طاهر علوان الزريقي / مرافىء -

السينما الغربية بشكل عام منذ انطلاقتها وضعت على رأس أهدافها الترويج للأيديولوجية الرأسمالية الاحتكارية، وتصنيع الأحلام وتسويقها إلى العالم، وأغلب ما أنتجته الصناعات السينمائية الغربية، لم يكن سوى وسيلة امتصاص مخادعة لهموم الناس، أو بعبارة أكثر تهذيباً بائعة أحلام وردية لجمهور يحاول تضميد جراح وآلام واقعه بالصورة الخيالية الجميلة، والأضواء الباهرة، والاستعراضات الساحرة، والحوار الخلاق بلغته السهلة الممتعة.
ولا شك أن السينما الغربية باتت الأقدر على الجذب والاستحواذ والتأثير، وغالباً ما تمر المكيدة والخديعة على الجمهور فيصدق أكاذيبها وخداعها وعنصريتها ودمويتها من خلال الحبكة الفنية، والقصص المشوقة، وممثلين مبدعين، وبراعة في تجييش الأحاسيس واللعب على أوتارها. تلك أهم أسلحة السينما التي يستحيل مواجهتها والتصدي لها كفن يمتلك لغته ومفرداته وأساليبه القوية في التأثير بغض النظر عن توظيف هذا الفن الراقي لأغراض أيديولوجية ومصالح الشركات الاحتكارية اللاإنسانية.
هناك أفلام استهلاكية كما آلاف السلع التي تسوقها وسائل الإعلام، وهناك أيضاً أفلام ملتزمة فاضحة وجارحة، هناك أفلام أمريكية تعالج بعض القضايا بصدق وأمانة تاريخية ومتعطشة للقيم الإنسانية التي لم يبق منها في بلاد العم سام إلا الشعارات، مثل فيلم «الراقص مع الذئاب» الذي يعالج قضية الهنود الحمر العادلة بأمانة، ويقف إلى جانبهم وينقل الحقائق التاريخية دون خوف أو التهرب من كشفها، على ما هي بلا أي إكسسوارات جمالية، أو التلاعب بالأحداث لمصلحة الشركات الإنتاجية الاحتكارية (المؤدلجة) ومقام هوليوود الأعلى في تشويه الحقائق. بعض الأفلام الغربية لها مواقف مشرفة، وتركت بصماتها الإنسانية الرائعة والشجاعة في تناول القضايا السياسية والاجتماعية مثل الفقر وأسبابه السياسية، والصراع الاجتماعي الطبقي، وظلم المجتمع الإمبريالي واحتكاراته، والعبودية والثأر والعمالة اليدوية، وبهذا التوجه عملوا بمعادلة جان بول سارتر الذي كان يطالب بالفن الملتزم.