مروان أنعم - غازي المفلحي / لا ميديا -

مربع «صدر الشمس»، قد تعتقد أن هذا الاسم لمربع سكني خاص بأعلى طبقة اقتصادية (الأثرياء) في العاصمة صنعاء نظراً لما يوحي به الاسم، لكنه في الحقيقة اسم مربع سكني خاص بواحدة من الفئات اليمنية التي صُنّفت ووُضِعت آخر سُلَّم الطبقات الاجتماعية والاقتصادية حيث العيش أشد ظلمة وقساوة، وهي فئة المحرومين (أحفاد بلال). وصدر الشمس ما هو إلا «محوى» كما يعرفه ويسميه اليمنيون، تعيش فيه عشرات الأسر في بيوت من الخيام والخرق و»الطرابيل»، مع كم هائل من الحرمان والنقص والمرض والجهل، كغيره من المحاوي المنتشرة والمتكاثرة في اليمن منذ عقود، والتي تحوي عوالم لم يتعرف عليها المجتمع أو يندمج معها، ولم تتدخل الدولة لتحويل أو إنهاء مساراتها المأساوية.

عالم الرفض والاستسلام 
كأن هؤلاء المحرومين يحيون في بعدٍ وعالم آخر، عالم «المحاوي» والخيام والعشش والصفيح، وما به من جوع وخوف وموت وأوبئة ومرض ورقص وغناء وحزن ويأس، في مزيج بين الرفض والاستسلام، عالم لا حضور له أو أثر أو حق خارج تلك المحاوي، واسمه هو أفضل شرح تعبيري عنه: «المحرومون».
بالنسبة للمجتمع اليمني فهذا العالم الذي يتكون أفراده من ذات الأفراد اليمنيين من مختلف المحافظات، غريب كل الغرابة لدرجة أن نسجت حوله الكثير من الخرافات.
وهي غرابة تبدأ بطريقة حياة هذا المجتمع وثقافته التي نشأت نتيجة العزلة، وتنتهي أحيانا بغرابة أسماء ساكنيه في بعض المناطق الضاربة أكثر في الانغلاق: كـ»شمّاس، علّوس، الدغلو، ربّاش، الحرتوش، المسفوح، والعرطوط»، وما كان لهذا البعد ولهذه الغرابة أن تنشأ لولا إغلاق الأبواب على هذه الفئة ووقوف الدولة عاجزة عن دمجها بشكل حقيقي في المجتمع طيلة عقود، فعلى الرغم من عيشهم في مساكن بلا جدران في الغالب، إلَّا أنهم مطوقون بالكامل بجدار كبير منغلقين عن بقية المجتمعات، يدورون في حلقة مفرغة بسلوك ومظاهر متكررة، كثير منها للأسف سلبي، حبستهم في مستوى وعي مؤسف في تواضعه، وفي مستوى اقتصادي واجتماعي وتعليمي مؤسف أكثر.

لا موقع
البعض يصنف فئة المحرومين بأنهم أسفل التراتبية الاجتماعية اليمنية، والبعض يرى أنهم لا ينتمون لأي سلم اجتماعي بالأساس، فليسوا ضمن الحياة الاجتماعية العامة والتعليمية والتجارية والاقتصادية والسياسية والثقافية الدائرة في البلد إلا بشكل نادر جدا وبحالات فردية معدودة. 
يتواجدون بشكل أقل في المناطق الريفية القبلية، وبشكل أكبر في محيط المدن وبشكل خاص المناطق الساحلية، ويقيمون منازلهم على أراضي الدولة أو جوانب الشوارع الكبيرة والسوائل أو على أراضي المواطنين في الأماكن الأقل نهضة عمرانية، وهذا ما يجعلهم في حالة عدم استقرار وصراع معرضين لتهجيرهم وتدمير منازلهم من قبل من يملكون تلك الأراضي.
يقوم الرجال الكبار منهم بأعمال النظافة وخياطة الأحذية وقيادة الدراجات النارية، والعزف بالمزمار والدف والرقص والتسلية، وإصلاح المجاري، وفي بعض الأحيان أعمال الحمالة، وفي النادر في أعمال البناء والزراعة، وليس منهم من يعمل في وظائف حكومية غير النظافة، في الوزارات أو المرافق أو المؤسسات مثلا، فأغلبهم لا يكمل تعليمه الابتدائي، ومن يكمله في النادر ويستمر بمعجزة حتى يصل للجامعة ويتخرج يكون الرفض له بالمرصاد ونيل الوظيفة حلماً مستحيلاً ضعفين بالنسبة لهم بالمقارنة ببقية الناس.
علي عبدالله صالح كليب الزبيدي، مثال قاسٍ على ذلك، وهو الذي يعد حالة نادرة ونموذج مشرق لهذه الفئة، إذ أكمل تعليمه الجامعي في كلية الشريعة والقانون، لكنه لم يجد له مكاناً، ورفضته إقطاعيات الحرمان الحكومية والخاصة. وهناك 25 من فئة المحرومين من خريجي الجامعات في العاصمة صنعاء، لكنهم وعلى قلتهم المحبطة بالنسبة لـ4 ملايين والسهلة بالنسبة للدولة والمجتمع لاستيعابهم، لم يجدوا عملاً، ولم ينتشلهم التعليم من واقع التهميش، ليكونوا قدوة يحتذي بها من بعدهم من المحرومين.

تاريخان ومشكلتان
قبل الحديث عن بداية ظهور فئة المحرومين -وهم سود البشرة في الغالب- في اليمن، يجب أولا معرفة هل في اليمن نظرة عنصرية لذوي البشرة السوداء؟
في اليمن لا نستطيع أن نقول إن هناك عنصرية ضد السود، لكن هناك عنصرية ضد أفراد هذه الفئة الذين هم في الغالب سود.
إذن، فالمشكلة ليست في لون البشرة، فيمكن ليمني أسود أن يصبح رئيساً لليمن غداً، والناس في اليمن لا يرون اللون عيباً أو نقصاً، بل الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسلوك الشخصي والمجتمعي غير المقبول بالنسبة للناس، هو ما يرسل الناس إلى التهميش، وليس لونهم.
وهنا يتضح أن هناك تاريخاً مستقلاً لهذه الفئة كما نعرفهم اليوم في المحاوي، وهو حديث والأصعب في المعالجة، وتاريخاً آخر للنظرة الدونية لذوي البشرة السوداء من هؤلاء المحرومين اليمنيين، وهذا هو الأقدم والذي يكاد اليمنيون يتجاوزونه.
فكثير منهم في العاصمة مثلاً يقيمون في المحاوي منذ عقدين، وقد كان وراء رحيلهم من مناطقهم أسباب كثيرة، أهمها الفقر والحروب، وهم من مختلف المحافظات كإب وتعز والحديدة، وليسوا بالضرورة من ذوي البشرة شديدة السواد أو بالملامح الأفريقية. ويمكن أن يظهر مجتمع لهذه الفئة خلال شهر في أية حارة، ويتكون من النازحين والفقراء والمشردين بغض النظر عن لونهم.
أما التاريخ القديم لظهور وصف «الأخدام» الذي يطلق مع الأسف على فئة المحرومين (أحفاد بلال)، فأقوى النظريات تقول إنه ظهر كوصف لسلالة الأسرى الأحباش الذين أسرهم سيف بن ذي يزن سنة 558م، والنظريات الأخرى تقول إنه ظهر بعد القرن التاسع عقب سقوط الدولة النجاحية على يد علي بن مهدي الذي وحد العرب اليمنيين ضد المحتلين الإثيوبيين، وخلال هذه الفترة ظهر هؤلاء المحرومون كفئة اجتماعية في المجتمع اليمني تشكلت من بقايا المحتلين الأحباش، فأصبحوا لذلك شبه عبيد يقومون بالأعمال التي كان المجتمع آنذاك ينظر إليها بأنها أعمال محتقرة. 
وهناك فرضيات أخرى تقول إنهم من بقايا تجارة العبيد ونتيجة هجرات الأفارقة إلى اليمن.
ويتضح أن المشكلة مع فئة المحرومين والنظرة الدونية لهم من المجتمع والدولة حتى، ليست بسبب اللون أو العرق، وفي اليمن سلالات من أعراق كثيرة، لكنها في جوهرها لها علاقة بوضعهم الاقتصادي ونمط حياتهم الذي حبسهم هذا الوضع فيه سنين طويلة وسط التخلف والجهل والمرض، كما أن تدني النظافة والمسؤولية الوعي لديهم، جعل الناس ينفرون منهم. 
يقول عبدالله محمد شبيطة: لدينا في الحي صديق من فئة المحرومين اسمه عبدالرحمن، ولا يشعر أحد منه بأي نفور، ولا أجد أحداً يرى لونه مشكلة، وقد بدأ عبدالرحمن كمنظف مع والده وأخيه في العمارة التي نسكنها، ثم أعجب بأمانته وأخلاقه صاحب العمارة، فطلب منه أن يعمل في البقالة، ومن هنا بدأت صداقتنا، وقد كان مكافحاً يعمل في البقالة ويذهب لينظف بعض المحلات التجارية أوقات فراغه خلال الأسبوع، بعدها أعجب بأدبه وعمله صاحب واحد من أكبر محلات المضخات والأدوات الزراعية في صنعاء، فطلب منه أن يعمل لديه. وهذا عمله الحالي الذي استقر فيه، ونراه اليوم يتولى كثيراً من الأعمال التي تناسب قدراته هناك، وهو صديق لزملائه العمال، وكلما التقينا به نجلس ونضحك ونسأل عن أخباره. يضيف عبدالله مازحاً: لم نستطع أن نحصل نحن على عمل عند محل المضخات الزراعية بالرغم من أنه جارنا وهو يعطي رواتب ممتازة.

صدر الشمس
نعود إلى «صدر الشمس»، وهو «محوى» يقع على ضفة السائلة في منطقة الحصبة، وبمجرد أن تصل لتسأل فيه حتى يعتقد سكانه أنك قادم ربما من منظمة أو جهة حكومية، فيطلبون النجدة ويشكون حالهم الذي لا يحتاج للكثير من الكلام، فهو واضح، ففي المحوى أكثر من 160 أسرة تتكون أقل أسرة فيهم من 7 أفراد، يعيشون في أكواخ الطرابيل والخرق والأخشاب والجدران التي تريد أن تنقض. وسط المحوى شارع رئيسي، وهو زقاق لا يستطيع اثنان أن يمشيا فيه جنباً إلى جنب، ويتفرع كثيراً حتى تتوه وأنت بين المساكن المتشابهة. المكان عموماً يتسم بتدني النظافة والتي يصعب الحفاظ عليها حقيقة هناك.
زرنا المحوى عقب يوم ماطر، وقد كان الوضع مؤسفاً، وقد دخل المطر إلى أغلب البيوت، وجعل المكان والبيوت وأثاثها مبتلة وذات رائحة ومعرضة لأوبئة خطيرة. تبدو بيوت المحوى غريبة وخرائب من الخارج، لكنك عندما تدخلها تجد محاولات طبيعية للعيش، تجد البطانيات والأفرشة وأدوات الطبخ والملابس، وأحيانا تجد تلفازاً. والبيت في المحوى عبارة عن غرفة وحمام ومطبخ في مكان واحد.
وبالسؤال لماذا أقيم المحوى في ذلك المكان؟ قال لنا ناصر أحمد محمد عرمة، أحد سكان المحوى وأحد أبناء مديرية القفر بمحافظة إب: «ليكون التصريف الصحي إلى السائلة مباشرة».

ثقب في الجدار
أما المياه فبجوار المحوى 3 خزانات متوسطة الحجم من التي تجدها على سطح أحد المنازل العادية، لكنها مصدر المحوى الوحيد من الماء، وقد تبرع بها فاعلو خير، ويأتي فاعلو خير آخرون من أصحاب الوايتات ويملؤونها، حسب ناصر الذي يقول «يوم نشرب ويوم لا».
ويعانون حاليا من نقص البطانيات والأفرشة والطرابيل التي تمنع دخول ماء المطر، ولا يعانون فقط من نقص ما يأكلون، ولكن ليس لهم حصة من الغاز المنزلي أساسا ليطبخوا الطعام إن وجد.
20 عاماً من العزلة يعيشها هذا المحوى وسكانه، ويقولون إنهم لم يروا خلالها أية مساعدات تغير حالهم سواء من الدولة أو المنظمات، وأن ما تلقوه خلال السنوات الأخيرة من مساعدات أكثر مما وصل طوال الفترة السابقة قبل العدوان وما قبل، وهي دقيق ومساعدات مالية من المنظمات في بعض الفترات. 
يضيف ناصر: أما الغاز فنحن محرومون منه منذ بداية العدوان، وقد بدأت إجراءات قبول إعطائنا حصة قبل أيام فقط، بعد توجيهات السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ومن قبل تم رفض طلب تسليمنا الغاز، وقد طلب منا مدير مديرية الثورة أن نرحل من هنا، فقلنا له إلى أين؟ قال «دبروا أنفسكم».
أما المدارس الحكومية فقد رفضتهم أيضاً في كثير من الأحيان، ولم يتم قبولهم إلا بعد أوامر من وزير التربية والتعليم يحيى بدر الدين الحوثي، هذا العام، وهي أوامر وإجراءات كثيرة يجاهد ماجد محمد عبدالله الريمي، لاستخراجها وتنفيذها. وماجد شيخ مشائخ فئة المحرومين (أحفاد بلال) الذي تم اختياره من قبل جميع أبناء هذه الفئة في الجمهورية، حسب ما قاله البعض منهم، وهو يقود مهمة النضال لأجل هذه الفئة واستخراج حقوقها وتغيير واقعها.
إنهم متفائلون بقبولهم مجاهدين ضمن الجيش واللجان، وهذا ما لم يكن متاحاً لهم من قبل في أنظمة سابقة، وقالوا لنا إن من المحوى 30 مجاهداً.
أما مصادر دخلهم في المحوى فهي من العمل في النظافة كمكنسين لدى صندوق النظافة، وهم غير مثبتين، بل متعاقدون يحصلون على أجر يومي لا يزيد عن 1700 ريال، ومن التسول أيضاً.
من الومضات الإيجابية أن المستشفيات الحكومية تقوم بإجراء عمليات لهم، وكذلك مركز الأمل للأورام تكفل بعمليات للبعض منهم.
وبالنسبة للتعامل معهم في المستشفيات فليس هناك أية مشكلة في استقبالهم مثلهم مثل سائر المرضى، كما أوضح القاطنون في محوى صدر الشمس.
أما الاستغلال فهم أيضاً محطة من محطاته وأهدافه، يقول فهد حسين فارع، أحد سكان المحوى: تأتي جهات كثيرة ومنظمات، وتطلب رؤية جميع المرضى في المحوى وتصورهم وتسجل معاناتهم وما يحتاجون، ثم لا يأتي منها أية مساعدة، حتى إننا مقصيون من الزكاة، وقد طالبنا بمساعدات من الزكاة، فكان الرد علينا أننا فئة لا تستحق، وأن لدينا أكثر من غيرنا، وقد وعدنا أن نستلم في رمضان الماضي، لكن لم يعطونا شيئاً.

العادات السلبية 
نمط الحياة السلبي المكرس في حياة هذه الفئة من المحرومين من أحفاد بلال ولد لديهم سلوكا سلبيا وتصورات خاطئة يحتاجون للتحرر منها بشكل عاجل وتدريجي، فهم زمنياً «سكان اليوم» إن صح التعبير، ما يهمهم هو كيف يمضون اليوم بلا أية خطط للمستقبل، فاليوم الذي يمر عادياً بالنسبة لبقية الناس، يكون عند هؤلاء تحدياً لتوفير الماء والأكل، وكثيراً من الأحيان العلاج، ثم التأكد من أن الخيام أو بيوتهم الهشة من الحجارة والطرابيل والإطارات لن تسقط على رؤوسهم وهم نائمون، وجدير بالذكر أن «اليوم» قد أصبح تحدياً عند أغلب اليمنيين حالياً، لكن أبناء هذه الفئة هم الحلقة الأضعف بين كل المستضعفين والأقل وعياً وهمة وحيلة في التعامل مع ذلك.
ومكانياً هم ضمن صناديق سكانية مُغلقة في نظام العيش والوعي والسلوك صنعتها الحكومات السابقة في كثير من الأحيان، وسواء كانت مساكنهم في وسط المدينة أو على أطرافها فهم معزولون تماما عن العالم المحيط بهم، الذي لا يعرف كيف يعيشون، وبدورهم لا يهتمون بما يعايشونه. ولا إنتاج لهم ولا تقدم في صندوقهم ولا في ساحة المجتمع، وللأسف هم متأخرون سلوكيا بما لم يخدمهم بالدرجة الأولى.
ومن بعض العادات السيئة التي استوطنها هؤلاء واستعمرتهم، قلة المسؤولية والكسل عن الكفاح، قصور في الوعي الديني وانعدام الوعي الثقافي والسياسي، عدم الاهتمام بالتعليم والخضوع للجهل، عدم الاهتمام بالحصول على المستندات الحكومية الرسمية كعقود الزواج والبطائق الشخصية والعائلية، عدم تنظيم النسل وإنجاب عدد كبير من الأطفال، مزاولة أعمال محددة تتعلق أغلبها بالنظافة وعدم العمل في كثير من الأعمال الأخرى التي لا تحتاج سوى جهد بدني، وامتهان التسول.

أزمة وعي صعبة
عندما يشكون وضعهم يظهر أنهم يعتقدون أن قدرهم أن يكونوا عالة وتحت رعاية الدولة أو المنظمات أو فاعلي الخير، دون أن يكون لهم يد وجهد في إعالة وصناعة أنفسهم أو توفير قوتهم والكفاح في الحياة الصعبة عموما، فقد اشتكوا أنهم يشترون بعض الأدوية والطعام والدقيق بمالهم الخاص، ولم يحصلوا عليه مجانا! وهذا ينطبق على الملابس والأفرشة والكهرباء التي يحصلون عليها! وهو ما يظهر قلة وعيهم وقصور نظرتهم لحياة بقية إخوانهم في المجتمع اليمني الذي يعاني ويكافح لتوفير كل لقمة وكل كبسولة علاج ولو كانت بـ100 ريال.
ومع الأسف تتوسع الهوة بينهم وبين الصبر والكفاح والعمل المنظم الذي قد يساعدهم أكثر فأكثر في ظل الحلول السطحية، فقد أوقفوا جمعية صغيرة داخل المحوى كانت كالنقابة تعنى بمساعدتهم وتسهيل عيشهم في حدود بسيطة، مع أنه لم يكن على كل أسرة غير أن تدفع 200 ريال في الشهر فقط، وقد أوقفت بحجة أن المبلغ صعب، وهذا بديهيا غير صحيح.
كما أن هناك إهمالاً شديداً لتعليم الأطفال، وأطفال المحرومين يتركون المدرسة من الصف الثاني أو الثالث، مع أن التعليم الحكومي ليس مكلفا بالشكل الذي قد يجبرهم على تركه.

ما الخطة؟
الأخبار المعقدة والمحبطة أن عدد أفراد هذه الفئة من المحرومين في عموم الجمهورية يقدر بـ4 ملايين من أصل 28 مليون مواطن يمني، حسب إحصائيات قديمة، قد زاد من حينها تعداد السكان بشكل أكبر، وحسب معلومات الشيخ ماجد الريمي، فهم ينتشرون في مئات المحاوي، حول الجمهورية، ففي العاصمة صنعاء فقط، 25 محوى، ونسبتهم تقارب 12% من السكان في اليمن.
والحلول المبشرة التي قال هؤلاء إنهم بدأوا يلمسونها ويلمسون جدية في محاولة مساعدتهم، مازالت حلولاً ومسكنات موضعية، ولن تجتث المشكلة.
إلا أن هذه المشكلة التي تواجههم ليست بذلك العمق، وكسرها ليس بتلك الصعوبة، فهي مشكلة وواقع وسلوك ظهر لأن أحدا لم يغيره أو يعدل مساره، وببعض العمل المتكاتف المبني على خطط اجتماعية واقتصادية تشخص وتعالج جوهر المشكلة من قبل الدولة والمجتمع والكفاح من فئة المحرومين أنفسهم، يمكن فتح باب أو نافذة لهم وعليهم، وجوهر مشكلتهم تتمحور في الحالة الاقتصادية وإهمال جانب التعليم والوعي بشكل تام تقريبا، وأنهم وجدوا أنفسهم وحيدين لا أحد يوجههم أو يعينهم، وبالنسبة للحلول الجذرية والخطط الشاملة المبنية على دراسات ومعلومات وتشخيصات سليمة للمشكلة، فسنتناولها في تقرير لاحق يوضحها فيه المختصون واللجنة المكلفة من المجلس السياسي بإدماج هذه الفئة في المجتمع.