في ختام اللقاء؟
- أوجه كلمة شكر لكم وإلى جميع متابعي جريدتكم الموقرة وإلى كل إخواني في اليمن الشقيق وتحياتي لك أخي هيثم وبالتوفيق لك ولجريدتك.


حبيب جعفر عكاك الربيعي
- مواليد: 1966- بغداد.
- متزوج وله 6 أولاد.
- مدرب بالدوري المحلي (العراقي).