دمشق ..أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -

بلا أي نتائج، ولا توقعات بتحقيق اختراق، انتهت مناقشات الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية أمس الجمعة، التي انطلقت الاثنين الماضي، في مكتب الأمم المتحدة بجنيف.
نتيجة هذه الجولة -التي انطلقت الاثنين الماضي- كانت متوقعة، ولم يكن أحد يتوهم أن مناقشات هذه الجولة سينتج عنها أي شيء، لأن كل الظروف التي عقدت الجلسة في أجوائها لم تكن مواتية لتحقيق أي تقدم.
فالعالم اليوم مشغول بتغيير طاقم الإدارة في البيت الأبيض الأمريكي، بين إدارة الرئيس ترامب (الجمهورية) التي رحلت غير مأسوف عليها، وإدارة بايدن (الديمقراطية) التي لن تكون بأفضل من سابقتها، لكن الكل ينتظر.
كما أن العالم مشغول بموضوع جائحة كورونا، وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أكثر من أي قضية أخرى.
وحتى ما يخص أطراف اللجنة الدستورية نفسها، وتحديداً أطراف المعارضات، لم يكن هناك ما يدعو لتوقع أي نتائج منها، وهي التي جاءت إلى جنيف مفككة ومتشرذمة، بين السعودية وتركيا وقطر وأمريكا وفرنسا وروسيا وحتى الكيان الصهيوني، حيث خرج كمال اللبواني الذي يتفاخر بزيارة الكيان الصهيوني، واتهم أطراف المعارضة بالتفكك وشتم الجميع.
هذا الوضع جعل المعارضات تقع أسيرة هذه الولاءات، التي أدت إلى وقوعها أسيرة التفكك والخلافات التي عصفت بها قبل أن تأتي إلى جنيف، حيث قامت السعودية بتعليق عمل موظفي هيئة التفاوض السورية في الرياض، بدءا من نهاية الشهر الجاري، أما تركيا فقد حاولت تغليب الإخوان المسلمين على الجميع، وتسيدهم أطراف المعارضة ومناقشات اللجنة الدستورية.
وكانت هذه الخلافات قد ظهرت على السطح بين مكونات الهيئة بعد الرسالة التي بعثتها «هيئة التنسيق الوطنية»، ومقرها دمشق، ومنصتي موسكو والقاهرة، إلى المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، وحثته فيها على «التدخل السريع» لحل الخلافــــــات داخل الهيئــــــــــة، والحفاظ على «اللجنة الدستورية».
كما عقد ممثلون عن منصتي موسكو والقاهرة اجتماعا مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لبحث وضع اللجنة الدستورية الراهن، والوضع ضمن هيئة التفاوض السورية «ومحاولات بعض الأطراف تعطيل عملها»، في إشارة إلى ممارسات الإخوان المسلمين وتركيا، وهو ما أدى إلى فصل مهند دليقان، ممثل منصة موسكو من الهيئة العليا للتفاوض، وبالتالي عدم حضوره إلى جنيف، كما رفض جمال سليمان، ممثل منصة القاهرة، التوجه إلى جنيف للأسباب نفسها. 
وبالعودة إلى أجواء ومناقشات الجولة الخامسة، فقد تمحور جدول الأعمال الرئيسي حول «المبادئ الأساسية للدستور»، وتولى إدارة الجلسات الرئيسان المشاركان، عن وفد الدولة السورية المحامي أحمد الكزبري، وعن المعارضة هادي البحرة.
وخلال مؤتمر صحفي عقده في 22 يناير/ كانون الثاني، أكد بيدرسون -في تصريحات غلب عليها الطابع الدبلوماسي- أهمية لقاءات الجولة الخامسة.
وتابع: «لا يمكن حل جميع المشاكل من قبل السوريين وحدهم»، مؤكدا أن «هناك حاجة إلى التعاون الدولي لحل الأزمة السورية».
وفي إشارة إلى تأثير العامل الخارجي على أطراف ومنصات المعارضة ومناقشات اللجنة، أكد بيدرسون أن «حل جميع المشكلات لا يمكن أن يتحقق من قبل السوريين وحدهم».
وأضاف أن هناك «حاجة ملحة لتجلس الجهات المختلفة وتتبادل وجهات النظر وتتخذ خطوات حقيقية، لأن غياب هذه الإرادة السياسية سيجعل العملية صعبة للغاية».
ورأى بيدرسون أن «المشكلة السورية لا يمكن حلها بفرض إرادة أي لاعب أو مجموعة بمفردها، وهذا يتطلب استنهاض الحوار من أطرافه الخارجية قبل الداخلية».
وبسبب هذا الوضع الذي وصلت إليه المعارضة السورية، علمت «لا» من مصادر خاصة أن هناك أطرافاً معارضة تعمل على تشكيل تكتل معارض جديد ووازن، منها منصتا موسكو والقاهرة وهيئة التنسيق وأطراف معارضة أخرى، وهدفها الأول الوقوف بوجه الهيئة العليا للتفاوض التي يسيطر عليها الإخوان، ووضعهم في حجمهم الطبيعي، ومنع احتكارهم لتمثيل المعارضة وفي مناقشات اللجنة الدستورية.
أما الدولة السورية فقد أعلنت أنها لا تمانع تعديل الدستور الحالي وبما يتفق عليه السوريون بدون تدخلات خارجية.
وبانتظار تحرر المعارضة من ولاءاتها وتشرذمها، تبدو الحكومة السورية ماضية في إنجاز الاستحقاقات الدستورية دون انتظار أي مواعيد، وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية المقبلة منتصف هذا العام، حيث استحالة التوصل إلى أي اتفاق على تعديل دستوري قبل حصول هذا الاستحقاق، وهو ما يعرفه الجميع، وأكدته موسكو وأبلغته إلى معظم الأطراف.