شكر سيد الثورة ودعا السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ إلى ترجمة توجيهاته على أرض الواقع

حاوره شايف العين / لا ميديا -
على الرغم من أن المصنفين تحتها هم من أبناء المجتمع اليمني، إلا أن العنصرية الممارسة تجاههم بسبب لون لم يختاروه لبشرتهم، والمعاناة المتراكمة على كاهلهم طوال عقود بفعل تلك النظرة الظالمة المتجردة من الإنسانية، وتداعيات كثيرة أبرزها متعلقة بوضعهم المادي، ساندتها إجراءات قامت بها الأنظمة السابقة لم تحل المشكلة، بل زادتها وعملت على تأصيلها، جميعها أسباب أرغمتهم على الانعزال عن المجتمع في شريحة معينة (المحرومون)، ليس لشيء سوى أن لونها أسود. 
ولعل هذه الشريحة أو الفئة هي الأشد سحقا بين أبناء الشعب، وبالتالي ظلت منتظرة كالبقية لمن يخلصها من تلك القيود التي فرضت عليها دون إرادتها، فجاء ذلك الخلاص من أعالي جبال مران ليتوج في 21 أيلول 2014 بثورة شعبية يقودها أنصار الله، رأى فيها «المحرومون» خلاصهم الذي طال انتظاره.
وعندما بدأ تحالف العدوان الأمريكي السعودي عدوانه على الوطن في 26 مارس 2015، انخرط المئات منهم في صفوف الجيش واللجان الشعبية للذود عن الأرض والعرض، مضحين في سبيل ذلك بأرواحهم ودمائهم، غير أن الذهنية السائدة تجاههم لم تتغير، فظلت النظرة الدونية لهم قائمة، الأمر الذي استدعى تدخل القيادة الثورية وإصدارها توجيهات لم يسبق أن وجه بها أي من حكام أنظمة الوصاية البائدة.
حيث دعا سيد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الجهات الرسمية إلى إطلاق برنامج وطني طويل الأمد للعناية بـ«أحفاد بلال»، وهو المسمى الذي أطلقه عليهم، ودمجهم في المجتمع بالمستوى اللائق، إذ أكد أن «أحفاد بلال» يمثلون شريحة مهمة، والكثير منهم يعيشون وضعية صعبة وبائسة، وهم من خيرة أبناء البلد ممن قدموا التضحيات وتصدوا للعدوان. مشددا على وجوب أن يكون المعيار في وطننا «أن خير الناس هو أنفع الناس للناس، ومن يرى لنفسه اعتباراً فبما يقدمه من خدمة للبلد» للحفاظ على النسيج الاجتماعي والأخوة ووحدة الموقف.
وكي نقدم صورة كاملة عن معاناتهم في مختلف المجالات، وجذور المشكلة ومقاربة حلها من منظورهم، اجرت صحيفة «لا» حوارا صحفيا مع شيخ مشائخ «المحرومين» (أحفاد بلال) الشيخ ماجد محمد عبدالله الريمي، إليكم نصّه.


عقود طويلة من الاستضعاف
 بداية حدثنا عن جذور معاناة فئة «المحرومين»؟
عاش «المحرومون» (أحفاد بلال) على مدى عقود طويلة مستضعفين ليس لهم معظم الحقوق التي ينالها بقية المواطنين في مختلف المجالات، وإن نالوها فإنها تقتصر على عدد ضئيل جدا منهم.

لا يدخل أبناؤنا المدارس إلا بتوجيهات وزارية
 فلنبدأ الحديث عن مجال التعليم الذي يرى البعض أنه ضمن أهم أسباب المشكلة، هل يوجد عدل في حق التعليم بمعنى هل يمنحون حقهم في التعليم؟
في السابق لم تكن المدارس الحكومية تقبل أبناءنا للدراسة فيها إلا نادرا، ومن يتم قبولهم فبتوجيهات من وزير التربية ولفترة وجيزة، بعدها تقوم إدارة المدرسة بطردهم، والبعض لا يستطيعون إكمال الدراسة بفعل ظروفهم المادية القاهرة.
 ما هو السبب؟
السبب في عدم قبول المدارس لهم وطرد من يتم قبولهم هو لون بشرتهم السوداء، ويتعرض معظم أبنائنا لهذا وهم لايزالون في المرحلة الابتدائية، خصوصا في العاصمة صنعاء ومدن المحافظات، ويقل هذا في الأرياف، لأن المنخرطين في المدارس يكون عددهم قليلاً، أما في المدن فكثير جدا من يلتحقون بالتعليم، وبالتالي يتم تفضيل ذوي البشرة البيضاء على أبنائنا، وتمنحهم المدارس أحقية في الالتحاق بها.

تغير الوضع هذا العام
 لماذا قلت إن هذا كان يحدث في السابق؟ ما الذي تغير الآن؟
منذ بداية العام الدراسي الحالي استطاع أبناؤنا الالتحاق بالمدارس الحكومية ليحصلوا على حقهم في التعليم، وهذا لم يحدث إلا بعد توجيهات من وزير التربية الحالي للمدارس الحكومية بقبول أبنائنا وإعفائهم من كافة الرسوم سواء الدراسية أو المحلية لمجلس الآباء وغيرها.
وكي أصدقكم القول هناك بعض المدارس لم تعمل بتوجيهات الوزير، وتلزمنا بدفع الرسوم كافة، والأسوأ أن هناك مدارس رفضت التوجيهات جملة وتفصيلا، ولازالت تتعامل بعنصرية تجاهنا وترفض قبول أبنائنا، كما أنهم يرفضون كتابة رفضهم خطيا كي لا يواجهوا الإجراءات العقابية لعدم التزامهم بالتوجيهات.

لا يوجد عزل.. إما قبول أو رفض
 هل هناك مدارس تقوم بعزل أبناء «أحفاد بلال» في صفوف عن بقية الطلاب؟
لا.. المدارس الحكومية هي إما أن تقبلهم أو ترفضهم، وليس هناك عزل لهم. لكن أحياناً يقوم بعض المدرسين بإخراج الطلاب من «المحرومين» بشكل متعمد من الدرس، ويكلفونهم بأعمال تنظيف في المدرسة.
 كم نسبة الذين يجيدون القراءة والكتابة من المهمشين؟
نسبة كبيرة، حيث إن معظمهم درس إلى الصف السادس.
 لماذا يترك «المحرومون» المدارس مبكرا ولايزالون في الصف الثالث أو الرابع الابتدائي؟

هذا كله بسبب عدم قدرة معيل الأسرة على تحمل نفقات تعليم أولاده، خصوصاً وأن كثيراً من الآباء لديه بين 3 و5 أبناء على الأقل في سن الدراسة، وبعض الآباء للأسف يتكاسلون فيجعلون أولادهم يتركون المدرسة ويرسلونهم للعمل أو التسول.

سلتان غذائيتان شهريا لمن يدفع بابنه للتعليم
 ماذا لو كان التعليم إلزامياً؟
ضمن اجتماعاتنا مع وزير التربية الأستاذ يحيى الحوثي تمت مناقشة مشكلة التعليم والتسول، فوضحنا له أنه يجب أن تكون هناك مساعدة لدفع أبناء «المحرومين» نحو الاستمرار في الدراسة، وأيضاً حلول لترك التسول، ومن ضمن الحلول التي طرحت أنه سيتم صرف سلة غذائية للطالب ولولي أمره كل شهر وسيسجل ضمن برنامج الغذاء العالمي، كما اتفقنا أن يتم توظيف من يملك مؤهلاً من «المحرومين»، وهذا الاتفاق مع السيد يحيى واللجنة المشكلة من المجلس السياسي والمعنية بحل قضايا «المحرومين» برئاسة علي البروي، الحقيقة أن هناك تفاعلاً مع توجيهات السيد، ونتمنى أن تكون بوتيرة أعلى وتصبح حقيقة ملموسة.

مقاعدنا في الجامعات الحكومية كان يتم بيعها
 هل تواجهون المشكلة ذاتها في التعليم الجامعي؟
لا، فلدينا مقاعد مخصصة لأبناء هذه الشريحة في مختلف الكليات التابعة للدولة، غير أنه كان يتم بيعها من قبل القائمين عليها سواء من أبناء الفئة نفسها أو في الكليات، وكون الكثير غير قادر على إكمال دراسته الثانوية.

25 خريجاً جامعياً في الأمانة بلا درجات وظيفية
 كم عدد من يملكون شهادات جامعية من شريحة «المحرومين»؟
ليس لدينا إحصائية دقيقة لعدد من لديهم شهادات جامعية في عموم محافظات الجمهورية، ولكن في العاصمة يوجد تقريبا 25 خريجاً جامعياً، وعددهم في كافة المحافظات لا يصل إلى 200 خريج.
 كم عدد الموظفين من الـ25 أو من جميع الخريجين في المؤسسات الحكومية؟
لم يحصل أي منهم على وظيفة، لأنه لا يوجد تكافؤ في فرص العمل، فأبناء هذه الفئة لا يحصلون على وظائف خصوصا في القطاع الحكومي إلا تلك المتعارف عليها، حتى الجامعيون شهادات تخرجهم وضعوها في ملفاتهم مرمية في منازلهم بسبب تهميشهم من قبل المعنيين منذ زمن طويل إلى الآن.
فأغلبهم يأتون إليَّ بملفاتهم لأبحث لهم عن وظائف حكومية وفقا لتخصصاتهم، وأقدم ملفاتهم إلى مسؤولي «الإنقاذ» و«السياسي الأعلى»، لكن لم يتم التجاوب معي، وعلى سبيل المثال هناك أحد الحقوقيين من أبناء الفئة حاصل على ليسانس شريعة وقانون، وبعد إكماله التدريب في مكتب محاماة وحصوله على شهادات إتمام الدورات، ذهب إلى نقابة المحامين ليحصل على بطاقة عضوية فيها، لكن القائمين عليها رفضوا منحه بطاقة الانتساب بسبب لون بشرته.

يعاملوننا في «النظافة» كمتعاقدين بلا حقوق
 طالما دار حديثنا الأخير حول تكافؤ فرص العمل، ماذا بشأن العاملين بشكل عام سواء في القطاع الحكومي أو الخاص؟
بالنسبة للقطاع الحكومي يوجد لدينا في العاصمة 6000 عامل وفي محافظة صنعاء 400، وجميعهم يعملون في قطاع النظافة بالأجر اليومي، أما المثبتون رسميا، فآخر مرة حصل أن تم فيها تثبيت رسمي للعاملين في هذا المجال من فئتنا كانت عام 1994، وكلهم أصبحوا الآن متقاعدين ويستلمون مرتباتهم كبقية موظفي الدولة، ومن بعدها لم يتم إجراء ترسيم فعلي للعاملين حاليا من «المحرومين»، حيث يتم إخبارهم أنهم مثبتون، لكن متى ما أرادت الإدارة فصلهم تفعل، والمشكلة أنهم «مبصمون» في الخدمة المدنية، لكنهم يعاملون معاملة المتعاقدين، وبالتالي يمكن أن تضيع حقوقهم ومصدر رزقهم بقرار واحد من المسؤول.
أما في القطاع الخاص فلا يوجد، ولكن معظمنا يعملون في مهن معينة كالتخريز (ترقيع الأحذية) والعمل بالدراجات النارية، وكذلك في حراج العمال كأعمال الحفر والبناء والكهرباء والرنج والسباكة وغيرها، أما من يملكون محال أو أراضي فتجدهم في الريف فهناك يعملون في الزراعة وبعضهم في أراضيهم الخاصة.

نساؤنا لديهن حرف ومهارات ولكن لا يستطعن شراء الأدوات
 هل يوجد في الفئة من لديهم حرف ومهارات خاصة يمكن أن توفر لهم مصدر دخل؟
نعم هناك الكثير من النساء متقنات حرفة الخياطة والتطريز، غير أن الظروف المعيشية تحول دون شرائهن الأدوات اللازمة كمكائن الخياطة، والبعض يعملن في معامل تتبع عدة مؤسسات خيرية.

أكثر من 3 ملايين نسمة ونحو 121 محوى في 8 محافظات فقط
 كم إجمالي المصنفين تحت فئة «المحرومين»؟ وكم يبلغ عدد ما تسمى المحاوي التي يعيشون فيها في العاصمة وبقية المحافظات؟
إجمالي فئة «المحرومين» في عموم الجمهورية يتجاوز 3 ملايين نسمة، أما بالنسبة للمحاوي فيوجد في أمانة العاصمة 11 محوى، وفي محافظة صنعاء 14 وتعز 31 وإب 15 وذمار 15 وصعدة 5 ورداع بالبيضاء 22 ودمت بالضالع 8، ولازالت عمليات الحصر جارية في بقية المحافظات، وهذه الإحصائية خاصة بالمحاوي في مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية فقط.


السكن في شقق بالإيجار مشروط
 لماذا لا يسكنون في بيوت أو شقق بالإيجار كمعظم المواطنين؟
بالنسبة لسكن الإيجار يوجد العديد من أسر «المحرومين» التي نزحت سواء من الحديدة أو تعز أو غيرهما من المحافظات، يسكنون داخل دكاكين بالإيجار، أما الشقق فنادرا، وذلك بسبب الشروط التعجيزية التي يفرضها عليهم المؤجرون.
 أخبرنا عن بعض تلك الشروط؟
من ضمن الشروط التي تدفع النازحين للعزوف عن استئجار شقق للسكن، عدم إدخال الأسرة أقاربها إلى الشقة، حيث إن المؤجر يشترط على النازح المستأجر من «المحرومين» عدم إدخال أحد إلى الشقة من أقربائه أو أصدقائه.
وأزيدكم على ذلك موقفاً حصل معي شخصيا، أتى إليَّ عاقل الحارة التي أسكن فيها في منطقة صرف يصيح ويأمرني بألا أدخل أحدا من أقاربي النازحين إلى منزلي الذي أملكه، وتشاجرت معه بسبب هذا الأمر، وقال لي «ممنوع الزحمة « تخيلوا وهو منزلي حقي، ليس إيجاراً أو نهباً، ولازلنا على هذا الحال حتى الآن في أكثر الأيام نتشاجر.
حتى إنه أثناء بنائي للبيت بعد شرائي للأرض كنت أبني جزءاً وأسافر ثم أعود لإكمال جزء آخر وأسافر، وذات مرة أتى يخبرني أنه كان سيجعل من منزلي مركزا لتحفيظ القرآن.

لا نواجه تمييزاً في القطاع الصحي 
 بالنسبة للجانب الصحي، هل تقدم المستشفيات خدماتها الصحية لـ»المحرومين» كغيرهم، أم أن هناك عوائق؟
عمال النظافة في العاصمة صنعاء يملكون تأميناً صحياً ويتعالجون في المستشفيات المتعاقد معها الصندوق، وبشكل عام كي أكون منصفا في طرحي تتعامل معنا المستشفيات بشكل طبيعي دون نظرة عنصرية، وأعتقد أن ذلك يعود إلى كونها تبيع الخدمات الصحية، وبالتالي فهي مستفيدة أيا كانت الفئة التي منها المريض.

نعاني ظلم أقسام الشرطة نادرا
 كيف يتم التعامل مع «المحرومين» في أقسام الشرطة والقضاء عندما تكون هناك مشاكل أو جرائم أو اشتباهات، هل هناك ظلم أو استضعاف لكم؟ 
ليس هناك ظلم أو استضعاف في الغالب، لكن في النادر يوجد، وقد تم سجن كم كبير من «المحرومين» قبل أيام في قسم شرطة السنينة بمديرية معين بتهمة الاشتباه بعد عملية سرقة أظهر فيديو كاميرات المراقبة أن اللص كان أبيض اللون، لكن حصلت عنصرية وتعسف واستخفاف بحقوق «المحرومين».

الكثير من المحاوي لا تحصل على حصة الغاز
 لا شك أن أبناء الشعب عانوا من أزمات شديدة بفعل العدوان والحصار، على سبيل المثال أزمة الغاز المنزلي، وتم حلها بحصص توزع أسبوعيا للمواطنين عن طريق عاقل الحارة، هل أنتم مشمولون أيضا في هذه الحصص أم لا؟
الكثير من المحاوي لا يحصل قاطنوها على الغاز.. فمحوى الحصبة كان يستلم حصة لكن مدير مديرية الثورة أوقفها واشترط أن يرحل الذين وضعوا خياماً وصنادق على السائلة ليعيد صرفها، يعني ترحل نصف الحارة ليتم الصرف للبقية، وقد رفضنا ذلك، فكيف نستلم الغاز على حساب طرد إخواننا؟ وأين سيذهبون لو خرجوا؟

يوجد تقبل نوعا ما من المجتمع
 ما مدى تقبل المجتمع لاختلاط «المحرومين» معه سواء في تبادل حضور المناسبات أو في المصاهرة وغيرها من العلاقات الاجتماعية؟
من واقع تجربتنا الكثير من أبناء المجتمع متقبلون اختلاطنا بهم، وهناك العديد متزوجون منا ونحن متزوجون منهم، كما أننا نحضر أعراسهم وعزاءهم ويبادلوننا نفس الشيء، وهذا بعد معاشرتهم لنا ومعرفتهم أننا نحمل نفس عادات وتقاليد وأعراف المجتمع اليمني، لأننا جزء أصيل منه، وهناك من يرون أنفسهم أعلى من فئة «المحرومين» وينفرون منهم وينظرون إليهم بنظرة دونية.


السكن أساس المعضلة وتوفيره منطلق الحل
 ما هو الحل لدمج فئة «المحرومين» في المجتمع بحيث تنتهي النظرة العنصرية تماما؟
نحن نرى أن إيجاد السكن هو الأساس الذي يمكن أن تبنى عليه حلول للمشكلة، لأن ضمان توفر السكن سيخفف من الفقر المدقع الذي تعيشه فئة «المحرومين».

لسنا موبوئين ليتم عزلنا عن المجتمع
 كيف يتم تسكينهم، فالكثير يرى أن إنشاء ما تسمى «محاوي» تؤويهم في منطقة معينة لا يحل المشكلة، بل يبقيهم في دائرة مغلقة ومعزولين عن بقية المجتمع؟
لا نريد أن يتم جمع كل «المحرومين» وتسكينهم في مكان واحد، بل توزيعهم في المدن والأحياء بشكل طبيعي ليتمكنوا من الاندماج في المجتمع، لا نريد أن يستمر هذا العزل.. نحن لسنا موبوئين ليتم عزلنا.

مواهب متميزة
 يشتهر «المحرومون» بمواهب رياضية وفنية دائما، فهل هناك نجوم في هذه المجالات حاليا؟
هناك مواهب كثيرة، وقد انضم بعض من «المحرومين» إلى المنتخب الوطني، منهم حسن إبراهيم الذي لعب في منتخب الناشئين، وهو لاعب نادي أهلي صنعاء، وأعتقد هو الآن مصاب ولم يتم علاجه، وهناك شاب آخر فاز بمسابقة غنائية في عمان. وفئة «المحرومين» كغيرهم لديهم كثير من المواهب المتميزة.

ندفن موتانا كبقية الناس لكن دون تضخيم
 من الأسئلة الفضولية القديمة للناس، أين يتم دفن موتى «المحرومين»، لأن الناس قالوا إنهم لا يرون جنائز لهم؟
ندفن موتانا في المقابر كسائر الناس، لكننا لا نخرج ونعلن عن وفاتهم و(نهلل) بهم في الشارع كما يفعل أغلب الناس، نحن نأخذ الميت بهدوء ودون تجمعات ونصلي عليه في الجامع ثم نذهب به للمقبرة، فإكرام الميت دفنه، ولا داعي لإخراجه في جنازة بها جمع غفير من الناس والسيارات، قليل من إخواننا يعرفون هذا، أما من لا يعلم فإن السبب يكمن في عدم التداخل الاجتماعي.

استهدفتنا مجازر العدوان
 مؤكد أن تحالف العدوان استهدف بغاراته مناطق تجمعات سكنية لـ»المحرومين»، كم عدد المناطق أو المحاوي المستهدفة وعدد الشهداء والجرحى؟
نعم حصلت مجازر عدة، منها في سعوان وهي معروفة، وأيضا في حجة، ولازلنا بصدد جمع معلومات للخروج بإحصائية دقيقة وكاملة عن هذا.

لدينا جمعيتان لا نعرف عنهما شيئاً
 هل لديكم جمعيات أو منظمات أو هيئات خاصة بكم تتحدث عن مطالبكم وهمومكم مع المسؤولين وتعمل على حل مشاكلكم أو تخفيف معاناتكم؟
نعم لدينا جمعيتان خاصتان بنا، ولكننا لا نعرف عن عملهما شيئاً أو حتى إذا ما قدمت لنا معونات أو أشكالاً من الدعم من المنظمات أو من التجار وغيرهم، لأن كلتيهما لا تملكان مكاتب أو مقرات رسمية بهما، وبالتالي لا نعرف شيئاً عنهما.

اليونيسف قطعت مساعداتها عنا قبل 4 سنوات
 ما الذي تقدمه لكم المنظمات المسماة بالإنسانية؟
ليس هناك خدمات من المنظمات المحلية حقيقة، فهم يأتون ويجمعون من 1000 ومن 500 ويصدرون بطائق ثم لا يحصل شيء ولا تأتي منهم مساعدة، أما المنظمات الخارجية فلديها أعمال ملموسة، فمثلا منظمة اليونيسف كانت قبل حوالي 4 سنوات تصرف 100 دولار شهريا لكل أسرة، لكنها توقفت، وهناك منظمات تتكفل بدفع تكاليف قطع شهادات الميلاد والبطائق الشخصية لـ»المحرومين».

 لماذا انقطعت الـ100 دولار؟
حقيقة لا أعلم، انقطعت فجأة ووعدونا ببرنامج أقوى ومساعدة أكبر، لكن لم يأت شيء حتى الآن.


التجاوب لايزال غير المأمول
 بخصوص توجيهات سيد الثورة للحكومة والسياسي الأعلى بدمج هذه الفئة في المجتمع. لاسيما أنها كانت من الفئات المستضعفة التي استهدفت ثورة 21 أيلول 2014 إنصافها، هل هناك تجاوب من المعنيين في الإنقاذ والمجلس السياسي لاستنهاض هذه الشريحة؟
نعم يوجد تجاوب، فقد اجتمعنا قبل أيام مع لجنة شكلها الرئيس مهدي المشاط، وناقشوا معنا معاناة فئة «المحرومين»، وطرحنا عليهم الحلول من وجهة نظرنا كوننا من يعاني من المشكلة ونحن موضع المعالجة.
كما ناقشنا مع اللجنة حقوق وواجبات «المحرومين»، فالثانية نحن و بها ونؤدي كل ما علينا من واجبات تجاه الوطن، أما الأولى فلم نحصل عليها حتى الآن. ومن ضمن ما اتفقنا عليه هو إنشاء مقرات خاصة في كل محوى وحارة يعيش فيها «المحرومون»، تعنى بتنظيم عمل النفير إلى الجبهات ومتابعة حقوق الشهداء والجرحى.


مقترح بتمليك «المحرومين» من أراضي الوقف
 هل ناقشتم مشكلة السكن؟ وما الذي خرجتم به من نقاشكم مع اللجنة؟
بخصوص السكن وهي المشكلة الرئيسة كما أسلفنا فقد طرحنا عليهم توفير الأراضي فقط وليس البناء، لأننا نقدر الوضع الذي تعيشه الدولة من شحة الإيرادات بعد نهب العدوان ومرتزقته ثروات البلد وفرضهم الحصار على المنافذ البرية والبحرية، ونحن سنوجد من يتكفل بدفع تكاليف البناء سواء منظمات أو غيرها.
وأراضي الدولة (الوقف) موجودة في كل منطقة وحارة، وبعضها تحتوي على محاو يعيش فيها «المحرومون»، ولكن يتم البسط عليها من قبل المتنفذين والنهابين لأنها وقف ومن فيها هم من ذوي البشرة السوداء، كما أننا طرحنا أن يتم توزيعها في حارات عدة وليس حصرها في منطقة معينة، وذلك لنقضي على العزلة التي نعاني منها سنين طويلة.
وبعد تمليك «المحرومين» تلك الأراضي سيتم بناؤها على نفقات منظمات وداعمين، ولدينا وعود قطعية بذلك، فالإشكالية تبقى فقط في الأرض، وستزول في حال تجاوبت معنا الدولة، كما سيتم تنفيذ هذا المقترح في العاصمة صنعاء بداية ثم تعممه على بقية المحافظات.

تجريم النبز بالألقاب
 ماذا بشأن القوانين، هل «المحرومون» من وجهة نظركم بحاجة إلى سن قانون يحميهم من الانتقاص من آدميتهم ويقضي على التمييز الذي يمارس ضدهم؟
لسنا بحاجة إلى قانون بحد ذاته، ولكن لتعديل وإضافة بنود في لوائحه تجرم نبزهم بألقاب معينة مثل «خادم» وغيرها من الألفاظ التي اعتاد الكثير إطلاقها علينا، وتفرض عقوبة على من ينادينا بها.
 رسالتك لـ«المحرومين» ليمسكوا بالطرف الآخر من خطة النهضة بهم وتغيير حالهم للأفضل، ما هي السلبيات التي كانت جزءاً من إعاقة انطلاقتهم ويجب أن يغيروها؟ أو أين يجب أن تصب جهودهم أكثر؟
أهم ما أوصي به أن يذهب «المحرومون» بأبنائهم إلى المدارس ويصبروا ويكافحوا على تعليمهم، وأن يصبروا على ظروف الوطن ككل في هذه الأيام، فالظلم والفقر بسبب العدوان وآثاره قد طال الجميع، والحل في تكاتف الجميع وهمتهم.
 كلمة أخيرة لك؟
نشكر السيد على اهتمامه، وما قصر، والقيادة السياسية حتى الآن ما قصرت، لكن نتمنى أن تنفذ التوجيهات، ونحن علينا واجبات ولنا حقوق كسائر الشعب، ولا نريد شيئاً زيادة على الناس، ما كان لهم لنا وما كان عليهم علينا.