حاوره سامي المصباحي / لا ميديا -

تمثل عودة أسرى الجيش واللجان الشعبية المحررين من سجون قوى العدوان انتصاراً للشعب اليمني، وهو انتصار يحسب للمفاوض اليمني الذي استطاع أن يحقق صفقة التبادل هذه رغم العراقيل الكثيرة والتعنت من قبل قوى العدوان في كل مراحل المفاوضات بهذا الشأن.
كان مشهد وصول الأسرى إلى مطار صنعاء الدولي، منتصف الشهر الماضي، مهيبا، ووسط استقبال رسمي وشعبي من قبل قيادات ومسؤولي الدولة، إضافة إلى الجماهير التي احتشدت في الشوارع المؤدية إلى المطار.
وارتسمت على وجوه الأسرى المحررين فرحة كبيرة بالعودة إلى الوطن بعد معاناة وتعذيب في معتقلات تحالف العدوان، ومنهم الأسير  أحمد جابر أبو دومة  (40 سنة)، من محافظة عمران، الذي تحدث في هذا اللقاء عن ظروف وقوعه في الأسر، وصنوف التعذيب التي واجهها هو وزملاؤه في سجون قوى العدوان.

40 شهرا في الأسر
  كم الفترة الذي قضيتها في سجون العدوان؟
ظللت في سجون العدوان 3 سنوات و4 أشهر، وقد تم أسري في جبهة الأجاشر.

  ما اسم السجن الذي كنتم متواجدين بداخله؟
كان اسم السجن خميس مشيط، وهو موجود في المدينة العسكرية بخميس مشيط.

  كم كانت مساحة العنبر الواحد؟
كان طول العنبر الواحد حوالي 80 متراً وعرضه 5 أمتار، على طول الفراش، ويوجد فاصل في الوسط، عبارة عن ممر إلى الحمام.

انتهاكات متعددة
  ما هي الانتهاكات التي تعرضتم لها في سجون العدوان؟
كنا نتعرض لجملة من الانتهاكات في سجون العدوان، وأبرزها التعذيب والجلد وسيل من الإهانات والسب والشتم بألفاظ غير لائقة.

سجون مشددة الحراسة
  ألم تفكروا بالقيام بمحاولات سواء من قبلكم أو أي من الأسرى الآخرين للهرب من السجن؟
لو كان هناك فرصة للهرب، لاقتحمنا السجن وخرجنا منه، لكن كانت الحراسة مشددة، خصوصاً أن الأسرى الذين كانوا متواجدين قبل وصولنا قاموا بأداء الصرخة 8 مرات بسبب أسلوب التجويع الذي كانت تنتهجه إدارة السجن بحقهم، وكذلك بسبب شدة التعذيب الذي كانوا يتعرضون له، وبعد أول صرخة استشهد 3 من الأسرى، برصاص حرس السجن، فما كان من الأسرى إلا أن انقضوا على الشبك وخرجوا إلى الحوش وتم ضربهم بالقنابل الصوتية والمسيلة للدموع، وأعادوا البقية إلى داخل العنابر، وتم الاعتداء عليهم بالضرب العنيف، لكن بعد أن تعهد السجانون بعدم المساس بهم هدأ الأسرى للحفاظ على حياتهم، فما كان من حراس السجن إلا أن قاموا بتقييدهم، ونقلهم إلى سجن آخر، وهناك ورغم التعهد بعدم المساس بهم جرى الاعتداء عليهم بالضرب العنيف مرة أخرى.

تعذيب مستمر
 هل كان يتم نقلكم من سجن إلى سجن بين الفترة والأخرى؟
مكثت تحت التعذيب لمدة سنتين في السجن، الأول كانوا يسمونه السجن القديم، ثم انتقلنا إلى سجن آخر، ورغم أننا كنا فيه نتعرض للتعذيب أيضا، ولكنه كان أخف مما كنا نتعرض له من ضرب وتعذيب في السجن القديم، وكانت أساليب التعذيب في السجن الجديد مختلفة عنها في السجن القديم، فقد كان الواحد منا يتعرض للضرب لمجرد التفاته إلى أية جهة، أما إذا رفض أحدنا تنفيذ أوامر السجانين، فكانوا يقولون عنه بأنه «عاصي»، ثم يقومون بنقله إلى الكبائن، التي كنا نسميها «المسلخ»، وذلك بسبب أنه كان يتم فيها تعليقنا من أرجلنا، وليس ذلك فقط، بل وأننا كنا نتعرض للضرب بشكل مستمر ونحن معلقون على أرجلنا (رأسا على عقب)، فكان من يدخل من العسكريين السعوديين يقوم بضربنا، ومن يخرج يقوم بضربنا أيضاً، واستمررنا فيه فترة، ثم اتفقنا أن ننفذ أوامرهم وكل ما يقولونه من أجل تخفيف ما نتعرض له من تعذيب، وكان إذا الواحد منا التفت مجرد التفاتة بسيطة يجعله عسكري السجن يقف يوماً كاملاً والفراش فوقه، فكنا نتندر ونقول: «الفراش ننام فوقه في الليل وفي النهار ينام فوقنا».

معنويات عالية
  كيف كانت معنويات الأسرى في سجون العدو السعودي؟
كانت معنويات الأسرى عالية جدا، ولا نبالي بكل ما نتعرض له من تعذيب من السجانين، وكنا ننتظر إذا جاء أسير جديد لنستفسر منه عن أوضاع الجبهات، لأن حرس السجن السعوديين كانوا يستفزوننا بشكل متواصل بنشرهم أخباراً كاذبة عن سير المعارك في الجبهات، فكانوا يقولون لنا بأنهم (التحالف ومرتزقته) سيطروا على كل المحافظات، حتى صنعاء العاصمة قد أخذوها، وأنهم أصبحوا متمركزين في جبال عطان ونقم ويضربون بالمدفعية منها إلى داخل المدينة، كما كانوا يقولون بأنهم استولوا على الحديدة.
لكن في إحدى المرات وصل أسير جديد (له حوالي 4 أو 5 أشهر)، وعندما استفسرناه حول صحة ما يقولونه بأنهم سيطروا على كل المحافظات، فنفى الأسير الجديد صحة كل ما قالوه، وفضح كذبهم، بل إنه قال لنا بأن الجيش واللجان الشعبية حرروا الكثير من المناطق، كما أنهم حققوا نصرا كبيرا في عملية «نصر من الله» في وادي آل جبارة، وأسروا 3 آلاف أسير من المرتزقة والدواعش، ففرحنا بذلك، وحمدنا الله على هذا الانتصار.
وبعد حوالي 3 أو 4 أيام أطلقنا الصرخة فرحا بهذا الانتصار للمجاهدين والثلاثة آلاف مرتزق الذين أسروهم.
  هل كان كل الموجودين معكم أسرى من الجبهات، أم أن هناك آخرين؟
لم يكونوا كلهم أسرى من الجبهات، بل كان هناك بعض الصيادين اليمنيين، وقد حاول أحد الضباط السعوديين أن يرغم أحد هؤلاء الصيادين على الاعتراف بأنه «حوثي»، فقال له: «أنا صياد، ما لي دخل بأحد، لا بحوثي ولا بداعشي، رجعونا بلادي».
فرفض الضابط وقال له: لازم أضيفك بالكشف على أنك حوثي ابن حوثي». وعندها نصحناه وقلنا له: «سجل نفسك بأنك حوثي، علشان تخرج معنا».
وفعلا قاموا بضمه للكشف على أنه حوثي، وخرج معنا من الأسر. 

منعونا من التواصل مع أهلنــا
  خلال فترة الأسر، كم عدد المرات التي تواصلت فيها مع أهلك؟
خلال السنوات الثلاث تواصلت معهم 3 مرات، فقد كانوا يرفضون السماح لنا ويمنعوننا من أي تواصل مع أهلنا.
في أول سنة كذبوا علينا وقالوا لنا بأن الملك سلمان منحنا عفواً، ولكن الحوثي رفض استقبالنا، طبعا كنا نعرف أنهم كاذبون ولم نصدقهم.
وفي مرة ثانية، قالوا لنا بأنه تم الحوار وسنقوم بإخراجكم، ولكن عبدالقادر المرتضى (رئيس لجنة الأسرى) رفض استقبالكم داخل المطار، فقلنا بأن هذه الكذبة الثانية، يريدون أن يعكروا مزاجنا، ونفس الأمر حدث معنا مرة ثالثة.
كنا متأكدين أنهم يكذبون علينا، وندرك جيدا أن قيادتنا الثورية والسياسية لن تقصر في عمل أي شيء لتحريرنا من الأسر.

دموع الفرح
  كيف كان شعوركم عندما رأيتم الجماهير باستقبالكم في صنعاء؟
كان الاستقبال رائعاً وممتازاً جدا، ومن شدة الفرح نزلت دموعنا بدون رضانا، لعودتنا إلى بلادنا، وبهذا الاستقبال الممتاز. واعتبرنا أنفسنا كأننا دخلنا في عالم غير العالم، لأننا في فترة الاعتقال، لم نكن نرى حتى الشمس، كنا في قبر.
وعندما وصلنا صنعاء أدينا الصرخة حمدا وشكرا لله على تحريرنا من الأسر.
  
ثأر الشهداء في رقابنا
  هل ستلتحقون مجددا في الجبهات؟
أكيد سنرجع للجبهات، بعد أن نكمل علاجنا، لأن ثأر الأطفال والنساء الذين استشهدوا في قصف العدوان في رقبة كل يمني حر.